رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الخاتمة - 1 - السبت 23/12/2023
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الخاتمة
1
تم النشر يوم السبت
23/12/2023
كان أيمن جالسا قبالتها على فراش بغرفتهما بمنزلهما الخاص، يطالعها هي وابنته "وتين" الصغيره بشوق وسعادة جمة، فأخيرا استعادت زوجته صحتها بعد أن انجبت ابنته الثانيه شعر أخيراً بالراحه مجدداً فهو كان يشعر بالقلق الشديد من ولادتها مجدداً بأن يحدث مثل الولاده الاولى رغم أن جميع الاطباء اكدوا ذلك
من المستحيل أن يحدث وهي بصحه جيده.. لكن لم يشعر بالأمان إلا عندما رآها أخيرا أمامه هي وابنته .
ذلك الحزن والقلق الذي شعر به سابقاً كان كفيل هو بمحو أي ذره فراق عنها بسبب بعض الشكوك التي ما زالت لها أثر مما فعلته بالماضي! لكن بعد خوفه الشديد ذلك فكر بشكل جدي سيبدأ معها من جديد، ويصنع لها عالم أكثر أمان ومسامحة وصفاء.. سيدعمها لتحصل على عفو الجميع حتى تستطيع إستقبال الحياة بروح جديدة أكثر أملا و تفاؤل.. سيمحي من ذاكرته كل ما مضى من تاريخ مؤلم بينهما.. هذا عهده الذي قطعه بينه وبين نفسه!
أحضر لها صينيه الطعام ووضعها جانبها، وهي كانت تلامس باناملها ملامح وجه صغيرتها أبتسم وهو يمد أصابعه بلقيمة لفمها هاتفاً
= يلا يا حبيبتي كلي دي كمان عشان خاطر وتين اللي بيترضعيها و بتتغذي منك!.
نظرت إليه بحب وبدأت تتذكر الاوقات السابقه كيف كان يعاملها ويساندها ولم يتركها اي لحظه، تناولت طعامها من يده ببطء وهي تطالعه.. فها هي تنعم بحنان زوجها ورؤية أطفالها، وبعد وقت أخبرته ليان قائله بتعب
=خلاص كفايه يا أيمن والله ما قادره.
هز رأسه باستسلام، وأبعد الطعام بعد أن اكتفت منه ثم مدد جسده جوارها وجذبها برفق لتتوسد فوق قلبه، وتحدث قائلاً بهدوء
= زين خدته تسنيم عندها قالت لحد ما تكوني قادره تقومي هترجعه ومامتك قالت هتيجي بكره تاني عشان تطمن عليكي، وكثر خيرها هي اللي عملت الأكل قبل ما تمشي وسابت بزياده في المطبخ.. خدت بالي أن الحمد لله اتصالحتوا ورجعتوا زي الأول اتبسط عشانك و عشان الأولاد ما يتاثروش كمان بكده صح!
صمتت لبرهه و شردت في علاقتها بوالدتها بالسابق وإن أخيرًا تفتت قشرة القسوة و الجمود والبرود الذي تسلحت بهم دلال، و ظهرت أمامها شديدة الهشاشة والضعف.. مجرد أم حُرمت نفسها من مشاعر الامومه.. و بدأت تحتاج يدا حنونة تربت عليها و تساعدها على تصليح أخطائها ومعالجة ندوب روحها الخفية.. وهي لن تبخل عليها.. ستؤازرها حتى تظهر تلك النقطةِ البيضاء داخلها وتزيل كل أثر لسواد ماضيها الأليم!
أغمضت عينيها بقوه وتذكرت مذاق عناقها؟!
يالله كم حرمت منه بطفولتها البعيدة! لما لم تنعم بهذا الإحساس من قبل؟! لما لم تعطيها تلك الجرعة من الحنان.. ربما لو كان طغى حنانها على قساوة ماضيها لجعلتها لم تخطى تلك الاخطاء الكارثية.. لكن تاتي متأخراً افضل من لا تأتي مطلقاً، ثم رفعت وجهها إليه متمتمة بخفوت
= هكدب عليك لو قلت لك ان انا سامحتها و نسيت كل حاجه، بس اذا كان انا نفسي غلطت وطلبت فرصه ثانيه مش هديها لها! كفاية صورتي في عين نفسي وأهلي وإن محدش ظلمني غير نفسي واللي عملته.. أديني بحاول اثبتلك إني اتغيرت وإن رغم كل عيوبي بحبك ومقدرتش استغنى عنك! ولا عنها كمان.
