رواية جديدة وهام بها عشقًا لرانيا الخولي - الفصل 30 - 2 - الخميس 25/1/2024
قراءة رواية وهام بها عشقًا
الجزء الثاني من رواية ومجبل عالصعيد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وهام بها عشقًا
الجزء الثاني من رواية ومجبل عالصعيد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الثلاثون
2
تم النشر بتاريخ الخميس
25/1/2024
بقلب ملتاع نظرت إلى الطبيب فيبتسم تلك المرة وهو يبشرها
_ الحمد لله فاق من الغيبوبة وعدت على خير
كانت فرحتها لا توصف وعينيها تنظر إليه بسعادة وخاصة عندما بدأو بنزع الأجهزة من عليه
ظلت تحمد ربها دون إنقطاع وقد اصر الطبيب على إبقاءه في غرفة العناية تحسباً لأي ظرف
ظلت بجواره لا تفارقه حتى إنها ترجع للمنزل لتبدل ملابسها وتعود إليه مسرعة
مر يومان ولم يحرك ساكنًا مما جعل الخوف يعود إليها لكن الطبيب طمئنها بثقة
رفعوا عنه الأجهزة وبقيت المحاليل فقط
وأمر الطبيب بإخراجه من غرفة العناية ووضعه بغرفة عادية
كانت تقرأ وردها من القرآن الذي خصصته له وظلت تردد تلك الآية "وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ"
ظلت تردد تلك الآية حتى سمعت همهمة أخرى جعلتها تقبل المصحف وتضعه على الطاولة وتسرع إليه
_ مهران انت سامعني
كان يجاهد كي يرفع جفنيه لكن الإضاءة لم تسمح له بذلك
أمسكت يده لتقبلها بشوق وتمتمت برجاء
_ ارجوك رد عليا وطمني.
ضغط على يدها بوهن وكانت حركته كفيلة بجعل السعادة تعرف طريقها إلى قلبها
فأخذت تطبع قبله طويلة على جبينه وتمتمت بخفوت
_ الحمد لله الحمد لله
استطاع بعد محاولات عدة فتح عينيه وأول ما تقع عليه عيناه هي شموسها المضيئة بسعادة يغلفها حزن ورجاء
ظل يجاهد كي يبقيا مفتوحتين وينعم ولو قليلاً بدفأهما
فابتسامتها ووجها المضئ هما من عاد لأجلهما
وقد كان له ما أراد وعادت روحه تدق بقلبه من جديد
أخفض عينيه لينظر إلى جوفها الذي أمتلئ ثم عاد ينظر إليها وكأنه يسألها عن حالهما.
زادت ابتسامتها وأجابت بفرحة
_ الحمد له كلنا كويسين، بنتين.
ابتسم برحابة صدر وبدأ يرفع يده بوهن ليضعها على بطنها يتحسسه بشوق.
فتزداد ابتسامته عندما شعر بحركتهما فوضعت يدها على يده وتحدثت بوله
_ الحياة من غيرك صعبة أوي.
اسبل جفنيه ثم نظر إليها علامة على اعتذاره
تمتمت بحنق مصطنع
_ طبعًا عايز تقولي قلبظتي واوحشيتي وتبدأ عينيك تزوغ على الممرضات
أومأ لها وتمتم بصوت مبحوح
_ فعلاً تخنتي واحلويتي أكتر.
عادت ابتسامة قلبها قبل عينيها وسألته
_ بجد لسة حلوة في عينيك زي الأول
هز رأسه بتأييد وتمتم بوله
_ وأكتر بكتير.
شعرت به يغمض عينيه بنعاس فقالت
_ نام وانا هفضل جانبك ومش هسيبك.
مضى اليوم وهو في سبات وكأنه مازال يهرب من مواجهة الحياة
فقد تركت تلك الصدمات آثار لن تمحيها السنين.
لقد ظهرت حقيقته أمام نفسه بأنه ضعيف لأقصى درجة
لم يستطيع حتى حماية عائلته
ولولا تدخل رجاله لكانوا في عداد الأموات
والأدهى من ذلك هي الحقيقة المُرة بأنه كاد أن يتزوج أخته.
أخته التي عيشها في جحيمه ولم يرحمها حتى دفعها للانتحار.
