-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 6 - 1 - الجمعة 25/1/2024

 قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السادس

1

تم النشر يوم الجمعة

25/1/2024



أمام واجهة المحل الشهير، وقفت تتأمل الملابس الرائعة، موديلات قصيره وعارية وخفيفة، تصلح للخروج او للسهرة ، تظهر انوثة المرأة وجمالها، تقسم انها ان ارتدت واحدة منهن سوف تصبح حديث المدينة بلفت الانظار اليها، هي جميلة وهذه الأشياء صنعت من أجلها ومن اجل مثيلاتها 


لكن حظها البائس كتب عليها ان تظل مدفونة اسفل هذه الملابس السوداء القبيحة ، التي بالكاد تظهر مستواها، المادي المرتفع واصلها الحسن، وهذا ما يصبرها بعض الشيء ويخفف عنها .


- هيليق اوي عليكي الفستان البيج .

اجفلت تلتف لصاحب العبارة الذي هتف بالقول من خلفها، ولكنها تفاجأت به، نفس الرجل الذي حادثها قريبًا، والذي التف ليقف مقابلا لها ، مما ساعدها على الرد بحدة :


- انت تاني يا جدع انت؟ إنت ايه حكايتك بالظبط؟ ليكون مدبجني ومراجبني ، حجة دا تبجى ليلتك طين. 


تبسم بجاذبية تليق بمظهره الخاطف للأتفاس وهذه الهيئة الراقية، يضع كفيه في جيبي بنظاله اسفل السترة في الامام، قبل ان يجيبها:


- اخاف اقول ان كنت براقبك صح تطيني عيشتي بجد .

برقت عينبها تطالعه بشراسة أثارت داخله التسلية وقبل ان يفتر فاهاها للهجوم عليه لحق هو يستطرد:


- انا قصدي ان لما شوفتك مقدرتش اشيل عيتي من عليكي، اظن ان دي حاجة غصب عني، الواحد لما بيشوف ست جميله بيتشد ليها، فما بالك لو كانت ملكة جمال كدة زيك.


عرف جيدا ان يؤثر بها بتغزله، حتى ظهر اضطرابها في الرد عليه وصوتها المهزوز:


- لاا بجولك ايه؟ انا مش واحدة هاينة ليك ولا لغيرك عشان ارضى بكلامك البارد ده، نو متعرقش انا مين ولا مين عيلة مين؟


رد ببساطة ومراوغة:

- مش محتاجة تقولي، بنات الأصل العالي بيبان عليهم، ولا انت شايفاني اعمى ومش هعرف افرق ولا اخد بالي ، مكنتش اتصور ان مستوى الجمال متقدم كدة هنا 


ما اللعنه، شديد الوسامة بهيئة تذكرها بنجوم الدراما التركية التي تتابعها يوميا على الشاشات، تبا، كيف لها الا تتأثر بمدحه؟


زفرت تظهر امتعاضًا زائفًا لتشرع في الذهاب وتركه:

- ماشي يا سيدي متشكرين على زوجك ، عن اذنك..


اوقفها بقوله:

- استني دقيقة لو سمحتي. 

عادت لشراستها تحدجه بعسليتيها :

- افندم عايز ايه؟

تبسم بهدوء يجيبها 

- مش حاجة وحشة والله، انا بس عايز اعرفك اني بقعد في الكافيه اللي هناك دايما، وكنت محتاج اوي الاقي شقة هنا في المحافظة، عشان اعملها مكتب لشركتي ، وبما انك هانم ومن اهل البلد ، ف انا حابب اسئلك لو تعرفي حد يأجرلي 


ردت تدعي الضيق:

- وما تكلم سمسار يشوف طلبك، انا مالي 

اومأ رأسه بأسف:

- حاولت وطلعان عيني معاهم، مفيش حد فيهم جايب طلبي .

- وانا يعني اللي هجيبه؟ دا ايه التناحة دي؟

تهكمت بها وسارت من أمامه تذهب ، وتدعى عدم الاكتراث، غافة عن ابتسامة شقت ثغره من الخلف وهو يتابعها بعينيه.


❈-❈-❈


داخل المبنى القديم المتهالك،  بفعل الرطوبة وعامل الزمن، حتى أصبح ايلًا للسقوط ، صعد الدرج الخرساني ، يمر بالأدوار واحدًا تلو الاَخر حتى وصل الى السطح ، ليتابع بخطوته الى الغرفة المنزوية بجهة وحدها،


وضع المفتاح في مغلق الباب، قبل ان يدفعه للأمام ويدلف داخلها،  حاملًا عدد من الأكياس ، بما تحتويه من أطعمة وأدويه واحتياجات طبية ومنزلية ، والتي ما ان رأها المستلقي على الفراش بالدخل علق يبادره الحديث بتهكم:


- اسم النبي حارسك وصاينك، توك ما هليت يا باشا ، تنورني بطلتك البهية؟

قابل مالك صيحته بهدوء، ليخرج ما بداخل الأكياس ويضعهم على الطاولة الخشبية العتيقة:


- ليك حق تتريج وتشتكي كمان، انا مش هلوم عليك ولا ازعل، عشان متأكد انك لما تعرف بجى سبب تأخيري هتعذرني.


