رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 30 - 1 السبت 20/1/2024
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثلاثون
1
تم النشر يوم السبت
20/1/2024
❈-❈-❈
ظلت طوال الليل جالسة بالغرفة التي خصصتها لها توأمتها تفكر ببال مشغول وهي ﻷول مرة تشعر بالتخبط هكذا، هل لأنها وﻷول مرة تشعر بذلك الوغز الذي يخترق صدرها أم ﻷنها تعلم حقيقة أن تلك المعادلة خاطئة من البداية.
هداها عقلها لتذكر ما مرت به منذ أن تعرفت على مازن الفهد وكم تألمت معه حتى اتخذت قرارها بالنهاية للإنفصال عنه، وحقا لا تعلم ما آلمها أكثر هل مجرد الإنفصال بحد ذاته أم عدم محاربته من أجلها كما فعل فارس مع ابنة عمها وحارب العالم فقط ليجتمع بها.
تذكرت رفضها الإرتباط بزوجها السابق وكم الضغط الذي تعرضت له من الجميع وهم يتخيلون أنهم يساعدوها على نسيان حبها الأول، ولكنهم أخطأوا بحقها بشدة كما أخطأت هي بحق نفسها عندما تقبلت إصرارهم عليها بإتمام تلك الزيجة التي لم تكن متكافئة بكل المقاييس.
ظلت تتذكر حالها وحاولت عصر رأسها لتتذكر أي لحظة رومانسية شعرت فيها بالحب أو العشق الخالص تجاه مالك كما شعرت برفقة مازن فأنبت نفسها لعدم تخطيها مشاعرها له حتى بعد زواجها وتأكدها أنها فعلا لم تكن أي مشاعر تجاه مالك بأي شكل كان، ولكنها الآن تكن له فقط مشاعر الكره الخالص.
وها هي وبعد مرور ما يقرب من الستة أشهر من مأساتها الأخيرة بسبب الندل أنس تحاول أن تعود لنفسها لتجد حالتها المتخبطة تلك مع يزن الذي يصر على إظهار مشاعره الصريحة لها.
انتبهت لحلول الصباح وهي لم تذق طعم النوم قلقة بشأن ما قاله قبل أن تغادر غرفته بالمشفى وخصوصا بشكله المتعب والمتعرق وتقيئه الشديد الذي بحثت عن سببه بالانترنت فعلمت أن الألم القاتل فقط هو ما يسبب التقيئ.
استمعت لصوت توأمتها بالخارج وهي تتحدث مع المربية وتعطيها التعليمات الخاصة بطعام الصغير فارس فتصنعت النوم تغطي جسدها حتى رأسها بغطاء الفراش وظلت تتنفس بهدوء مصطنع.
طرقت شيرين الباب ودلفت فوجدتها نائمة فجلست بجوارها تربت على كتفها لتوقظها:
-نرمين، اصحي.
تصنعت الخمول وفتحت عينيها متسائلة:
-هي الساعة كام؟
أجابتها توأمتها:
-6 ونص، يلا لو جايه معايا المستشفى.
جعدت جبينها وسألتها:
-بدري كده؟ وبعدين لما أنا وأنتي وساجد وآسر هنكون في المستشفى، مين هيستقبل الوفد النيچيري اللي جاي؟
هتفت شيرين وهي تهم بالخروج:
-يا بنتي هنروح كلنا بس نطمن على يزن الاول، اخلصي يا نرمو احسن يدخل العمليات قبل ما نوصل.
ارتدت ملابسها وتحركت رفقة توأمتها فوجدت الجميع بحالة تأهب قصوى حتى ابنة عمها التي ربما لم تخف امتعاضها وكرهها لابني مروان، ولكنها وجدتها تجلس بجوار زوجها يظهر عليها القلق.
فور أن لمحتها ياسمين تحركت من جوار زوجها ووقفت معها تهمس لها الأولى:
-انتوا هنا من امبارح؟
أومأت مؤكدة:
-بعد ما مشيتي انتي وشيري تعب تاني وفارس فضل معاه.
هزت نرمين رأسها بحيرة:
-أول مره أعرف إن وجع الكلى صعب كده؟
أكدت عليها ياسمين:
-بيقولوا أكبر ألم بعد ألم الولادة.
اقتربت شيرين تهمس بأذن توأمتها:
-نرمو، يزن داخل العلمليات خلاص مش هتيجي تسلمي عليه؟
زمت شفتيها للأمام وأومأت وتحركت معها صوب غرفته فوجدته يرتدي المريول الأخضر الخاص بالعمليات وكل من مازن وفارس وأخيه يقفون بجواره ومازن يمزح معه كعادته:
-السكراب تحفه عليك يا يزن بس شفاف ومبين المسائل.
دفعه فارس ينبهه بمرفقه فور أن لمح نرمين وقام يزن بتخبئة جزعه بغطاء الفراش فورا فابتلعت ريقها بحرج واقتربت منه تبتسم له برقه:
-ربنا يقومك بالسلامه.