اشتدت قسوة الزمن عليه وطعنته بخنجر حاد دون شفقة
لم تتركه لحظة واحدة
لكنه لم يعد مهران حبيبها بل شخص آخر غيره
إما نائمًا أو مستيقظًا لكن يظل شاردًا
أمسكت يده تخبره بوجودها لكنه يظل على حاله
طرق الباب ودلف الطبيب المتابع لحالته
_ عامل ايه دلوقت يامهران؟
تمتمت بهدوء
_ الحمد لله بخير.
بدأ الطبيب بمعاينته ثم قال بجدية
_ بقينا احسن بكتير.
اومأ له وتحدث بجدية
_ انا عايز اخرج النهاردة
_ زهقت مننا ولا أيه؟
_ لا بس انا مش برتاح لجو المستشفيات ده، في البيت هرتاح أكتر
_ تمام اللي تشوفه
عاد إلى منزله وعواصف الماضي تهب برياحها على قلب ظن لوهلة أن الدنيا تبسمت في وجهه ولم يكن يدري بأنه السكون الذي يسبق العاصفة
استلقى على فراشه ومقتطفات من الماضي تحيي ندوبه وهو ينظر إلى صورتها بمشاعر مشتتة
خرجت مهرة من غرفته بعد أن يأست من إخراجه من تلك الحالة التي لازمته منذ عودته من الغيبوبة
خرجت مرح من غرفتها فتجد مهرة واقفة تبكي أمام غرفته
تألمت لبكاءها وتقدمت منها لتربت على كتفها وتقول بتعاطف
_ وبعدين يامهرة العياط ده غلط عليكي.
مسحت مهرة دموعها وتمتمت بألم
_ مش قادرة اتحمل اكتر من كدة وانا شيفاه بيضيع مني ومش عارفة اعمله حاجة.
_ معلش كله هيعدي وهيرجع احسن من الاول بس انتي طول الوقت حسسيه بوجودك.
تطلعت إليها برجاء
_ مرح خليكي معايا انا محتجالك.
اخفضت عينيها بأسف
_ مش هقدر افضل اكتر من كدة وخصوصاً بعد جوزك ما رجع وبعدين عمر لازم يرجع للجلسات بتاعته عشان منضيعش اللي عملناه بس هكلمك كل يوم اطمن عليكي.
أومأت لها بتفاهم ونزلت إلى الاسفل كي تعد له الطعام
ظلت تفكر في سبب حالته لقد اخبرها الطبيب بأن ما يمر به ليس شئ عضوي بل صدمة نفسة تعرض لها
تذكرت ذلك اليوم في المزرعة وكيف تبدل عندما فتح تلك الورقة وعلم محتواها
دفعها فضولها لمعرفة ما تحتوية ربما حينها تستطيع مساعدته
نظرت لسامية وقالت بأمر
_ سامية سيبي اللي في ايدك وخلي حد من الرجالة يوصلك للمزرعة وادخلي المكتب هتلاقي صندوق صغير تجيبيه وتيجي على طول بس من غير ما حد ياخد باله.
اومأت لها وقالت بثقة
_ متقلقيش محدش هياخد باله.
_ تمام روحي بسرعة
اسرعت سامية بالخروج وحلم تدعوا ربها ان تمر تلك المحنة باسرع وقت ويعود إليها زوجها
انتهت من إعداد وجبته وصعدت إليه كي تقنعه بتناول طعامه
دلفت الغرفة لتجده شاردًا كعادته فدنت منه لتجلس بجواره ووضعت الطعام على ساقيها ورفعت الملعقة إلى فمه لكنه آبى وتمتم بهدوء
_ مليش نفس.
_ بس انت مأكتلش حاجة من الصبح.
لم يرد وظل على وجومه
وضعت الطعام على الطاولة ثم عادت إليه فتمسك يده وتقول بروية
_ هتفضل كدة كتير؟
لم يجيبها سوى الصمت وعينيه التي ظلت ثابتة على الفراغ أمامها لا تحرك ساكنًا
مر الوقت وهي بجواره تحدثه في اشياء كثيرة وهو وإن أجاب فيجيب باقتضاب
طرق الباب وعلمت حينها بأنها عادت
خرجت إليها وجذبتها لأحدى الغرف واغلقت الباب بإحكام وسألتها بلهفة
_ عملتي ايه؟
اخرجت سامية الصندوق من أسفل شالها وقالت
_ عملت زي ما قلتي وجبته من غير ما حد يلاحظ
اخذت الصندوق من يدها وأشارت لها بالخروج
ثم قامت بفتحه ووجدت الرسالة ففتحتها بوجل لتتفاجئ بتلك الأسطر التي كتبت بدموع تروي قصة ألم وعذاب عاشتهم تلك المرأة
شهقت بصدمة عندما وصلت لتلك الكلمات مما جعلها تضع يدها على فمها تمنع شهقتها وأخذ قلبها ينتفض بريبة
الآن فقط شعرت بما يمر به وما يشعر به من آلام
فقد مرت به لواحد وعشرون عامًا، ولهذا هي أكثر من يعلم بحالته الآن.
