-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 2 - 1 - الخميس 7/1/2024

  

 قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثاني

1

تم النشر يوم الخميس

11/1/2024



دلفت بخطواتها المسرعة الى داخل الغرفة،  تجفل ابنها الذي ارتفعت ابصاره عن الهاتف غريزيًا يتابعها فور ولوجها اليه، قبل ان تخاطبه بتحفز:


- واد يا مالك، عايزاك تستنى الراجل ده، واول ما تشوفوا تطلب منه يجيب ٢٠٠ جنيه جسط الهدوم، ولا هو بلط ومش ناوي يدفع وهيفضل في التناحة دي كدة على طول، انا معنديش مرارة .


ترك الأخير هاتفه ليعطيها انتباهه بالكامل، حتى اذا انتهت عقب ببرود يتصنعه:


- وانا مالي، ما تروحي تكلميه بنفسك، واطلبي اللي انتي عايزاه ولا كمان لسة محرباه؟


ردت والدته بانفعال ظاهر:

- ايوة لسة محرباه، وعمر ما هكلمه بعد عملته السودة اللي عملها معايا، ولا فاكرني هنسى واعدي، لا يا حبيبي ابوك لازم هو اللي يصالح.


تبسم مالك بسخرية تخلو من المرح، قبل ان يتابع بجدية:

- ودا على اساس انه لسة فاكر اصلا ولا حاطط في باله، ما تصحي ياما من وهمك، انتي بتبعدي وجوزك بايع اصلا، يعني ما صدج. 


- بس يا مالك، متزودهاش، انا فيا اللي مكفيني،  

هدرت به بعدم تحمل، لتفرك بكفيها امامه وحقد يقطر مع كلمة تخرج منها:

- طول عمري عارفة انه جليل اصل، بس مكنتش اتصور انه هيجي اليوم اللي يغدر بيا انا ، انا اللي كنت محاوطة عليه، ومخلياه يلف حوالين نفسه، دلوك عايز يرجع للي تركها ورماها عشاني، لا وبيمد يده عليا جدامها؟ عايز ينصرها علي


التوى ثغر مالك، ليشيح بوجهه للجهة الأخرى بعدم رضا مما اثار حفيظتها، لتهدر به:

- خبر ايه يا واد؟ ليكون مش عاجبك الكلام كمان؟ اه امال ايه؟ ما انت حرنان ومش عاجبك حد، تسيب امك الهبلة تهذي وتنكت في نفسيها. ما انت نفسك بتروح تدلدل عندهم، فاكرها هتورثك انت كمان بخبالك ده. 


سمع منها والتفت رأسه مرة أخرى نحوها بجمود اصبح يثير اندهاشها، حتى خرج صوته بالرد لها:


- بجولك ايه ياما، بدل ما انتي عمالة تحركي وتفركي كدة من غير فايدة، ما تحاولي تشوفيلك صرفة معاه الراجل ده، افتكري كنتي بتبفليه ازاي، يمكن تعرفي تحاوطي ع اللي باجي منه، جوزك بيعاندنا يا ام مالك، لو كان ماشي على نفس طبيعته معاكي كان زمانا دلوك هناك في البيت الكبير،  بعد سند وعيسى ما سبوها  ورجعوا على بلادهم،  احنا كدة لا طولنا بلح الشام وعلى عنب اليمن .


اجفلها عن حق بجديته، وهذه النبرة الحازمة في توجيه الامر، وكأنه ازداد في عمره سنوات فوق السنوات. حتى انها تلجلجت متأثرة في الرد:


- ويعني حد جالك ان معملتش زي ما بتجول، هو اللي شارد واكنها المحروسة دوكها سحرتله ولا عملته عمل يكرهو فيا، انا متأكدة منها دي.


- يعني سيباه العمر دا كله، وهتيجي دلوك تفتكر تعمله عمل يرجعه ليها؟ بجولك ايه ياما، روحي وشوفي وراكي ايه، انا مصدع وعايز انام، اطلعي 


هتف بها سخط ارتسم جليا على ملامحه، وقد أصابه اليأس من تعنت تفكيرها في رفض الحقيقية،  ان زوجها قد زهد منها بالفعل، مكررا نفس ما فعله بضرتها قديما ، يذيقها من نفس الكأس الذي اذاقت به غيرها.


❈-❈-❈


توقف بسيارته على جانب الطريق بمجرد ان لمح طيفها، وهي تخرج من مركز التحاليل الوحيد بالقرية ، تخرج بملوكية تجذب الانظار نحوها بدون تكلف،  تتبادل الابتسام مع شقيقة الملعون زوجها بوجه مشرق ينافس البدر في ضيائه:


تخطته وتخطت ايام الصبر في انتظاره، كيف استطاعت فعلها وهو نفسه لم يقدر؟ برغم كل ما يفلعه ، تبا لها، ليته امتلك خصلة الجنون، ليركض نحوها الاَن ويوقف السيارة التي تستقلها ليفتعل لها فضيحة ربما ساهمت في انفصالها من الاخر ، حتى يطفئ نيران صدره المشتعل منها. 


زفر بيأس يعود من هذيان افكاره،  ليترجل من سيارته  وقدميه تقوده نحو مركز التحاليل، بعد مغادرتها له، بفضول يستبد به، من أجل المعرفة.


