-->

رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 38 - 1 - الأربعاء 10/1/2024

 

 

 قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية كما لو تمنيت 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


 الفصل الثامن والثلاثون

2

تم النشر يوم الأربعاء

10/1/2024

(لأجلك انت)



لم تذق طعما للنوم منذ البارحة فبعدما تركها أدهم وذهب غاضبا بقيت مستيقظة حتى الصباح تفكر في كل ما حدث معها في الآونة الأخيرة بدءا من خطتها مع مرام لينتهي بها الأمر بالاتفاق مع حازم لتفرق أدهم عن فريدة

لكن مع شديد الأسف تلك الخطة باءت بالفشل الذريع وفازت تلك الفريدة عليها مجددا والأدهى من ذلك ابتعاد ابنها عنها بل كرهه لها ناهيك عن نظرات الغضب التي يرمقها بها.


أغمضت عينيها بإرهاق ثم انحنت واضعة رأسها بين راحتي يدها مغمغمة بخفوت: الظاهر انك حسبتيها غلط يا فيروز وكل حاجة اتهدت فوق دماغك بس ايه اللي في ايدك تعمليه دلوقتي؟

أمير مات وأدهم بعد عنك وما بقاش طايقك لازم تفكري في حل تصلحي بيه كل اللي هببتيه ده.


أجفلت من شرودها على صوت مرام التي تأوهت بصوت مسموع وهي تضغط على جبينها بقوة مغمغمة بإعياء: انا فين وايه اللي جابني هنا؟


تطلعت إليها فيروز بازدراء مجيب اياها بحنق: انت هنا يا مرام ادهم جابك بعد ما كنتي سكرانة طينة تقدري تقولي لي ايه الجنان اللي انتي بتعمليه ده؟


أجابتها بعد أن استقامت: الجنان ده انتم السبب فيه مش انا ابنك اللي مش بيدور عليا ولا بيفكر فيا من الأساس

وانت ما بقتيش فاضية لي كل تفكيرك تفرقي بين ادهم وفريدة واللي من الواضح كده انه ما فيش حاجة هتفرق بينهم غير الموت عشان كده بلاش تلوميني وتعتبيني من باب أولى تلومي نفسك

لما انت عارفة ان ابنك مرتبط بمراته اوي كده كنتي بتدخليني في لعبة انا مش قدها ليه؟


فغرت فيروز فاهها بعدم تصديق من هول ما تستمع إليه من مرام فالآن تلومها وتتهمها بأنها أفسدت لها حياتها بدل من أن تشكرها لأنها ساعدتها في الزواج من الرجل الذي تحبه!

فتحت فاهها لتتحدث إلا أنها صمتت عندما أكملت مرام حديثها المعاتب: ما فيش داعي للكلام يا فيروز هانم انا مش بلومك ولا بعاتبك انا غلطانة زيي زيك بالظبط كان لازم افهم ان عمري ما هيكون لي مكان في حياة ادهم ما انا كنت قدامه السنين دي كلها دلوقتي هيكون لي مكان في حياته عشان كده انا هفضل هنا لحد ما اولد وبعد كده هسيب لكم ابنكم تربوه وانا همشي واكمل حياتي يمكن اعرف ابدأ من أول وجديد.


هبت واقفة متجهة إلى الدرج تاركة فيروز مشدوهة من حديثها فمرام هي الأخرى تخلت عنها وتركتها بمفردها لذا عليها أن تكون قوية وتستسلم لهزيمتها.


❈-❈-❈


أطفأت سجارتها في المنفضة ثم أراحت بظهرها فوق الأريكة وهي تبتسم بدهاء فمراد سيعود لها لكن سرعان ما تجهم وجهها عندما تذكرت حديثه عبر الهاتف حينما أخبرها بأنه يفعل كل هذا من أجل زوجته الصغيرة

لذا عضت على لسانها بغضب هاتفة بتوعد: لما نشوف يا سي مراد ويا انا يا هي الجربـ وعة دي إما خليتك ترميها رمية الكلاب وترجعها للشارع اللي جبتها منه ما ابقاش ناريمان.


اتسعت ابتسامتها الشيطانية عندما خطرت في رأسها فكرة جهنمية ستضرب بها عصفورين بحجر واحد ستعيد مراد لها ومن ثم تتخلص من تلك الصغيرة للأبد.


