رواية جديدة عقاب ابن البادية لريناد يوسف - الفصل 30 - 1 السبت 13/1/2024
قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقاب ابن البادية
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل الثلاثون
1
تم النشر يوم السبت
13/1/2024
أنهى آدم محادثته مع المندوب وأغلق اللابتوب ونظر للجميع وتبسم إبتسامة جانبية وهو يرى نظراتهم المفهومة، أما أمه وأبيه فكانت نظراتهم مختلفة كلياً، فخر وتفاخر وسعادة بثمار ماغرزه به الشيخ منصور، إقترب آدم من أمه ومال على رأسها وقبلها ثم قبل راس أبيه وقال له:
- بوي انا معدي الشركة من غدوة، انريدك تيجي معي وتفهمني كيف كان يمشى الشغل.
تبسم ياسين وهو ينظر لأبيه وهم يتخيلان منظر آدم وأبيه حين يذهبون لمقر شركتهم ولا يجدوا منها شيئ، مجرد حوائط وسقف وارضية، لا شركة ولا عمال وموظفين، فقط الرياح تدور بداخلها وتخرج.
وكذلك المصنع الذى أضحى مهجوراً ولا يستحق ان يُطلق عليه لقب مصنع، وحتى المخازن مرهونة عرفياً.
أما فريال فكانت تنظر لآدم بغل وهو يقف خلف أمه وأبيه، رجل يحمل من صفات الرجولة مايجعله محط الانظار، بل يحمل كل صفات الرجولة إن ذُكر الصدق، فعلى الرغم من أن اولادها لا ينقصهم شيئ، ولكنهم رقيقون كالفتيات بجانبه، من حيث بنية الجسم وخشونة الصوت وحتى في نظرة العين والثقة بالنفس التي تقطر منه.
فهمت عايده نظراتها وإخذت تُعيذ آدم في سرها من عينيها، بل ومن عيون الجميع، وطلبت منه المغادرة للحديقة وستتبعه هى وأبيه،
ومايزه اخبرتهم بأنها سوف ترفع الطعام وتلحقهم على الحديقة بالشاي، وبدأت فى إدخال الطعام لحجرتها التى تحمل مفاتيحها فى قلادتها دوماً وتجلس أمامها ليل نهار، فقد أدخلت المجمدة والموقد وكل مواد الطعام داخلها، وأصبحت غرفة ومطبخ في آن واحد.
جلس آدم بجوار أمه واخذها تحت جناحه، وهي أسندت رأسها على صدره العريض الذي يشبه حائط يشعر من يحتمي به بالأمان، ونظر آدم لأبيه الذي لاحظ نظراته القلقة له واردف:
- ماتخاف علي يابوي، وليدك مو هاداك الصغير صاحب الخمس سنوات اللي تركته بالقبيلة، وليدك صار عقاب كبير ماينقدر عليه، ومايغلبونه كومة فيران كل سلاحهم حفنة سم،كون هاني وطمن قلبك
- دول تعابين يابني مش فيران.
-إي وانا اكبر قانص للثعابين،ومايحوق في سمهم،قلتلك سابق ماتخاف علي.
عايده:
- هتروح الشركة بكره فعلاً ياآدم؟
- اي ياأمي انا مانمزح بأمور الشغل بالذات.
- طيب ممكن اقول حاجه بس من غير زعل
-اوووف تستأذنين لتحكي ياامي، والله انت تحكي ايش ماتريدي وقت ماتريدي ومانزعل منك لو اللي نطقتيه حكم بموتي.
عايدة بفزع:
- بعد الشر عنك ياحبيبي الشر بره وبعيد، اوعا تجيب سيرة الموت ياآدم تاني على لسانك، السيرة دي بتخوفني وتقبض قلبي.
- سلامة قلبك يالغاليه.. هااا هيا احكي ويش كان بدك تحكي؟
- كنت حابه اقولك انك هتروح شركة، والشركة فيها عمال وموظفين، ومينفعش ياحبيبي تروح وسطهم وإنت لابس الزي البدوي والعقال كده.. هو انت قمر فى كل حالاتك وبأي لبس، بس ياقلب أمك لكل مكان اللبس اللي ينفع فيه، خلينى اخدك وننزل اشتريك شوية هدوم على ذوقي وشوف ذوق أمك، من زمان وانا نفسى ألبسك على ذوقي.
- شوفي ياغلا قلبي، تو انا معك انه مايصير انروح الشركة بهالملابس وأنا عارف زين ايش اللي بينلبس بكل مكان، بس معذرة منك انا معي وااجد ملابس تنفع للحضر، ماتنسي أني بجامعة والجامعة مايتعدالها بالزي البدوي، أما مسألة أنك تلبسيني ع ذوقك فهادي بسيطة.، خدي مايزه وانزلوا للسوق واختاريلي ملابس بيتي كيف ماتريدي وأنا ايش ماتختاري هنلبس..
بس ماتختاريلي منامات عليها حيوانات وبدلة حمار وحشي وقرد بذيل قطعة وحدة كيف زمان، انا كبرت الحين هااا.
