رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 5 - 2 - السبت 17/2/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الخامس
2
تم النشر السبت
17/2/2024
أغلقت "سُعاد " باب غُرفتهـم بإحكام، بعد رحيل "عُمر"وأنتهاء،مُقابلتهم التي أستمرت لأكثر،من نصف ساعة، تقدمت من مكان نومهم بوجه مُمتعض،يحمل إمارات الغضب والحُنق،حاملة بيديها كوب من الماء والدواء الخاص بمرض السُكري لزوجها كي يتناوله، مدت له يديها بكوب الماء وقرص الدواء قائلة له بحب وخوفِِ عليهِ فشلت في إخفائه :
_ أتـفضل يا حاج الدوا ألف سلامة عليك ..
إلتـقط منها كوب الماء وقُرص الدواء وعلي وجههِ ترتسم إبتسامة خرجت رُغمًا عنهُ،ضاحكًا علي وجه زوجتهِ الفاشلة في تقمص الغضب، إبتلع الدواء وبعدها ارتشف بعضًا من الماء ،وضعهم بجانـبه أعلي الكومـود بعد أن أنتهي، قائلاً بمشاكسة وإبتسامته ذادت تحولت إلي ضحكات مُتتالية :
_ تسلم إيدك يا أم غالية!
جلست بجانبه أعلي الفراش ،مُتحدثة بضيق،بعد أن أستفزها بضحكاته :
_بتضحك علي أي؟ ضحكني معاك.
_بضحك علي المُمثلة الفاشلة اللي مش عارفة تتقمص دور الزعل!.
تنهدت بعصبية، زافراة الهواء من رئتيها قبل أن تتحدث بنبرة جادة:
_سيبك من كل الكلام ده، ونتكلم بجد، أنا بنتِ مش هتتجوز بالطريقة دي يا حلمي، وده آخر كلام!
ثم أكملت حديثها بأسي:
_غالية مش بايـرة علشان تتجوز بالطريقة دي ... أنا بنتي إلا عايزها ييجي لحد باب بيتها،مش أحنا إلا نُطلب منه أنه يتجوزهـا كإنهـا بايـرة لاسمح الله.
زَفـر الحاج "حلمي " بضيق ،هاتفـًا بغيـظ من زوجته :
_ أستغفر الله العظيم،يا سُعاد أنا عارف مصلحة بنتي كويس، وعُمر الوحيد اللي أطمن علي بنتي وهي معاه، عُمر راجل وهيعرف يحافظ عليها ويحطها في عنيه، وأهم حاجه أبن ناس وعارف الأصول كويس!......ولا أنتِ عايزاني أسمع كلامك زي المرة اللي فاتت،فاكرة أي حصل؟.
تذمرت بحنـق ،فهي مثلها كمثل جميع الأمهات،من التي سترضـي أن تتزوج إبنـتها بتلك الطريقة،فصاحت مُعارضة :
_ وعرفت مين بقي أنه أبن ناس ؟الواد بقي له شهر عايش وسطنا لاشوفنـاله قريب ولا غريب ولا صاحب ،ده زي ما يكون مقطوع من شجرة ،لانعرف له أصل ولا فصل ،هو أي نعم الواد محترم بصراحة ومتربـي بس برضو ده ميمنعـش أننا منعرفـش عنه حاجة
_ أنا يا ستي عارف أصله من فصلـه ،متقلـقيش أنـتِ ،وبعدين أهم حاجة الواد يا سُعاد ،الواد أبن أصول وهيحـط بنتك فـي عنيه ،أنـتِ عايزة أي من أهله بس أهم حاجة الولد كويس وده الأهم...
حاولت إدخال كلماته بعقلهـا وإقنـاع نفسه أنه معه حق ،لكن لا ففطرتهـا الاموميـة غلبت ولم تقتنع بالمرة بحديثه ،فهي لن ترمي إبنتهـا هكذا ،إنها إبنـتها الوحيدة،نعم أنها غير راضية علي جلسة أبنتها هكذا بجانبها دون زواج وقد وصل عُمرها إلي السادس والعشرون،لكن أيضًا لا تقبل أن تتزوج بتلك الطريقة التي تجرح كرامتها :
_برضو لا يا حلمي مش موافقة، دي بنـتي الوحيدة وأنا مش عايزة أرمـيها كده ،دي الأصول يا حاج ،لما تيجي تعمل فرح وتعـزم معارفك ،هتقول لهم أي العريس بطوله بس ملوش حد معاه مقطوع من شجرة ملهـوش أهل ...
قلبت عينيها بشراسة وغضب ما أن تذكرت حديث شقيقة زوجها عن إبنتها، فهتفت قائلة بحُنق:
_ولا عايز أختك تقول أننا روحنا جوزنا بنتنا لواحد من الشارع ملهوش أهل، علشان هي بايرة؟.
يعلم جيداً أن ما تقوله زوجته هو الحقيقة،فكيف سيقدمه إلي أقاربه ومعارفه ،هل سيقول لهم أنه زوج إبنتهُ إلي شخص لا يعرف عنه شئ،لا يُنكر أنه يعرف عنه كل شئ فقد أخبره ما حدث معه من الألف إلى الياء،ولماذا جاء إلي هُنا ،لكن الناس لاتعلم شئ فـَ بيوم وليله هكذا وجدوه بينهم لايعرفون من أين اتي ،ولا من هم أهله .....تنهـد بتعب ظهر علي ملامحه:
_ طـُظ فـي الناس يا سُعاد من إمتـا وإحنـا بنهـتم بكلام الناس ،أنا أهم حاجة عندي غالية تكون مبسوطة
ربعت يديها أسفل صدرها بتحفز:
_ومالك مُتأكد كده أنها هتكون مبسوطة معاه!.
