-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 30 - 3 السبت 20/1/2024

    

   قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل الثلاثون

3

تم النشر يوم السبت

20/1/2024

شعرت به يكاد أن ينهار تعبا وألما فلم تراجعه بحديثه وفقط استندت برأسها على كتفه تحتضن خصره وتشبك أناملها بخاصته وصمتت حتى وصلا وصعدت معه للغرفة فخلع حذائه بإهمال وألقى سترته أرضا فأغلقت الباب وراءهما وتبعته للداخل فوجدته وقد ألقى بجسده على الفراش فلم تفعل شيئا سوى أن توجهت للشرفة لتهاتف زوجة عمه لتطمئن على فلذتي كبدها:

-ايوه يا طنط، طمنيني على الولاد يارب ميكونوش جننونكي.


ردت الأخرى بحبور:

-دول حبايبي، چاسمين نايمه وجسوره العسل قاعد بيلعب مع چنى وبيري.


شعرت بالراحة وأغلقت معها وعادت تخلع حذائها واندثرت خلفه تحتضنه من ظهره فأحكم قبضته على راحتها المحاوطة له وسألها:

-الولاد تمام؟


هزت رأسها المسندة على ظهره وقبلته من عنقه فالتفت لها ناظرا بحب وشغف وقبلها قبلة رقيقة ربما لم تكن كافية بالنسبة لها فحولتها هي ﻷخرى شغوفة ومؤثرة فسحبها على الفور لتتسطح فوق جسده وبادلها القبلات العاشقة ويده تستبيح جسدها حتى ارتويا من عشقهما.


ارتمت أخيرا على الفراش فدثرها بغطاء الفراش واحكم من احتضانها فتنهدت وسألته:

-أنت كويس؟


أومأ وأسند ذقنه أعلى رأسها المسندة لصدره فرفعت وجهها تنظر له بفضول كاد أن يقتلها فضحك وهو يعلم تماما ما تمر به بفضولها الظريف هذا وداعب وجنتها:

-يا حشريه.


زمت شفتيها بشكل أضحكة وأخرجه من حالة الحزن التي تملكته فحاول الهروب من تأثيرها الطاغي عليه فاعتدل بجسده وأمسك راحتيها معا يقول:

-لما أحس اني قادر اتكلم هحكيلك ده لو نرمين مسبقتنيش.


حركت كتفيها معترضة عليه:

-نرمين أصلا مش من النوع اللي بيحكي وتقريبا أنا معرفش عنها حاجه ولو عرفت بيكون بعد فوات الأوان.


رفع حاجبه واستغل حديثها هذا في معاتبتها:

-يعني نرمين بتحتفظ بسرها وحياتها لنفسها وأنتي معرفه البشرية كلها بكل أسرارنا!


قرص وجنتها وهو يرجوها:

-مينفعش تمسكي لسانك شويه ومتحكيش كل حاجه بتحصل معانا لأهلك؟ نفسي تبطلي العاده دي يا ياسمين بجد بقيت عادة مزعجه جدا وخصوصا إن اللي بتحكيلهم دول محدش منهم معرفك حاجه عن خصوصياتهم.


أطرقت رأسها خجلا من حديثه فقبلها وسحب نفسا عميقا بداخله وهتف اخيرا:

-تيجي نروح نزور داده حنان الله يرحمها؟


وافقته فورا والحزن يظهر على معالمها فسحبها لداخل المرحاض ليغتسلا وهو يقول:

-طيب يلا عشان عايزك في كام مشوار كمان بعد زيارة المقابر.


سالته وهي تغتسل بجواره:

-مش كنت عايز تنام؟


أومأ وكأنه مغلوبا على أمره:

-ياريت في وقت للنوم أو حتى للراحه، هم شوية الوقت اللي بكون معاكي فيهم أخرج الطاقه عشان اقدر اكمل وخلاص على كده.


❈-❈-❈

فتح عينيه فوجد والدته وأخيه يقفان بجوار فراشه والأولى تمسد شعره بحنان:

-حمد الله ع السلامه يا حبيبي.


رد بصوت مكتوم:

-الله يسلمك يا ماما.


حاول التحرك للاعتدال فهرع أخيه يسأله:

-متتحركش عشان الجرح، ارتاح شويه وقولي عايز ايه وأنا أعملهولك؟


ابتلع ريقه بصعوبه متألما:

-أعدلي المخدة بس مش عارف ارتاح.


فعل طلب أخيه فجلست والدته على حافة الفراش تسأله:

-حاسس انك احسن؟


أومأ لها فقبلته بنفس توقيت دخول مراد مبتسما:

-حمدالله ع السلامه يا بطل، العملية كانت سهله جدا الحمد لله والجرح صغير ونضيف وكلها ساعتين وتبقى زي الفل.


سأله بلهفة:

-يعني هخرج كمان ساعتين؟


ضحك مراد وهو يجيبه:

-مش لدرجة تخرج يعني، بس هتحس بتحسن عن دلوقتي كتير.


اقترب منه وشاكسه بمداعبة شعره الكثيف:

-ده أنت طلعت غالي على الكل من جوه العيلة وبراها كمان.


