-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 7 - 3 - الثلاثاء 30/1/2024

  

 قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السابع

3

تم النشر يوم الثلاثاء

30/1/2024



انعطفت بخطواتها نحو الطريق المؤدي للجامعة، بعدما خرجت من محيط موقف السيارات التي تحمل الأفراد من والى البلدة، كالعادة كانت تسير بتركيز شديد ، لا تلتلف يمينا او يسارًا حتى وهي تسمع لصوت غريب خلفها ، لم تلتف على الإطلاق،  لتجيره على توقيفها باعتراض طريقها.


أعتلى الإجفال تعابيرها على الفور ، لكن سرعان ما تماسكت حينما تأكدت من هويته، ليلفها الغضب فجأة  حتى كادت ان تهتف غاضبة به، لولا ان سبقها بقوله:


- ايه بقى؟ هفضل اليوم كله انا ماشي وراكي؟

زفرت ترمقه بشعور خلط ما بين الفرح برؤيته، وما بين الضجر لجرأة فعله، ولكنه واصل بخفة ظله :


- اوعي تفهميني غلط، ولا تقولي عليا اهبل ومش مراعي سني ولا مركزي، بس انتي اللي اجبرتيني على كدة بقى، عشان بقالي ساعة ببسبسلك وانتي زي القطر في طريقك.


تخصرت تعقب على قوله:

- يا سلام، وافرض يعني مردتش ولا انتبهت من اساسه، فيها ايه يعني؟ ثم انا كمان مش بسة عشان لما حد يبسبسلي ارد عليه .


ضحك بصوت مكتوم، وقد راقته حدتها، ليعقب بمشاكسة يسألها:

- طب يعني كنتي عايزاني اندهلك باسمك مثلا في وسط الشارع، ولا اقولك يا زينهم أقرب؟


- ها ها..... ظريف

تفوهت بها تزيد من تسليته، وتزداد هي سخطًا:

- ما كفاية ضحك بجى،  وجولي انت كنت عايزني في ايه؟ عايزة احصل محاضراتي.


سحب شهيقًا كبيرًا ليتوقف عن الضحك ويتمالك صوته في الرد :

- قطري خلاص باقي عليه نص ساعة بالكتير،  وانا بصراحة كنت جاي اسلم عليكي .


- تسلم علينا انا !

صدرت منها بدهشة قابلها بابتسامة متسعة:

- قولي عليا مجنون بقى، ولا عقلي ضارب، لكن يعني هي فيها غلط مثلا ان اقفلك مخصوص عشان اسلم عليكي ولا اكلمك؟


تحركت مقلتيها بتشتت أمامه،  لا تعرف بما تجيبه، حتى اهتز كتفها بحركة بسيطة، فتجيبه ببرائة تناقض تمامًا شراستها منذ قليلًا:

- ببصراحة مش عارفة .

انها حقًا تجفله بردودها ، وتثير داخله الاهتمام لمعرفتها المزيد عنها:


- وردة هو انتي ازاي كدة؟

- ازاي كدة كيف يعني؟


رد يجيبها متكتف بذراعيه فوق صدره متمعنًا النظر بها:

- بتدهشيني دايما ، شخصية تبان قوية ومتوحشة احيانا، دا  طبعا بالتعامل مع زينهم وغيره، وشخصية تانية تجمع براءة الدنيا فيها، لا تفهم في أساليب البنات ، ولا تعرف حتى ترد على سؤال بسيط زي ده.


تجهمت وقد زادها حديثه حيرة، لترسم الجدية امامه:

- والله انا تربية اخويا، هو اللي اتولى ربايتي بعد امي ما ماتت ، يعني شغل الحريم ده هعرفه كيف وانا وجتي موزع ما بين رعايتي لبهايمنا وبين كليتي اللي بحضرها بس على وجت المحاضرة بالعافية.


- ربنا يخليك اخوكي، اللي قدر يحافظ على وردة برية زيك من أي تلوث، حتى وهي في قلب المدينة وقي عز الاختلاط بالبشر.


قالها بابتسامة توسعت بوجهه، ثم تابع وهو يتحرك على الفور متذكرًا ميعاد القطار:

- وردة انا مسافر دلوقتي عشان اشوف حالي والشغل اللي متعطل، بس اوعدك اني راجع قريب ، قريب اوي .


لوح بيده ثم اسرع ليستقل السيارة التي سوف تذهب به إلى المحطة، وتظل هي واقفة محلها تتبع اثره حتى اختفى من امامها،  لتغمغم بعدم فهم:


- طب بتوعدني انا ليه؟ ما تيجي براحتك، هو انا منعتك!


وبداخل السيارة التي كانت تقطع الطريق بسرعة كي يلحق بموعد القطار ، تلقى الاتصال الذي كان يتوقعه: ليجيب على الفور:


- ايوة يا غازي يا حبيبي، روحت قابلتها وكسرت كلامك.

