رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 5 - 1 - الأثنين 22/1/2024
قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الخامس
1
تم النشر يوم الأثنين
22/1/2024
كانت تقطع الطريق في اتجاه الموقف الخاص ببلدتهم، بجدية لا تناسب ابدا شخصيتها المرحة التي يعرفها، تحمل دفترها وحقيبتها، ترتدي ملابس عصرية محتشمة، وجهها الخمري النضر ، مكتسبًا لونًا برونزيًا جاذب للنظر ، جميلة وانيقة ومهذبة، من يراها لا يصدق ابدا شراستها ومغامراتها مع زينهم ،
انتبهت عليه لتقطب عاقدة حاجبيها بدهشة حتى اقتربت بخطواتها منه لتبادره بمزحتها:
- ايه الحكاية؟ بجيت واخد الطريق جياسة انت ولا ايه ؟
اشرق وجهه باستقبالها المبهج، وابتسامتها التي تأسر النظر اليها، فرد يبادلها المزاح:
- لا وانتي الصادقة قدمت على طلب اقامة قبل ما اخد الجنسية.
- اممم
زامت بفمها تعقب على قوله:
- يبجى هتتعب كتير، عشان احنا بلدنا تختلف عن أي بلد ، ظروف الإقامة والجنسية بتاعتها تكلف كتير جوي تجدر تعتبرها من دول العالم الأول.
- وانا قدها وقدود.
قالها مواصلا تفكهه، والذي بدا منه وكأنه مقصود ، ولكنها لم تعطي بالا، لتسأله بفضول :
- ماشي يا عم الجامد، بس انت ايه اللي جابك هنا ؟ ليك حد جريبك في الجامعة؟ ولا جاي تخلص مصلحة في الإدارة؟
تحمحم يجلي حلقه، ليتحول للجدية مبررًا:
- لا طبعا مدخلتش الجامعة اصلا، انا بعد ما خرجت من المحطة، خليت سواق التاكسي يلف بيا على معالم البلد عشان اتعرف عليها اكتر، بس بقى لما شوفت الطلبة خارجين من الجامعة هنا، لقيت نفسي بوقفه، ونزلت قريب كدة وقعدت ع القهوة استمتع بالأجواء ، قبل ما اروح البلد وافاجئ غازي ، اصله ميعرفش بزيارتي .
اومأت بابتسامة رزينة جعلته يعلق بمشاكسة:
- هتصدقيني لما اقولك اني بجد بتفاجئ بأي رد فعل منك، وانتي هادية كدة وليدي، عكس وردة اللي بشوفها في البلد عندكم ، وشراستها في السيطرة على زينهم.
ردت بابتسامة لاحت على ملامحها:
- ما احنا جولنا ان الجامعة غير البلد، ولا انت غاوي بس تفكرني؟ ع العموم انا بعتز بأصلي، وفخورة بيه كمان، عن اذنك بجى .
قالتها وتحركت بدلال اعجبه، قبل ان يوقفها عارضًا:
- طب بدل مواصلات البلد المتعبة، ما تستني اوصلك في التاكسي اللي هياخدني البلد، او حتى اتصل ببسيوني يجي ياخدنا احنا الاتنين.
ارتفع حاحبيها بذهول ، لا تصدق السهولة التي يتكلم بها وهذا العرض الكريم الناتج عن شهامة في غير موضعها، فردت ترفض بمناكفة:
- لا متشكرين يا عم الشهم، انا بحب الموصلات وتعبها، سيبتلك انت العربيات،.... احسن حتى لمصلحتك.
فهم للمغزى الذي تقصده، فتبسم متقبلا بصمت، ليتركها تذهب، ، يتابعها بعيناه حتى اختفت من امامه، ليغمغم داخله:
- اه، ياما انت واحشني يا زينهم.
❈-❈-❈
عاد الى منزل اخيرًا، يجر اقدامه جرًا من التعب، بعدما بات ليلتين في المحافظة، فلم يطاوعه قلبه على المغادرة وتركها دون ان يطمئن جيدًا عليها، استقبلته شربات مهللة بسخرية وقد بلغ منها الغضب الى الحلقوم:
- حمد الله ع السلامة يا غالي، منور بيتك يا سيد الرجال يا بطل، اخيرًا حنيت على اهل بيتك يا باشا؟
سقط على الاَريكة الخشبية بإنهاك يمنعه حتى عن الرد، مما ساهم في زيادة سخطها:
- ساكت ليه يا فايز؟ ما ترد عليا وفهمني ، كيف جالك جلب تسيب بيتك يومين بليالهم من غير ما تطل ولا تسأل على أحوالهم، ايه؟ مكفكش تاخد الصيت بعد ما جريت بالهانم وانت شايلها على درعاتك عشان تنجدها وتروح بيها المستشفى؟ جاعد جمبيها ليه؟ شفجان عليها ولا هو الجلب اللي حن بعد فوات الأوان.