ضحكت أمه وضحك ابيه أيضاً، واخذا يمليان عيونهم وقلوبهم منه، وقطعت تأملهم مايزه التى اتت بالشاي ووزعته على الجميع، فشرب منه محمود اولهم وإمتعضت ملامحه ونظر لمايزه وسألها:
- الشاي دا عامل كده ليه يامايزه، طعمه غريب أوي؟!
- إشرب ياأبو عقاب هادا شاي وعليه عشب من عشبنا ينضف الجسم ويحميه من السموم وينضف البطن ومايخلي بجوفك وصخ.
إرتشفت عايده من كوبها وكانت ردة فعلها شبيهة لردة فعل محمود، وأعادت الكوب لمكانه وهي تقول:
- لأ انا مقدرش أشرب الشيئ ده، دا طعمه مر أوي!
-مافي مجادله والله لتشربيه ورغم انفك تشربين، انا تعبت وسويتا وعمايل يدي ماتنكب.هادي وصفه نادرة وغاليه
نظرت عايده لآدم فرد عليها وهو يرفع كوبه ويشرب منه:
-أنا مادخلني ولا نقدر انسوي شي، واللي مايزه تقوله الكل ينفذه من فم ساكت، لهيك اشربي شايك واتقي شرها.. انهى كلماته وقام بشرب كوبه على ثلاث مرات متتالية وكأنه يشرب ماء، لا أعشاب مذاقها يشبه مذاق العلقم!
أما ياسين فبمجرد أن رأي الحزب المعادي كله غادر الحديقة، ذهب لحاسوب آدم المحمول وفتحه، وحاول أن يكتب كلمة السر عشوائياً كي يفتحه، ولكن كانت محاولاته عبثاً، فأغلقه كما كان، وذهب لإرتداء ملابسه، وفور إنتهائه غادر القصر متجهاً لقسم الشرطة كى يعجل بالتخلص من ذلك الآدم.
فى الباديه..
رجوه:
- مسك.. يامسك تعالي هانا، تعالي جدليلي جدايلي
- اي شوي ونجيك بس انخلص اللي بيدي.
- لا اتركي اللي بيدك وتعالى انا أبدا وأهم.
سدينه:
- خدي عنبر تسويلك جدايلك واتركي مسك وراها شغل، عنبر فانص متلك ماتسويلنا شي ولا منها عازه.
- لا انا قلت مسك يعني مسك، اعملي انتي وبتك شغلكم ولا نحلف اجي اخرب كل شي اتعمل.
-اتركي اللي بيدك يامسك وروحي مع المكلوبه انا ماناقصة وجيج راس، جدليلها راس الجحشه وردي سريع.
- والله انك لو مازوجة ابي كنت حاسبتك وصلبتك على نخله، بس راح نسامحك كرمال القرابه.
سدينه:
- لا وعلى ايش مشكوره.يابنت مكاسب
- اي بس لا تعيديها.
ذهبت مسك مع رجوه لخيمة مكاسب وبدأت تمشط لها شعرها وتجدله، وأثناء ذلك سألتها رجوه بفضول:
- مسك ودي نسألك عن شي وتجاوبيني وتعدمي سدينه أمك إذا ماحكيتي الصدق..
- راح نحكي الصدق اكيد وليش لاكذب يعني؟
- انتِ ماتحبين، يعني قلبك مازاره العشق، عينك ماتشوف من شباب القبيلة شب وتتمنى يكون زوجك وتدعى ربك بسرك انه يكون نصيبك؟
تبسمت مسك بخجل وصمتت لبرهة، فإستدارت عليها رجوة وهي تتبسم ايضاً وضيقت عيناها بخبث وأردفت متسائلة:
- ياااا مبين عليكي عشقانه والعشق مالي القلب، هيا قولي من هو واني ماراح انخبر حد وعد.
ترددت مسك لثوانِ ولكنها نطقت أخيراً:
-ماراح اندس عنك يارجوه انتي اختي حبيبتي وراح انفضفض معاك، انا اي عشقانه وكتير كمان، وعلى قولتك كل ماتنضره عيني انتمناه وندعي ربي يكون من نصيبي وحقي، هو احسن واحد بكل القبيلة ومو بس أنا اللى انشوفا هكي وانتمناه زوجي، كل صبايا القبيلة متمنياته، هو مافي متله اتنين، بطل مغوار مايهاب شي والكل يعمله حساب وصاير وسط مجالس الرجال القُمر والباقي كلا نجوم.
رجوه كانت تسمع بإنصات ومع كل جملة من أختها تظلم ملامحها وتحاول ان تفترض أن اختها لا تعني مافهمته ولكن جملة مسك الاخيرة قضت على كل الإفتراضات..
- هو عقاب القلوب يارجوه، حبيب القلب هو عقاب.
