-->

رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 39 - 1 - الإثنين 15/1/2024

  

 قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية كما لو تمنيت 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


 الفصل التاسع والثلاثون

1

تم النشر يوم الإثنين 

15/1/2024

 (بداية النهاية) 



سعادة عارمة اجتاحتها بعد أن أنهى اتصاله بها منذ دقائق قليلة فلقد أخبرها عبر الهاتف بأنه آت غدا كي يتمم اتفاقهما. 

ولجت إلى المكتب ومن ثم وضعت كارد الذاكرة الخاص بالكاميرا فيها وهي تبتسم بانتصار.

 فلقد عزمت بعد أن تتزوج بمراد ستنشر تلك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي انتقاما من تلك الصغيرة التي تبغضها كثيرا 

دلفت للخارج متجهة إلى غرفتها عازمة على الذهاب لشريكها وأخباره بكل ما حدث معها غافلة عن شخص يراقب تصرفاتها عن كثب.


❈-❈-❈


انتشر خبر موت محمود في المنطقة كالنار في الهشيم فلقد حزن عليه الجميع لقد كان شابا في مقتبل العمر توفي إثر حادث عظيم.


 بينما الحاجة نادية فلقد دمعت عينيها حزنا على ذلك الشاب الذي كان ينتمي إلى عائلتها يوما من الأيام وعلى الرغم مما حدث لابنتها على يده إلا أنها شعرت بالحزن

 فلا شماتة في الموت  بل هو مصيبة وما أصعب من مصيبة الموت.

 تطلع إليها ابنها بدهشة هاتف باستنكار: بتعيطي يا امه أنتي نسيتي اللي حصل بينه وبين شهد وأنها انتحرت بسببه.



 مسحت عبراتها بأطراف أناملها ثم أجابته بنشيج: الموت ده قدر ومكتوب يا ابني وما حدش بياخد أكتر من نصيبه ودلوقتي الشاب بين ايدين ربنا وما تجوزش عليه غير الرحمة أنا بس قلبي موجوع على يونس اللي بقا يا حبيبي يتيم الأم والأب ربنا يقدرنا ونربيه أحسن تربية عموما يعني...



 بترت باقي حديثها عندما أشعل علي التلفاز

 فنهرته بحدة مغمغمة بعدم رضا: أنت اتجننت يا علي أطفي التليفزيون ده وبعدين أنت معليه كده ليه الجيران هيقولوا علينا إيه!


 تطلع إليها علي بعدم رضا مجيبا إياها بحنق: واحا ملنا يا أمه وبعدين الحزن زي ما يقولوا في القلب يعني التليفزيون ماله ومال الكلام ده؟


 هبت واقفة عازمة على الذهاب إلى غرفتها فالنقاش مع ابنها دون جدوى.

 تابعها علي حتى ولجت إلى غرفتها ثم راح يقلب في القنوات حتى توقف على قناة الأغاني وراح يشاهدها باستمتاع غير عابئ بكل ما يحدث حوله.


❈-❈-❈


جحظت عينيها في دهشة بعدما استمعت إلى حديثه فلم تكن تتوقع يوما بأنه سيخبرها بشيء كهذا

 ماذا؟ هل قال إنه يحبها؟ متى وكيف؟

 أغمضت عينيها فتذكرت ما حدث بينهما منذ كانت صغيرة لقد كان يستمع إليها كلما احتاجته دائما تجده بجوارها دعمها في كل شيء تفعله. 


قطع شرودها عندما هتف بصوته الجاد: عارف أنك متفاجأة من كلامي ده بس صدقيني يا لارا أنا فعلا جاد في اللي طلبته منك ومتأكد من كل كلمة قلتها لك عشان كده فكري كويس قبل ما تردي عليا عارف أنك كنتي بتعامليني كأخ بس الحقيقة احنا مش أخوات يا بنت عمي عشان كده خدي الوقت اللي تحتاجيه صدقيني التفاهم أهم بكتير من الحب أنا مؤمن جدا بان العلاقة اللي بتبتدي بتفاهم بتنتهي بالحب 

فيه ناس حبت بعض بس أطلقوا عشان ما فيش ما بينهم تفاهم الحب من غير تفاهم بيخلي العلاقة ناقصة. لكن التفاهم يخلق الحب.


 أجابته: بس أنا يا آدم لسه خارجة من تجربة حب فاشلة عشان كده محتاجة آخد وقتي قبل ما أدخل في تجربة جديدة أنت فأهمني؟


 أومأ لها باتزان ثم أجابها بهدوء كعادته: أنا أكتر واحد في الدنيا فاهمك عشان كده استنيت وما اتكلمتش غير لما حسيت أن ده الوقت المناسب أنا مش مستعجل واللي  خلاني استنا كل دوت وما اتكلمش يخليني استنا كمان 

بس كل اللي بطلبه منك أنك تفكري وتدي لنفسك فرصة وسببي لي نفسك وأنا بوعدك أنك مش هتندمي. 


تطلعت إليه مليا ولم تعقب.

