رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 5 - 2 - الأثنين 22/1/2024
قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الخامس
2
تم النشر يوم الأثنين
22/1/2024
توقف يلتف ليطالع حيائها الشديد دون ان يكلف نفسه برفع يده ليتناولها منها، مما جعلها ترفع ابصارها اليه باستفهام ، اجاب عنه بمكر:
- حاسس يديا التنين تجال علي، كانهم اتملخوا من شندلتي مع الحصان الحرنان امبارح ، ممكن يا نادية تلبسهاني انتي .
في البداية شعرت بالشفقة وقد انطلت عليها كذبته، مع تذكرها لسيطرته بصعوبة على الحصان الذي غلب جميع الحراس في الركض خلفه بالأمس،
لكن سرعان ما استدركت لمطلبه، لتطالعه متوسعة العينان بعدم استيعاب وهي تقيس بنظرها فرق الطول بينها وبينه:
- البسهالك كيف يعني؟ ايه اللي انت بتجوله دا يا غازي؟
اقترب منها وعيناه المشاغبة عاد اليها بريقها ، ليشاكسها برده:
- ما انا بجول دراعاتي التنين مملوخين يا نادية ومش جادر ارفعهم.
قارعته بالرد لتضحض حجته:
- بس انا داخلة عليك دلوك وكنت بتسرح شعرك، يعني بترفعها يدك اها.
برر سريعًا لها:
- دي كانت يد واحدة واهى كمان وجعتني.... هتلبسيني الجلبية ولا انده بسيوني من برا
- يا مري لاه استني.
اعترضت بحرج ، لتطيعه مزعنة، وتعدل الجلباب على وضع الارتداء سريعًا، ثم ترفع بذراعيها، وتشب على اقدامها ، في محاولة يائسة لتنفيذ مطلبه، دنى هو، مقربًا رأسه لتتمكن من إداخلها داخل محيط الجلباب، ثم تنزل بالقماش على باقي الجسد، وقبل ان تفعلها جيدًا شهقت بفزع وهي تجد نفسها مرفوعة عن الأرض بعدما غافلها وحملها ، حتى خرج صوتها بدهشة اختلطت بفزعها:
- يا مراري انت شيلتني كيف؟ مش دراعك واجعك، ولا انت بتضحك عليا يا غازي؟
جلجلت ضحكة مناكفة منه، ليفاجأها بقوله:
- وافرضي انه واجعني، دا هيخليني اضعف عن شيل مرتي؟ واهو بدل ما رجلك تشب لفوج عشان تحصلني، رفعتك انا عشان اسهل الأمر عليكي.
ماذا يقصد بالاخيرة؟
وقد اجبرها الاَن على النظر اليه من علو ، وانحصرت الرؤية امامها عليه، تبتلع في ريقها وتطالبه بضعف:
- نزلتي يا غازي، وبلاش منه شغل العيال ده.
عاندها برفض حاسم:
- وانا جولتلك ان احب ما عندي هو شغل العيال.
تذمرت بحرج شديد، تباعد من خصلات الشعر الناعم للخلف، وكحل العينن عن قرب يزيده هياما بها.
اما عنها، فبرغم ادعائها التململ والضيق، إلا انها لم تقوى على منع نفسها من التطلع اليه، ليس بنعومة الراحل ولا برقته في صب كلمات الغزل على اسماعها ليل نهار دول كلل او ملل، لكنه يملك وسامة رجولية تميزها الخشونة والقوة ، يعرف دائمًا كيف يسرق اهتمامها بأفعاله،
يكتنفها دفء غريب حين يغمرها، وحتى في نظرته اليها، قادر ان يبث اليها الامان، به شيء لا تعرفه ، ولكنه يربكها، مما يجعلها دائمًا في حاجة للهرب منه:
- وبعدين؟ هفضل انا معلجة كدة اليوم كله، مش ناوي تنزلني؟
سمع منها وقد ارتخت يداه بالفعل، وذهب تماسكه أدراج الرياح، ينزلها بتأني وبطء شديد مرافقًا لمحاصرته لها، وقبل ان تلمس قدميها الارض اعادها اليه بعناق قوي، ينهل منها ما حرمه على نفسه بالأمس ، وقد منعه كبريائه من التقرب اليها بعد هجومها عليه دون مبرر، اما الاَن وقد لمس منها استجابة على استحياء ، في محاولة غير مباشرة منها للصلح معه، ببرائة وعفويه زادته جنونا بها، فلا يستطيع التوقف، ولا يرتوي ابدًا من عزوبتها.
❈-❈-❈
يقف امامه بابتسامة تصل من الاذن الى الأذن الأخرى، يستقبله بالتهليل المبالغ فيه:
،- حبيبي يا غازي وحشتني، ووحشتني البلد الجميلة ، قد ايه مشتاقلك يا غالي .
