رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 4 - 2 - الأربعاء 17/1/2024
قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الرابع
2
تم النشر يوم الأربعاء
17/1/2024
تقطع الغرفة ذهابًا وايابًا بقهر يفتك بها، من وقت ما اخبرتها والدتها بما وصل اليها من اخبار، كباقي اهل البلدة، عن اصابة سليمة ومحاولة قتلها، ثم علمها بالسيارة المجهزة التي اخذتها لتتلقي العلاج داخل المحافظة، بتدبير من زوجها الذي خرج وفعل كل ذلك وهي نائمة غافلة عن كل شيء، ثم عجزها الاَن عن اللحاق بهم ، بعد تحذير والدتها.وتهديد شقيقها بعدم الخروج دون علم زوجها، مقيدة بإرث العادات، لابد لها من الطاعة، لابد لها من الالتزام حتى وهي ممزقة الان بلوعة الخوف على من كانت هى الام الأقرب اليها لعدد ليس هين من السنوات،
انتبهت فجأة لصوت القدمين التي تقترب من الغرفة، لتعلم بعودته :
- ليه مجولتليش ان امي سليمة نجلوها ع المستشفى ؟
صرخت بها فور ان ولج داخل الغرفة، لتجفله بحدتها تلك وهيئتها المذرية ، باحمرار وجهها من فرط البكاء والغضب الذي جعلها تندفع نحوه متابعة بهياج:
- بتسبيني على عمايا يا غازي، وامي سليمة بين الحيا والموت؟ هان عليك تطلع بيها وتوديها على مستشفى المحافظة وانا نايمة على سريري زي البهيمة، بعدها ياجيني الخبر زي اي حد غريب، ليه بتعمل معايا كدة يا غازي؟ ليه؟ عايز تبعدني عنها وعن اي شيء يخص االي راحل.....
- بس..
هتف بها يقاطعها بحزم، ليوقف هذيانها، قبل ان يصدر ما يتسبب في جرحه منها ، وقد كانت في حالة اقرب للجنون، ليردف بصرامة:
- جبل ما تخربطي وتهلفطي بكلام مالوش عازة، انا لما طلعت ع الاتصال اللي بلغني باللي حصل، مكنتش اعرف بحالة الست سليمة، ولما وصلت للمستشفى وعرفت انها محتاجة تتنجل للمحافظة، كان لازم استعجل ومتأخرش، مكنش ينفع اتصل جبل ما اطمن عليها، فضلت ان اجي اخدك بنفسي بعد ما افهمك وانا وشي في وشك، مش بتلفون.
ردت بنظرة راجية حطمت الجزء المتبقي من غضبه نحوها :
- جلبي كان هيوجف من الخوف عليها يا غازي، كنت حاسة نفسي مربوطة بسلاسل، وشيطان بيهيألي في كل دجيجة، انها ممكن تروح زي اللي راح وانا جاعدة مكاني......
هذه المرة مقاطعته لها كانت بالعناق، بأن سحبها الى صدره تفرغ مكنون ما يجيش داخلها، من بكاء موجع الم قلبه ، ليردد بمهادنة:
- بعد الشر عليكي وعليها ، سليمة شديدة وجادرة تهزم اي شيء حتى الموت ، دلوك تشوفيها وتطمني بنفسك
لم تجيب برد من فمها، بل كان ردها بعفوية لا تقصدها، بأن شددت بذراعيها على خصره.
وكأنها وجدت حصن امانها، وكأنها كانت في انتظاره، انتظار هذا الصدر الرحب، بدفء قادر على بث الطمأنينة اليها دون جهد .
أما عنه فقد اغمض عيناه بألم يكتمه، ماذا يفعل؟ ماذا يفعل مع امرأة تهزمه دائمًا بأقل فعل منها، بنظرة واحدة، تجعل الجبل الشامخ يخر راكعًا امامها، تبًا له من عشق، هذا الذي يجعله مجردًا من كل اسلحلته ولا يملك درع دفاع واقي ضد الهجمات المباغتة منها .
❈-❈-❈
في ركن متخفي داخل المجمع التجاري الكبير، توقف خلف الزجاج يراقبها بتمعن، ينفث دخان السيجار بتفكير متعمق، يراها صيد ثمين وسهل، بهذه الشخصية الواضحة اليه كوضوح الشمس بالنسبة اليه كرجل خبير ، طاف وجال، وخاض مغامرات بعدد شعر رأسه، لم يخسر في واحدة على الإطلاق
- لسة بتدورلها على مدخل صح.
