رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 2 - 2 - الجمعة 9/2/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الثاني
2
تم النشر الجمعة
9/2/2024
وضعت الفتاة العاملة بِصالون التجميل، التاج الأبيض اللامع فوق رأس" غالية"بعد أن أنتهوا أخيرًا من ضبط حجابها فوق وجهها الأبيض المُستدير،والذي جعلها كأحدي الحوريات بجمالها الهادي، نهضت "غالية" بعد أن إنتهت العاملة تمامًا من وضع اللمسات الأخيرة علي وجهها، أخذت تُطالع هيئتها في المرآءة العريضة أمامها، بإنبهار وسعادة بالغة تكادُ ترفعها عَنَان السماء، ولِمَ لا وهي بعد ساعات قليلة جداً من الآنَ، ستكون زوجتة وتُكتب علي اسمه، ستكون زوجة"خالد"أمام الجميع، "خالد" الذي طالما حلمت به فارسًا لأحلامها، كم عانت كثيرًا حتي وصلت إلي هذهِ اللحظة التي تقف فيها بفُستانها الأبيض تنتظرُ فارس أحلامها، ومالكُ قلبها، كم كانت الرحلة صعبة للغاية عليها، بداية من رفص والدها لزواجها منه، نهاية بالحادث الذي أصاب "خالد" قبل موعد الزفاف بعدة أشهر، لم تكن النهاية صعبة للغاية مقارنة بالبداية، رفض والدها لـ"خالد" كان أصعب شئ مر عليها ، حيث بعد أن مر أكثر من عامين وهما الاثنين يتبادلون الحب، وبعد علاقة حُب قوية جمعتهم سويًا في الخفاء، قرر "خالد" أخيرًا أن يكون كل شئ في العلن، وإن يتقدم لخطبتها، لا أحد يتخيل جرعة السعادة التي غمرتها في تلك اللحظة،علمت المعني الحقيقي لتعبير "طائر من الفرحة"، شعرت في تلك اللية وكأنها تُريد أن تجلس فوق السطحِ لأن الغرفة لم تتسع لأجنِحاتها.
وكأن كل شئ يُعاندها، فـ لم تدم فرحتها طويلاً، وجائها والدها ومحي جميع معاني السعادة بداخلها بعد أن قابل طلب" خالد"يدها للزواج بالرفض القاطع، قائلاً أنهُ لا يُناسبها، وأنهُ شابٌ ليس له أي مُستقبل، وأنها لم ولن تشعر بالسعادة معه، نزل خبر رَفضْ والدها عليها كـ الصاعقة، شعرت حينها أن العالم بأكمله توقف عند تلك اللحظة، بكت، وبكت كثيراً، إمتنعت عن الطعام لعدة أيام وظلت حبيسة غُرفتها لا تخرج منها إلا للدخول إلي المرحاض، مرضت وبشدة، بسبب قلة الطعام وأيضًا النوم حيث كانت تجلس طوال الليل تبكي وتندب حظها العثر، لم تدري بنفسها الإ وهي تقع من طولها لأ حول لها ولا قوة، أفاقت بعدها وجدت نفسها بالمُستشفي ووالداتها بجانبها تبكي بحُرقة وهلع عليها، ووالداها يقف بإستسلام وقلب مُنفطر عليها، فهي إبنته الوحيدة، والنور الذي أضاء حياتة بعد عَتَمَة دامت لخمسة عشر عامًا.
لم تكن تدري بما حولها،كل شئ كان مشوش، لم تسمع سوى بعد الكلمات الخافتة، وحينا بدأت في إستعادة وعيها شيئًا فشيئًا، سمعت والداتها تقول لوالدها بنبرة باكية تُلقي جميع اللوم عليه:
_أنتَ السبب يا حاج، أنتَ السبب، البت كانت هتروح مِننا بسببك، لي! لي رفضته ووجعت قلبها وأنتَ عارف إنها بتحبه؟ لي يا حلمي!؟...... عاجبك اللي عملته في نفسها ده، أنا مش مستغنية عن بنتي يا حلمي.
سمعت أيضًا والدها يتحدث مُجيبًا عليها بنبرة حزينة للغاية، قائلاً بإستسلام تام:
_وأنا خلاص وافقت عليه، خليه ييجي يوم الجمعة يتقدم تاني، بس المرة دي يجيب أهله معاه....
