-->

رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 32 - 1 - الثلاثاء 12/12/2023

  

 قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية كما لو تمنيت 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


 الفصل الثاني والثلاثون

1

تم النشر يوم الثلاثاء

12/12/2023

 (أميرة)



 جالسا في مكتبه يستعيد ذكرياته معها منذ الوهلة الأولى التي رآها فيها 

ذلك اليوم الذي سرقت فيه قلبه واحتلت كل كيانه وقلبت حياته رأسا على عقب وحتى إعلانه الانفصال عنها.

 من يصدق بأن سيأتي يوم كهذا يوم يطاوعه فيه لسانه على نطق تلك الكلمات لكن ما باليد حيلة وهي التي أوصلتهما إلى ذلك الطريق المسدود.

 وكان السؤال الذي يراود عقله في تلك اللحظ هل سيستطيع العيش بدونها بعدما ذاق حلاوة قربها؟

 هل سيستطيع التخلي عنها بهذه السهولة؟

 وكان الجواب في كل مرة بالطبع لا.

 لذا عليه أن يتروى ويحاول التحدث معها ثانية عله يصل معها إلى حل يريح قلبهما اقتنع بتلك الفكرة 

ثم هب واقفا ساحبا مفاتيحه وهاتفه دالفا للخارج عازما على الحديث معها وحل الخلاف للأبد كي يعيشا سويا في هدوء واستقرار.


بفم مفتوح وعين متسعة كانوا يرمقونها وهي تدخل الشركة. 

لاحظت نظراتهم تلك فمنحتهم ابتسامة صغيرة ثم اتجهت نحو المصعد وقبل أن تفتح الباب أبصرته يقف قبالتها يرمقها بعدم تصديق.

 فلقد كانت تشبه الأميرات بطلتها خاطفة للأنفاس والقلوب هكذا كان يتخيلها في منامه فتاة جميلة محتشمة.

 خفق قلبه بجنون وثقلت أنفاسه حاول أن يشيح ببصره عنها إلا أن عينيه أبت الانصياع لرغبته فبقي مكانه يحدق بها. 



أما عنها فشعرت بالدهشة عندما رأته لكن رغما عنها تبادلت معه النظرات لكنها سرعان ما تذكرت ما حدث بينهما وأشاحت ببصرها بعيدا عنه هاتفة بسرعة: باش مهندس يوسف عامل إيه؟


 ازدرد ريقه بصعوبة ثم أجابها بخفوت: شكلك حلو أوي يا لارا الحجاب خلاكي أجمل من الأول بكتير وكأنك أميرة متوجة.


 اغتـ صبت ابتسامة مجاملة فوق شفـ تيها ثم أومأت له مغمغمة: شكرا يا باش مهندس بعد أذنك عشان عندي شغل كتير.


 حاول أن يبحث في عقله عن حجة للحديث معها إلا أنه لم يستطع فجمالها الأخاذ سلب لبه بأكمله فهز رأس ثم ودعها بابتسامة وانصرف وهو يمني النفس بأن يعود لها مرة ثانية  فهو أيقن بأنها كالهواء والماء بالنسبة له.

 لكن ماذا عن العروس المنتظرة التي تنتظره اليوم هي وعائلتها هل سيتخلى عنها وكيف سيخبرها بعدم رغبته في الارتباط بها؟

 وبماذا سيخبر والده وهو حذره مرارا وتكرارا

 هز رأسه بعنف كي يترد تلك الأفكار المتزاحمة في عقله عازما على الهدوء والتريث كي يجد حلا مناسبا لتلك المعضلة.


عودة إلى تركيا التي كانت فيها الأجواء مشتعلة للغاية. 

دب الذعر في أوصاله عندما أبصر مراد عواد في تلك الحالة الشرسة فابتلع ريقه بخوف وراح يبحث بعينيه عن مكان يستطيع منه الهرب إلا أنه لم يجد فبقي مكانه ينتظر مصيره المحتوم. 


وبالفعل ثواني ووقف مراد قبالته يرمقه بنظرات قاتلة هاتفا بصوت أتى من أعماق الجحيم: هقتلك هقتلك يا حقـ ير يا واطـ ي.


 وقبل أن يتفوه الآخر ببنت شفه انقض عليه مراد يلكمه بكل ما أوتي من قوة في وجهه وسائر أنحاء جسـ ده 

وهو يصرخ ويستغيث ويتوسل لكن دون جدوى 

فلقد كان مراد غاضبا حد الجنون ظل يضربه ويركله حتى أسقته أرضا ولم يكتف بذلك بل راح يركله في معدته وبطـ نه وبين فخـ ذيه

 والآخر يصرخ ويتلوى من شدة الألم والوجع.


 أما عن شمس فكانت لا حول لها ولا قوة ما زالت جالسة مكانها تتابع ما يحدث في صمت ودموعها تهطل دون توقف.


 بينما مراد فلقد كان لا يرى أمامه من شدة الغضب وبعد أن تأكد بأنه لا يوجد في جسـ ده عظمة سليمة بثق عليه وتابعه بشماتة وهو فاقدا للوعي 

ثم استدار فأبصرها ما زالت مكانها ترمقه بضياع دنا منها ثم اعتصرها بداخل أحضـ انه وراح يمسد فوق ظهرها صعودا وهبوطا ويسألها باهتمام: انتي كويسة؟


 شعر بالخوف عليها عندما لم يجد منها ردا فأبعدها عنه وقرر سؤالها إلا انها أيضا لم تستطع الحديث فما زال تأثير تلك الحبوب قائما.

