-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 1 - 1 - الجمعة 9/2/2024


قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الأول

1

تم النشر الجمعة

9/2/2024



خَرج "يوسُف " من مكتبه القابع في الطابق السفلي للمنزل،علي صوت صرخات عالية تأتي من الطابق الأعلى للمنزل ،هـَرول مُسرعًـا إلي خارج مكتبه، بعد أن كان نائمًـا بداخله منذ ليلة أمس،واستيقـظ للتو علي صوت الصراخ، بينما وهو في طريقهِ إلي الأعلى،قَابَل إبنته الصغري"سيرين "تأتي مُهرولـة من الأعلي وعلامات الذعـر بَاديه بوضوح علي قسمات وجهها. 


فورَ أن رأت"سيرين " والدها تقدمت منه مُسرعه ،قائله بقلق، بينما تحاول التـقاط أنفاسها:


_ إلحـقني يا بابا.


تجعد جبينه في تساءل وملامحه تغيرت للإمتعـاض ،والقلق :


_ فـي إي ؟! إي الصِوت ده؟ مين بيصـوت كده !


أجابتـهُ بتوتر ،وذعر ،تكادُ تبكي فاركـة يديها ببعضها البعض :


_ ماما عرفت أن عُمر ساب البيت ،وعماله تعيـط وتُصرخ فوق! 


ذاد إمتعـاض وجهه ،هاتفًـا بتساؤل:


_ هي جات إمتـا!؟


_ من عشر دقائق بس ، بابا أطلع هَدِيـها لحسـن دي متعصبة خالص، ومش مبطلـة عيـاط من ساعه ما عرفت .


هتف يتساءل بعصبية وغضب :


_ ومين إلا قال لها ؟!


توترت قليلاً،فـهي من أخبرت والدتها برحيل شقيقها ،بعد أن كانت مسافره إلي خالتها فـي الإسكندرية ،وعادت اليوم،رغم أنه نَبه عليهم الا يُخبرها أحد ،حتي نبه علي الخدم وأيضاً أختها الكبري وزوجها:


_ بصراحه أنا الا قولتلـها يا بابا، بس قبل ما تتعـصب عليٰ ،والله هي سألت عليه وأنا أتـوترت ،معـرفتش أقول لها إي، فـهي شَكت أن في حاجة ...وقولت لها أن...... 


وقبل أن تُكمل باقيه جُملتها ،سمعوا الإثنين صوت صراخ "نادية" التي هبطت للتو مُتحدثة بعصبية كبيره ،وعينيها أصبحت شديدة الاحمرار من كثرة البُكاء :


_ إبنـي فين يا يوسُف؟إنطـق إبني فين؟ عملت له أي خليتُـه يسيـب البيت ويمشي ...!؟


َلَوَىٰ "يوسُف "ثُغره بسخرية،مُتمتمًـا بِحـدة :


_ هكـون عملت لهُ إي يعني نَنـُوس عين ماما .


شهقـت "سيرين" بصدمة سُرعان ما إقتـربت والدتها من والدها تمسكه من تلابـيب قميص بذلته ،صارخة في وجهه بشراسه:


_ عُمر فين يا يوسُف؟ أنـتَ عملت لهُ أي؟  أقسم بالله العظيم أطربـق الدنيا فوق دماغك لو أبني حصل له حاجة.....


نزع يديها المُمسكة إياه من تلابـيب قميصه، بعصبية وحِـدة :


_ وأنا هعـرف منين ،ماهو دلعـك ليه وخوفـك عليه ده الا خـلاه مش عارف يعتمد علي نفسه.....طالع إبن أمه ،مش راجل زي أبوه ؟!.


قبضت علي فكايهـا بغضب ،متحدثه بدفاع عن إبنهـا :


_ قطع لسان الا يقول عليه كده ،أنا إبنـي راجل وسيد الرجالة كلهم ،بس أنـتَ الا مُصمم تقلل منه قدام نفسه وقدامـنا كلنا ،تقدر تنكـر أن لولا إبن أمه الا مش عاجبك مكـنتش وصلت للإنتـا فيه .


صرخ فيها بعصبية كبيرة،وعينيه يكاد يخرج منها الشـرار:


_ لا يا ماما فوقـي أنا إلا عملت كل ده بتعـبي ومجهـودي ، أبـنك هو إلا لولايـا مكانش بقي راجل ،والناس بتحـترمه، قال إبن إمبـارح هو إلا عمل كل ده قال .....بقي أنا يوسُف التركي صاحب أكبر شركات الهندسه ،إبنـك هو إلا عَملـني ،إصحـي لكلامـك يا نادية .


إنهـمرت الدموع بشده من عينها حُزنـًـا علي إبنهـا فلذة كبدها ،مُردفة بقهـر وقله حيله:


_ حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا يوسُف ،حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا شِيخ .....أنـتَ قلبك ده أي حجر مش بيحس ،إبنك الوحيد سايـب البيت من أسبوع متعرفش عنه حاجه ،وحتي مكـلفتـش نفسك تدور عليه.


