-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 1 - 1 - الأحد 7/1/2024

  قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الأول

1

تم النشر يوم الأحد

7/1/2024




دلف عائدًا للمنزل بوقت متأخر بعد قضاءه السهرة مع يوسف صديق غازي وبعض الشباب من العائلة، بصفته ضيف عزيز لابد من الترحيب به بينهم، جالت عينيه في الانحاء حتى وجدها جالسة في انتظاره، تحمل بيدها إحدى كتب الرويات التي كانت تتصفحها حتى أتى لتستقبله بتهكمها:


- يا اهلا بالباشا، راجعلي في نص الليل يا عارف،ما كنت بيت برا احسن؟


تبسم بخفة، كرد لها، وداخله سعادة لا توصف انه وجدها مستقيظة وقد غلبه الظن بنومها، بعدما تأخر لهذا الوقت ، فاقترب حتى جلس بجوارها، قبل ان يشاكسها بقوله:


- ما انا كنت هعملها فعلا، ابات مع يوسف في المندرة واونسه، لكن في الاخر افتكرت اني ورايا ست مستكينة في البيت، أكيد بتخاف من الجعدة لوحدها، لا تاخد على خاطرها هي كمان، روحت راجع في قراري .


تخصرت باستنكار لقوله مرددة بغيظ:

- مين دي اللي تخاف يا بابا؟ لا يا حبيبي كنت كملت مين غير ما تيجي على نفسك، انا بت الدهشان تربية الجبل، يعني تعالب الليل والديابة هي اللي تخاف منينا، مش احنا.


بغير قصد منها، صارت تلكزه بطرف اصبعها على عظام صدره، حتى انها لم تنتبه، سوى بعد ان قبض عليه سبابتها، مرددًا بوعيد:


- لكن انتي كديها الزغدة دي؟ 


انتابها الزعر لتردف على الفور بتراجع:

- لا والله ما كديها، سيب صباعي يا عارف انا مكنتش جاصدة اصلا .


رفض بعند يستنفر طاقتها:

- لا مش هسيبه يا روح، وريني بجى شراسة بت الجبل، اللي بيخاف منها تعالب الليل والديابة .


- لا دا انت جاي مصهلل وليك غاية للرزالة، بعد يا عارف انا عايزة انام .

قالتها وهي تهم للنهوض من جواره ولكنه شدد بالضغط على اصبعها الصغير يمنعها، حتى قالت باستسلام:

- في ايه يا عارف، سيبني انا عايزة انام الوجت اتأخر. 


خاطبها بتحذير وانفاسه الحارة تلامس بشرتها، بعد ان قرب رأسه منها :

- مش جبل ما تعترفي انك خوفتي صح،

- وان معترفتش.

هتفت بها بوجهه باعتراض، قابله بابتسامة متسلية قائلًا:

- إنتي حرة، وانا بجى هفضل حابسك كدة وصباعك في ايدي لحد بكرة حتى .


تذمرت بغيظ تخفي ابتسامتها، امام جديه واهية منه، لتردف ببعض الدلال والمهادنة، وقد علمت بغرضه الاَن من خلف مناكفته:

- طب حتى لو جولتلك اني حايشالك طبق مهلبية بالمكسرات والحبشتكنات يستاهل حنكك دي تحلي بيه دلوك بعد الشاي ما نشف حلقك من الشرب فيه مع الرجالة .


- وه .

تمتم يبتلع ريقه بالفعل وقد سال لعابه شاعرًا بالجوع بالفعل، ليُقر بانتصارها:

- عرفتي تغلبيني صح فيها يا ست روح، انا هسيبك، بس اعملي حسابك لو الطبج مجاش بكل اللي ذكرتيه دلوك، هخترعلك احكام من الهوا، بعد ما جريتي ريجي وجوعتيني.


اومأت رأسها بتخوف لتنهض على حذر من جواره، قدميها تتخذ طريقها نحو المطبخ، لتدلف نحو البراد على الفور تخرج الطبق الكبير ، حتى تخرج له ما يسكت عقل رجل اصبح كالطفل بالنسبة لها، والذي لا يستكفي من الالعاب من أجل ترضيته، 


ولكنها وقبل ان تستدير عائدة، اجفلها صوت مواء قطة من خلفها لتخرج صرختها، وتهتز بوقفتها حتى كادت ان تقع هي ويسقط طبق الحلوى منها ، قبل ان يتلقفها بين ذراعيه وينقذها وينقذها الطبق معها، يردد لها بسخرية ضاحكًا:


- ايه يا بت الجبل ، يا مخوفة الديابة والتعالب؟

التقطت أنفاسها اولا، واضعة يدها على موضع قلبها، الذي ازداد تسارع النبض فيه تأثرا بخضتها، ثم ما لبثت ان تضربه بقبضتيها على عظام صدره وذراعيه تعبر عن احتجاجها:


- والمصحف ما مسمحاك يا عارف ، والمصحف ما مسمحاك، وجعت جلبي، وشعر راسي وجف من الخضة.

وكان رده الضحك المتواصل والتشديد بضمه لها.


❈-❈-❈


انتفض عن نومه فجأة معتدلًا بجذعه، فور ان شعر ببرودة الفراش بخلوه منها، بعدما استغلت غفوته لتستل نفسها من جواره، وقد ارتخت ذراعيه التي كانت تكبلها بضمها له، لينهض عن التخت بجذعه المكشوف وبنطاله البيتي يبحث عنها ، هم ان يخرج من الغرفة، ولكن قدميه قادته إلى المرحاض ليبدأ به، وكان الاختيار الأمثل، وقد تأكد من وجودها داخله، بمجرد ان حطت يده على قبضة الباب، ليتوقف على صوت بكاء مكتوم، ونهنة ضعيفة شقت قلبه شطرين، بل ذبحته، علم ما بها، وما يدور برأسها.


