-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 29 - 2 الأربعاء 13/12/2023


   قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل التاسع والعشرون

2

تم النشر يوم الأربعاء

13/12/2023 

كانت تتصفح لترى الجديد على وسائل التواصل الإجتماعي، حينما ظهر امامها هذا المنشور المفاجئ على جروب أبناء البلدة،  ليس منشورًا واحدًا بل هو مجموعة منشورات عن عقد القران اليوم، واحتفال ضخم يقيمه، مع الفرقة المشهورة، وصوت المطرب المعروف على مستوى جنوب الصعيد كافة، اشعار تكتب عن المناضل ابن البلدة الذي تغرب ثم اتى الاَن ليُكمل نصف دينه، بالتزامن مع بدء قيامه بمشروع هام سوف يساهم في رفعة البلدة،  وتشغيل مجموعة كبيرة الشباب من العاطلين،

 

قطبت بحيرة، وهذه الأسئلة التي طرأت فجأة بذهنها، متى خطب ليلحق بالزواج بهذه الفترة القصيرة؟ ومن أين له بكل هذه الأموال للقيام بهذه الاشياء الضخمة؟ والسؤال الأهم،  متى قام بجمعهم؟ لقد انتظرته خمس سنوات، لماذا ظل كل هذا الوقت ليعود بهذه الأموال الضخمة؟....... لماذا تشعر وكأنها تراه رجلا غريبًا؟

 

لم تشعر بنفسها وهي تضغط بأصابعها على شاشة الهاتف لتكبر وجهه وتقربه اكثر ف أكثر، تبحث عن عمر القديم الذي تعرفه، اين الملامح السمحة، اين عمر؟

 

اخذها الشرود حتى غفلت عن الوقت الذي مر، ولم تشعر بمن وقف بجوارها، يرصد خلجاتها في المشاهدة والتفكير في رجل غيره، حتى اذا انتبهت اخيرًا لحضوره، وهذا الإظلام الذي حل على ملامحه، جحيم مُستعر في بحر عسليتيه، قادر على احراقها حية .

 

على الفور دفعت الهاتف من يدها تبرر بضعف:

- والله العظيم ظهر المنشور جصادي لوحده،  انا مكنتش....

قطعت لتلحق به، بعدما اجفلها بالتفافه، ليذهب متجاهلا الرد او الاستماع لها، اوقفته بجذبه من مرفقه:

 

- عارف بلاش كدة، اسمعني وافهني الاول .

نفض يدها عنه بعنف هادرًا بصوت مخيف، يحذرها بسبابته:

- مسمعش نفس..... انا رافض أي تبرير ورافض أي كلمة منك اساسًا.

 

اومأت رأسها بأعين تحتجز بها الدموع،  لتردف بصدق ما تشعر به:

- انت حر أكيد، بس انا عايزاك تاخد بالك، ان دا راجل اتجوز خلاص، وانا كمان اتجوزت، يعني كل واحد فينا راح لحاله، انا مليش غيرك دلوك يا عارف،  انت بس اللي تخصني، لكن هو لا.

 

لانت ملامحه قليلًا، حتى هدير انفاسه هدأت وتيرته الى حد ما، محدقًا بها بحيرة امتزجت بغضبه، ثم ما لبث ان ينهي كل ذلك، بخروجه من امامها دون استئذان، يتركها وحدها، تمسح بإبهامها الدموع التي أصبحت تسيل منها بغزارة ودون توقف، لترتمي بثقلها على الفراش، مفرغة كبت حزنها بالبكاء بحرقة .

 

--

 

خط بإمضته على الورقة الأخيرة بهذا الملف الذي راجع على بنوده جيدًا، لهذه الصفقة الهامة التي على وشك تنفيذ عقودها، بفضل شريكه الهمام في العمل، على الرغم من تواضع شخصه في الواقع، والذي كان يهلل له في هذا الوقت:

 

- برافوا برافوا، ايوة كدة شطور يا بيبي.

 

تبسم غازي رغم وعيده وتهديده ليردف محذرا له:

- احترم نفسك يا يوسف، انت عارفني مجبلش بالمياصة.

هتف الاخير معبرًا عن حنقه:

- يا عم وهو احنا لقينها المياصة؟ ما انت اللي وش فقر ومانع نجيب الأنثى اللي ترطب علينا الدنيا الناشفة دي، سيب الواحد يتوهم مع نفسه.

 

دفع غازي الملف من يده ليرد على قوله بضحك:.

- مشكلتي معاك ان بحبك يا يوسف، دا غير ان اساسًا مش عايز اعكر مزاجي.

 

- ما انا كمان ملاحظ.

- ملاحظ ايه؟

- ملاحظ ان وشك منور بقالك فترة كدة،  من ساعة ما جيت معايا من البلد، البوز اللي كان بيقفل لنا اليوم من اوله، المرة دي مش شايفه، ايه يا عسل، تكونش بتحب جديد؟

 

قالها يوسف بفراسة،  قابلها الاَخر بعدم انزعاج:

- وافرض بحب جديد، هجولك انت يا يوسف، دا انت تنشرها في الجرانين، هو انا معرفش لسانك الفالت يا حبيبي.