لكن مهلًا؛ متى علم جده بأمر الرسالة؟
وكيف عثر عليها وهي تخبره بأنها وضعتها في إطار صورتها التي يحتفظ بها داخل غرفته.
ليتها لم تطلب منه الذهاب إلى ذلك المكان
ليتها لم تلفت نظره إلى ذلك الصندوق
لكن قضي الأمر ولن ينفع الندم
طوت الورقة واعادتها لذلك الصندوق وقررت إعادته في أقرب فرصة الأهم الآن أن تظل بجواره وتحاول بقدر الإمكان إخراجه من حالة الحزن التي لازمته.
مرت الأيام وهو على نفس الحالة من الصمت
وأصبحت عاجزة أمامه لا تستطيع فعل شئ له
قررت الذهاب إلى منزل عمران المنياوي وأن ترجوهم أن يخبروها الحقيقة
هي تعلم جيدًا بأنها مازالت على قيد الحياة وأنها تعيش في كنف تلك العائلة.
هي الوحيدة التي باستطاعتها إعادته للحياة فهي عذابه الأكبر الآن
فما يعانيه ليس سوى شعور مقيت بالذنب تجاهها.
خرجت من غرفته وهي تمسح دموعها بظهر يدها
لم تعد تتحمل حالته تلك ولم يفلح أي شئ في إخراجه من تلك الحالة
وضعت يدها على جوفها الممتلئ وهي تشعر بانقباضات من شدة تأثرها بما يحدث.
فقط لو تجدها هي الوحيدة التي تستطيع اخراجه من آلامه
تحاملت على نفسها ونزلت الدرج وهي تنادي سامية كي تعد لها مشروب دافئ كي يهدئ ذلك الألم لكنها لم تجيب
دلفت المطبخ لتسمع صوتها وهي تتحدث في الهاتف فينقبض قلبها عندما سمعتها تقول
_ مفيش جديد والله ياست حلم حالته زي ما هي مفيش تحسن
_………
_ الست مهرة معاه ومش بتفارقه لحظة واحدة.
رددت مهرة اسمها من بين شفتيها بصدمة لا تصدق بأنها مازالت حقًا على قيد الحياة فدنت منها لتنتبه لها سامية وتهم بغلق الهاتف لولا تحذيرها
_ أياكي..
أشارت لها على الهاتف
_ هاتي الفون
ارتبكت سامية وتمتمت برهبة
_ دي..دي..واحدة قريبتي و…
قاطعتها مهرة بكل قوتها رغم وهنها
_ قلتلك هاتي.
بيد مرتعشه ناولتها الهاتف فتأخذه مهرة بارتعاشة مماثلة وتضعه على أذنها لتسمع صوت حلم وهي تناديها
_ سامية انتي روحتي فين
بشفاه مرتجفة نطقت مهرة اسمها
_ حلم!
شعرت حلم بالخطر وهمت بغلق الهاتف لولا رجاء مهرة الذي اوقفها
_ أبوس ايدك أوعى تقفلي مهران محتاجلك أوي.
زادت وتيرة دقاتها واهتزت نظراتها بخوف عليه وخاصة عندما تابعت ببكاء يمزق القلوب
_ ارجوكي ياحلم عشان خاطري تعالي انتي اكتر واحدة هو محتاجلها دلوقت محدش هيقدر يخرجه غيرك أرجوكي ياحلم أرجوكي.
هي لا تعرف حقيقة ما حدث له مجرد أنه يمر بحالة نفسية ولا يعرف احد سببها
عاد الحنين إليها بكل قوته وشعرت بحاجتها هي إليه كما يحتاجها هو
هو الوحيد المتبقي لها من عائلتها بعد امها
وخاصة عندما تابعت مهرة
_ مهران اتغير ومحتاجك جانبه ارجوكي ارجعي
يتبع..