حدجها بغضب حارق ولكنها لم تكترث لتواصل افراغ ما كانت تشحنه داخلها، منذ يومين:
- رد عليا يا فايز، انا دلوك عايزة اعرف سبب لعمايلك مع الولية دي ، لو اللي بتعملوا معاها دا الطبيعي، في انك تخطط وتتكتك لحد ما تلهف الورثة في البيت، يبجى تبيض عليا وتخبرني، ع الأجل اساعدك وعجلي يستريح من الفكر ، لكن تسيبني كدة على عمايا ، اهري وانكت في نفسي، لاه يا فايز.
صرخت الأخيرة بإزعاج اجبره على الرد بحدة ليوقفها:
- وان جولتك ان الورث اخر همي، واني بعمل كدة عشانها هي نفسها، هتساعديني برضوا،
وكأن رأسها ضرب بمقلاة اهتزت حدقتيها وشحب وجهها بصدمة، حتى توازنت في وقفتها بصعوبة، لترد بصوت مضطرب، تنهج بلهاث وكأنها في سباق عدو:
- يعني ايه؟ انا مصدجش ابدا انك تكون بتعزها يا فايز ، طول عمرك بتكرهها، انت بتحبني انا، وجاعد معايا انا ، هي هاجرها بجالك سنين، يبجى كيف هتحبها؟ جولي كيف هتحبها؟
لاحت منه ابتسامة ساخرة ، يطالعها بنظرة تؤكد على ما تفوه به:
- انتي برغم كل عفاشتك وطمعك ، انما انا كنت حاملك يا شربات لانك الصراحة كنتي مدلعاني وممشية امورك معايا ،
نهض فجأة امامها يردف ببساطة غير مباليًا بملامح وجهها التي تعقدت وتبدلت لأخرى:
- انتي كنتي الكيف....... الحتة الخضرا اللي باخذها كل ليلة عشان اتوه من دنيتي وانسى، انسى وجعي مع اللي تاعبة جلبي، انا كنت بنتجم منها بيكي، كان كل همي احرق جلبها كيف ما هي حارقة جلبي .
- ودلوك فوجت
صرخت بها، شاعرة بنصل خناجر كلماته السامة، تمزق احشائها بقسوة، صاحب القلب المتحجر ، كيف له ان يحب؟ او يعرف الحب من الأساس؟
- انا لا يمكن اصدج أي كلمة من كلامك، انا اللي معاشراك وعارفاك زين، انت يا فايز معندكش جلب اصلا؟
قابل صيحتها بصمت، دون ان يكلف نفسه عناء الرد ببنت شفاه، ثم استدار يتركها بعدم اكتراث، ذاهبًا نحو غرفته، متمتمًا لها بأمر :
- ياريت توفري مناحتك دي لوجت تاني، انا هروح اريح جتتي على فرشتي، بجالي يومين منمتش، اصحى الاجي الوكل جاهز، ولو عاندتي يا بت التنح ، ما في مليم هطلعه، لاسبوع جدام، خلي بجى المحروس هو اللي يصرف عليكم.
كبتت على فمها تكتم وابل من الشتائم والسباب، حتى لا ينفذ تهديده، فهي الأعلم بحجم عناده ، وغباءه،
انتظرت على اغلق عليه باب الغرفة، لتغمغم بقهر في اثره:
- روح يا فايز ربنا يسخطك قرد ولا تغور في مصيبة ما حد يعرفلك طريج ، بحق كسرتك لخاطري يا بعيد
❈-❈-❈
دلفت الى الغرفة ممسكة بيدها الجلباب المنشي ، بعدما قامت بكيه بنفسها، تتخذه حجة الاَن لفتح اي حديث معه، يزعجها هذا الهدوء المبالغ فيه من الأمس من جهته، وهذا التجاهل المقصود، في تعبير واضح لغضب يخفيه رغم كل ما يقوم به معها من افعال تبدوا طبيعية، تعترف الاَن بخطأها، وقد بالغت في صب جام غضبها عليه، وهو لم يقابل فعلها بالمثل، بل ضمها الى صدره، ليخفف من ارتياعها، قبل ان يأخذها الى سليمة لتريح قلبها بالأطمئنان عليها
وقفت تراقبه وهو يصفف شعر رأسه بعدما خرج من المرحاض، لا يدندن ولا يشاكس بنظرات عبثية نحوها، يبدوا عليه الشرود والهم،. حتى لم ينتبه لدلوفها، فلم يسخر كعادته من خجلها وهو الاَن عاري الجزع، ولا يرتدي سوى بنطال، لا تدري متى تمكن من بناء هذا الصدر العضلي البارز، حتى تميز عن جميع ابناء العائلة ، رغم اشتهارهم بالبنيان القوي والبأس
تحمحت تجلي حلقها وتجسر نفسها وهي تخطو لتقترب منه ، حتى جعلته يستفيق من شروده فينتبه، ليطالع انعكاس صورتها في المراَة، حتى تكلمت تخاطبه :
- اا الجلبية، انا جهزتها وكويتها
بفراسة شديدة، لم يخفى عليه محاولاتها الضعيفه في فك جموده، معنى هذا انها تنتبه لفعلها وتعلم بخطأها، وعتابه المكتوم، لتحاول باستحياء كشفه هو بحنكته، من أجل ترضيته..... تبدوا اشارة جيدة!