-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 28 - 1 الأحد 10/12/2023

  

   قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثامن والعشرون

1

تم النشر يوم الأحد

10/12/2023



- ما شاء الله، حلوة الجلبية عليك .

تمتم بها بسيوني، معبرنا عن اعجابه وهو يدلف لداخل الغرفة التي بدل بها الاخر ملابسه، والذي كان يقف الاَن امام المراَة لا يصدق نفسه بالهيئة الجديدة ، حتى عقب ردًا عليه:


- بجد يا بسيوني؟ يعني فعلا هي لايقة؟ ولا انت بتجاملني؟ 

ضحك المذكور يجيبه بمودة:

- وما تلجيش ليه بس عليك؟ انتي عودك سارح، دا غير ان كتفاتك عريضة وشايلة من فوج، ودي اهم حاجة، دا انت كدة ممكن تنافس غازي الدهشان بهيبتك دي؟


- يا راجل!

دمدم بها ثم اطلق ضحكة جلجلت في قلب الغرفة المتواضعة، ليُكمل بابتهاج يشعر به:

- طب تصدق بقى، انا نفسي فعلا ادخل عليه بيها واخضه، عشان يعرف ان احنا كمان رجالة جامدين زيه، بس انت مقولتليش، دي بتاعة مين؟


- بتاعتي 

- بتاعتك!

- ايوة يا بيه بتاعتي متستغربش، بس من سنتين فاتوا، ما انا مكنتش ضخم كدة، الجتة والعضلات ربيتهم بسبب غازي الدهشان، من ساعة ما خلاني يده اليمين، اصر ان اكون حارسه الاَمين كمان، ربنا يباركلوا ، زودلي المهية اضعاف مضاعفة، عشان الأكل والتمرين 


رمقه يوسف بابتسامة حانية يربت على كتف ذراعه:

- واضح ان انت بتحبه اوي، والعلاقة ما بينكم اكتر من علاقة واحد والراجل اللي شغال معاه.


- دا خيره عليا من ساسي لراسي. وانا افديه بروحي والله، 

قالها بسيوني بصدق تخلل نبرته، ووصل الى الاخر بقوة، ثم ما لبث ان يغير دفة الحديث بقوله:

- المهم بجى انا كنت جايلك عشان نتغدى، الاكل جاهز وسخن برا ع الطبلية.


سمع منه وتوسعت عينيه يردد  بحماس لا يخلو من الانبهار:

- كمان ع الطبلية! ايه الجو ده؟ دا انا لو كنت طلبتها بنفسي مكنتش هلاقيها بالشكل؟ اني اعيش يومي في الريف بالكامل والتفاصيل المهمة دي.


اضاف بسيوني يزيد من ابتهاجه:

- وهناكل برا في الهوا، جمب أحواض الزرع وتحت عرش العنب ، ياللا يا سيدي 

- حبيبي يا بسيوني. 

هتف بها بلهفة شديدة، قبل ان يتحرك على الفور ذاهبًا يسبقه للخارج، ليغمغم هذا من خلفه ضاحكًا:


- يعني هي كانت أمنية بالنسبالك كمان؟  اما دي حكاية يا ولاد،  


❈-❈-❈


- غازي مين اللي يتجوزني؟!

غمغمت بها، ومقلتيها تتحرك دون هوادة ، نحو والدتها  وشقيقها الذي أخبرها بالأمر، وما تم بالجلسة حتى وصل الى ما انهى به الجدال، صاعقًا ناجي بقوله الحاسم ليغلق به باب النقاش. 

فعادت تسأله بما يشبه الرجاء:


- طب يعني انا افهم من كدة يا واد ابوي، ان انت  جولت الكلام دا لأجل ما تسكت ناجي، وتمنع شره عني صح؟


رد يجيبها بجمود يحتفظ به من وقت مجيئه:

- لا يا نادية، مكنش كلام وخلاص، انتي فعلا دلوك بجيتي مخطوبة لغازي الدهشان، منتظرين بس تخلص سنوية المرحوم وبعدها تبجي مرته رسمي. 


اصبحت تردد بعصبيه وكأن مسها الجنون:

- مرة مين؟ انا مش مرة حد غير حجازي الله يرحمه، لا  هتجوز ولا هيدخل حياتي راجل غيره، بتقرره ليه من دماغكم؟


رد بدوره يذهلها بصرامته:


- لأ يا نادية هتتجوزيه، والقرار دا مفيش منه رجوع،  انا جولتها كلمة جدام الرجال،  ومش هطلع هفج ولا عيل جدامهم بتأليف قصة من خيالي، الحل دا هو الوحيد اللي هيوجف ناجي عند حده، لا هو ولا اخته الزفتة حد فيهم هيفلط بنص كلمة تاني.


- ولما انت عارف انه ناجص كنت مشاركه ليه يا عزب؟ عشمته لحد ما افتكر ان فرصته جريبة معايا، وانه ضامن موافجتك،  ودا اللي خلاه يجي ويكلمني بنفسه.


ضرب بكفه على ذراع المقعد، يشدد غاضبًا:

- اسمها كنت بهاوده مكنتش بعشمه، انا مجيتش في مرة وشديت عليكي عشان تتجوزيه، ولو كنتي خبرتيني باللي حصل، انا كنت فضيت شراكتي معاه فورا، انا مش راجل ناجص عشان اجبل بحاجة زي دي، واللي عمله غازي النهاردة هو الصح بعينه. 