قال الأخيرة وهو يلتف اليه ، ينزع عن احد الأطباق المغلفة، غطائها ، ثم يضع بها ملعقه قبل ان يقترب من صديقه الساخط ويقدمها اليه، والذي تناولها منه بغضب مستهزءًا:


- لا ومكلف نفسك وجايب دليفري ولحمة كمان؟ ليكون فايز باشا حن عليك وحل كيسه، ولا انفكت عقدة الورث معاك ؟


تبسم مالك ، يخرج طبقه هو الاخر ويجلس بجواره،  يتناول من الطعام الساخن، ذو الرائحة  الشهية التي عبئت المكان الضيق، ليرد باسترخاء:

- لا دي ولا دي يا صاحبي، بس تجدر تجول كدة انها هانت او بمعنى أصح،  احنا جربنا للي أحلى من الورث 

للهنا كله،  لا وايه، هيجي كدة من غير تعب ولا وجع جلب ، هي بس فيها لاخفيها وبس كدة!


- مش فاهم،  انت هتتكلم فوازير ولو ايه؟

قالها صديقه لتبزغ ابتسامته بانتشاء يجيبه:

- يا صاحبي ما انا بجولك انها هانت، يعني اخيرا رسيت على مرسى، بدل الحيرة واللف والدوران اللي كانوا واكلين راسي، انا وانت هنلعب بالفلوس لعب وبكرة تشوف .


تجهم وجه صديقه، ليعقب بضجر متعاظم، مشيرا بعيناه نحو قدمه المصابة:

- والله باينك انت اللي بتلعب بيا بعد ما خيبتني وخدت انا الضربة عنك ، رجلي دي اللي مش عارف اروح لدكتور، ولا اعالجها زين بسببك، مش عارف انا، اي تعويض دا اللي هيكفيني؟


رد مالك بأسى وعتاب:

- ولزومو ايه بس التجطيم؟  ما انا بجولك اها الفرج جريب، انا لو عفش يعني، كنت هاجيلك دلوك عشان ابشرك وانا شايل ومحمل بكافة طلباتك، رجلك بكرة تجف عليها وتنطط بيها ، الواد عنتر التمرجي جايم معاك بالواجب، ومجشنطي بالفلوس اللي بيسفها سف مني، انا مش مجصر معاك يا صاحبي، ومجدر عصبيتك دي وغضبك، بس اللي طالبه منك هو انك تتحمل شوية......  اتحمل يا صاحبي دى انت الوحيد اللي فاهمني ف وسط العالم دي كلها ، انت اللي مأمنه على سري ، 


قال الأخيرة باستجداء اثر في الاخر،  ليزفر باستسلام، ثم قال ؛

- ادينا صابرين ومستنين، أما نشوف أخرتها.


❈-❈-❈


سقطت بجسدها المرهق على اقرب اريكة وجدتها امامها، وقد عادت مع زوجها الى المنزل بعد زيارة الطبيبة،

عقلها يسبح في النقاش الذي دار منذ ساعات، وهذا الاتهام المجحف بحقها بانها تخطته وكأنها خانت العهد،  لكن ماذا كان بيدها؟ هل المشاعر كانت بالسهولة التي نبدلها من جهة لجهة اخرى؟!


ولكنها اجبرت على الاختيار، وهي اختارت عزتها وعزة شقيقها امام اتهام باطل في سمعتها وأخلاقها.


اما هو، وقد رأت بأم عينيها اليوم الفتاة التي تزوجها، صبية صغيرة من عمر ابناء شقيفاتها،  بل اصغر ، كيف يلومها وهو يفعل العكس؟ كيف تأتيه الجرأة وقد تركها بالسنوات في انتظاره،  لتفاجأ الاَن بحجم الترف الذي وصل اليه؟  لقد شعرت اليوم انها امام رجل غريب عمن  كانت تظنه حبيبها؟


- روح .

التفت على النداء نحو زوجها الذي خاطبها بقوة لتنقض عنها شرودها:

- مالك يا برنسيسة؟ ايه اللي واخد عجلك ؟


نفت بكذب مكشوف:

- واخد عجلي كيف يعني؟ ايه اللي هيخليني اسرح اساسًا؟


تنهد يردد بتصميم وهو يجلس على الكرسي المقابل لها:

- لا كنت سرحانة يا روح ومتنكريش، انا مش غبي عشان ما خدتش بالي.


استطرد امام صمتها:

- يا روح دا انتي ما بتعرفيش تمثلي ، طول الوجت ساكتة في العيادة من بعد ما جيتلك ودخلت معاكي عند الدكتورة والست تكلمك وانتي ولا اكنك معانا، لا ضحكتي ولا بان سنك غير قدام الشاشة اللي ظهر فيها الجنين.


تبسمت بابتهاج وقد عادت بذاكرتها لمشهد الجنين، وهذا النبض الصغير ، الذي كان يرقص له قليها، وابتهاج يغمرها لمجرد الرؤية، حتى تخيلته بين يدأها تحمله، ابتسامة خبئت عقب قوله:

الصفحة التالية