رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 29 - 1 الأحد 7/1/2024
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل التاسع والعشرون
1
تم النشر يوم الأحد
7/1/2024
نأى بنفسه بغرفة المكتب الخاصة بعمه بعد تلك المشادة الكلامية بينه وبين أخته الصغرى وأختار أن لا يعقب على حديثها الذي آلمه وأكتفى بلحظتها بالنظر لها نظرة تخاذل وتركهم متوجها للمكتب، وها هو لا زال هناك حتى بعد مرور ما يقرب من الساعتين.
اختارت ياسمين أن تتركه بمفرده بتلك اللحظة وهي تعلم ما قد تجابهه إن ما تدخلت بالحديث أو حاولت أن تلطف الاجواء فآثرت على تركه حتى يهدأ من تلقاء نفسه كما اختار البقية من عائلته نفس الموقف وجلسوا بالبهو يتحدثون لما آلت اليه الأمور.
نظر مراد لتلك التي لم تكف عن البكاء منذ شجارها المزعوم وسحبها ليجلسها بجواره وبدأ حديثه معها مربتا على ظهرها بحنان:
-اهدي يا چنى وكل شيئ له حل.
رفعت وجهها ترمقه بنظراتها الحزينة وتكملت وغصة بكائها لا تزال عالقة بحلقها:
-هتقولي اصبري لما فارس يهدى وهيغير رأيه بس يا أونكل مامي معندهاش وقت والتحقيقات شغاله ومحبوسه على ذمة القضية.
رد مراد مهدئا صوته بعد أن أزعجه نبرة صوتها العالي:
-كده كده النيابه بتوكل محامي من عندها لو المتهم معهوش محامي ف...
قاطعته مندهشة من حديثه:
-هو حضرتك عايز مامي تحضر مع محامي درجة تالته عشان يجيب لها اعدام!
زفر بأنفاسه بعد أن يأس من تهدأتها وتكلم أخيرا:
-أنا عارف إن الوضع كله صعب بس انتي ضاغطه على فارس جامد اوي وكمان بتتهميه بحاجات محصلتش، وقت مدحت ما دخل السجن فارس فضل واقف معاه ووكله أكبر فريق محامين لحد ما...
عات لمقاطعته من جديد:
-لحد ما خد حكم ب10 سنين ودلوقتي مطلوب مني أسكت لحد ما مامي تاخد حكم زيه او اكبر منه بحكم أن معهاش فريق المحامين اللي حضرتك بتتكلم عنه.
تدخل مازن بنهاية حديثها:
-كلنا كنا هناك وشوفنا اللي حصل يا چنى، وأنتي نفسك شوفتي مامتك بتعمل ايه وكلامها مع فارس ومحاولاتها إنها تشككه في نسبه وعيزاه بعد كل ده...
هنا رفع مراد حاجبه ولم يستطع أن يتكهن عن أي شيئ يتحدث ابنه، ولكنه كان قد استمع لدينا وهي تقص عليه حديث فريدة المهترئ وقت القبض عليها واتهامها لفارس أنه أراد لها السجن هي وابيه المزعوم:
-ايه حكاية النسب دي؟ ودينا برده قالت لي كلام شبه كده!
انتبه مازن لما ألقاه على مسامع والديه واضطر ان يخبرهما بما علمه:
-فريدة هانم كدبت على فارس وقالت له إن عمي مدحت هو ابوه وإن عمي ماهر الله يرحمه كان عارف وساكت وفارس اضطر ينبش قبره عشان يعمل تحليل اثبات نسب عشان يتأكد.
بالطبع وﻷنهما طبيبين فقد تحدثا تباعا واحدهما يعقب على الآخر:
-اصلا فارس لو عمل تحليل ﻷي عينه مني أو من مدحت هتطلع فيها تطابق لأننا أخوات.
وأضافت دينا موضحة:
-وعشان يتأكد لازم يقارن بين النسب وساعتها يتأكد انهي منهم هو ابوه الحقيقي.
أومأ مازن وقد اضطر أن يفشي سر رفيق دربه وﻷول مرة بحياته:
-هو عمل كده فعلا، قارن بين عينة ماهر الفهد ومدحت الفهد وطلع ابن ماهر، فتفكر بقى يا بابا كان غرض فريدة هانم ايه من الكدبه دي غير انها تدمر فارس اكتر واكتر.
بكت چنى ووضعت وجهها داخل راحتيها وهو يضيف:
-وبعد كل ده مطلوب منه يقف جنبها عشان اخواته ميزعلوش منه وهي قتلت أعز انسانه على قلبه، انتوا بتضغطوا عليه لحد ما هيجراله حاجه وكلنا عارفين الازمات الصحية اللي كل شويه يعدي بيها.