تدخلت جليلة سائلة له بفضول:

- طب انت يا ولدي مجولتلناش، عرفت كيف؟ وامتى غازي اتكلم على اختك؟


طالعاها دقيقة صامتًا، يعود بذاكره لساعتين قبل ذلك، حينما دلف المنزل الكبير،  من الباب الخلفي بناءًا على رغبة غازي الذي هاتفه يطلب مجيئه، قبل عقد الجلسة،  


- ها يا عزب، انا طلبتك في الدار عشان تبجى على نور من اولها، اديني شرحتلك الوضع،  واللي جومت انا بيه مع الزفت ناجي، ايه رأيك بجى في اللي جولته؟


ببغض شديد تحدث كازًا على أسنانه:

- مفيش جول، فيه افعال وبس، حتى ولو انت اتصرفت من مخك، بس انا برضو لازم اربيه،  الكلب دا لازم احطه تحت رجلي، ولو هو مفكر ان شراكته معايا هتخليني راجل مدلدل، اتغاضى عن اللي عمله واجبل بيه، يبجى على جتني، ان دا يحصل. 


اومأ غازي بأعجاب يعقب على قوله:

- براوة عليك يا عزب، انا كنت عارف من الأول ان انت راجل ودمك حامي، انا بجى يا حبيبي هجيبلك الناهية، بس اسمع مني كويس وافهمني، عشان الحكاية مهياش عافية وخلاص، ولو ع العافية، فصاحبك جام بالواجب معاه 


- عايز توصل لإيه يا غازي يا دهشان؟

سأله بارتياب، فجاء رد على الفور .

- اقولك يا عزب وانت قرر.


❈-❈-❈


انهى اخيرا تناوله وجبته،  ليبتعد بجلسته عن طاولة الطعام الصغيرة مرتدًا للخلف ، يردد بامتلاء:


- الحمد لله، انا شبعت اخيرا. 

ضحك بسيوني يردد خلفه :

- بالهنا والشفا يا سعادة الباشا، بس انت برضوا أكلتك على كدك، كمل معايا ومتتكسفش. 


قهقه يوسف ردًا عليه:

- انكسف بأمارة ايه يا عم الحج؟ دا انا هجمت ع الطبلية زي المجنون، معدتي مبقاش فيها مكان للمية حتى، بس الأكل بتاعكم تحفة، بنكهة السمن البلدي، هو دا نفس الست الوالدة ولا مراتك، انا معرفتش صح عن حالتك الاجتماعية. 


نفض بسيوني كفيه من أثر الطعام ليجيبه، وهو ينهض ليقف رافعًا بيديه طاولة الطعام:

- انا لا ليا ام ولا متجوز من الاساس، بنت الحلال لسة بدور عليها، وامي الله يرحمها ، معاييش غير اختي ، ترازي فيا وارزي فيها، على ما ربنا يحلها عليا والاجي اللي ترضى بيا .


- ان شاء الله يا حبيبي، تلاقي اللي تستاهلك، انت راجل جدع وتستاهل كل خير.


تمتم بها يوسف وهو ينهض ايضًا عن الوسادة القطنية التي كان يتخذ جلسته عليها، يتابع بجدية:

- احنا يدوب بقى نلحق نرجع 


توقف بسيوني، ليتلف له بما يحمله معارضًا:

- نرجع فين يا بيه؟ مش تستنى لما نشرب الشاي الاول  دي الأصول. 


هم يوسف ان يعترض، ولكنه تفاجأ بها تخرج لهما بصنية فضية تحمل كوبين زجاجين داخلها الشاي الساخن، لتردف بابتسامة مستترة ظهرت جليا على ملامحها؛


- واهو على ما تشرب، نكون كوينا الهدوم اللي اتبهدلت في الطين من شوية،  دي نضفت وبجت تمام بعد ما طلعت عيني في غسيلها.


طالعها بغيظ شديد يكتمه، حتى اقتربت تضغ الصنية على كرسي خشبي بالقرب منه، وابتسامة تفضح ما يدور برأسها، زادت في استفزازه، ليغمغم كازًا على أسنانه:.

- اضحكي اضحكي، وبالمرة جيبي زينهم صاحبك يتريق عليا شوية بعد ما هزقني، واتفق معاكي عليا، صاحبك اللي واخد مني الموقف العدائي، رغم اني كنت بتكلم على مصلحته الغبي .


استدارت تقارعه بمرح:

- وه ، وانت هتعمل عجلك بعجله، دا بهيمة مبيفهمش ، وبصراحة هو كيفه كدة مع أي حد غريب او معدي في الشارع ، امال انا يعني كنت بعنفه واشد عليه ليه؟ عشان جليل أدب وعايز رباية.


قالتها ثم تحركت تتخطاه وتذهب، ليدمدم من خلفها:

- هو برضوا اللي عايز رباية؟!


ظل متابعًا أثرها، يشعر بضحكها حتى وهي تعطيها ظهرها،  وبرغم حنقه من سخرينها منه وما فعله بها زينهم، الا انه لا ينكر سعادة تكتنفه من وقتها، ولا يعرف لها سببًا واضحًا.