انها نادمة على استسلامها له، نادمة ان ارتخت حصونها مع من هو حلالها، زوجها الاَن، تعتبرها خيانة لمن رحل، متناسية انه هو الأحق؛ عمن لم يعد له وجود، انها حقه هو الاَن، بل هي حقه الضائع منذ الثانية عشر من عمرها.


على خاطره الأخير، دفع بالباب يجفلها باقتحامه، وقد كانت واقفة بجوار حوض الغسيل، ترطب من الماء على بشرتها لتغسل اثر الدموع، طالعته في البداية بإجفال تحول بعد ذلك بغضب، معقدة حاحبيها بتجهم، قابله بتحدي قائلًا:


- ايه؟ انا داخل على مرتي، يعني مش حد غريب، ولا انتي نسيتي انك مرتي؟

ازداد عبوس وجهها ترفض حجته:

- وافرض يعني، برضوا كان لازم تخبط، فيه حاجة اسمها خصوصية برضوا ولا دي متعرفهاش؟


- لا يا نادية معرفهاش..

قالها بتحدي، ليدلف غير اَبهًا، حتى توقف اسفل صنبور مياه الاستحمام، وقد ضغط يفتحه، لتتساقط المياه فوق رأسه، تغرق وجهه وجسده بالتبعية، دون أن يتحرك أو يحيد بأبصاره عنها، حتى تحركت هي بتأفف تنتوي الخروج، ولكنه فاجأها بأن جذبها من ذراعها، حتى اصطدمت بصدره العضلي، لتزمجر باحتجاج تحاول نزع نفسها وذراعها منه، وعلى عكس ما توقعت، وجدته يرفع وجهها اليه بيده الحرة، يطالعها بنظرة دافئة متسامحه، زادت من تشتتها، قبل ان يدنو ليطبع طبع قبلة حانية أعلى رأسها، ثم جذبها بحزمه، ليحتصنها، ويريح الرأس المتعب بأفكاره على موضع قلبه، لتتلقى معه هطول المياه المتساقطة، علّها تخفف من نيرانه، قاومت في البداية، ولكنه اخمد مقاومتها بضمته، لتستجيب بذرف الدموع التي كانت تحرق بشرته، وكأنها وجدت المأوى لتفرغ ما في قلبها دون مراعاة لشعور هذا المأوى، ومع ذلك كان مرحبا، سوف يتحمل ، رغم احتراق روحه من الداخل، سوف يصبر، حتى يصل معها لبر يجمعهما سويًا دون معوقات، سوف ينتظر حتى يتلقى منها نسائم العشق التي تريح قلبه الممزق بجفائها 


❈-❈-❈


وفي مكان آخر. 

عاد من سفرته القصيرة والفجر على وشك البزوغ، ليدلف داخل المنزل، بعد ان فتح الباب الحديدي ، وقد كان على وشك الدخول لغرفته ، قبل ان يفاجئه الصوت الانثوي القوي:

- راجع ليه في نص الليل؟ ما كنت بيت مع جدتك احسن، والصباح رباح.


التف اليها بأعين ضيقة يطالعها لبعض الوقت، وهي جالسة بجوار النافذة التي كانت مفتوحة على مصراعيها، تطل منها الحديقة الداخلية بمنزلهم، ليعلم من تحفزها انها كانت في انتظاره،

زفر بخشونة قبل أن يكلف نفسه بعناء الرد عليها :


- كان من الأحسن اني مبيتش، لأني لو عملتها ما مكنتش هستريح غير وانا مخلص على مرة ولدها، ومرتكب جريمة. واخدة بالك؟


عاد يشدد على كلماته:

- انا جيت وانا على أخري يا ام سند، زي ما انا واجف جدامك دلوك وبرضوا وانا على أخري، وماسك نفسي بالعافية اني منفجرش فيكي.


رددت خلفه مستنكرة:

- وتنفجر فيا ليه؟ كنت انا روحت جوزت البت، ولا انا اللي روحت موت حجازي ووجفت المراكب اللي كانت سايرة.....


- انتي اللي بعدتيني، 

صاح بها مقاطعًا لها، ليستطرد بغضبه واقدامه اقتربت حتى جلس امامها :

- بعدتينا في وجت مكنش ينفع فيه بعاد، كان لازم نفضل كابسين على نفسهم ومنسبش البيت، كان لازم نفضل جاعدين، البت دي وولدها مكنش لازم ابدا يسيبوا البيت؟


- عشان متروحش من يدك وتتجوزها برضك، 

اضافت بها على قوله بسخرية، قبل ان تتابع بجديتها المعروفة:

- كلام جديم يا سند وانت عارف زين ان مكانش في يدنا حاجة، احنا كان لازم نبعد ونسيب الحرب ما بين المحروسة وضرتها، دا اللي انا احنا كنا عاوزينه، كنا عايزينهم يخلصوا عليها برأسها الناشقة اللي عاملة زي حجر الصوان دي وواجفة في وشنا تسد عنينا اي خير، لكن الحظ الزفت عاندنا للمرة الألف، وخالك بوز الاخص فاجئنا بأفعاله، اللي طول عمره ما بيطجش البص في وشها، دلوك بيتمسكن ويتمسح فيها زي البسة ، مستنيها ترضى عنيه، دي حد كان يتوقعها يا ناس؟


الصفحة التالية