 

رد يوسف بدراما:

- لدرجادي انا صورتي وحشة في نظرك، مكنتش اتوقع المعاملة الوحشة دي منك يا صاحبي.

- لا اتوقع اللي اوحش منها كمان؟ جوم ياا.

- لا اله الا الله، هو انت ع القهوة يا عم ولا في وسط الغيط، بتنده ع العمال؟ يا ساتر عليك لما تقلب

اردف بها ناهضًا عن محله، يدعي الخوف، ترافقه ابتسامة الاَخر، ولكنه توقف فجأة ليسأله بجدية:

 

- الا قولي صحيح،  هو انت إمتى مسافر البلد؟ 

انعقد حاجبيه يرد على السؤال بسؤال:

- ليه السؤال؟ ما انا جولتلك هما كام يوم ع اللي فاتوا عشان اشيل عنك الضغط شوية وبرضوا عشان حاجة في دماغي.

 

قال الأخيرة بابتسامة متسعة ليُعقب الاَخر بمكر:

- اه ع اللي في دماغك، اموت انا واعرف اللي فيها،  المهم انا بسألك يعني عشان لما تقرر الرجوع تقولي اعمل حسابي.

 

- ليه؟ ناوي تسافر معايا؟.

اومأ على عجالة متهربًا:

- اه يا سيدي، ما انا قولتلك ع الحاجات اللي ناوبة انفذها هناك عشان مشروعنا الجديد، اسيبك بقى واروح اكمل الشغل اللي ورايا.

 

قالها وذهب على الفور، ليغمغم غازي في أثره بتفكير متسائلًا بحيرة:

- حاجات ايه اللي جالي عليها؟ هو انا اللي مش فاكر، ولا هو اللي بيبلفني، يا ما انت غريب يا يوسف.

 

نفض رأسه ليتناول هاتفه مقررًا التخلي عن أي شيء يصرفه عنها الاَن، اخرج اسمها من سجل المكالمات،  وما هم ان يضغط يهاتفها، حتى ضغط مغيرًا ليتصل من الخط الاَخر.

 

--

 

- التلفون بيرن يا نادية، يا بتي شوفي ليكون اخوكي بيتصل

هتفت جليلة منادية لها، لتجبرها على الخروج من مطبخها تاركة ما تعده من طعام، لتسألها وهي تبحث بعيناها عن مصدر الصوت:

 

- امال هو فين؟ انا مش فاكرة في اي حتة سندته

ردت جليلة بنعاس، وقد كانت نائمة على الاَريكة في هذا الوقت تريح جسدها المتعب:

- روحي شوفيه في اوضة معتز، اصله كان بيلعب بيه من شوية .

 

- بووو عليا وعلى سنيني، تاني برضوا،  مش كذا مرة انبه عليكي انه مضر عليه، بتسيبي يلعب فيه ليه يس،

ياما؟

 

ظلت تفمغم متذمرة حتى وجدته على الفراش بجوار صغيرها الذي لعب عليه، حتى غلبه النعاس.

- انت كمان، هتشلني.

غمغمت بها نحوه قبل ان تجيب على الرقم الغريب

 

- الووو السلام عليكم.

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

انتبهت للصوت لتبعد الهاتف عن اذنها، تعيد على رؤية الرقم الغير مسجل فوصلها صوته بتسلية:

 

- أيوة يا نادية انا غازي متستغربيش.

كتمت بكفها على فمها، صوت اجفال منها، لتستوعب ببطء كي تجيبه برسمية:

- اهلا يا غازي بيه، بس دي مش نمرتك.

 

اجابها ببساطة:

- لا والله نمرتي ، بس دا الخط التاني،  اصل لاحظت بصراحة انك بتردي بصعوبة على الخط المسجل، يارب ما تعمليها كمان مع ده.

 

وكأنها تسمع شخصًا آخر، لا تصدق هذه الجرأة منه، تمالكت لتذكره باتفاقه:

- يا غازي بيه ما انت بتتصل كذا مرة، فشيء طبيعي ان مكنش جمب التلفون دايمًا.

 

- لتكوني شيفاني جاصد يا نادية؟

رفرفت اهدابها بصمت لا تعرف بما تخبره، تود لو استطاعت التأكيد على قوله، ولكن خجلها منعها، ليستغل هو ويواصل:

- طب يعني انا غلطان اني بسألك على جدتي،  ولا يمكن عشان بحب اطمن على حبيبي معتز، لا اوعي تجوليها دي عاد ، إلا معتز، انا جبل ما بتصل بكون مكلم البنات، وهما اللي بيسألوني عليه، وانا في كل الحالات بشتاجلوا،  اصله حبيبي ونور عيني من جوا......... بس خليكي فاكرة، انا مش بضغط عليكي يا نادية


الصفحة السابقة                             الصفحة التالية