تقدم نحوه باستغراب قارب الريبة، حتى اذا وصل اليه، عقب بتساؤل ساخر مضيقًا عينيه:
- ايه يا يوسف؟ المرة دي برضوا جايبلي عجد مهم امضيه ولا ف حاجة تانية أهم؟
اشرق وجه الأخير ليجيب بمرواغة، متصنعًا العتاب:
- هي دي برضوا حمد الله ع السلامة اللي تستقبل بيها صاحبك؟ جرالك ايه يا غازي؟ كنت بايت في حضنك انا عشان تقابلني بقلة الزوق دي؟ ولا كنت بايت في حضنك.....
قطع بشهقة عاليه خرجت منه ، معبرًا عن ارتياعه، بعدما باغته غازي بالقبض على تلباب قميصه يخاطبه بتحذير:
، بلاش اللف والدوران معايا يا يوسف، انا فاهمك وعارف زين انت بتطلع من هنا وتروح على فين في البلد، انا مش نايم على وداني، واخد بالك منها دي؟
ردد خلفه يوسف بصوت مرتعب:
- واخد بالي والله، بس انا عملت ايه بالظبط عشان ازعلك يا كبير؟
واصل غازي هزهزته، محذر له بشر:
- انا محدش يجدر يزعلني، وانت بالذات يا يوسف عشان عارف غضبي زين هتتقي شري، بأنك تعجل وترسى من جنانك ده، تعمل ايه يا يوسف؟
- اعقل وارسى، بس انا برضوا مش فاهم، انت قصدك ايه بالظبط ؟ وانت تحت أمرك يا حبيبي، هو انا اقدر اكسرلك كلمة.
ردد بها من خلفه يدعي الطاعة، قبل ان يصمت على اثر زمجرة عالية من غازي جعلته يستكين بأدب:
- يا يوسف بلاش اللوع معايا، رجلك اللي استحلت الروحة على شرق البلد، مالك انت باخت بسيوني؟
برقت عيني الأخير يهتف بمظلومية :
- يا نهارك اسود يا غازي، عيب عليك الكلام ده يا جدع، يعني هيكون مالي ومالها بس، شالله يارب اطفحها لو كنت بكذب.
- يوووسف
- نعم يا نور عيني.
كبت غازي ضحكاته بصعوبة ، ليتركه فجأة بيأس منه، ثم تحولت لهجته للجدية والنصح
- بلاش تزعلني يا يوسف، انا مش عايز اخسر راجلي الامين بسببك ، بسيوني دا مش أي حد عندي ، يعني اللي يمسه يمسني.
تغضنت ملامح الاخر بتفهم ، ليرد بصوت خلى من العبث:
- وانا عمري ما هائذيك ولا ازعلك، انت عارف اخلاقي كويس، بدليل انك بتكلمني وبتحاول تتفاهم معايا .
اومأ غازي ببعض الرضا ليسأله بفضول :
- حلو جوي الكلام، بس برضك انا عايز اعرف السبب اللي يخليك تروح كل شوية هناك .
ارتبك الاخر وصمت للحظات بتفكير، حتى صدر منه الرد:
،- زينهم يا غازي، انا اتعلقت بزينهم أوي، من بعد نطحته ليا وانا قلبي اتشعلق بيه، ولو سافرت بلاقي نفسي على الفور بشتاقله.
بازبهلال شديد وعدم استيعاب، سأله غازي:
- زينهم مين اللي نطحك يا جزين؟ وبتشتاجله كمان؟
❈-❈-❈
تسمرت محلها ، بغيظ يفتك بها تطالع هذه الأجنبية التي احتلت منزلهم وهي تضحك وتلعب مع الأطفال في الحديقة وكأنها واحدة منهم، بعدما اجبرتهم على تقبلها بينهم ، بهذه الورقة التي تمسكها على شقيقها الابله، ليرضخ اباها ووالدتها مجبرين، خشية الفضيحة التي قد تتسبب بها لهم ، ان اعلنت الخبر وانتشر اسم عائلته الشهيرة على افواه البشر ، ليخلقوا قصة وهمية في الاعلان عن زواجه بها امام افراد العائلة والبلدة.
- واجفة بتراجبيها ليه؟ ليكون عايزة تتعركي معاها تاني، احنا مش ناجصين نصايب.
قالتها رئيسة وهي تدلف الغرفة خلفها، تحمل بيدها بعض الشراشف المطوية بعد تنظيفها وتجفيفها، وكان الرد من فتنة بزفرة حارقة :
- ما كله من ولدك بوز الاخص، يعني مش مكفيه المشي على كيفه السنين دي كلها ، عشان يجيبلنا بلوة في الاخر يبلينا بيها، هو احنا كنا ناجصين.
- ايوة والله كنا ناجصين.
تمتمت بها رئيسة مبتئسة لما يحدث مع ابناءها دونًا عن باقي افراد العائلة، نتيجة للتربية الخطأ من زوجها، هو السبب الأول والرئيسي قي الإعوجاج الذي زرعه في نفوس ابناءه، بعجرفته ودلاله الدائم لهما، وكأنهم مميزين عن باقي البشر، بما حباهم الله من مال وجمال وسلطة متوارثة.