قال جُملته، من ثم خرج من الغرفة بإكملها وكأنه بفعلتهُ تلك يُظهر كم أنه يرفض وبشدة ما قال، وفجأة عادت ألوان الحياة فعينيها مرة أخري بموافقتة والدها، وفي أقل من نصف ساعة، أصبحت متعافية تمامًا وكأنه لم يحدث شيء، وخرجت من المستشفى والسعادة تغمرها، وبالفعل أخبرت "خالد" بموافقة والدها، من ثم جاء مرة ثانية لطلب يديها للزواج ولكن تلك المرة جاء ومعه والداتهُ وخاله، حيث كان والده مُتوفي رحمه الله، كم كان قلبها يتراقصُ فرحًا في ذالك اليوم، ممها مر عليه من العُمر لم ولن تنسي نظرة والدها المعاتبة لها وأيضًا كانه يقول"قد خاب أملي فيكِ"، حينما جاء يسألها عن رأيها في هذه الزيجة مع أنه يعلم رأيها، لكن جاء وسألها وكان هناك أمل بداخله ولو صغير أن تقوم بالرفض.
_إي رأيك يا غالية؟.
بعيون تلتمع بالسعادة، وبنبرة خافتة مُخطلتة بالخجل:
_موافقة....
أُطلقت الزغاريد بعدها من قِبل والداتها، وتمت الخطبة، ومر كل شئ علي خير، وها هي الآن تقف بفستانها الأبيض الذي طالما حلمت به، أفاقت من زكريتها وإبتسامة كبيرة تُزين وجهها، قطع عليها دائرة السعادة التي كانت غارقة بها، صوت"سمر"إبنة عمتها وهي تقول بنبرة متوترة بعض الشئ:
_غالية هو خالد فين؟ الساعة دلوقتي بقت تسعة ونص والمعازيم كلهم في القاعة مستنيين، وخالد قافل تلفونه ومحدش عارف هو فين!؟
للحظة إنقبض قلبها بشدة، وقالت بنبرة مهزوزة:
_أنتِ بتقولي أي؟ يعني أي محدش يعرف هو فين...!؟ تلفونـي فين؟
جائت لها العاملة بهاتفها بعد أن كانت تضع إياه علي الشاحن، أخذت الهاتف بأيدي مُرتعشة، من ثم بحثت عن رقمه وأخذت تدق له وهي تتمني بداخلها أن يُجيب عليها، لكنه قابلها بالخيبة، وجائتها الرد أن هاتفه مُغلق، بسرعة إنتقلت إلي تطبيق التواصل الإجتماعي "الواتساب" فـ لم يظهر لها أي شئ فالدردشة الخاصة بهم، صورته الشخصية، ولا آخر ظهور ولا أي شئ، نعم لقد قام بحظرها، إنتقلت أيضًا إلي تطبيق"الماسنجر"وجدت رسالة منه لم يتم قرائتها، فتحت الرسالة بعيون دامعة، سقط قلبها بين قدميها ما إن رأت محتوي الرسالة
"أنا آسف يا غالية أنا مش هقدر أتجوزك."
جملة صغيرة مكونة من عدة كلمات كانت كفيلة بسحب الدماء من أوردتها، وشحوب وجهها، آخر شئ سمعته قبل أن تقع مغشية عليها هو صراخ سمر بأسمها بعد أن رأت حالتها المُزرية.
❈-❈-❈
###################
فرت دامعة دافئة علي وجنتيها، مسحت بسرعة، من ثم إعتدلت في جلستها في شُرفة غُرفتها المُطلة علي شارع جانبي للمنطقة ، الساعة قد تخطت الواحدة صباحًا، وهي مازلت علي وضعها لم تتحرك، كل ليلة تداهما الأفكار وتعتصرُ معها قلبها، بالرغم أنه قد مر أكثر من عام علي ما حدث، لكنه مازال يترك أثر بداخلها، برغم أنها تجازوت أغلب الأشياء، لكن مازال بداخلها نَدَبَة من الماضي مخلّدة، تُشعروها أن كل تلك التجاوزات لم تكن شيئًا، لقد كان ما حدث أمر شاق ، كان يتطلب عشر قلوب لتحمله ولكنها بقلب واحد فكيف لها أن تتحمل، كم هائل من الندم يملئها لو كانت فقط إستمعت لكلمات والدها لم يكن ليحدث هذا، لكنها كيف لها أن تعلم أنه سيحدث ماحدث، كل شيء كان يسير وفقًا لأحلامها وما تُريد، كيف لها أن تعلم أن "خالد" الذي كان يطوق شوقًا للزواج بها أكثر منها، سيفعل كل هذا، ويفر هاربًا في ليلة زفاففهم ولا احد يعلم له طريق حتي الآن.
