-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 1 - 2 - الأحد 7/1/2024

  قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الأول

2

تم النشر يوم الأحد

7/1/2024

ضرب بقبضته ببطن كفه الأخرى، يردد بغيظ يفتك به:

- طب وبعدين؟ انا النار بتاكل فيا وكل، لا انا بجيت طايل سما ولا طايل أرض، بعد ما كنت خلاص، همسك الخير بيدي، كل راح واتسرسب كأنه هوا، اعمل ايه دليني، هنفضل ع الحال ده لحد امتى؟ 


زمت شفتيها تتقبل صياحه بهدوئها كالعادة، لتسند بمرفقها على إطار النافذة، تريح خدها على سبابتها المفرودة دون ان تنطق ببنت شفاه، لتزيد من استفزازه، فتابع بعاصفته:


- ليكون فاكراني هجعد كدة مستني كتير يا ام سند، انا مش هستريح غير لما ارسالي على حل، وبكرة تجولي سند جال.


نهض عن مقعده يضيف بانفعاله:

- البيت هحط يدي عليه، والخير اللي دفعنا فيه التمن غالي عشان نبعدو وش الفقر عنه ، برضوا هيطلع، سامعاني يا ام سند، لازم هطلعه سوا بمساعدة عيسى ولا من غيره دا كمان. 


بصق كلماته وغادر متوجهًا لغرفته، وخلفه ظلت هويدا تطالع اثره، بحيرة تفتك بها، وتفكير مستمر لهذه المعضلة التي وجدت نفسها بها، بعد تخطيط دام لأشهر، وحين أتى وقت الحصاد ذهب كل شيء ادراج الرياح، بتدبير قدري لم تحسب حسابه على الإطلاق 


❈-❈-❈


في اليوم التالي


استيقظت على لمسات حانية صغيرة تلامس وجنتيها بحنان واصوات ضحك مكتوم، مع همسات بالكاد تصل اليها لتفتح اجفانها، فتقابلها أعين صغيرها، والذي انفجر بالضحك مهللًا، وخلقه الصوت الخشن يردد بمرح :


- اهي صحيت اهي، اخيرًا يا معتز باشا صحيت.

- مامااا


ردد بها الطفل لينطلق ، مندمجًا معه، لتنهض وابتسامة اشرقت بوجهها، تخصها بصغيرها فقط، وما ان همت لتفتح له ذراعيها لتتلقاه بعناقها حتى تذكرت ما ترتديه، من منامة كاشفة وخفيفة، لتخفي نفسها تخت الغطاء على الفور ، مخاطبة لذاك الذي تبسم بتسلية لفعلها:


- مش كنت صبرت شوية على ما اغير، جايب الواد يصحيني، وانا ما لبستش حاجة عدلة 

- طب وفيها ايه؟

قالها بعدم اكتراث ليعتدل بجلسته، ويعدل وضع معتز بحجره، مرددًا ببساطة:


- ما الواد لازم يتعود ، عشان يعرف ان دا مكانك، ولا انتي شايفاه اهبل ومش هيفهم. 


تطلعت له بعبوس غاضب ، وهو يلقن صغيرها:

- من هنا ورايح هتجولي ايه؟

- بابا

قالها معتز على الفور ، قبل ان يتجه لوالدته مخاطبها لها بحروفه المنقوصة :

- ما تيلا يا ماما عايزين نفطل. 

سمعت منه لتصاب بارتباك جعلها تلتف نحو الاخر بنظرة راجية جعلته يقهقه قبل ان ينهض تاركًا لها التخت، يرد على الطفل:


- مش احنا صحيناها يا عم معتز، تعالى بجى نلعب شوية في اللعب الجديدة لحد ما تجوم تغير خلجانها، و....


توقف يجفلها بنظرة عابثة متابعًا:

- وبرضك نصبر شوية يمكن تتسبح ولا حاجة. 

بهت وجهها لتلميحه المبطن، تبادله بنظرة شرسة زادت من ابتهاجه، قبل ان يسير ذاهبًا من أمامها يردد مع صغيرها:


- ياللا بينا يا حبيبي نسيبها عشان متعوجش اكتر من كدة علينا،

توقف قبل ان يفتح باب الغرفة يرميها بآخر كلماته :

- وحياة غلاوة معتز ما تعوجي علينا ، احسن الواحد جايم مفرهد من الجوع، بايت من غير عشا بجى ما انت عارفة 


ختم بغمزة، ترافق تذكيره لها بما حدث بالأمس، لتغمغم بالكلمات الحانقة من خلفه:

- ماشي يا غازي، ان شوفتها الليلة دي تاني، بس . 


❈-❈-❈


صباح الخير يا بسيوني. 

سمع الاَخير بالتحية اثناء انشغاله، بسقي أحواض الخضرة، امام محيط منزله الهاديء، بخرطوم المياه الذي كان ممسكًا به، حين التف برأسه نحو صاحب الصوت، ليجيبه باندهاش بدا في نبرته:


- صباح الفل يا يوسف بيه، منور 


رد يوسف بفصاحته ومزاحه كالعادة:

- دا نورك يا حبيبي، انا لقيتك اتأخرت عني قولت اجي اشوفك بنفسي، عامل ايه بقى يا وحش؟


قال الأخيرة يجلس اسفل عرش الكرم، على المقعد الوحيد به، وكأنه يملك المكان، حتى تبسم له بمودة قائلًا:


- انا زين والحمد لله يا باشا، بس انت كنت عايزني في ايه عشان تاجي على ملا وشك عشان تستعجلني، رغم اني انا متأخرتش اصلا على ميعاد شغلي 


- لا يا سيدي انا مش تبع شغل غازي، انا عايزك في حاجة تانية تخصني انا ، عايزك توصلني لمشوار جنينية الفاكهة اللي روحتها المرة اللي فاتت معاك، عندي حاجات عايزة اضيفها واطمن على وجودها في الثمار،  عشان تنفع وتليق للصادرات ما انت عارف .


