-->

رواية جديدة ظلمات حصونه 2 لمنة أيمن - الفصل 30 - 1 - الثلاثاء 9/1/2024

  

قراءة رواية ظلمات حصونه الجزء الثاني 

الإنتقال من الظلمة الى النور

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية ظلمات حصونه

الجزء الثاني

الإنتقال من الظلمة الى النور

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة منة أيمن



الفصل الثلاثون

1

تم النشر يوم الثلاثاء

9/1/2024



بعد مرور أسبوعًا أستطاع أخيرًا أن يتخلص من جبيرة قدمه وذراعة، ولكنه لا يستطيع بعد أن يتحامل عليهم كثيرًا، لذلك مازال يستعين بذلك العكاز لكي يساعده على السير بشكل أفضل. 


وها هو تخلص من قيود قدمة وذراعية ولكن قيود ذاكرته لم يتخلص منها بعد، ولن يهدأ له بال إلا عندما يتذكر كل ما حدث بالضبط. 


خرج من غرفته ليجدها تقوم بتحضير الإفطار ووضع الأطباق على المائدة، وبمجرد أن رائته أعتلى وجهها إبتسامه ود مليئة بالحب، وصاحت موجهة الحديث نحوه: 


- صباح الخير. 


لا يعلم إلى متى سيظل يتألم لكونها تتعامل معه وكأن شيئًا لم يكن، وهو فى داخله متأكد إنه أرتكب ذنبًا كبيرًا فى حقها، لذلك أجابها بإقتضاب: 


- صباح النور. 


تفحصته بعينيها لتجده يرتدي ملابس خاصة بالخروج من المنزل، لتتعجب مما يرتدي وأضافت مستفسرة: 


- أنت لابس كدة ورايح على فين؟ 


أجابها وهو يجلس على أحد الكراسي الخاصة بالطاولة وأردف موضحًا: 


- كنت بفكر أروح أشوف بابا وماما. 


جلست هي الأخرى بجانبه وراقت لها الفكرة كثيرًا وهتفت بحماس: 


- فكرة حلوة أوي، أنا هفطر وأغير هدومي وأجي معاك. 


لم يكن يريد أن يُتعبها، فهو الأن يستطيع التحرك بمفرده دون نساعدة، لذلك عقب بهدوء: 


- لو مش فاضية ملوش لزوم. 


تركت الطعام من يدها ونظرت له بعمق مُحاولة إظهار ما تحمله بداخلها له مُردفة بصدق: 


- مفيش حاجة فى حياتي كلها أهم منك. 


عادت لتمسك بالكوب مرة أخرى ولكن يده أوقفتها مُممسكًا بيدها وهتف بنبرة مُترجية أكثر من كونها مستفسرة: 


- طب ما تصارحيني يا زينة وتقوليلي أنا عملت إيه؟ 


سحبت يدها منه بسرعة ونهضت عن الطاولة وهي تُردف بإلحاح: 


- يا مالك أنسى بقى أرجوك. 


نهض هو الأخر ووقف أمامه بكثير من الألم والمعاناة وحقا لا يستطيع تخطي الأمر، هو يشعر وكأن هناك حاجز ما شُيد بينهم، ولن يستطيع تجاوزه إلا عندما يعلم من أين بدأ، ليصيح بإستياء: 


- مش قادر، صورتك وأنتي منهارة وبتعيطي وبتطلبي الطلاق مني مش راضية تفارق عنيا، بيجي فى دماغي كذا منظر ليكي وأنتي بتنهاري بس مش قادر أفتكر كلام. 


صاحت هي الأخرى بألم تُحاول أن تتغادى منذ فترة طويلة ولكن على ما يبدو إنها لم تعد تستطيع التظاهر بالقوة بعد الأن، لتلمع عينها بالدموع وهي تصرخ برفض: 


- وأنا كمان مش عايزة أفتكر، اللي حصل حصل وأنا سامحتك ونفسي نعيش حياتنا بسلام أنا وأنت وأبننا. 


أمسك ذراعيها وأضاف بنبرة غير قابلة لتراجع مُستفسرًا: 


- زينة هو أحنا عملنا علاقة قبل الجواز؟ 


نظرت له بصدمة ولم تعلم بماذا تُجببه، يبدو إنه لم يعد هناك مجال لصنع الأكاذيب، ولهذا أشاحت بنظرها بعيدًا عنه، وكانت هذه بمثابة إيجابة على سؤال "مالك" الذي شعر بصدمة لتأكيدها على ما قاله بصمتها، ليردد بخذي: 


- يعني حصل! 