انتفض ملتفا لصاحب الصوت، والذي كان يقف خلفه تماما ، يرمقه بنظرة كاشفة، بابتسامة ساخرة تثير الدهشة، فخرج رده على الفور بإنكار:
- ايه يا عم عمر! جاي رايق انت، تحلل وترسم قصة عشان بس شوفتي ببص عليها، دي نظرة عابرة يا عم الحج، يعني اعجاب خطافي كدة، ما انت عارف بقى ، صاحبك ميقدرش يحود عينه عن واحدة حلوة
زاد اتساع الابتسامة على وجه عمر ليتحرك من أمامه خطوتين حتى سحب كرسي وقربه ليجلس مقابله قائلًا :
- عيبك يا صلاح، ان عجلك الذكي ده، لساتوا بيخونك
وبينسيك مين عمر ، تربيتك وتلميذك اللي اتفوج عليك.
- اه
تمتم بها صلاح، ليسحب هو الاخر كرسيه، يجلس أمامه بأرستقراطية واضعًا قدما فوق الأخرى، يتابع تدخين باقي سيجارته وهو يرد :
- ماشي يا سيدي، مقبولة منك، انت برضوا حبيبي وياما كلنا مع بعض عيش وملح .
ارتفعت كفي عمر يضيف على قوله:
- وأيام حلوة وفرصة العمر اللي تمت على يدك.... اينعم انا دفعت التمن جبالها، بس لا ينكر الفضل الا ندل ، وانا مش ندل عشان انسى جميلك .
ضاقت عيني صلاح بارتياب يسأله:
- مش فاهم، وضح اكتر يا عمر.
رد الأخير بحماس عارضًا:
- انا عايز ارد لك جميلك واساعدك توصل للشاغلة بالك وحاطط عينك عليها.
قال الأخيرة بإشارة نحو ما خلف اللوح الزجاجي، ليرد الاخر باستغراب وعدم تصديق:
- يا سلام، ما انت قولت ان مينفعش، وانها سكتها صعبة واهلها اصعب دا غير شخصيتها.......
- ورجعت ف كلامي يا سيدي
قولها بمقاطعة جعلت الاخر ينتبه له، حتى ومض عقله الخبيث، ليعقب بفراسة:
- واضح انك قالب ع الست او عيلتها، بدليل انك اختارت وقتك بعناية في مقابلتي وعرض خدماتك، انا طبعا مش هسألك عشان عارفك مش هتجاوب، وبصراحة مش مهتم مدام هيصب في مصلحتي، لكن المهم بقى، امان المغامرة؟
تبسم بثقة متحدثًا:
- بمساعدتي ليك، هتبجى امان الأمان.
- اشطة .
تمتم بيها لينهض عن مقعده ، عائدًا لمكانه الاول في مراقبتها، وهي تتحدث مع النادي بتعالي وتعجرف، لينفث دخان سيجاره بانتشاء
- حلو اوي، حبيبي يا عمر، والله وجتلي في الوقت المناسب.
❈-❈-❈
فتحت عينيها للنور اخيرا، بعدما تم نقلها لغرفة عادية ، وقد اطمأن الأطباء لاستقرار حالتها ، تطلعت قليلًا للسقف الأبيض حتى ثم دارت مقلتيها قي الأجواء حولها حتى اصطدمت بعينيه، جالسًا بالقرب منها، ويبادها حديثه:
- حمد الله على سلامتك يا سليمة، عاملة ايه دلوك
رمقته بصمت ثم ما لبثت ان تحيد بنظرها عنه ، ليتابع هو بأسئلته لها:
- مين اللي عملها وأذاكي يا سليمة، لو شوفتيه وعرفتيه جولي وخبرني عنه، جولي الاسم بس يا سليمة وانا كفيل به.
ظلت على صمتها ، لا تعيره أدنى اهتمام، وهو يطالعها بقلب يتمزق برجاء يخاطبها:
- معاكي حج في كل اللي تعمليه معايا، بس احنا دلوك دخلنا في الأذية يا سليمة، انتي كنتي هتموتي وانا جلبي اتخلع من محله وجت ما شوفتك سايحة في دمك، كفايانا عند يا سليمة.
عند الأخيرة رمقته بنظرة اربكته ، وكأنها ترسل باقتضاب رسالة يعلمها جيدا، تخبره عن حقارته في تركها، عن ذنبها المعلق في رقبته، دائمًا ما تنجح إيصال ما تريده دون حتى ان تنطق بحرف من شفايفها، حتى جعلته يطرق باستسلام مرددًا بخزي:
- عندك حج، وانا عارف ان معاكي الحج، انك تبصيلي النظرة ده وأكتر كمان .
- دفع الباب الغرفة فتهللت ملامحها، ليشرق وجهها على الفور بابتسامة ضخت الدماء به، لتزبح عنه شحوب المرض مع دلوف حبة قلبها، الغالي ابن الغالي محمول على ذراع والدته، زوجة ابنها الراحل، والتي ركضت نحوها فور رؤيتها مرددة بجزع:
- امي سليمة .