نظر لها ومسح عبراتها بأنامله وهو يؤكد:
-لو بتخافي عليا عشان ممكن في اي وقت المرض يرد في جسمي وساعتها ممكن امو....
قاطعته دينا صارخة:
-بعد الشر يا حبيبي بلاش تقول كده و توجع قلبي عليك.
زفر وأكمل حديثه:
-اللي أقصده انها بتخاف تزعلني عشان متعبش مع اني خفيت وفرصة رجوع المرض لجسمي في علم الغيب فالأولى انها تخاف على فارس اللي مش بيلحق يفوق وتعبه وصل لمراحل خطر وكلنا بنشوف حالته بتبقى عامله ازاي لما بيتعب.
وقفت رافضة ﻷي حديث من ثلاثتهم وهتفت بتأكيد:
-انا لا عايزه ازعله ولا بفكر حتى اخالف اوامره، ممكن يطلب مننا منزرهاش او نقف جنبها او حتى نتعاطف معاها، لكن مش من حقه يمنعنا اننا نوكل محامين يدافعوا عنها.
تحركت من أمامهم وهي تنهي حديثها:
-انا هتفق مع اكبر مكتب محاماه في البلد عشان مامي وهو حر لو اختياره انه يقاطعنا او يعادينا زي ما بيقول، وعلى فكره ده مش رأيي لوحدي ده رأي ميار وساهر كمان فخليه بقى على رأيه واحنا التلاته على رأينا.
❈-❈-❈
انتهت اخيرا من تحميم صغيريها وإطعامهما ووضعتهما بفراشهما اخيرا بعد أن غفيا بالنوم ودلفت المرحاض لتغتسل هي الأخرى بعد أن لعبت معهما بالمياة فتبللت، وخرجت تتزين محاولة منها لإخفاء اسمرار ما تحت عينيها وشحوب وجهها الظاهر والذي تعجبت له لمجرد وقوعها بغيبوبة ليومين، وكم نحف جسدها بهما بشكل أثار حيرتها.
نزلت الدرج بعد أن وضعت مئزر محتشم عليها لتبحث عنه فوجدت كل من دينا ومراد لا يزالا بالبهو يتحدثان بشأن الأمور التي حدثت ومازن جالسا بركن مظلم بمفرده يتابع اعماله على جهازه اللوحي، وچنى لا أثر لها بينهم.
ابتسمت لمراد ودينا التي وقفت تمسح على كتفها تخبرها بمكانه:
-فارس لسه في المكتب يا بنتي، ادخليله يمكن يكون هدى وأنا ومراد هندخل ننام دلوقتي ونبقى نتكلم معاه الصبح يكون راء شويه عشان يتقبل مننا الكلام.
أومأت لها وتحركت هي لداخل المكتب فوجدته ينظر بحاسوبه ويحرك أنامله على أزراره فتنحنحت حتى ينتبه لها فابعد وجهه عن شاشة الحاسوب وخلع نظارته مبتسما لها وهو يبتعد بمقعده قليلا عن المكتب ليسمح لها بالجلوس على فخذيه كما اعتادا؛ ففعلت دون أن تصدر أي صوت وبدأت بمداعبة شعره وعنقه بأناملها فتنهد هو عميقا واستمع لصوتها المنخفض وهي تحدثه وفمها قريبا من عنقه حد الألتصاق:
-مش هتطلع تنام؟
رد راسما بسمة مزيفة على وجهه:
-شويه بس وقت التداول في البورصه قرب يقفل.
رفعت حاجبها ونظرت له بتدقيق:
-أظن شغل البورصه ده من اختصاص مازن وأنا شيفاه قاعد بره ومركز في التابلت.
أطرق رأسه يتحاشى النظر لها بعد أن تأكد أنها اكتشفت أمره؛ فرفعت هي وجهه بسبابتها ونظرت بعمق عينيه وانحنت تقبله قبلة شغوفة وعميقة تجاوب هو معها على الفور وابتعدت فقط لتتنفس وعادت تقبله من جديد من عنقه فدبت القشعريرة بكل جسده وابتلع ريقه وأبعدها يتهرب مما تحاول أن تجعله ينخرط به:
-سلطانه، احنا مش في بيتنا.
لم تأبه بحديثه وأصرت على ما تفعله به وعمقت من قبلاتها بطول عنقه وهي تتمتم هامسة:
-هو أنا موحشتكش؟
رد مؤكدا ومحكما ذراعيه حول جسدها بعد أن عدل من وضعية جلوسها فأصبحت تحاوط خصرت بساقيها:
-وحشتيني طبعا بس خايف عليكي تتعبي وغير كده أحنا ضيوف هنا ومش هينفع ناخد راحتنا والولاد معانا في نفس الجناح.
رسمت الحزن على وجهها وتدللت بشكل أثاره كليا:
-انا خلاص نيمت الولاد و بعدين انت وحشتني اوي يا فروستي.