رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 4 - 1 - الخميس 15/2/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الرابع
1
تم النشر الخميس
15/2/2024
إمتلئت الغُرفة بالإناس، الذين وقفوا جميعًا مشدودين متوترين، ينظرون بترقب إلي "عُمر" المُسطح علي بطنهِ أعلي الفراش وقد نزعوا عنه ملابسه العُليا فظهرت تقاسيم ظهره العريض، بينما كانت جالسة علي كُرسي صغير مُقابل للفِراش، وبجانبها حقيبة بها عدة أدوات طبية، إنتهت "سمر" من تنظيف الجرح، وأحضرت القُطن لتعقيم الجرح ووضع الشاش عليهِ، خرجت مِنهُ آنة مُتألمة ما أن ضغطت الآُخري علي الجرح، خففت من حِدة ضغتها علي الجرح، ثم وضعت أخيرًا اللاصقة الطبية فوق الجرح، نزعت القُفازات الطبية من يديها، ثم نهضت من مكانها، تنظر إلي الواقفين أمامها صامتين تمامًا لا ينطقون، فهتفت بأستغراب:
_أي في أي؟ ساكتين لي كده! هو بقي كويس خلاص وفاق أهو قدامكم....
إرتخت أعصابهم المشدودة قليلاً،نتيجة لقلقهم عليهِ، بينما تحدث الحاج "حلمي" يسألها مُطمئنًا أكثر:
_متأكدة أنه مش محتاج مستشفى، لو كده ناخده نوديه!.
_حضرتك كده بتشتمني يا خالي، ده أنا الأولي علي دفعتي الأربع سنين اللي فاتوا يا خالي، يعنى كلامي ثقة.....
بحركة خفيفة ضربها شقيقها هاتفًا بضيق:
_يخربيت خفة دمك يا شيخة إحنا في أي ولا أي! أخلصي قولي لنا هو هيبقي كويس ولا أي!
وضعت يدها مُتحسسة مكان ضربته، مُضيقة عينيها بتأفأف:
_أيدك تقيلة يا غالي.... وبعدين مش أنا قولت خلاص بقي كويس يبقي خلاص بقي كويس، وهي ساعة بالكتير ويقوم ويبقي زي الفُل، المُهم دلوقتي هاته أي حاجة يأكلها تسنده.
_بعت غالية تسخن له الأكل تاني، هي أصلا كانت طالعة له بالأكل، ولقته مرمي كده سايح في دمه...... أهي غالية جات أهي!
نطقت "سُعاد" بكلماتها الأخيرة تزامنًا مع دخول "غالية"، حاملة بين يديها نفس صنية الطعام بعد أن قامت بتسخينه مرة آخري، تركت الطعام علي الطاولة الصغيرة المُجاورة للسرير، قائلة بهدوء:
_الأكل...
_طيب يا جماعة يلا أتفضلوا أنتوا ساحبين الاُكسجين كله يلا، وأنا هقعد معاه أنا ومرات خالي لحد ما يخلص أكل ونطمن عليه.....
نهضوا جميعهم من أمكانهم، مُتقدمين إلي خارج الغُرفة تاركين لهُ المساحة كي يرتاح، بينما مال علي أُذنيها هامسًا بجدية:
_لو أحتاج أي حاجة قوليلي يا سمر،أي علاج أي حاجة؟
_متقلقش يا خالي كله تمام، لو أحتاج حاجة هبلغ مرات خالي...
