رواية جديدة لهيب الروح لهدير دودو - الفصل 24 - 1 قبل الأخير الإثنين 8/1/2024
قراءة لهيب الروح كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية لهيب الروح
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
بقلم الكاتبة هدير دودو
الفصل الرابع والعشرون
1
تم النشر يوم الإثنين
8/1/2024
وصل جواد المنزل ما أن علم بما حدث لزوجته خائفًا عليها وعلى ابنه القادم، يعلم ماذا ستشعر إذا فقدته مرة أخرى فهو رأى حالتها من قبل عند خسارتها لطفلها الأول لا يريد أن يجعلها تشعر بذلك الشعور مرة أخري، وتدهور صحتها وحالتها النفسية.
كان قلق هو الآخر على ابنه، متلهف لرؤيته يخشى أن يصيبه شئ بعدما علم بوجوده.
صعد مسرعًا بخطوات واسعة شبه راكضة متجه نحو غرفته ما أن وصل، يشعر أن الطريق لغرفته طال، هو يريد أن يصل إليها مسرعًا ليراها ويطمئن عليها يود أن يجعلها تشعر بالأمان بوجوده بجانبها..
كان الجميع مجتمع في غرفتها بصحبة الطبيب تبكي جليلة وتدعي ربها أن يكون حفيدها بخير هو ووالدته هي تريد أن تحمله بين ذراعيها وتراه يكبر أمام عينيها بسعادة شاعره بابتهاجه حولها وسما هي الأخرى تقف بوجه حزين شاحب تود الإطمئنان على رنيم وطفلها متمنية من ربها أن يكونا بخير..
بينما مديحة تلك الشيـ طانة المتسببة في كل ذلك تقف مبتسمة ترى نتيجة فعلتها متمنية الحصول على النتيجة التي تتمناها وما هي سوى فقدانها لذلك الطفل الذي جعلهم يتمسكون بها، يجب أن تقـ تله لتستطع أن توطد علاقة ابنتها بـ جواد من جديد
ولج جواد الغرفة وجد الطبيب مازال يفصحها فغمغم متسائلًا بقلق ولهفة
:- ايه يا دكتور طمني هي كويسة صح؟
تابع فحصه لها باهتمام شديد ثم التفت نحو جواد القلق بضراوة وغمغم يطمئنه بعملية ومهارة ويمليه بعض التعليمات الهامة للحفاظ على صحتها
:- متقلقش المدام كويسة والحمدلله الحمل بخير هي بس محتاجة راحة وممنوع الحركة تمامًا وتنتظم في الأكل والأدوية لأن صحتها ضعيفة شوية.
تنهد بارتياح شاكرًا ربه على وجودها هي وطفلهما بخير بالرغم مما حدث الذي لم يفهمه للآن عندما حدثته سما كانت تهتف ببعض الكلمات المتلعثمة والذي لم يستطع فهمها عن وجود بعض السيدات قي المنزل وقيامهم بضربها بقوة، لم يستطع أن يستكمل حديثها وعمله وانهلع قلبه خوفًا عليها، حاول أن يسيطر على ذاته قليلًا وشكر الطبيب بهدوء بعدما تناول منه تلك الورقة المدون بها أدويتها
:- شكرًا يا دكتور معلش تعبنا حضرتك معانا.
سار معه يوصله إلى الأسفل مبتسمًا بهدوء مطمئن بعدما شعر بارتياح كبير لاطمئنانه عليها.
احتضنت والدته سما بسعادة وظلت تحمد ربها وكل منهما مبتسم لسلامة رنيم وطفلها القادم متحاشية النظر نحو مديحة المتسببة في حزنها كأنها لم تقف معهم في الغرفة، هي لا تود أن تتذكر خيانة زوجها، لكن عنوة عنها عندما تراها تتذكر أنه فعلها وخانها معها، تتذكر جرح قلبها الكبير الذي لن يُشفى..
كانت مديحة تشعر بالغضب الشديد وخيبة الأمل بعد فشل مخططها الذي لم تستطع أن تكرره، الدماء كانت تغلى بداخلها تود أن تذهب هي وتضربها لتفقدها الطفل بذاتها لكنها لم تستطع أن تقف تشاهد الأمر بنيران مشتعلة غضبًا بكره، شاعرة لأول مرة بتحدي القدر لمخططاتها السامة معلنًا عن اقتراب نهايتها لكنها لن تدعها تأتي بتلك الطريقة هي لن تنتهي سوى بعد أن تحصل على كل ما تتمناه في حياتها وفنتها في تنفيذه بصبر طويل..