أجباهـا ببرود وقسـوه ،وكأن من تتحدث عنه ليس إبنه الوحيد:


_ و أدور عليه ليه هو عيل صغير؟ مش بتقـولي راجل وسيد الرجالة كلهم،خلينا بقي نشوف الراجل والسِـيد الرجالة كلهم ده هيعمل إي من غيري ،ويوريـنا إزاي هيعتمـد علي نفسه ....


ثم لَــوىٰ فمه بسخرية لاذغه ،مُكملاً حديثه :


_ إبـقي قابلـيني إن مجـاش زاحف بعد يومين ،لما القرشيـن الا معاه يخلـصوا 


احتـضنت "سيرين"والدتها الباكيـة ،بينما تركهم والدها وعاد إلي مكتبه مره أخري،أخذت تبكي هي الأخري حزنًـا علي والدتها وعلي شقيقها أيضاً،وعلي ما أصابهم بين يوم وليلة.


إرتـمت "نادية "علي أقرب مقعد قابلها بينما نهضت"سيرين" كي تحضر لها مياه ،تجلس عليه تبكي بِحُرقه ،وقهر ،بينما لم تكفُ عن الحديث  بصوت مبحوح:


_ حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا يوسُف،حسبي الله ونعم الوكيل فيك.


❈-❈-❈


أخذت "غالية"  تسير إلي حيثُ المحل الخاص بوالدها، بخطوات هادئه ،تحمل بين يدها عُلبه خاصه بالطعام ،بينـما ترتفع من حولها أصوات البائعين في الشارع ،وايضـًا أصوات الأطفال الذين يركضون هنا وهناك يمرحون بسعادة،إعتادت دائماً علي سماع تلك الأصوات العاليه فـي الشارع من حولها ،فهذا حال حي السيده زينب الدائم ،لا يصمت ،ولا يهدأ أبداً .


ما أن كادت تقتربُ من محل والدها الحاج "حلمي "أكبر تاجر أقمشـة فـي حي السيده زينب بأكمله ،صرخت بفـزع سُرعان ما شعرت بشيء صلب يصتـدم برأسهـا ،وضعت يديها أعلي جبهتها تتـحسسها بألم ،تنظر من حولها بغضب ،تبحث عن من الذي ألقي عليها الكُرة التي أصتدمـت بها للتو،بينما أمسكت الكرة بين يديها تتوعد لمن ألقهـا عليها ،مقررة أن تلقنهُ درسًـا وتاخذهـا منه .


ضيقت عينيها بغضب ما أن رأت "عليّ"إبن الحاج "منعم "تاجر الفاكهه،يتجه نحوها ،أنه طفل في الحاديه عشر من عُمرهِ :


_ إحنـا أسفيـن يا أبله غالية، مكنـاش نقصد نجيبـها فيـكِ .


أقتربـت منه مُمسكه إياه من ياقـه التي شِرت الذي يرتديه،مُردفة بغيـظ:


_أنـتَ ياض يا شبر وأقطـع أنـتَ ....أنا كل ما أنزل الشارع لازم أضِرب بالزفـته بتاعتك دي ،أقطعهالك أنا دلوقتي علشان ترتاح وتريـحني معاك، وبعدين بطـلوا لعب طول النهار في الشارع زي المتسولين كده ،إرحمـوا نفسكم شوايه بقي.


هتف "عليّ" بإعتـذار خوفًـا من أن تُقوم بتنفيذ ما قالت ،وتقوم بتقطيع الكرة الخاصه به :


_ والله أخر مره يا أبله غالية....هنلعـب المره الجايه في الملعب، بس والنبي متقطـعيهاش أحنا مِشتركـين فيها أناو العيال ،ومعنـدناش غيرها نلعب بيها .


تأثرت بكلماتـه المُترجيه قائله بقله حيله ،وهي تمد يدها له بالكُره: 


_ خد قطعت قلبي،الدمعة كانت هتــفر من عيني ،بس بلاش أبله غالية دي لحـسن أقطعاهـا بجد .....


أخذها منها ثم فر راكضـًا بسعادة ،قائلاً قبل أن يرحل قاصـدًا إغاظـتها،بينما كان يخرج لسانه بطريقة مُضحكه :


_ ماشي هَبـقي أقول لك يا طنط غاليه ،أو يا تِيتـه ....سلام يا تـِيته 


ضربت الأرض أسفلها بغيـظ ،بينما تنـظر إلى طيفه بغضب ،بعد أن فر هاربًا من أمامها :


_ ماشي يا عليّ والله لما أمسـكك، لهـطلع عليك القديم والجديد،قال أنا طنط ،أو تيـته قال.... داهيه تاخـدك عيل رِزل أوي.....