خَلت الغُرفة تمامًا، عادا من" سُعاد"و"سمر"، بينما رحلت "غالية" مع والدها بعد أن طلب منها أن تُعد له كوبًا من القهوة، طوال الدقائق الماضية، لم يتحدث "عُمر" ولا بكلمة واحدة، بل ألتزم الصمت، وظَلَ يُتابع حركات "سمر" العفوية، بتركيز وتأمل، مُتناسيًا ألام جسده،مُنذ أن وقعت عينيهِ عليها قبل عدة أيام، وهو يشعر أنهُ مُنجذب إليها بطريقة غريبة فكان يُتابعها بنظراته طوال المُدة التي قضاها في العمل مع الحاج "حلمي" قبل الحادث؛ كانت جميلة بطريقة مُغَايرة عن أي امرأة أُخرى رآها في حياتة الماضية بأكملها ، لها جمالها الخاص، لم تكن "سمر" تضج بالجمال،أو يُوجد بها شئ لا يُوجد عند امرأة آُخري، لكنها كانت تمتلك رونقًا خاص بها وحدها، وكان أكثرُ ما يُميزها شخصيتها المُتنوعة بطريقة لطيفة، فكانت تمتلك شخصية قوية تجعلها قادرة علي التصرف في الأمور بحكمة وعقلانية، وتتبدلُ شخصيتها في ثانية إلي المرح والروح الخفيفة عندَ المُزاح، وبثانية آخري تتغير شخصيتها إلي فتاة طيبة للغاية وحنونة بإمكانها أن تحتويك وكأنها أم لكَ، كل هذا لاحظه هو في تلك الفترة البسيطة وأيضًا من خلال حديث الحاج "حلمي" و "وليد" عنها........
فكان الحاج "حلمي"،يقولُ دائمًا أن"سمر" إبنته التي لم يُنجبها، ودومًا ما يمدح في طيبة قلبها وحكمة عقلها الناضج والذي من خلال حديثها المُنمق تجعلك تشعرُ أنك تتحدث إلي إحدي سيدات الأعمال، أفاق من شروده في تأملها علي صوت "سُعاد" والتي قَربت منه الطعام تُشجعه علي تناوله قائلة بحنان:
_كُل يا عُمر يا بني، وشد حيلك كده، عايزاك تخلص الأكل ده كُله...
أبتسم إبتسامة خفيفة، من ثم قال بهدوء ونبرة خرجت مُنخفضة، نتيجةً لأنه لازال يشعرُ ببعض الألم الخفيف :
_مش عارف أشكرك أزاي ولا أشكر الحاج علي وقفتكم معايا....
قاطعته "سُعاد" مُستنكرة حديثه:
_أي اللي بتقوله ده يابني، ده أنا اللي مش عارفة أشكرك أزاي علي اللي عملته مع بنتي، كل ده ولا يوفي حاجة من حقك علينا يا بني، كُل كُل ومتشلش هم، ربنا يقومك بالسلامة...
شرع في تناول طعامه بتروي وتمهل،بيمنا يُتابعانه بنظراتهم ، لم يشعر بطعم الطعام بفمهِ لعدة ثواني، من ثم بدأ يستشعر طعمهِ شيئًا فشيئًا، بينما هتفت "سمر" قائلة وكأنها تشعرُ به:
_معلش ممكن تحس بطعم الأكل مُر شوية في الأول بس، علشان الدواء المضاد الحيوي اللي أخدته...
أومأ لها مُتفهمًا، مُتابعًا تكملة طعامه، نهضت "سُعاد" من مكانها زاجرة الآخري التي ظلت بمكانها شاردة هي الآُخري،وقد أصتبغ وجهها بالحُمرة الطبيبعة،حُمرة الخجل،علي مايبدو أنها لاحظت نظراته لها، تحسها علي النهوض من مكانها، إنتبهت أخيرًا من نظرات زوجة خالها، فحمحمت بإحراج، ثم نهضت هي الاخري، بينما تابعت "سُعاد" قائلة بأبتسامة بشوشة:
_طيب نسيبك أحنا بقي تأكل براحتك، مدام أطمنا عليك إنك بقيت كويس الحمدلله، خلص أكلك براحتك، وأنا كمان نص ساعة هطلع أخد الصنية....
تابع هو طيفها وهي ترحل، شاعرًا بأنها كانت تُعطي للمكان روحًا، فبعد أن رحلت أحس بأن الجو أصبح كئيب فجأة، لا يعلمُ سبب مشاعره المُتضاربة تلك والتي أتت في غير وقتها بالمرة.......
❈-❈-❈