عاد جواد الغرفة مرة أخرى تمتمت جليلة بهدوء وتعقل مبتسمة عندما شعرت بسعادته
:- خليك يا حبيبي جنبها وابقى طمنا عليها هسيبك ترتاح دلوقتي ونتكلم بعدين.
اومأ برأسه أمامًا فأشارت للجميع أن يخرج غالقة الباب خلفها بهدوء، توجه يجلس بجانب رنيم التي بدأت تستعيد وعيها وتفتح عينيها بضعف واضعة يدها فوق رأسها متأوهة بتعب وآنين خافت مجهد
أسرع يحتضنها بشدة ملتقطًا أنفاسه بصعداء وارتياح كبير بعد علمه أنها بخير
:- أنتي كويسة حاسة بإيه؟ ايه اللي تعبك.
دفعته بقوة إلى الخلف منكمشة على ذاتها مبتعدة عنه بضعف مرتعشة وتمتمت بخفوت واضعة يدها فوق بطنها وأجهشت في بكاء مرير
:- ا... ابني.. ابني..ليه كدة.
حاول أن يجعلها تطمئن وتهدأ قليلًا خوفًا من أن يحدث لها شئ، مغمغمًا بهدوء وتعقل
:- اهدي هو كويس انتي كويسة والحمل كويس الحمدلله.
تنهدت بارتياح مبتسمة من بين دموعها الحزينة ممررة يدها بحنان فوق بطنها اقترب مرة أخرى وكاد يقبلها بشغف ويحتضنها لينعم من اقترابها ويجعل قلبه يرتاح قليلًا بوجودها معه، لكنها صاحت مسرعة بضعف تستوقفه تمنعه من الاقتراب منها هي وطفلها والخوف قد ملأ قلبها
:- ا... ابعد عـ... عني ابعد عني عـ... عـاوز تقتله ليه حرام عليك ابعد عني يا جواد دة ابنك.
ابتعد عنها وطالعها مذهولًا بصدمة وعدم تصديق لاستماعه لحديثها الصاعق وتمتم بدهشة
:- ايه الجنان ده انتي تصدقي أن أنا هعمل كدة في ابني، وبعدين لو عاوز اعملها هجيب حد يضربك انتي شايفاني كدة، شايفة أن ممكن أأذيكي بجد.
تطلعت بعينيها بعيدًا بعدما رأت نظراته المصوبة عليها بحزن وصدمة، وتمتمت بضعف من بين دموعها وهي تفكر في حديثه قليلًا
:- أنا معرفش معرفش حاجة أنا بس عاوزة ابني وتطلقني أنت زيك زي ابن عمك وأنا مش هسمح أن ابني التاني يتقتل على ايد ابوه أنا كنت نازلة اشوفك بعد ما بعتلي واحدة من هنا تقولي أنك عاوزني.
انزعج من حديثها لكنه يعلم أنه عنوة عنها خاصة بعد معرفته أنها نزلت لأجل رؤيته، فعاتبها بحنان محتضنها بضراوة مشددًا عليها بعدما شعر بحزنها وقهرتها
:- أنتِ شايفة أني زيه، أنا زي عصام مش أنا اللي اعمل كدة ولا عمري هفكر اعملها اللي عمل كدة هحاسبه وعمري ما هسيبه.
طبع قبلة هادئة فوق كفها بحنان وجلس بجانبها ليجعلها تهدأ قليلًا.
طالعته بتوتر والدموع تلتمع في عينيها بضعف متمتمة بخفوت ولازالت قلقة لم تستطع أن تطمئن له خوفًا من أن يتكرر ما حدث لها من قبل
:- أ... أنتَ مش هتأذيني صح ولا هتأذي ابننا.
اومأ برأسه أمامًا بثقة يطمئنها بحنان مؤكدًا ما تردفه
:- عمري... عمري ما هقدر اعمل حاجة تأذيكم أنا قلبي كان هيقف لما عرفت اللي حصل.