أنهت جملتها وألقت المشط من يدها وبدأت بالتراجع زحفاً للخلف بخوف من رجوه التي تحولت عيناها للون الأحمر وبرزت عروقهم، و إحتقن وجهها وبدأت تزوم وتزمجر وكأنها أسد غاضب، وسألتها بخوف:
- ويش فيك يارجوه ليش صرتي هيك خوفتيني؟
إنقضت عليها رجوة بحركة سريعة وأمسكتها من تلابيبها وبدأت تحدثها وهى تصك على أسنانها وتهز فيها بعنف:
-حيييه عليكي وعلى امك ياعشاقة ياقليلة الحيا ياكلبة البوادي، والله إنك طالعه على امك سدينه خطافة رجال، والله اليوم قتلك على يدي والله..
انهت جملتها وإقتربت من مسك لتغرز أسنانها فى كتفها لتصرخ الأخرى بأعلى طبقة صوت وهى تقول:
- بعدي عني يارجوه ايش انا ايش سووويت، يايمه تعي انجديني ياعنبر ياخاله مكاسب ياإهل القبيلة وااااك عليا انجدوني رجوه انكلبت يانااااس.
وعلى صراخها أتى الجميع، وصرخت أمها سدينه وهي تراها بين يدي رجوة كالدجاجة المذبوحة تتخبط والأخرى تضرب فيها بلا رحمة وتدخلت سدينه تخلصها من بين أيدي رجوه وهي تتسائل ماذا حدث؟
رجوه:
- اسألي بتك الفانص.. والله يامسك اذا سمعتك تتفوهي باللي حكيتيه قبل شوي ولا حتى تفكري فيه لأذبحك ونحطك بمي مغلي وانتفك وأشويكي عالسيخ متل الدجاجه.. مابقى إلا بت سدينه كمان والله هاد الناقص!
انهت جملتها ونفضت ثوبها بغضب وغادرت الخيمة تاركة الجميع يسألن مسك ماذا حدث، ومسك تبكي ولا تقوى على الإجابه، ولا تفهم السبب الذي فعلت لأجله رجوه فيها هكذا، فبرغم كل شيئ إلا أن رجوه كانت دائماً حنونة معها تسمعها وتنصحها!
أما رجوه فوقفت عند البير وأخذت تحاول تهدئة نفسها، فهي لم تعد تحتمل فكرة أن تذكر أخرى إسم عقابها، هو لها وستأخذه مهما كلفها الأمر، ومالها لايحق لأحد غيرها مجرد التفكير به،
وفي هذه الأثناء إقتربت منها معزوزه وقالت لها دون مقدمات:
- مسك قالتلي ليش سويتي فيها هيك، يوصل بيكي لهبال يارجوه انك تضربي أختك لجل شي ماراح تحصليه بعمرك لا انت ولا هي، تضربيها لجل حلم مستحيل، تنتفى اختك هي النتفه لجل شاركاتك بحلم؟
- لا مو حلم وراح يصير حقيقة، وعقاب ماراح انخليه يعبر لخيال فانص من فوانص القبيله من تو.
- يارجوه تتكلمين وكأنك جاهله بقوانين القبيله وقوانين كل القبايل، بناتنا مايزوجها غريب ولا يوطاها لو على قص الرقاب، ماتحمل بناتنا دم غريب فحشاها ولا تختلط الأنساب.
- لكن ليش الرجال تتزوج غريبه وتخلط الانساب؟
- لا الانساب ماتتخلط اذا الراجل دارها، لأن وليده ليه ولأسمه وللقبيلة، أما البنت ابنها يصير لأسم ابوه وقبيلة ابوه ونسب أبوه.. ماصارت قبل يارجوه وماراح تصير، وفوانص القبيله اللي تتكلمين عنهم عارفين زين إن عقابهم بالنسبه الهن حلم وبس، والوحده اذا جاها عريس بتوافق وتتزوج.. لانها تعرف قوانين القبيلة زين.
-شوفي يامعزوزه انا مالي دخل بكل اللي قلتيه، عقاب لرجوه ورجوه لعقاب، ورجوه من يوم يومها ماتخضع لقوانين والكل يعرفني..انتي تعرفي انا فانص كيف ماتقولون والفانص مايوقفها شي، وراح افرجيكم الفوانص ايش تسوي.
- تلعبين بالنار وماراح يتحرق بيها غيرك.
- ولللك مرحب بالحرايق اذا لاجل عقابي.
- وسالم؟ مافكرتي فيه؟ ماسألتي حالك ايش راح يسوي بعد الكسره اللي ناويه تكسريهاله، مافكرتي ايش بيسوي بعد ماأبوكي يموتك ويقبرك وتبلعك رمال الصحرا.. ماقلتي لحالك كيف بيعيش وهو يحبني ومافيه بلاي؟
- سالم مالي دخل فيه، كلمنه يشقهو بروحا، انا ماقلتلا يرهني ولا قلتلا يحبني، ومو لأنه اهتم بيا شوي ياخذني، مو كل من اهتم بحد يتزوجه.
- صايره مكاره ونكاره وقليلة أصل.
- اي مو فانص.. هيك الفوانص تكون.