فضيحة كبيرة لحقت بهم لعدة أشهر، بسبب ما حدث، الجميع كان يتحدث ويتسائل، لماذا ترك العريس عروسه في ليلة زفاففهم، تتذكر أنها ظلت حبيسة المنزل لمدة لا تقل عن سبعة أشهر، لا تري أحد ولا أحد يراها، كانت تخشي حديث الناس عليها، وماذا عليها، بالتأكيد سيقولون كلمات قاسية لا شك أنها ستجرح قلبها، لذا رفضت الخروج وإلتزمت المكوث بين جدارن المنزل، ولكن شيئًا فشيئًا قررت الخرورج من السجن التي وضعت نفسها به بمحض إرادتها، خرجت وكأنه لم يحدث شئ، عزمت علي عدم الإهتمام للقيل والقال من حولها، طمئنت نفسها أنها فترة، فترة وستمضي والجميع سينسون بعد أن يجدون عِلكة آخري يلكونها بفمهم......تظاهرت بأن كل شيءأصبح عاديًا وقد عادت الأمور كما كانت،وها هي الآنتتعايش وتضحك وتمرح أمام الجميع لكن لا أحد يراها كما حالها الآن......
❈-❈-❈
. "في صباح اليوم التالي".
إستيقظت "سمر" في تمام الساعة الثامنة صباحًا بفعل المنبه، بعد ليلة طويلة قضتها في إستكمال أبحاثها، نهضت من فراشها بتكاسُل، من ثم إتجهت إلي المرحاض كي تنعم بحمام دافئ يُعيد لجسدها حيويته، إستعدادًا ليوم شاق مُمتلئ بالعديد من المحاضرات في الجامعة، بعد عدة دقائق إنتهت من حمامها، وإرتدت ملابسها بالكامل، وأصبحت جاهزة للخروج، أخذت البالطو الخاص بها، وحقيبة يديها، بحثت عن مفاتيح سيارتها فـ لم تجدها، خرجت من الغُرفة تبحث عن والداتها كي تسألها، وجدتها في شُرفة شقتهم تقوم بنشر بعض الملابس.
لم تُلقي حتي تحية الصباح، بل هتفت بغضب وضيق:
_مفاتيح عربيتي فين يا ماما، أنا مش قولت مئة مرة محدش يحركها من مكانها في الدُرج!؟.
لم تُبالي لها والداتها، بل أكملت ما تقوم به وكأنها غير موجودة ولم تتحدث من الأساس، ذاد حُنق"سمر" من تجهالها، وأيضًا لانها مُتأخرة:
_يا ماما بكلمك.... فين مفاتيح عربيتي عايزة أنزل متأخرة.
_وطي صوتك الأول، أنتِ بتتكملي مع أمك يا حيوانة.
زفرت بغيظ، من ثم أخفضت نبرتها قليلاً، قائلة بنفاذ صبر تصك علي أسنانها:
_حاضر.... فين مفاتيح عربيتي يا ماما.
ببساطة أجابتها، وهي مازالت تُكمل نشر الملابس:
_أخوكِ وليد أخدها عربيته بتتصلح.
أتسعت عينيها بصدمة، صارخة بملئ صوتها، قائلة بأسلوب سوقي وكأنها في شِجار في إحدي الحواري:
_نعم سمعيني كده تاني علشان مسمعتش!؟..... هو مين ده اللي خد عربيتي، ده أنتو نهاركم أسود النهاردة
_متحترمي نفسك ووطي صوتك ده أبوكِ نايم....
_أنتو لسة شوفتوا قلة أدب، ماشي يا وليد ده أنا هطين عيشتك...
قالت جُملتها الاخيرة، تزامنًا مع خروجها من المنزل، تهبط درجات السُلم بِـ عُجالة،تتوعد له بداخلها، والشر يتطاير من عينيها وكأنها مُقبلة علي قتل أحدهم، وجدت "غالية" في طريقها كانت تدلف من مدخل العمارة، ألقت عليها"غالية "تحية الصباح بإبتسامة مُشرقة:
_صباح الخير ياسمر، أي نازلة مستعجلة لي كده!!
وكأنها لم تستمع لها، وأكملت مهرولة الي حيث متجر خالها، والذي يعمل به شقيقها، بينما نظرت الاخري علي طيفها بإستنكار، ثم هتفت في حيرة من أمرها قبل ان تُكمل سيرها مُتجهة في طرقها إلي الأعلى:
_هي مالها البت دي...؟