صمت لوهلة وتابع حديثه بغضب شديد متذكرًا ما رآه وعلمه عن ابن عمه الذي آذاها بشدة
:- انا مش زيه ولا عمري هبقى زيه أنا بحبك بجد وعمري ما حبيت واحدة غيرك، وابني اللي منك دة أنا عاوزه اكتر مانتي عاوزاه، أنا غيره يارنيم.
رمقته بتوتر معقدة حاجبيها بذهول متعجبة ما يقوله وتمتمت بضعف خافت
:- أ... أنت عرفت هو كان بيعمل إيه
اومأ برأسه أمامًا بثقة وعاتبها بهدوء حنى لا يزعجها مراعيًا حالتها الصحية
:- آه عرفت بس كان المفروض أنتي بنفسك تعرفيني وتثقي فيا عشان أنا جوزك.
تطلعت أرضًا بضعف بعدما تجمعت الدموع داخل مقلتيها لاعنة خوفها الذي منعها من معرفته ومشاركته لحزنها هي كانت تتمنى أن تخبر لكن خوفها كان يمنعها دومًا، فتمتمت بخفوت
:- أ... أنا معـ... معملتش كدة عشان خايفة عليك يا جواد والله.
قطب جبينه بعدم فهم وطالعها بدهشة متسائلًا بذهول
:- خايفة عليا أنا ازاي، احكيلي يا رنيم أنا لسة عاوز اسمع منك، ليه وافقتي عليه وأنتي بتحبيني أنا؟
سألها ذلك السؤال الذي دومًا يأتي في عقله طوال فترة زواجها، السؤال اللعين الذي أرهقه بضراوة وأنهك قلبه العاشق لها.
تنهدت بصوت مرتفع محاولة تشجيع ذاتها وأخبرته بالحقيقة السوداء لحياتها كانت تتحدث بضعف ونبرة متلعثمة خافتة
:- لـ... لأ يا جواد أنا موافقتش والله، بس فاروق بيه هو اللي عمل كدة هو اللي جوزني للمريض دة عشان يبعدني عنك ودفع لأهلي مبلغ محترم هو ومديحة هانم فرموني ليه وهو اللي هددني أني مقولكش حاجة بعد ما عصام مات وإلا هيأذيك، بس عصام كان وحش...وحش اوي يا جواد شوفت كل أنواع العذاب على ايده حتى ابني هـ... هو اللي موته بايده نزله بطريقة بشعة أوي، وكان عاوز الدكتور يشيلي الرحم لولا أن قاله مبخلفش، كان الكلمة والنفس بحساب وكلهم كانوا بيتفرجوا عليه وهو بيموتني، هو مؤذي أوي أنا عمري ما هسامحه أنا اتمنيت الموت على ايده هو كان بيقتلني في كل لحظة كنت بكره وجوده بترعب منه.
كان جواد يشعر بالضيق من نبرتها المقهورة بضعف وملامحها الممتعضة وهي تتذكر الآمها وذكرياتها الحزينة المحفورة بداخلها مصطحبة معها دموعها التي آلمته لكن هناك أيضًا جزء كبير يود معرفته هي أخبرته أن والده هو المتسبب في تلك الزيجة كيف فعلها؟! وهل كان يعلم بحبه لها؟! هل تسبب في حزنه ووجعه بإرادته سألها مرة أخرى بتعجب تام
:- انتي متأكدة أن بابا هو السبب في الجوازة دي.
شعرت بحزنه المتواجد في نبرته فربتت فوق يده بحنان ابتسم ابتسامة مريرة أمامها وجذبها داخل حضنه يضمها بشدة ثم أشار لها أن تواصل حديثها بعدما سألها سؤال هام يود أيضًا معرفته
:- وانتي اتفقتي مع محسن دة بجد، دة معاه مسجلات لصوتك بجد.
اومأت برأسها أمامًا بضعف مقررة أن تخبره بالحقيقة كاملة بعدما آتت إليها تلك الفرصة الذهبية وتخلصت من خوفها كما كانت تتمنى، فأجابته بصوت متحشرج باكٍ
:- ا... ايوه اتفقت معاه بس دة بعد ما قتل ابني قتله من غير رحمة فضل يموتني ضرب لحد ما قتله كنت بتذل ليه عشان يرحمني بوست ايده وبرضو موته قدامي.