ازداد يضمها واحتواء حزنها بصمت وهو يقبل رأسها، مستمراً بالربت عليها وتقبيلها حتي عندما شعر بانها ستفتح ذلك الموضوع مجدداً قاطعها بحذر
= اششش.. أهدي وبلاش تخاريف.. اهدي!
اكمل حديثه مربتًا على ظهرها برفق، متمتما بجدية
= انا كمان كنت بثبتلك ان انا نسيت، بس كان غصب عني كنت غضبان منك ومصدوم فيكي، وكنت محتاج وقت اهدي وأصدق إنك اتغيرتي وندمتي بجد.. لأنك أذيتي قلبي بطريقه صعبه، كان طبيعي يكون ده رد فعلي! بس خلاص أنا مابقيتش زعلان منك وسامحتك من قلبي وفتحت معاكي صفحة جديدة!
ثار قلبها فوراً تلك اللحظة، اتاحت لها محاولة جديدة وعليها أن تحاول التقرب منه علها تحظى بقرب ينهى عذابها ذا للأبد.. وليس انتهاء زائف مثل ما كانت تعيش فيه، لمعت عيناها بالعبرات متأثرة، حامده الله بقلبها على حصولها لذلك بعد صبرها و معاناتها، وجدها شاردة بنظرات غائمة هاتفة بصوتٍ مشحون بالمشاعر الكثيرة
= وحشتني يا أيمن.. وحشتني رغم قربك.. ربنا مايحرمنيش منك أبدا تاني.!
زادت ضربات قلبه وهو يفهم مقصدها جيد ثم نظر لها مبتسماً بشده
= ولا منك يا حبيبتي، يا ام عيالي! بمناسبه العيال بقى قفلناها لحد هنا يا ليان عشان خاطري حتى لو صحتك بقيت كويسه وتقدري تخلفي تاني خلاص هنكتفي بالولد والبنت انا حاسس اني بقى عندي فوبيا من ولادتك وحملك .
ضحكت ليان من بين دموعها
= سلامتك يا حبيبي، ماشي خلاص انا كمان هكتفي بالولد والبنت إلا بقى إذا حصل فعلا غصب عني والله ما هكون قصدها لو حصلت ثالث .
ضخات سريعة شديدة الحرارة سرت ببدنه وهو يشاكسها قائلاً
= انتٍ ونيتك بقى، و لعلمك الدلع اللي بدلعهولك ده كله مش لله.. أنا هطالبك بالمثل لما تخفي خالص.. وأما أشوف بقى هدلعي جوزك أبو عيالك ازاي!
❈-❈-❈
وفي مكان بداخل القاهرة، أقنع رسلان أخيرا مهرة بالذهاب إلى مصر لينتهي من أمور خاصه بالعمل وأيضا منها يقضون بعض الأوقات الطيبه للتنزه في البلد كونه لأول مره يزورها في حياته، وكانت مهره المرشده له في هذه المدينه الساحره! فقد استمتعوا كثيراً إلي بعض الزيارات السياحيه والمدن، وبعد أسبوع آخر وكان ذلك آخر يوم لهم قبل ان يعودون الى تركيا مجدداً! صف رسلان سيارته وأخبر زوجته بأنه سيذهب ليحضر ماكولات ومشروبات لرحله العوده وانها تنتظره هنا .
هزت رأسها بالإيجاب قبل أن تعطي إياه ورقه مكتوبه باللغه العربيه يوجد بها بعض ما يريد حتى لا يواجه صعوبه في التعامل بالداخل مع المصريين، ذهب بالفعل واخرجت هي هاتفها ترسل الى والدتها وتطمنها عليها وفي ذلك الأثناء كانت تمر امرأه في حالة لا يرثي لها تمسك في يدها ورق مقصوص في حجم العملة الورقية وتحمل حقيبه من قماش على ظهرها وكانت تهتف ببعض العبارات الغير مفهومه كأن قواها العقليه غير سليمه! مرت على بعض السيارات تأخذ أي شيء يسمحوا به
حتى وقفت بجانب سياره مهره وطلبت منها أن تعطيها أي شيء لسد جوعها.