الأن فقط تأكد إنه فعلها، كيف تمكن من فعل هذا الشيء؟ أين كان عقله حينها؟ ولكن لحظة، كيف أقنعها بذلك! لا يمكن أن يكون أجبرها؟ نظر لها كالميت وكأن ما ستُجيبه به عن سؤاله سيُعيد له الحياة مرة أخرى: 


- كنتي موافقة ولا كان غصب عنك؟ 


بمجرد أن أنهى سؤاله أنفجرت هي بالبكاء وأنهارت جميع إدعائتها بالقوة أمام فداحة تلك الذكرة المؤلمة، وهنا أدرك هو إجابة سؤالة، ليسقط إحترامه لنفسه مع سقوط عكازه وأختل توازنه وتهاوى جالسًا على إحدى الأرائك بجانبة، وهو يتمتم بصدمة وغير تصديق: 


- يعني أنا أغتصبتك! 


نعم  لقد فعلها، لقد غدر بها وخان ثقتها به، كيف فعل هذا! كيف سمحت له أخلاقة وإنسانيته وتربيته وعشقه لها بفعل ذلك الشيء؟ الأن أدرك سبب كل تلك المشاهد التي تضرب برأسة، الأن علم إنه أحقر شخص بالعالم، لينهض مرة أخرى وهو يشعر بالحقارة من نفسة مُعقبًا بإشمئزاز وخذي: 


- أيوه صح، ده يفسر كل حاجة، جوازنا اللي تم بسرعة، حزنك المستمر، مناظر إنهيارك اللي بتيجي فى بالي، أنا أغتصبتك. 


قال جملته الأخيرة بشبه صراخ وهو يُحطم مجموعة من الزهريات الموضوعة على المنضدة بجانبة، لتدخل "زينة" مُحاولة تهدئة وهي تتحامل على دموعها خوفًا عليه مُردفة بتحذيى: 


- مالك أرجوك أهدى، كده هتأذي نفسك. 


كل ما تفعله حقا يؤلمة، يُشعره بالكراهية تجاه نفسه، يتمني لو يتمكن الأن من قتل نفسه، ليُطيح بكرسي طاولة الطعام أرضًا وهو بالكاد يستطيع الحركة صارخًا بقهر: 


- بلاش تعملي كده، بلاش تكوني كويسة كده، أنا كنت حقير معاكي وأنتي فى المقابل خايفة عليا، أنا زبالة وندل. 


كاد أن يسقط أرضًا ولنها تدخلت بسرعة وقامت بإسنادة على كتفيها، وأضافت مُحاولة التبرير له كي لا يسوء الوضع أكثر: 


- لا يا مالك، اللي حصل كان حادثة وأنا مسمحاك. 


أبعدها عنه دون المبالغة فى دفعها بل أرغم نفسه على الدعس على قدمة التي كانت مكسوة وصاح غير راضيًا عن نفسه: 


- بس أنا مش مسامح نفسي. 


صمت قليلًا وتخيلات كثيرة تضرب برأسه، كيف كانت تبدو وهو يفعل بها ذلك الشيء؟ بالطبع كانت تتوسل له ألا يفعل هذا، كانت تبكي وترتعد، كانت تبكي خوفًا وندمًا، كيف تحملت ذلك الألم! كيف أستطاعت مسامحته، لينظر لها بندم شديد وصاح بقهر: 


- إزاي قادرة تعيشي معايا! إزاي قادرة تبصي فى وشي؟ إزاي قادرة تعامليني كويس وأنا أستاهل الموت؟ 


وضعت يدها على وجهه وحاولت التخفيف عنه وإقناعة بإنها تناست الأمر ودافعت عنه بأكثر سبب مقنع وجدته لديها مُردفة بصدق: 


- عشان أنا بحبك. 


سحب وجهه بعيدًا عنها ولم تمنحه كلماتها سوا الكثير من الغضب والكراهية تجاة نفسه، وبدأ فى تحطيم كل ما تسقط عليه عينية صارخًا بغضب: 


- لا، أنا مستهلش، أكرهيني يا زينة، أنا مجرم وحقير، إزاي قدرت أعمل كده إزاي! إزاي؟ 


لم يستطيع تحمل كل ذلك الضغط مرة واحدة، لذلك لم يجد أمامه سواء الأستسلام لذلك الظلام الذي أحتل بُنيتيه، وبالفعل خارت قواه وأُطيح جسده أرضًا بثبات، ربما يكون هذا الموت الذي يستحقة. 


بينما رقضت هي عليه بلهفة وألقت بنفسها أرضًا بجانبه للإطمئنان عليه صارخة بهلع: 


- مالـك. 


❈-❈-❈ 


فتحت عينيها بثقل مُحاولة التعود على ذلك الضوء الذي يصطع بالغرفة بأكملها، وبمجرد إستطاعتها على فتحها، رأته مُتسطح بجانبها ولا يفعل شيء سواء متابعة ملامحها الساكنة بهيمنة، لتبتسم له بخفة مُردفة بهدوء: 


- صباح الخير. 


أبتسمت لها عينيه قبل شفتيه وهو يقترب من وجنتها طابعًا قبلة حارة مُردفًا بعشق: 


- الخير بس! ده صباح الخير والهنا والفل والياسمين وكل حاجة حلوه فى الدنيا عشان أنتي جمبي. 