 زفر باستسلام ثم انحنى حاملا إياها بين ذراعيه دالفا للخارج ووضعها فوق أقرب مقعد قابله في البهو لكن تشبثت شمس بأحضـ انه وراحت ترجوه بعينيها بألا يبتعد عنها ثانية


قال باطمئنان: ما تخافيش انا جنبك بس لازم أصفي حسابي مع الحقـ يرة التانية. 


ربط فوق وجنتها بلطف ثم استدار ينادي بصوت رج جدران المنزل: ناريمان ناريمان انزلي لي وتعالي لي هنا فورا. 


حاولت التغلب على خوفها عندما أبصرته على تلك الحالة وسألته وهي تدنو منه: مراد انت بتزعق كده ليه انت في بيت محترم على فكرة وبعدين يعني…


 بترت باقي حديثها عندما قطع مراد المسافة الصغيرة التي بينهما قابضا على فكها 

راحت تصرخ من شدة الألم وهو يفح من بين اسنانه: حذرتك ألف مرة انك تبعدي عن طريقي بس الظاهر ان الوسـ اخة في دمك عشان كده بنتك مش هتشوفيها

 تاني أبدا ولو عتبتي مصر مرة تانية قسما بالله لاكون كاسر لك رجلك يا ناريمان ومش بس كده فضـ يحتك هتبقى على كل لسان فهماني؟


 دفعها بعنف وكأنها وباء ثم راح يصفعها عدة صفعات متتالية حتى نزفت انفها وبثق في وجهها 

ثم استدار يبحث عن ابنته فأبصرها تقف على الدرج تشاهد ما يحدث في خوف فأشار لها لتأتي إلا أن الطفلة هزت رأس نفيا مما جعله يصرخ: اسمعي الكلام يا عشق وتعالي هنا فورا.


 انصاعت الطفلة وتقدمت منه بخطوات مرتعشة حتى باتت قبالته فأشار لها لتتقدمه للخارج

 استدار حاملا شمس بين زراعية عازما على ترك تلك البلد دون رجعة.


استقبلتها بالأحضـ ان  والقبـ لات وكذلك ابنتها ثم رمقت تلك الحقيبة الكبيرة التي كانت بحوزتها بعدم تصديق متسائلة: إيه الشنطة دي يا فريدة أنتي زعلانة مع جوزك؟ 


أومأت لها بالإيجاب ثم تقدمت للداخل بعد أن سحبت حقيبتها ووضعتها بجوار الباب الذي أغلقته فور دخول والدتها وابنتها

 ألقت بجـ سدها فوق أقرب مقعد قابلها ثم تنهدت بقوة. 

تأملتها والداتها بشفقة ولاحظت الحزن الذي كان في عينيها فدنت منها ثم جلست بجوارها مردفه: طيب إيه اللي حصل يا بنتي مش أنتي وأدهم مبسوطين مع بعض أكيد حماتك هي اللي زعلتك مش كده؟ 


هزت رأسها نفيا.

 فاستطردت: طيب فهميني إيه اللي بيحصل بالظبط؟


 دمعت عينيها عندما تذكرت حديثه الأخير معها ثم ارتمت بداخل أحضـ ان والداتها وأجهشت في بكاء مرير مغمغمة من وسط بكائها: أدهم هيطلقني يا ماما. 


شهقت والدتها بقوة ثم صكت على صـ درها بقوة بيدها: إيه هيطلقك ازاي يعني وإيه اللي حصل وصلكم لكده؟


 أبعدتها عن صـ درها ثم مسحت دموعها بحنان هاتفة بلهفة: لا أنت تهدي كده وتفهميني إيه اللي حصل بالظبط؟


 ابتلعت غصة مريرة في حلقها ثم عزمت أمرها وراحت تقص على والدتها ما حدث بالتفاصيل

 والأخرى تستمع لها بإنصات شديد وكلما توغلت في الحديث تشعر بالغضب تارة والحزن تارة أخرى.


وقف قبالتها كطفل مذنب ينتظر العقاب وهي ترمقه بنظرات مرعبة 

طافت حول المكان بعينيها ثم هتفت بعدم رضا: شغلك مش قد كده يا محمود بس معلش مرة في مرة تتعود ودلوقتي أنا مضطرة امشي.


 وقبل أن يتفوه ببنت شفه اختفت من أمامه في لمح البصر وكأنها سراب.

 وعلى الرغم من دهشته مما يحدث معه إلا أن طاقته قد استنفذت بأكملها لذا تنهد براحة ثم ألقى بجـ سده فوق الفـ راش وراح ينظر إلى السقف بشرود.


 أغمض عينيه ليرتاح إلا أن سرعان ما هاجمته ذكرى زوجته الراحلة

 فجأة أظلم المكان من حوله وخيم الصمت في المكان لوهلة انقبض قلبه لكن ما جعله ينتفض من مكانه هو سماعه لصوت صراخ مكتوم يحيط به من كل اتجاه. 

حاول النهوض ليركض من الغرفة إلا أن جسـ ده كان متيبسا كلوح خشبي. 

ظل يهز رأسه يمينا ويسارا بعنف كي يطرد ذلك الصوت إلا انه كلما فعل هذا ازداد الصوت أكثر فأكثر.

 وهنا استسلم محمود لقدره المحتوم وسقط مغشيا عليه.


الصفحة التالية