حتى اذا وصل دالفًا بأناقته، يلفت انظار الجميع اليه، تحدث مع العاملات المنبهرات به،

- صباح الخير، الدكتورة مروة صاحبة المكان موجودة ولا في اللي يسد عنيها ويسحب التحاليل بنفسه؟


ردت احداهن بلهفة:

- في امال ايه، دا في المركز، هنا عندنا احسن الكفاءات في سحب العينات والتحليل الدقيق، جول حضرتك عاوز ايه، واحنا تحت امرك  


- لا ما هو مش انا اللي هسحب، انا كنت جاي اخد فكرة جبل ما اجيب المدام،  بس انا فعلا منبهر من المستوى،  المركز اتطور، لدرجة انه مليان بالبشر زي ما انا شايف ، ومن كل الفئات، دا انا شايف كمان عربيات اخر موديل مركونة برا .


هتفت الفتاة الأولى بلهفة موضحة:

- ايوة دا الست روح الدهشان وبت عمها، اصلهم عجبال عن السامعين، تحاليلها طلعت ايجابية وحامل ما شاء الله.


- حامل! مين هي اللي حامل؟

سألها مضيقًا حاجبيه، رافضًا التصديق بما وصل اليه ظنه، لتزيد عليه الفتاة بتأكيد:


- بجولك روح الدهشان يا سعادة البيه، دي حتى الفرحة مش سيعاها، هي وبت عمها اللي رجت المركز بالزغاريط. 


❈-❈-❈


آه منها دي العيون، قلبوا حالي يابا

كنت مالي يابا بالهوى وعذاب لياليه

آه لففوني الكون دوخوني يابا

سهروني (يابا) كنت يعني أنا هعمل إيه؟

آه منها دي العيون، قلبوا حالي يابا

كنت مالي (يا با) بالهوى وعذاب لياليه

آه لففوني الكون دوخوني يابا

سهروني (يا با) كنت يعني أنا هعمل إيه؟


كان يدندن بها وهو يتأنق أمام المرأة، بكلمات مقصودة نحو تلك التي ترتب الفراش من خلفه، تدعي التجاهل، ليكن لها بالمرصاد، متابعًا انعكاس صورتها امامها، حتى اذا رفعت رأسها بغفلة رمقها بغمزة من طرف عينيه، اغاظتها، لتعود لما تعمل عليه، تغمغم بالكلمات الحانقة، فتزداد اتساع ابتسامته ، ليعود بالدندنة مرة أخرى، غير عابئًا بالوقت ولا بما تنتظره من شئون هامة اهملها طوال الفترة الماضية، وقد مر على زواجه بها أكثر من شهر، وأيام من العسل لا يذكر عددها.


يناكفها وتناكفه، حتى وان يلتمس منها الجفاء في معظم الاوقات، ولكن دائمًا ما ينجح بحنكته في ان ينفذ اليها، طيبة المعشر وسهلة التعامل حتى وهي في اوج غضبها ، حبيبة عمره التي اعادت لروحه الحياة .


- نااادية، ايه رأيك في الجلبية الجديدة

رفعت رأسها على النداء لتزم شفتيها بحنق طفولي ودلال لا تدعيه، قبل ان تتحفه برأيها:


-- زينة

تبسم بتسلية، ليستمر في تمشيط شعر رأسه، ثم ينثر بعطره النفاذ على جلبابه بكثافة اجبرتها على الانتباه، لتحرك رأسها بعد ذلك بيأس، تكمل عملها، حتى اذا انتهت لتذهب بالشراشف الاتي بدلتها نحو سلة الملابس في جانب الغرفة، صدرت شهقة الإجفال منها وما تمسكه بيداها قد سقط على الأرض، بعدما باغتها برفعها بذراع واحد يضمها اليه، 


- نزلني يا غازي ، ايه شغل العيال ده؟

تبسم بتسلية يشدد على الجسد الغض، مستمتعًا باعتراضها:

- وماله شغل العيال، وهو في احلى منه، ولا انتي عشان جصيرة ومجياش في ربع جوزك كدة.


- انا اللي جصيرة برضوا؟ لا يا حبيبي انا طولي طبيعي، انت اللي طولك مخالف عن الناس.

صدرت منها بعفوية دون انتباه، ورغم سعادته باللفظ الذي سقط سهوا منها، الا أنه فضل عدم التركيز عليه، حتى لا تصدمه بالتوضيح، ليردف بعدها بمشاكسة لا تخلو من الغزل:

- يعني عايزة تطلعيني مش طبيعي عشان بس تنفي عنك تهمة الجصر، مع ان دا أحلى حاجة فيكي، وانا شايلك كدة وانتي زي البت الصغيرة، وبتأمل في جوز العيون اللي مرسومة رباني، سبحان من أبدع.


يربكها، بل يشتتها ويبعثر كيانها، في كل مرة يهاجم ويصل الى ما يبتغيه، تبًا له، انه دائما ما يغلبها بمكره، مهما اعترضت، او اظهرت من احتجاج. 


ابتلعت تسبل اهدابها بخفر، امام بحر عينيه القاتم، تشعر انه سيبتلعها بداخله. وهي تريد الهرب ولكنه لا يترك لها فرصة، 


صمتت تتقبل عناقه وقد لف ذراعه الأخرى حولها، ليدفن وجهه في تجويف عنقها، يستنشق عبيرها، متمتمًا بتأوه:


- اه يا نجمة غازي، وروحه اللي ردت بيكي، ربي ما يحرمني منك ابدا،


الصفحة التالية