أبتسمت بإعجاب على تلك النبرة العاشقة التي تجربها لأول مرة في حياتها، يا له من شعورًا رائع حقا، ولكن لا يمكنها أن تستسلم لتلك المغازلات وإلا سيمر أسبوعًا أخر دون ذهابها إلى العمل بفضل ما يفعله بها كل صباحًا ومساء، عليهم أخذ هُدنة، لتحاول إخراجة من تلك الأجواء مُردفة بمرح: 


- لا لا وحيات أبوك بلاش الدلع ده لحسن أتعود. 


أقترب منها مرة أخرى والرغبة تلمع فى زرقاوتيه وهو يُضيف بثقة: 


- منا عايزك تتعودي، أنا أصلا هخليكي أنثى أفسدها الدلال


❈-❈-❈


ضحكت من قلبها على جملته، ولكن قاطعها صوت همهمات طفلهما المنزعج والذي على ما يبدو إنه جائغ، لتنظر مرة أخرى نحو "جواد" مُردفة بمشاكسة:


- طب ما تقوم تدي أبنك شوية من الدلال ده لحد ما أقوم أغسل وشي وأفوق كده.


طبع قبلة خافتة على وجهها وهو يُردد بإنصياغ:


- بس كده! أنتي تأمري.


نهض من الفراش وقام بحمل رضيعهم وإسكاته عن البكاء، ووجد بجانبة زجاجة الحليب الخاصة بإرضاعة، بينما هي ذهبت إلى المرحاض وقامت بأخذ حمامًا سريع وخرجت لتبدل ملابسها، وعندما عادت وجدت "جواد" يلعب مع طفلهما، وتولت هي مهمة تغير ملابس الطفل، بينما ذهب "جواد" هو الأخر لأخذ حمامًا وتبديل ملابسة.


هبط كلاهما الدرج بينما كانت "ديانة" تحمل "نور" داخل حضنها وصاح كلاهما موجهان الحديث إلى والدايهم بهدوء:


- صباح الخير.


بادلتهم "لبنى" التحية وهم يجلسوا جميعهم حول مائدة الطعام لتناول الإفطار:


- صباح النور يا حبايبي.


هتف "هاشم" موجهًا حديثه نحو كلاهما مُذكرًا إياهم بأعمال اليوم قائلًا:


- عندنا إجتماع مهم النهاردة مع المستثمرين.


أجابته "ديانة" مُخبرة إياه عن علمها بالأمر وإستعدادها له مُردفة بتوضيح:


- أنا خلصت كل الورق اللي حضرتك طلبته مني.


تدخل "جواد" هو الأخر بالحديث مُطمئنًا والده عن سير العمل بأفضل طريقة وأن كل شيء على ما يرام مُردفًا بثقة:


- وأنا درست الموقع ومستنين قرارك ببدأ التنفيذ.


أومأ "هاشم" لكلاهما بموافقة مإعجاب من جديتهم فى العمل مُردفًا بفخر:


- طب كويس جدًا، وأنا هراجع كل ده النهاردة مع الوكيل بتاعهم.


صدح صوت رنين "هاشم" مُعلنًا عن وجود إتصالًا، ليُخرج هاتفة ليجده إتصالًا من المشفى وسريعًا فتح المكالمة مُردفة بترحيب:


- أهلا يا دكتور محمد.


قابله الشخص الأخر على الهاتف بنبرة ليست مُطمئنة مُردفًا بتوضيح:


- أهلا بيك يا هاشم بيه، كنت عايز أقابل حضرتك النهاردة فى المستشفى ضروري.


شعر "هاشم" بقليل من القلق وهتفت مُتستفسرًا بريبة:


- خير يا دكتور!


أجابه الطبيب بأسى ويأس:


- للأسف مش خير يا هاشم بيه.


أزداد القلق لدى "هاشم" وصاح مُستفسرًا بأول شيء طرق في راسه مُستفسرًا بحزن:


- هناء حصلها حاجة؟


هنا أستطاع لفت إنتباه الجميع وعلى رأسهم "جواد" الذي قشعر بدنه بمجرد ذكر إسمها وفكرة إنها يمكن أن يكون حدث لها شيء، ولكنه لم يُظر هذا لأحد وأصطنع عدم الإستماع، بينما أجاب الطبيب على "هاشم" مُردفًا بتوضيح:


- لحد دلوقتي لسه، لما حضرتك تيجي هفهمك كل حاجة.


وافقة "هاشم" وأخبره بذلك مُردفًا بإزعان:


- تمام هعدي عليك النهاردة بليل.


قابله الطبيب بود:


- فى إنتظار حضرتك.


أغلق "هاشم" المكالمة وتغيرت تقاسيم وجهه بالكامل، بينما "جواد" لايزال يتابع ما يحدث فى صمت وبداخله يشعر ببعضًا من التوتر الذي لا يعلم سببه، وكان "ديانة" ملاحظة كل ما يحدث له، ليقطع هذا الشد العصبي صوت "لبنى" موجهة حديثها نحو "هاشم" مستفسرة:


- فيه إيه يا هاشم؟


الصفحة التالية