غمز له فلم تحبذ والدته هذا الحديث المتوار عن تلك المشاعر التي لاحظتها بين نجلها وتلك الفتاة التي لم تعجب بها مطلقا فتبعت مراد بعد أن خرج واوقفته لتسأله:

-هي البنت نرمين دي مش كانت خطيبة ابنك يا مراد؟


أومأ لها وهو متعجب من تجهمها:

-كانت وموضوعها هي ومازن خلص من زمان و...


قاطعته تكمل عنه:

-واتجوزت واتطلقت فأنت بتشجعه على ايه فهمني؟ مش كفايه أخوه راح خطب واحده لا عارفين أصلها ولا فصلها كمان عايزين ابني البكري اللي حاطه كل أملي فيه يتعلق بواحده مطلقه وكسر بيت.


لم يحبذ طريقتها الفجة بالحديث عنها بتلك الطريقة فعلق عليها:

-أولا لقب مطلقه لا هو عيب ولا حرام عشان يبقى ده ردك، وثانيا أظن ابنك كبير كفايه انه ياخد القرار بنفسه ولا أنا ولا وأنتي لينا دخل.


صرت على أسنانها غضبا:

-بس منشجعهوش على الغلط، أنا أخدت ولادي وبعدت عن مروان لما لقيته ماشي في طريق غلط وفضلت عايشه عمري كله من وأنا لسه في عز شبابي عشان أربيهم ولما أخوك رفض يطلقني أخدتهم وسافرت وفضلت على ذمته لا أنا متجوزه ولا مطلقه، ولا عرفت أعيش حياتي وضحيت وقبلت بكل ده عشانهم ومش بعد ما تعبت وربيت وطلعتهم رجاله الكل يتمنى يشوف ولاده زيهم اسيبهم يضحك عليهم من بنات منعرفش لا اصلهم ولا أخلاقهم.


زفر مراد بضيق وهو يرد:

-كلامك مش في محله، بس أنا مش هتدخل عشان فعلا مليش دعوه وأنتي حره مع ولادك وتقدري تخليهم يعمولوا اللي انتي عيزاه من غير ما تجرحي بنات الناس يا سحر هانم.


هدرت به بحدة وغضب:

-أنا مش هش عاجبني تدخلكم كلكم في حياتي انا وولادي وبالأخص فارس، بس سكت وقولت خلي الولاد وسط اهلهم عشان المستقبل وكفايه التعب اللي تعبوه معايا في الغربه سنين وهم مقطوعين عن الكل، بس لو تمن ده اني اخسرهم بالشكل ده يبقى اعرف اني عندي استعداد ارمي كل حاجه ورا ظهري واخدهم وارجع بيهم لاوروبا.


صمتت لتبتلع ريقها من كثرة حديثها وتابعت:

-وعملتها قبل كده ومش هيهمني لا فلوس ولا ورث ولا عيله.

❈-❈-❈

جلس أمام قبرها يزيل الزهور الذابلة بيديه وزوجته تقف خلفه تنظر له بأسى وهو جالسا على الأرضية الترابية يمسح بيده على شاهد القبر الذي يحمل أسمها ويحدثها وكأنها تسمعه:

-وحشتيني يا أمي، عارف اني أول مرة أقولك أمي وبأنب نفسي أوي عشان اتأخرت وملحقتيش تسمعيها مني.


دمعت عينيه فمسحها بظهر يده وأكمل:

-أوعي تفتكري أني هبطل أزورك ابدا، بس متزعليش مني لو اتأخرت عليكي عشان مشاغل الدنيا بس مهما اتأخرت هجيلك.


التفت ينظر لياسمين ببسمة حزينة ومد راحته لها فأمسكتها واقتربت منه تنحني بجواره جالسة نصف جلسة:

-ياسمين كمان هجيبها معايا دايما.


التفت يحدث زوجته متسائلا:

-مش كده يا ياسمين؟


أومأت مؤكدة:

-أيوه طبعا.


وضعت باقة الزهور التي تحملها على القبر واستمعت له يضيف:

-وحقك هاخده من اللي حرموني منك، متقلقيش ابدا حقك مش هيضيع.


وقف مستندا على زوجته وأخرج محرمة بدلته لينظف راحته المتربة وهندم نفسه قليلا واحتضنتها وهو يودع عزيزة قلبه:

-كنت عاملك مفاجأة وهاخدك معايا الحج بس ملكيش نصيب السنه دي، إن شاء الله السنه الجايه أطع الحج ليكي، سلام يا أحن أم.


تحرك وهو يخلل أنامله بخاصة زوجته فسألته وهما متجهان للسيارة:

-هنروح فين تاني؟


ابتسم ناظرا لها بعيون باكية:

-الدار اللي كانت عايشه فيها قبل ما آلاقيها.


وافقته دون تعقيب فوصلا بعد مدة ونزل من سيارته برفقتها دالفا لغرفة مديرة الدار التي رحبت به فهو شخصية عامة ومعروفة للجميع:

-يا أهلا يا فارس بيه نورت والله.


صافحها مبتسما وجلس أمامها يتحدث دون إضاعة وقت:

-الست حنان صبحي كانت عايشه هنا من كذا سنه قبل ما...


قاطعته تعقب:

-قبل ما تعيش مع حضرتك، عارفه يا فندم ﻷنها كانت دايما بتبعت لنا التبرعات والشيكات باسم حضرتك وحتى كانت سايبه مع مسؤلة الخزنه الكريدت كارت بتاعها عشان نسحب منه الراتب بتاعها اللي بينزل كل شهر.

الصفحة التالية