❈-❈-❈


وضعت آخر طبق فوق الطاولة ثم جلست بجواره وشرعت في إطعام تالين وكان الصمت هو سيد الموقف حتى قطعه أدهم بمشاكسة: يا بختك يا ست تالين مامي بتأكلك بأديها الحلوين دول.


منحته ابتسامة رقيقة ثم قطعة من الشطيرة في فمه وهي تغمز بمرح: بالهنا والشفا يا دومي مش قادرة اصدق والله عندي طفلين بتغير من تالين يا أدهم!


أجابها وهو ينظر إلى عينيها مباشرة: بغير عليكي من الهوا اللي بتتنفسيه يا ديدا مشكلتك انك ما تعرفيش انا بحبك قد ايه.


استطاع بكلماته البسيطة أن يجعلها أسعد امرأة على وجه الأرض ناهيك عن ثقتها بنفسها ومعنوياتها المرتفعة.


فبإمكانك يا عزيزي الرجل أن تملك مفاتيح المرأة بكلمة معسولة وهدية بسيطة كقطعة حلوى أو قطعة مجوهرات حسب امكانياتك المادية.


ظلا ينظران إلى بعضهما بعشق خالص غافلين عن وجود تالين معهما والتي هتفت بتذمر: مامي انا بلعت من بدري.


ابعدت ناظريها عنه بصعوبة ثم شرعت في اطعام صغيرتها وقلبها يتراقص فرحا وعشقا.


أما عن أدهم فكانت حالته لا تقل عنها بل تزيد فعشقه لها ثابتا لا يتغير كتعاقب الليل والنهار والفصول الأربعة.


❈-❈-❈


لعـ ن من تحت أنفاسه عندما استمع إلى صوتها فهو لم يشأ اخبارها بأي شيء الآن كان يريد أن ينهي تلك المهزلة دون علمها لكن يبدو أن القدر له رأي آخر.


التفت إليها حتى بات قبالتها عندها كررت سؤالها ولكن بصوت أعلى من سابقه

فرمقها هاتفا بحدة: مش ملاحظة أن صوتك عالي يا مدام!


أجابته بسخرية لاذعة: اعذرني كان لازم أتكلم بأسلوب أحسن من كده وأنا سامعاك وأنت بتقول أنا هكتب كتابي عليكي

وأنا اللي كنت فكراك ما لكش في الكلام ده بس الظاهر أني كنت غلطانة إيه لحقت تزهق مني ده احنا حتى ما كملناش سنة متجوزين!


اغتاظت عندما وجدته ما زال صامتا فدنت منه ثم وقفت على رؤوس أصابعها وقدمت عنقه بأسنانها مما جعلته يتألم كثيرا

لكنه تركها تفعل ما يحلو لها لكن رغما عنه ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفـ تيه أسر رد فعلها ذاك فهو لم يتوقعه أبدا وكالعادة تلك الصغيرة تفاجئه

ابتعدت عنه قليلا وهي تنظر إلى الأثر الكبير الذي تركته على عنقه بتشفي ثم استدارت متجهة إلى غرفتها عازمة على ترك ذلك المنزل للأبد.


شيعها مراد بابتسامة ثم رفع يده ووضعها على عنقه وهو يهتف بمرح: حساس أني متجوز مصاص دماء وربنا.


سارا خلفها فأبصرها تضع حقيبة كبيرة فوق الفـ راش وتجمع أغراضها مما جعله يسألها بحدة: بتعملي إيه يا شمس أنت اتجننتي!


دنت منه ثم عقدت ساعديها أمام صـ درها مجيبة إياه باستفزاز: سلامة النظر بلم حاجتي عشان امشي من هنا ولا فلكرني هاقعد لحد ما تجيب لي ضرتي تعيش معايا تكونش فاكر نفسك الحاج متولي وأنا أمينة لا يا حبيبي أنا ما عنديش الكلام ده.


صدحت ضحكاته العالية مما جعلها تشعر بالغضب فدنت منه عازمة على أخذ حقها منه بأسنانها إلا أنها شهقت بقوة عندما حملها مراد من خصرها وكبل شفـ تيها  بشـ فتيه يقـ بلها بنهم وجنون.