نظرت إليها مهره بعطف وامسكت حقيبتها تبحث عن اي أموال بالعمله المصريه واعطتها لها، لكن عندما دققت في مظهرها جيد تفاجات بأن تلك السيده تعرفها وأنها لم تكن غيرها حسناء زوجه أخيها! تجمدت أنظارها عليها المصدومه وهي ترحل أمامها ولم تصدق بأن حالها أصبح هكذا؟
فمن يصدق هل هذه تلك حسناء التي كانت تسعى دائما لخراب حياتها لتحصل على الأموال باي طريقه ممكنه أين ذهب جبرتها و قوتها؟. فهي من سعت لزواجها من زاهر و اتهمتها بشرفها حتى خرجها والدها من التعليم و وافق على الزواج وكل ذلك لأجل مصلحتها لتكون واحده من اصحاب الأملاك . والآن كيف أصبحت امامها، لكن مع كل ذلك وحالها الصعب لم تشعر بالشماته تجاهها.. وأيضا لم تشعر بالعطف تجاهها! فهي من فعلت ذلك بنفسها من البداية.
سلطت مهرة أنظارها عليها لترمقها بنظرات آسف متنهدة وهي تقول بتأثر
= اسوأ شيء في الدنيا أن تبيع آخرتك بدنيا غيرك.
هكذا تتداول الأيام بين الناس، فتارة تظن نفسك في أعلى عليين، وفي أخرى تجد نفسك تهوي في أسفل القاع. توقفت حسناء فجاه عن خطواتها البطيئه بسبب تعبها المرهق والتفتت تنظر الي مهرة مطولاً بغموض وبعدها تحركت بكل هدوء تكمل سيرها.. جلست على الرصيف وهي تمسك الورق الذي بيديها وبدأت تعد فيه بلهفه شديدة كأنهم أموال بالفعل..
ثم تلفتت حسناء من حولها بخوف تخشي أن يراها أحد وهي تخفي ما تظنه أموال، ثم قامت بوضعهم بداخل حقيبه ظهرها المتسخه
وأطلقت ضحكة عالية هاتفه بجنون
= كده مهرة مش هتشوفهم و لا هتاخدهم تاني.
لا تعرف لما ذلك الاسم بالذات نطاقته ربما لانها شبهت عليها عندما رأتها منذ قليل بداخل السياره، بدأت تتعالي ضحكتها بهستريه أكثر، فهي بالفعل فقدت عقلها بسبب صدمة فقدان اموالها التي سعت بسببها لخراب حياة أشخاص دون ذنب للحصول عليها وبسهوله أخذتها منها صديقتها زبيده وزوجها التي اعتقدت بانها قتلتها وهي لا تعرف أنها ما زالت حيه على قيد الحياه كل هذا الوقت، وبالنهايه ظلت بالشوارع بلا مأوى وقد واجهت اصعب أيام حياتها بالشوارع وشاهده الكثير من الصعوبات ومن منهم استغلها بابشع الطرق، وكل ذلك لقد أدي الى هذه الحاله النفسيه التي أصبحت بها.
ركب رسلان السيارة وهو يحمل الأكياس البلاستيكية ووضعها في الخلف وهو يردد باهتمام
= حبي، لقد اشتريت كل ما تريدي، تأكدي بنفسك قبل أن نغادر!
نظرت إليه مهرة بحب ثم قالت بنبرة منخفضة
= رسلان، هل ممكن أن أطلب منك طلب؟ أريد أن أذهب إلى مقبرة ابنتي حتى أقرأ لها الفاتحة وأترحم عليها... قبل أن نعود إلى تركيا.
❈-❈-❈
في غرفة المعيشة كانت شيماء تجلس وهي تبكي بصمت فياست من إقناع والدتها برفض ذلك العريس ابن خالتها، فهي لا تريد الزواج الآن وبالاخص من ذلك الشخص؟ فهو يريد أن يمنعها من العمل ومن اكمال دراست الماجستير
أملا شروطه بكل جديه وكأنه يامرهم بذلك دون أن ياخذ رايهم، وما اغضبها اكثر لم تعترض والدتها على ذلك الكلام أبدا!