توجهت إلى داخل متجر والدها ،حيث إنها كانت تبعد عنه مسافه قصيره،ما أن دلـفت رسمت إبتسامة مرحه أعلي وجهها ،بينمـا تقدمت من والدها الجالس أعلي مكتبه ،الذي ما إن رآها تحدث مازحًـا:


_ أنا قولت طَلامـا فـي دَوشة بره يبقي غالية جات ..... دائماً تجـي بزعـبيبك وراكِ كده ،مفيش مره تيـجي إلا وعمـلتي مُشكله مع حد من العيال ،إنـتِ مش هتكـبري خالص ؟!.


جلست علي المقعد الماثل أمام المكتب، تتـصنع البراءة :


_ أنا يا بابا بعمل مشاكل؟؟ طيب ده أنا غلبانه خالص، ده الواد عليّ إبن عم منعم هو إلا كُل ما يلاقيني نازله الشارع يِحدفـني بالكـورة بتاعته، أنا ذنـبي إي طيب ؟!


ضحك والدها بشده علي حديثها الطفولي،من يراها وهي تَشكـي لوالدها من الطفل الذي ضَايقـها ،لا يُصدق انها في العشرين من عمرها ،بل يظن أنها طفله لا تتجاوز العشره أعوام:


_ ماشي يا غلبانه، ها قوليلي إي الا جابك ؟مش عوايـدك يعني تجي لـي الوكالة ؟!


إبتـسمت لهُ بحب ،مخرجة العُلبة التي جائت بها ،وضعتها أعلي طاولة المكتب قائلاً بـدلال:


_ عرفت من ماما أنك نزلت مستعجل،وكمان من غير ما تفطـر ،فقـولت بقي أجيـب أنا الفطار وأفطـر مع بابا حبيبي هنا .....بما إنـي لسه مفطـرتش بردو 


ضيق الحاج "حلمي "عينيه بشك ،لا يُصدق كلام إبنـته فهي بالتأكيد جائت لطلب شئ،وهذا ما إلا إطعام الدجاجه قبل ذبحهـا :


_ مش عارف لي شامـم ريحه الكـدب ....مش العاده يعني إنك تجبيـلي الأكل لحد الوكالة ،ما أنا ياما نزلت من غير فطار،لا أنـتِ النهارده عايزه حاجه ،قولي بقي عايزه اي .


إرتفـعت ضحكتها ،تبتسمُ بعذوبة :


_ دائمًا فاهمـني كده يا حبيبي ،بصراحه بقي من غير لف ودوران.....


_ أيوا أحب أنا الا من غير لف ودوران ده ،قولي عايزه أي!؟


_ عايزه أشتـري قَفص صغير وفيه عصفورة أنـتَ عارف أنـي بحب العصافير أوي،وقولت لك علي القفص و العصفوره قبل كده وأنـتَ طنشتـلي .....


إبتسامة واسعة إحتلت ثغره قائلاً بمشـكاسة :


_ مش كفايه علينا بُرج الحَمَام الا فوق السطوح،عايزه عصافير كمان..؟!


عقدت ساعديهـا بحـذم ،بينما تذمُ شفتيها بضجـر :


_ لو سمحت يا بابا الحَـمَام حاجة والعصافيـر حاجه تانيه، وبعدين ما أنـتَ عارف إنـي بحب الطيور جدًا، والنـبي وافق بقي علشان خاطري يا بابا ....


هز رأسه برضا ،فهو لا يقدر علي رفض أي طلب لها ،فهـي مُدللتهُ الوحيده ،نهضت هي من مكانها تحتضن والدها بسعادة لقبوله طلبها مُتمتة بشكر :


_ ربنا يخليك ليا يا أحـلي بابا في الدنيا دي كلها ....


_ كُلي بعقلـي حلاوة كُلي، ما أنـتِ طول عمرك غلبانـي جات علي المرة دي..صحيح فين الأكل ألا جبتـيه معـاكِ


ضيقت عينيها بإستـغراب :


_ أكل أي هو أنا كنت جايبه أكل ....؟!


_ الأكل ألا قولتـي أنك جايبه علشان نـفطر سوا ..


ضحكت بخبث مردفـة بنبرة مرحة :


_ لا ده مكنش أكل ده تَمويه بس علشان توافق يا حَجـوج وأنـتَ خلاص وافـقت ،أساسًـا العلبه فاضيه حتي شوف.....


فتحت العُلبة أمامه وحـقًا كانت فارغه،ثم أكلمـت بضحك :


_ وبعدين أنا أصلاً فِطـرت في البيت من بدري ،أنا لسه هستنيٰ لحد دلوقتي من غير فطار .


أتسعـت عيناي والدها بصدمة من أفعالها ،وقبل أن يفتح فمه ويتحدث كانت هي ركضت هاربه إلي الخارج قائله بعجلَّـة :


_ باي يا حجـوج ،هـروح أأكـل الحَـمَام ....متنـساش القفص والعـصفوره !!


وقف مذهـول بمكانه يتتطـلع إلي طيفها بعيون متسعه لا يصدق كيف نجحت في الضحك عليه بسهولة هكذا....