 فابتسم لها ابتسامته الدافئة التي لطالما خصها بها وحدها

 شعرت بالإحراج فهتفت كي يزيل عنها التوتر مغيرا دفة الحديث: ها ناوي تأكلني إيه النهاردة؟


❈-❈-❈


شهقة مرتفعة خرجت منها بعدما أخبرتها والدتها بذلك الخبر المؤلم 

فأغلقت الهاتف وراحت تبكي بصوت مرتفع على ذلك الطفل الذي أصبح يتيم الأم والأب فأخذت عهدا على نفسها بأن تجعله ابنا لها ستعلمه وتربيه لتجعله شابا صالحا 


❈-❈-❈


وفي نفس التوقيت ولج القصر فأبصرها تجلس فوق إحدى الأرائك ألقى عليها تحية المساء لكن سرعان ما شعر بالخوف عليها عندما رآها تبكي بتلك الطريقة فدنا منها يسألها بلهفة بعد أن جلس بجوارها واحتـ ضنها بقوة: ما لك  يا شمس حبيبتي بتعيطي كده ليه؟


 تشبثت به وراحت تنتحب بصوت يمزق نياط القلوب تركها تخرج ما بداخلها حتى هدأت فأبعدها عن صـ دره وسألها وهو يمسح دموعها بحنان: ها ليه الدموع دي كلها يا ست شمس في حاجة تاني حصلت؟


 أومأت له بالموافقة ثم أجابت بنشيج من أثر البكاء: بابا يونس أتوفى النهاردة وقلبي وجعني عليه اوي يا مراد خلاص ما بقاش له حد غيرنا.


 مسح فوق خصلاتها بحنان ساد الصمت بينهما قليلا حتى قطعته هي هاتفة بتردد: مراد هو أنا ممكن اطلب منك طلب؟ 


 رمقها باهتمام

 فتابعت: هو ممكن يونس يفضل معانا هنا أنا عارفة أنك مش مجبر...


 قاطعها بإشارة من يده: لا طبعا مجبر يا شمس خليكي متأكدة أن أي حاجة تخصك بقت تخصني وبعدين أنتي ناسية أن كافل اليتيم هيكون جار الرسول في الجنة حد يرفض هدية زي دي!

 من النهاردة يونس بقا زي عشق بالظبط.


 لمعت عينيها بسعادة وخفق قلبها للرجل الذي يزداد حبه بداخلها يوما بعد يوم فلم تجد سبيلا للتعبير عما يكمن بداخلها سوى الارتماء بأحضـ انه كي تنعم بحنانه الغير محدود

 بينما هو بادلها العناق بقوة وابتسامة جميلة تزين وجهه الحسن.

 ظلا هكذا لبعض الوقت حتى ابعدها عنه وهو يسألها باهتمام: بقيتي أحسن؟


  أومأت له بابتسامة.

 فهتف بجدية: خليني أقول لك حاجة مهمة عشان أنا عايز أخلص من الموضوع ده بقا.


 تطلعت إليه بفضول؟

 فاستطرد: بكرة الصبح مسافر تركيا بإذن الله.


❈-❈-❈


فوق الأريكة تجلس وهي تمسك في يدها كوبا من عصير المانجو الطازج ترتشف منه باستمتاع وهي تشاهد أحد الأفلام العربية القديمة فلقد خلد إيهاب للنوم منذ وقت طويل.

 ثواني وأبصرته يدلف من غرفة النوم وهو يدنو منها ويجلس بجوارها فوق الاريكة.


 سألته بهدوء: صحيت ليه ده أنا قلت مش هتصحي غير الصبح؟


 أجابها بعد أن تثاءب: قلقت قلت اشرب كباية مية فسمعت صوت التليفزيون قلت اطلع اسهر معاكي بقا.


 أومأت له ثم وضعت كامل تركيزها في الفيلم الذي تشاهده. 

ثواني وشعرت به يلتصق بها فتنحنحت بإحراج وحاولت الابتعاد إلا أنه حمل الكوب الذي تمسكه في يدها ووضعه جانبا ثم استدار إليها يرمقها بتفحص مما جعلها تخجل كثيرا وتطرق برأسها فرفع ذقنها بسبابته وإبهامه مخاطبا إياها بحنان: بصيلي يا فرحة.


 تطلعت إليه بارتباك فتلاقت الأعين ولن تشعر به إلا وهو يدنو منها ملتقطا شفـ تيها بخاصته يقـ بلها بهدوء وسرعان ما تحولت تلك القـ بلة للقوة عندما بادلته إياها بجهل

 فرفعها من فوق الأريكة ثم اتجه بها إلى غرفة النوم ليبدأ سويا أول حياتهما الزوجية

 وما هي إلا دقائق ليست بالقليلة حتى أصبحت فرحة زوجته قولا وفعلا.


❈-❈-❈


في صباح اليوم التالي

 استيقظت بإرهاق شديد فهي قضت ليلتها في التفكير في عرض ابن عمها الغريب بالنسبة لها.

 نعم هي تحبه وتقدره كثيرا لكن لم يخطر ببالها يوما بأنها ستتزوج به

 بقيت ليلتها تفكر في آدم منذ كانوا صغارا لطالما كان يحبها ويحتويها لذا هي اعتبرته كشقيقها مراد لكنه أخبرها صراحة بأنه يحبها ويعشقها وهي ليست أخته بل حبيبته التي انتظرها طويلا. 


ضغطت على رأسها بكلتا يديها كي تطرد ذلك الألم الذي يهاجم رأسها ثم استقامت بعد أن تمطت بذراعيها عازمة على الذهاب إلى عملها فلقد أخبرها شقيقها بالأمس بأنه لديه سفرة ضرورية لذا ستذهب وتنهي بعض الأعمال وبعدها ستعود باكرا إلى المنزل كي تنال قسطا من الراحة.

 لكن هل يا ترى سيترك عقلها التفكير أم أنه سيحرمها النوم وقت طويل ريثما تتخذ قرارا.


الصفحة التالية