رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 29 - 1 الأربعاء 13/12/2023
قراءة رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل التاسع والعشرون
1
تم النشر يوم الأربعاء
13/12/2023
خدناها بالسيف
الماضى وأبوها ماكنش راضى وعشانها بيعنا الأراضى الحلوة اللى كسبناها، خدناها
خدناها.. خدناها بالملايين وهما ماكنوش راضيين، عشانها بيعنا الفدادين.. الحلوة
اللى كسبناها.
تلك الأغاني
التي كانت تصدح بها الفتيات من أبناء شقيقاته والاقارب والأحباب، في استقبال صاخب
يعبر عن فرحهم بعد عودته من منزل عروسه وعقد قرانه عليها؛ والذي تم منذ قليل،
ليأخذ نصيبه الاًن من المباركات والتهنئة، قبل انخراطه في ليلة الحناء، وما تتضمنه من مظاهر اعدها وصرف عليها الاَلاف
من الجنيهات، بغرض داخله لينتقل صداها على جميع البلدة.
يرسم ابتسامة
بعرض وجهه، في تقبل تهنئة هذه، وقبلات الأخرى على وجنته، يمازح ويضحك في رودوده،
عريس يغمره الفرح بحق
- مبروك يا خال،
ربنا يتمملك بخيرر، الف مبروك يا ولدي
العروسة حلوة وزي العسل، جوزاة العمر ان شاء الله، تخلف منها دستة مش عيل واحد.
- شالله يسمع
منكم ربنا يارب، طب اسيبكم بجى ، عشان اللحج اغير جلببتي، واللبس اللي هحضر بيها
عشا الرجالة، جبل فرقة الحنا ما تاجي كمان.
استأذن وذهب
مغادرًا من أمامهم، وسط الصخب والزغاريط التي كانت تطلق لتملأ المكان ابتهاجًا
وفرحًا به،
حتى اذا وصل
إلى داخل غرفته، خلع هذا القناع متخليًا عن ابتسامته، ليزفر انفاس متقطعة قانطة
خشنة، ليستند بكفيه على الطاولة المستديرة بوسط الصالة بوجوم صامت، ادخل قلقًا في
قلب شقيقته التي دلفت من خلفه، حاملة
الجلباب الأبيض المنشي
- عمر هو انت
تعبان؟
سمع منها
وارتفعت رأسه على الفور نحوها ، وكأنه استفاق من غفوته ليرسم ابتسامة مصطنعة في
رده عليها:.
- اتعب النهاردة
يوم فرحي، دا حتى يبجى فال عفش، هاتي الجلبية يا خيتي هاتي.
خطت اليه
لتعطيه مطلبه، بأعين متفحصة له جيدًا، حتى
وهو يتصنع الفرح امامها، بكذب مكشوف، لم تبتلعه، او تقوى على كبت ما يدور بداخلها،
حتى خرج صوتها بتردد:
- مكنش ليه لزوم
الاستعجال؟ انا من رأيي كنا صبرنا شوية على ما تاخد ع البت وتاخد هي عليك
.
رمقها
بابتسامة ساخرة يعقب ردًا لها:
- انتي جاية
النهاردة الحنة وبعد ما عجدت ع البت ، تجولي كدة يا جميلة؟ دا بدل ما تسمعيني
زغروطة زينة.
- اسمعك يا واد
ابوي واسمعك احلى مبروك كمان، بس لما احس الفرحة طالعة من جلبك، مش تمثيل، انا مش
عارفة بس ليه العند؟
قالتها لتفاجأ
بتحوله، وقد اشتدت الملامح السمحة لأخرى بدأت تعتاد عليها من عودته، غضب يستبد به
على أقل الأسباب:
- مش عند يا
جميلة، كد ما هو استرداد للكرامة، انا مش
هين عشان اعيش على ذكريات واحدة خاينة
باعتني على اخر الطريج، بعد ما كنا خلاص وصلنا، وراحت غيرت وسبتني اتفلج لوحدي، مش
هجعد انا للفكر والنار اللي بتاكلني كل دجيجة ومخي بيروح عندها.......
توقف برهة
يتابع بشرود
- ،يا
ترى بتعمل ايه معاه دلوك؟ بتديلوا من نفسها ومشاعرها اللي كانت من حجي، بتعيش معاه
الوجت اللي كان مفروض تعيشه معايا....
هتفت توقف
هذيانه:
- خلاص يا عمر،
اعتبرني مسألتش، بس ياريت يا واد ابوي مدام قررت تتخطى وتنسى، يبجى من كله ، انا
تبعتك رغم اني كنت معترضة في البداية، بس
عشان ارضيك رضخت، هدير مربياها زي بناتي، ودي فرحتها بيك ولا اكنها عترت على فتى
أحلامها. بلاش تشوه الحلم الجميل اللي عايشاه
- اشوه الحلم
اللي هي عايشاه!
ردد بها
ساخرًا من خلفها، لتتسع ابتسامته في رده مقللًا:
- والنبي انتي
كمان يا جميلة، باين التليفزيون والخيال لحسوا عجلك، ما تسبيها تفرح يا ستي زي ما
هي عايزة، هي كانت تطول اساسا.