- كسرت كلامي يا بارد، انا مش منبه عليك يا......

- ايوة منبه يا غازي، بس انا دلوقتي مسافر،  لكن اوعدك ان المرة الجاية مش هيبقالك حق تحوشني من الأساس ، سامعني يا صاحبي، يالا بقى سلام


انهى الاتصال واستند برأسه على النافذة ينظر إلى الخارج بحالمية، وبداخله يغمغم:

- حبيبي يا زينهم.


❈-❈-❈


وفي الناحية الأخرى 

تبسم غازي بفراسة وقد فهم ما يقصده، ليتنهد بارتياح قبل أن يعود للجلسة العائلية التي كانت تضمه وشقيقته مع زوجها وفتياته الصغار حول جدته،  وبضيافة زوجته الحبيبة،  التي لا تدخر جهدا في الترحيب بالجميع 


- كلي فاكهة يا روح واتغذي كوبس بدل ما انتي وشك اصفر كدة، شكل العيل دا هيطلعه على عينك.


عقبت روح بجزع:

- وه، وانا شكلي صح اصفر يا نادية؟ جولي يا غالية، انا بجالي كام يوم شاكة فيها دي .


- وفيها ايه لما وشك يصفر ولا يخضر حتى، مش دي برضوا شهور الوحم اللي  بيجولوا عليها ودا الطبيعي،  ولا ايه يا جدعان؟


قالها غازي بطرافة أثارت ضحك الثلاثة ، لتضيف جدته :

- لا طبعا مغلطتش يا حبيبي، دا هي اللي مجلعة، وهتعمل فيها مخضوضة،  امال لو شجيوا نص اللي شجناه احنا في شبابنا،  كان بجي منظرهم ايه بس؟


- بنتة مجلعة يا جدة ، 

قالها عارف، ليزيد من مشاكستها وهو يتناول من عنقود العنب في كفه:

- ياما كان نفسي تشتغل في الزرع زيك يا جدة، عشان تعرف ان الله حق .


- يا حبيبي، بجى جوزي ما اشتغلش ولا عزق ولا سجا زي باقي عيال عمه، جوم اشتفل انا 


قالتها بانفعال قابله بابتسامة يلاعب حاحبيه ، مما أستنفرها للرد مرة أخرى، ولكن نادية تدخلت:

- جلبك ابيض يا روح، واد عمك مبسوط بعصبيتك ، ما تخلهوش يفرح زيادة.


اضاف على قوله غازي ايضا وهو يلاعب صغاره:

- يا بت ابوي متحسهوش، دا بارد انا عارفه، ممكن يجيبلك جلطة دلوك  


قهقه عارف بالضحك عاليًا، فردت هي بزهو:

- ومين هيحسه اصلا؟ دا انا بكرة هعمل مشروعي والبلد كلها هتشهد عليه، لما اشغل معظم بنات البلد فيه.


قطب غازي يسألها باهتمام:

- مشروع ايه يا ست روح؟ ناوية تهببي ايه يا بت؟

ابتلعت بقلق تنظر لزوجها تطلب منه الدعم، ليتمتم ردًا لها بهمس:

- جولي يا ناصحة، خليه يتمجلت علي ودا المتوقع، لكن انا برضوا هكوم في لستة التعويض عليكي.


❈-❈-❈


خطا بثقة داخل المحل الشهير، والذي قد اشار عليه سابقًا  لها؛ كطعم يجتذبها به ، وكما توقع انطلت عليها الخدعة، وأتت بقدميها تنتظره الاَن 

جالسة بتعالي وعجرفة ترتشف القهوة وتقلب في الهاتف وكأنها لم تنتبه له من خلف الزجاج منذ بداية حضوره.


رائعة هذه المرأة في ادعاء عدم الاهتمام امام رجل قضى نصف عمره في جولات ومغامرات مع العديد من النساء، فاز وخسر، وخسر وفاز، حتى امتص خبرته وحفظ كل خلجة وكل همسة منهن، فما بالك بامرأة مثلها واضحة امامه وضوح الشمس، بالإضافة لما جمعه عنها من معلومات من صديقه اللدود عمر. 


خطا حتى اقترب من طاولتها ليلقي التحية وبيده يسحب احد المقاعد ليجلس دون انتظار الاستئذان منها:


- صباح الخير. تسمحيلي اقعد 

اجقلت لحركته السريعة، فبرقت عينيها امامه بشر:

- اسمحلك فين عاد؟ ما انت سحبت الكرسي وجعدت ولا اكنه مطرحك، حد جالك ان هرضى ولا اسمحلك باقتحام خصوصيتي .

الصفحة التالية