التقطت أنفاسها بصوت مرتفع من بين شفتيها بضعف مرتعشة وهي تتذكر هيئتها الذليلة أسفل قدمه متوددة إليه حتى يعفو عنها ويترك طفلها يأتي إلى الحياة لكنه لم يبالي ولم يهتم بها تمتمت بضعف خافت
:- هـ... هو قالي أن ا... اللي زيي مينفعش تبقى أم، انا كنت هبقى أم كويسة والله وهتشوف أنت بنفسك بس هو قال كدة، أنا اتفقت مع محسن بعد ما موت ابني مقدرتش اشوفه عايش براحته وقتل ابني هو قتلني أنا من زمان بس ابني لأ، بعدها أنا قولت لمحسن لأ، أنا مش زيه قولتله يلغي كل حاجة بس هو صمم يعملها عشان الفلوس معرفش ليه جابها فيا أنا بس أنا قولتله لأ والله.
شدد من احتضانه عليها بعدما شعر بمدي حزنها وضعفها مربتًا فوق ظهرها بحنان طابعًا قبلة رقيقة حانية فوق جبهتها وكفها ليجعلها تشعر بوجوده الآمن، وأخبرها بحنان عاشق متيم بها
:- أنا معاكي وهفضل معاكي من ساعة ما عيني دي شافت عنيكي وهي خلت قلبي ميختارش غيرهم، هتبقي احلى أم في الدنيا كلها وابننا الجاي هتربيه أحسن تربية واللي عمل كدة أنا مش هسيبه بس وغلاوتك في قلبي وحياة عنيكي دول مانا اللي عملتها ولا عمري فكرت فيها أنا بس قولت كدة في الأول من صدمتي باللي محسن قاله.
ابتسمت بحنان لحنانه عليها الذي يظهره دومًا قبل حبه لها، لكنه قرر أن يخبرها بالحقيقة التي علمها بجدية وهدوء تام وهو لازال يحتضنها
:- مش محسن اللي قتله الواد دة كان محجوز في المستشفى بسبب خناقة مع حد هو بس بيقولك كدة عشان تخافي وتدفعيله، اللي قتل عصام ورحمه مني بعد اللي عرفته دة كله عيلة بنت وهو كان بيعذبها زي ما بيعمل موتها فهما خدوا حقها بموته أنا عرفت كل دة وهما حاليًا بيتحقق معاهم عشان كدة كنت برة.
لا تعلم لماذا لم تفرح بمعرفتها للقاتل وعطفها معهم لأن تلك هي العائلة كما يجب أن تكون قارنتهم بعائلتها الذين دومًا يسلمونها له بعد هروبها منه يشاهدون علامات عذابه في كل أنش عليها ولم يهتموا بكل ذلك لا يهمهم شئ سوى الحصول على المال مقابل أي شئ.
شعر جواد بها فرفع وجهها نحوه ملتقطًا شفتيها بعشق ضاري بحنان وأخبرها بحب هادئ
:- أنا جنبك ومعاكي وابننا الجاي هيتربى على إيد احسن أم وده عشان هو محظوظ أوي.
ابتسمت بسعادة شديدة تخفق في قلبها الحزين لكنه يشعر بالسعادة على يده هو فقط، سألته بفرحة
:- بـ.. بجد يا جـواد هبقى أم كويسة ليه.
أكد حديثها بثقة تامة وهو لازال يوزع قبلات متفرقة فوق وجهها وعنقها بشغف
:- مفيش أم هتبقى أحسن منك.
وضعت ذراعيها حول عنقه بسعادة تبادله قبلاته وعشقه لكنها استوقفته عندما شعرت بما يريده وتمتمت بقلق لأجل الحفاظ على سلامة طفلها
:- جـواد كفاية كدة عشان ابننا، خليني أنام في حضنك عاوزة ارتاح شوية.
حاول السيطرة على ذاته بصعوبة بالغة واحتضنها بحنان عاشق طابعًا قبلة حانية فوق جبهتها مما جعلها تبتسم بهدوء وهو كان يطالعها بنظرات يملأها العشق والشغف وهو يرى مَن أحب وتمناها طوال حياته، كانت مشاعره لا توصف بعد رؤيته لها مبتسمة بسعادة لكونها بجانبه وداخل أحضانه ذلك المكان الآمن الذي تمنته هي الأخرى..