بهتت تطالعه
بعدم استيعاب، حتى تلجم فمها عن الرد، فتابع:
- جميلة، انا
عايزة اغير هدومي واللحج الليلة اللي ورايا، مش ناوية تطلعي بجى؟ ولا اغير جدامك؟
- لا خلاص يا
واد ابوي انا ماشية.
قالتها
لتستأذن مغادرة على الفور من امامها، تغمغم بصوت واضح، وقد استغربت لما ينتظرها من
أعمال:
- انا اساسًا
ورايا هم ما يتلم، لبس البنات ولا الخدمة في عشا الحريم، ولا جوزي دا كمان اللي
عايزني احضرله خلجاته عشان يتسبح.
ظل متابعًا
لها حتى اغلقت باب الغرفة واختفت، ليزفر
بتنهيدة اخيرة قبل ان ينهض لتغير جلبابه، ولكنه اجفل على انارة الهاتف بهذا الرقم
الدولي المعروف ، تبسم ساخرًا في مراقبة الاتصال حتى انتهى، ليتناول هاتفه بعد
ذلك، ثم يفتحه من الداخل مخرجًا بطاقة الخط، ليكسرها نصفين قبل ان يرمي المتبقي في
سلة المهملات مدمًا:
- وادي الخط،
عشان نخلص خالص بجى!
❈-❈-❈
الى متى الصبر
؟
لما يتفنن في
تعذيب نفسه ولا يأخذ حقه الطبيعي منها، لقد مر ايام منذ زواجهما، وهو حتى الآن ما
زال ثابت على موقفه، يشاكسها، ويلاطفها،
يسقيها من حنانه كارتشاف الماء على دفعات، جرعات تجعلها عطشة للمزيد، عطشة
للإرتواء.
يفترسها
بنظراته الوقحة في معظم الاحيان ولا يقربها، حتى اثار دافع التحدي بها لتخفف من
تحفظها وترتدي احلى ثياب العرس من اجل إغاظته، واختبار صبره، لا تنكر انه سيطر على
حيز ليس بالهين على تفكيرها، نتيجة أفعاله.
حرك بها روح
الأنثى وهذا الجزء اللئيم كي تعامله بمكر، تستفزه بمداومتها بالتبديل كل وقت لتشهر
أهم أسلحتها فتكًا من اجل الإيقاع به، كما يحدث الاَن، وقد ارتدت منامة اكثر عريًا
مما سبق، وأطلقت لشعرها العنان، وزينت وجهها، حتى صارت آية من الجمال كما ترى
امامها الاَن في المراَة، لا تعلم السبب الحقيقي لفعلها ذلك، ولكن يبدوا أن اللعبة
أعجبتها، لعبة الشد والجذب، واختبار قوة التحمل.
وكأنه شعر
بها، رفعت رأسها فجأة على صوت صفيره من الخلف، لتجده واقفًا بمدخل الغرفة بميل
مستندًا بكتفه على إطار الباب، يطالعها من أعلى الى الأسفل بتقيم وتمعن، لتعبس
بوجهها أمامه، تدعي الضيق، فعقب لها بتسلية:
- اكيد مضايجة
اني دخلت من غير إذن؟
اهتز كتفها
بدلال ترد على قوله:
- إنت حر، بس
يعني اعمل اي حركة، عشان احس ولا اخد بالي،
ردد من خلفها
بمشاكسة:
- ما انا مش
عايزك تحسي ولا تاخدي بالك..... عشان اخد راحتي.
تخصرت تكبت
ابتسامتها بصعوبة توجه سؤالها له:
- راحتك في ايه
في ان شاء الله؟ هو البص عليا من غير ما اخد بالي بجى فيه راحة كمان؟ دا كدة اسمه
تربص.
أسعده هذه
الروح الجديدة منها، ورد الكلمة منه بإثنين منها، بدأت تعتاد، بدأت تعطي لنفسها
فرصة.
أكمله
بمشاكسته، ليقترب متمتمًا:
- وبجى لسانك
يطول كمان، بس بسيطة انا اعرف اجصوهولك زين.
قابلته بتحدي
رافعًا ذقنها للأعلى:
- طب وريني يا
عارف هتعرف تجصه ازاي؟
تبسم يعض على
شفته السفلى يردد لها بتوعد، يغمره احساس بأنه قد حان الوقت!:
- من عيوني
الجوز يا جلب عارف، اخلص بس جعدتي مع الجماعة اللي طبوا فجأة دول يباركوا في الوجت
اللي مش مناسب أساسًا، جلست على طرف التخت واضعة قدمًا فوق الأخرى تقول بملوكية:
- تمام خالص
وانا مستنية.
شملها بنظرة
وقحة كالعادة ليومئ بغمزة من عيناه:
- اشطة، اشوف
انا شجاعتك دي توصلك لفين؟
قالها ثم
تبختر في خطواته خارجًا من الغرفة نحو جلسته مع بعض الزوار من أصدقائه، الذين أتوا
من أجل تهنئته.
وظلت هي
بجلستها بفكر شرد في مغزى كلماته، يكتنفها شغف شديد لما ينتوي عليه معها، يلوح
بعقلها بعض الافكار والاشياء ال..... نفضت رأسها فجأة لتتناول هاتفها تشغل نفسها
عليه، علّها تلهي ذهنها عن الانسياق وراء انحرافه .