اتسعت بسمته ولمعت عينيه فلاحظه فارس الذي ابتسم بداخله لما يراه من مشاعر متبادلة تحدث أمامه وغمز لمازن وآسر ليتبعاه خارج الغرفة فخرجا معه وسط تجهم وجه مازن الشديد وضغطه على أسنانه، ومن حسن حظه أن أحدا لم ينتبه لردة فعله تلك.
اقتربت نرمين أكثر وهي لا تجد كلمات تقولها له فاختلقت حديث عن العمل:
-الميتنج هحضره أنا وساجد متقلقش، هنخلص كل حاجه زي ما حضرتك عايزها.
غمز لها معقبا:
-هو ده وقت الكلام فـ الشغل؟
تحرجت وأومأت بعد أن أطرقت رأسها:
-معاك حق، ربنا يطمنا عليك الأول.
سألها وهو يجاهد الألم الذي غزا كيانه:
-قلقانه عليا كـ يزن ولا يزن بيه مديرك؟
عضت شفتها السفلى متوترة وتكلمت بتلعثم:
-ممكن بلاش نتكلم الكلام ده؟ حضرتك عارف....
قاطعها مرددا كلمتها بضيق:
-حضرتك؟! يبقى رجعنا للرسميات مش كده؟
حاولت أن تسعل لتزيل حشرجة صوتها وتكلمت بصوت مبحوح متأثرة بخجلها ورغبتها الهروب من ذلك الموقف:
-احنا مكناش سيبنا الرسميات عشان نرجع لها يا يزن بيه، حضرتك دايما بتفترض حاجات لمجرد رد فعل أو كلمه عاديه أو تصرف تلقائي مني وأنا...
أشار لها براحته ليوقفها عن استكمال إيلامه بحديثها وجعد وجهه متألما ومخرجا آهة قوية جعلتها تتوقف فورا وتقترب منه متسائلة:
-هم مش بيدوك مسكن ليه بس؟
أجابها وهو يتألم:
-عشان ميأثرش ع البنج، من فضلك ناديهم من بره أنا مش قادر اتحمل خلاص.
هرعت للخارج تنظر يمينا ويسارا فلمحها مازن ونهض مسرعا نحوها يسألها:
-مالك؟
أجابته بلهفة:
-يزن تعبان أوي، هم فين التمريض ولا الدكاتره يعلملوله حاجه.
لم يستطع إخفاء ضيقه أكثر وضغط على أسنانه علانية فلاحظت رد فعله وهو يجيبها:
-شويه ويدخل العلمليات يا نرمين، متقلقيش أوي كده دي حصوه يعني مش ورم في المخ.
فهمت تلميحة الذي بدا لها وقحا بعض الشيئ فنظرت له باذدراء وحاولت الابتعاد عنه ولكنها وقف قبالتها يمنعها من المغادرة وسألها بحدة:
-ضايقتك بكلامي؟
تنفست غضبا وهي ترد:
-أنت عايز ايه؟
لم يجد ردا مناسبا فارتبك وبلل شفتيه بلسانه مبتلعا ريقه وسألها:
-عايز أعرف بتقدري تتخطي الانفصال بسهولة كده ازاي؟ طب لما سبنا بعض قولت يمكن محبتنيش، انما اللي كان جوزك وشوفتي معاه كل المصايب اللي حصلت دي، قدرتي ازاي تنسي وتعيشي وتحبي من جديد.
اتسعت حدقتيها وهي تستمتع لكلماته التي اخترقتها:
-والغريب اني مضايق دلوقتي أكتر ما اتضايقت وقت جوازك من مالك، عشان كده انا عايزك تعرفي اني رافض علاقتك بيزن وبأي حد من عيلة الفهد just in case فكرتي ترتبطي بواحد غيره من العيله، تقدري ترتبطي من بره زي ما انتي عاي....
لم تجد نفسها إلا وراحتها تلتصق بوجهه صافعة إياه بقوة وغضب وهي تصر على أسنانها وتهدر به بصوت اجتمع على إثره الجميع:
-آخر مره تسمح لنفسك تتكلم معايا أو تتواجد في مكان أنا فيه، فاهم ولا ﻷ؟
وقف فارس بينهما كحائلا وقد سحبتها ياسمين هي الأخرى لتقف خلفها وفارس ينظر لهما بتخبط وتساؤل بنظراته ولم يتحدث فلا هو الوقت ولا المكان المناسب لفتح شجار أو حتى حديث.
التفت ينظر لزوجته وأمرها:
-خدي نرمين واستنوني في العربيه.
خرجت برفقة ابنة عمها وهي تشعر بالغضب الشديد والتفت فارس لذلك المحترق ويصر على أسنانه واضعا راحته على وجنته المصفوعة فرمق فارس الجميع بنظرات أجبرتهم على المغادرة وتركهما بمفرديهما؛ فسحب فارس نفسا عميقا وطرده بتمهل كمحاولة منه كبح حدته قليلا وسأله بنبرة هادئة:
-ايه اللي حصل؟