وكل ذلك من أجل القضية التي رفعتها ضد ذلك المتحرش! فمن سيقبل زواجها ولها قضية كهذه تعترف فيها بأن أحداً حاول لمسها وكأنها ليست مجبرة على ذلك؟؟ لا يزال بعض الناس يرون الجزء الذي يريدونه من القصة! وبطبيعة الحال، يزال بعض الناس يعاقبون الضحية وليس الجاني، تحت مسمى العادات والتقاليد السامة التي من صنع الإنسان.
وقفت سميحة أمام أبنها أسر واندفعت دمائها الغاضبة في عروقها سريعًا حينما اخبارها بأنه خلال شهر سيرتبط بفتاه مطلقه ولديها ثلاث أطفال! بالتاكيد شخصيه مثلها ستعترض و ترفض ذلك فهي ما زالت ترى بعض الأمور باعين ظالمه ودون أن ترى الحقيقه كامله، تشنجت قسماتها كليًا، ومنعت نفسها بصعوبة من إطلاق السباب النابي ومع ذلك ثارت فيه هادره
= نعم عاوز تتجوز واحده عندها ثلاث عيال طب ليه ناقصك ايه وكمان مطلقه!. هو انت لازم تخيب نفسك انت واختك
كز على أسنانه، ورد عليها معارضة بشراسة
= هو انا لما اتجوز واحده مطلقه يبقى بخيب نفسي! أول حاجه انا مش بعمل حاجه حرام ولا عيب على الاقل هراعي عيال ابوهم راميهم مش بيسال عليهم واكسب فيهم ثواب ثاني حاجه انا ناقصني يا ماما ووجهي نفسك بقى مره واحده بالحقيقه .. انا مش بخلف.
إبتلع أسر مرارة الحسرة مجبرًا، فهو مضطر للقبول بأي شيء بهذه الحاله، وأضاف مطأطأ الرأس بجدية تامة
= قصر الكلام انا هعمل اللي انا عاوزه طالما مش بعمل حاجه غلط انا حبيت بس اعرفك على آخر الشهر هنكتب الكتاب عاوزه تحضري اهلا وسهلا مش عاوزه براحتك.. انا ما بقتش صغير واعرف ازاي اختار الصالح ليا .
كانت سميحه غير مقتنعة بما قاله رغم أنه محق لكن لم يهتم اليها كثيراً.. نظرت إليه شيماء أخته بإشفاق، وهو تطلع فيها بنظراته الهادئة قبل أن يتحدث بصرامة شديدة
= اما بالنسبه بقى لاختي فاعملي حسابك أن انا اتصلت بخالتي و رفضت ابنها اللي كان متقدملها، عشان مش موافقين على شروطه شيماء ما شاء الله عليها بقت دكتوره ناجحه ودلوقتي بتحضر ماجستير ومش على اخر الزمن هجوزها لابن اختك الصايع اللي عاوز يقعدها من الشغل عشان كلام الناس؟؟ لا وعاوزنا نوافق على شروطه بدون اعتراض محسسني انه كاسر عينينا وكل ده طبعا عشان قضيه التحرش اللي رفعتها على الحيوان اللي حاول يعتدي عليها.
اتسعت شيماء عينيها بذهول و سعادة، بينما
كادت أن تعترض أمه مجدداً لكن قاطعها أبنها محذرًا
= هقولها لك للمره العاشره شيماء هي الضحيه مش الجاني واللي المفروض يتكسف على دمه هو واللي زيه مش أخت، واللي عاوز يتجوزها على الأساس ده أهلا وسهلا مش عاوز يبقى احسن وفر احنا مش خسرانين حاجه وادينا عرفناه على حقيقته بدل ما نتدبس فيه بعد الجواز ويطلعه عليها.. كفايه بقى قرف ونعمل حساب للناس اللي ما لهمش حق علينا، انتٍ إيه ما حرمتيش من اللي شفنا زمان .
نهضت شيماء وركضت الى أخيها لتحضنه وهي تمسح دموعها براحه كبيره، فاصبحت حقا تفتخر به! ربما فريده لم تكون من نصيبه لكن لقد تغير من بعد هذه التجربه بالفعل.