- ايوة يا بيه عارف 

تمتم بها بسيوني يجاريه، رغم استغرابه، قبل ان يتحرك ليغلق صنبور المياه، ثم نفض كفيه وعدل من هندام ملابسه، ليردف بعملية:


- انا جاي معاك على طول،  بس الاول اشجق حلقي بلجمتين بدل ما اروح على لحم بطني، تحب تفكر معايا يا يوسف بيه؟


تلقى الأخير دعوته بترحاب شديد:

- احب اوي، بس ياريت يبقى جبنة قديمة مع فطير مشلتت يعني لو في، اما بقى لو قرص، يبقى احلى كمان مع الشاي، هات اي حاجة وانا هاكل معاك يا حبيبي،  انا عمري ما اقول للأكل لأ.


ضحك بسيوني لتواضعه معاه ، ليشير بسبابته نحو اسفل عينيه مرددًا به:

- من عيوني الجوز، احلى فطار يلدي، والسمن الفلاحي 

وليكي عليا اعمله بتفسي .


قالها وتحرك نحو المنزل على الفور، هم ان يساله الاَخر، عنها او عن زينهم، ولكن استدرك قبل ان يخطئ بعفويته، ف انتظر يتأمل الأجواء من حوله، يتلفت يمينًا ويسارًا، مع كل همسة تهيء له خروج الاثنان من الحظيرة المكشوفة في الجانب القريب، حتى فوجئ بخروج إحدى الفتيات من المنزل، بملابس عصرية، تحمل دفاتر علميه، وحقيبة يدها، لم يعرفها في البداية حتى فوجئ بها تبتسم له وتخاطبه بجرأة عن فتيات البلدة:


- صباح الخير،  ولا نجول حمد الله ع السلامة احسن؟


تطلع لها مزبهلًا للحظات حتى تدراك ليلفظ بإسمها :

- ايه ده معقول وردة، انا معرفتكيش.

زاد اتساع ابتسامتها حتى ظهر صفي الؤلؤ لتقارعه بمرح :

- عشان نضيفة ولا بسة كويس صح؟ ع العموم دي حاجة عادية في بنات بلدنا، في البيت بنبجى حاجة،  وبرا البيت حاجة تانية خالص ، ثم انا رايحة الجامعة، كنت هروح بالجلبية يعني ولا بالعباية السودة؟ 


أومأ بكفي يديده امامها يوقفها بمزاحه:

- حيلك حيلك بس، اديني فرصة اتكلم يا ست المحامية.


قال الأخيرة بالإشارة نحو كتاب القانون الذي تمسكه بيداه، ليكمل بابتسامة عبثية هو الاخر:

- يا بنتي انا بتكلم عشان متفاجئ اديني فرصة استوعب،  بين هيئتك دلوقتي،  وهيئة ورد والحارس زينهم. 


ضحكت بذكره للاخير، لتعلق بمشاكسة:

- شكله وحشك والله، بس الصراحة يتحب، رغم انه شرس والنطح عنده غية، ع العموم انا فخورة بنفسي في الحالتين، سوا كنت محامية، او مراعية لبهايمنا وخدامة في بيتنا، اسيبك بجى عشان احصل محاضراتي. 


- تحبي اوصلك؟

قالها بعفوية اضحكتها، لتوميء مناكفة له:

- لا كتر خيرك والله، دا طريجنا وانا حافظاه اكتر من بيتنا نفسه، اجعد انت استنى الفطار ابو زبدة فلاحي،  وان حبيت تشوف زينهم ، هو في الحوش دلوك مع اصحابه، ارميله شوية برسيم بالمرة عشان يحبك ومينطحكش تاني. 


- والله. 

تمتم بها لتوميء له بابتسامة شقية، قبل ان تغادر من أمامه، ليظل عدة لحظات يراقب اثرها، بتأمل، ومشاعر لذيذة أصبحت تدغدغه من الداخل،  انها بالفعل مختلفة، ولكن هيئتها اليوم فاجأته عن حق


❈-❈-❈


في حديقة الفاكهة التي كان يتفقدها مع بسيوني، مندمجًا في شرح المهندس المسؤل عن صحة الفاكهة، والأصناف المخطط لها التصدير في الوقت القريب ، تفاجأ بالصغيرات التي جئن يهرولن نحوه، يهتفن باسمه بمرح:


- عموو يوسف.

بابتسامة بعرض وجهه فتح ذراعيه ليتلقفهم بالاحضان والقبلات، ومواعبته لهم بالكلمات المعتادة عن قصرهن بالنسبة اليه وبعض النكات، حتى انتبه للصوت النسائي من خلفهم:


- ما براحة يا شروق انتي واية، هتوسخوا هدوم عمكم. 

رفع رأسه نحوها، مع ترحيب المهندس المسؤل:


- يا اهلا يا فتنة يا هانم، نورتي الجنينة.

الصفحة التالية