أما عنها لم تستطع الصمود طويلا أمام هجومه الضاري عليها فطوقت عنقه بذراعيها وراحت تبادله قبـ لته المهمومة تلك.


دقائق وابتعد عنها وهو يلهث لكنه سرعان ما ضحك بقوة عندما هتفت هي بتزمر: ما فيش فايدة قلبي المهزأ مسح كرامتي باستيكة عموما يعني...


قاطعها بقـ بلة صغيرة على شفـ تيها ثم هتف بجدية: بطلي جنان واسمعيني شوية أنا بصراحة ما كنتش ناوي احكي لك على أي حاجة عشان عارف جنانك ده بس الظاهر أني ما قداميش حل تاني عشان كده عايزك تسمعي كويس وتكوني عاقلة عشان مش هسمح بأي غلط مفهوم؟


استشعرت الجدية في حديثه فلم تجد بدا سوى أن تومئ له بالموافقة.


❈-❈-❈


رحبت به بابتسامة جميلة ثم أشارت له ليجلس فوق الأريكة المتواجدة بالمكتب وجلست بجواره تسأله باهتمام: قل لي بقا يا دكتور إيه سبب الزيارة الحلوة دي إيه ما عندكش شغل ولا إيه؟


هز رأسه نفيا ثم أردف: الناس بتسأل تشرب إيه الأول مش إيه سبب الزيارة يا لارا.


ضربت جبينها بخفة وغمغمت باعتذار: آسفة والله بس استغربت أول مرة تجي لي المكتب في الوقت ده كنت دايما أنا اللي بتصل بيك عشان تعدي عليا.


أراح ظهره فوق الأريكة ثم وضع سـ اقا فوق الأخرى هاتفا بهدوء: أنا بشرب القهوة مزبوط.


نهضت وطلبت لهما القهوة ثم اتجهت لتجلس بجواره ثانية وقبل أن تعيد سؤالها بطريقة مختلفة أجابها هو: عندي عملية كمان ساعتين فقلت اجي اقعد معاكي شوية واشرب قهوتي هنا وبعدين اطلع على المستشفى بس لو وجودي معطلك أنا ممكن أروح اشرب القهوة على أي كافيه عادي يعني على فكرة.


قاطعته بسرعة: لا طبعا أنت بتقول إيه حتى لو معطلني على قلبي زي العسل يا آدم أنت ما تعرفش وجودك جنبي فرق معايا قد إيه في الفترة دي.


ابتسم بغرور يليق به: أنا عارف طبعا يا بنتي عشان كده ما تنسيش أنك تحمدي ربنا في كل صلاة أنه رزقك بصديق زيي.


رمقته بحدة مصطنعة مغمغمة: إيه يا عم الغرور ده حتى من تواضع لله رفعه.


ظل يتبادلان الحديث والضحك حتى ولج الساعي يحمل القهوة لهما شكرته فأومأ لها بخفة وانصرف.



وعلى الجانب الآخر امسك الأوراق التي تحتاجها ثم اتجه إلى مكتبها لكنه قبل أن يضع يده على مقبض الباب ليلج استمع إلى صوت ضحكاتها مع شخص آخر شعر بالغيرة تمـ زق أحشائه لكنه سرعان ما تعرف على هوية ذلك الزائر المتطفل فضغط على أسنانه بقوة كي يكظم غضبه فهو ليس بساذج كي يغفل عن إعجاب آدم عواد بابنة عمه فنظراته تنضح بالكثير والكثير وهو في حضرتها.

ظل مكانة يستمع إلى حديثهما لكنه قرر أن يتصرف بتعقل ويعود إلى مكتبه ومن ثم يأتي في وقت آخر كي لا يفعل تصرف لا يحمد عقباه.



بينما في الداخل هب وقفا بعد أن نظر في ساعة يده: أنا يادوب الحق أروح المستشفى عشان عامل حساب زحمة الطريق وما تنسيش أنا عازمك بالليل على العشا عشان عايز أتكلم معاكي في موضوع مهم يا ريت تفضيلي نفسك يا لارا هانم.


أجابته بعد أن وقفت قبالته بابتسامة صافية: وقتي كله ليك يا دكتور آدم.


لوح لها بيده ثم اندفع للخارج تاركا إياها تشيعه بنظرات ممتنة ممزوجة بشيء آخر لا تعرف ماهيته.


الصفحة التالية