ضيق عينيهِ بتأفأف من اسألتها الكثيرة:
_أنا عارف أنا بقول أي...... وبعدين أنتِ مش نفسك غالية تتجوز وتبقي في بيت جوزها، وتشيلي عيالها وتبقي جِدة.
تنهدت بحسرة، فهي بالتأكيد تُريد أن ترآها في بيت زوجها ومعها أطفالها، أنه حلم كُل أم، لكنها علي قرارها، لن توافق علي زواج إبنتها بتلك الطريقة الغريبة والمُهينة من وجه نظرها، فهل أنقلبت الآية، الأب هو من يطلب من الشاب الزواج من إبنته، فهتفت في عِناد:
_لا برضو مش موافقة يا حلمي، الموضوع كله علي بعضه مش داخل دماغي، ولا يدخل دماغ أي حد من أساسه!.
عنيدة ولن ترضخ لقراره، فقرر أن يتحدث من ناحية يعلم أنها ستُجدي نفعًا معها:
_يا سُعاد أنا كل يوم بكبر في السِن، ومحدش ضامن عُمره، وعايز أطمن علي غالية وأشوفها مع اللي يستاهلها و يصونها
أكمل حديثهِ بكلمات مُأثرة أكثر، ما أن لاحظ آثر كلمتهِ علي وجهها الذي لانت تكشيرتهُ، وعلي ما يبدو أنها تُفكر في كلامهِ، وبدأت تقتنع وتوافق:
_أنا عايز أي من الدُنيا غير إني أشوف بنتي الوحيدة سعيدة ومتهنية، وأنتِ كمان عايزة كده، وافقي يا سُعاد خلي الدنيا تمشي، وخليكي عارفة أن مفيش حاجة هتحصل إلا بموافقتك أنتِ الاول.....
بأستسلام تام هتفت:
_إللي تشوفه، بس غالية مش هتوافق أكيد لو عرفت أنك أنت اللي طلبت منه يتجوزها، غالية هتزعل أوي لو عرفت حاجه زي دي.
إبتسم بسعادة، لأنه نجح في إقناعها:
_ ومين قالك أنها هتعرف حاجة ،محدش هيقـول لها حاجة يا سُعاد ،فاهمة ولا اقول تاني يعني تمسكـي لسانك ما أنا عارفك لسانك فالـت ...
وضعت يدها علي فهما بشهقـة ،قائلة بغضب مكتوم :
_ بقي أنا لساني فالـت يا حلمي ،ماشي هعديهـالك بس علشان أنـتَ عيان مش عارف بتقول أي، أنا هتخـمد تصبح على خير
ثم تدثـرت تحت الفراش،رافعة إياه إلي وجهها بالكامل،بينما مدت يديها تُطفئ المصباح الصغير،إرتفعت ضحكات الاخر، مُتمنيًا بداخله أن توافق إبنته ويكتمل كل شيء كما خطط له تمامًا.
❈-❈-❈
الساعة تخطت الثانية بعد مُنتصف الليل، الهدوء يُسيطر علي الأجواء، فلاتسمع إلا صوت صرير الهواء من حولك،كان جالسًا في شُرفة الشقة، هُناك نسمة برودة خفيفة تُداعب وجههِ،لكنهُ لم يُبالي هو بالجو البارد من حولهِ، لأنه صب جم تركيزة علي شئ واحد فقط، مُحادثتهُ الأخيرة مع الحاج "حلمي" تشغل كُل تفكيره الآن، طَلبه كان صادم بالنسبةِ له، لم يأتهِ نوم بسبب تفكيره، قد وُضع في مأزق لا مفر منهِ، نعم لقد رآقت له الحياة هُنا وأعجبته، لكن ليس لدرجة أن يتزوج الآن وهُنا تحديدًا، فهو آخر شيء يُفكر فيه في تلك الفترة هو الزواج، نعم إقترب من سن الثلاثون دون زواج، لكن الزواج مشروعًا فاشلاً بالنسبة له، فبعد فشل علاقتهِ الأولي، وهو يبغض الزواج ويكرهه.........
الحياة هُنا جميلة، يشعرُ وأنهُ أصبح حُر طليق، يفعل ما يشاء وقتما يشاء، هل سيوافق أن يُقيد كل تلك السمات، بزواجه، بالطبع لا يُريد، زواج يعني مسؤلية وزوجة لها حقوق عليكَ وأبناء فيما بعد، لا وألف لا فالزواج لا يقل تقيدًا للحرية عن تحكمات والده، وتبًا عندما يود الزواج يتزوج من "غالية"، نعم هي جميلة لا ينكر هذا، لكنهُ ليس سطحي إلي هذا الحد، فهو أن أراد الزواج فـ" غالية"بعيدة كُل البعد عن مواصافات الفتاة التي يُريد الزواج بها، فهو يراها ليست مُناسبة له، بداية من شخصيتها الهادئة للغاية، ودائمًا ما يظهرُ عليها ملامح الإنكسار والضعف، وهذا عكس ما يتمناه بتاتًا، أنه يُريدها فتاة ذو شخصية قوية، طموحة، تقف في ظهرهِ وتُعاونه علي الحياة، بينما "غالية" مثلها كمثل باقي الفتايات، أكبر طموحهن هو الزواج فقط لا غير، هو يُريد امرأة تتمتع بعقل ناضج كبير، تفهم في أمور الحياة جيدًا تكون جديرة بالثقة وتكون شخصية يُعتمد عليها، وأهم شيء تكون مُثقفة، وذو عقل مُتفتح...ولا يَضر أن كانت ذات شخصية مرحة وتُحب الحياة
لا يعلم لماذا جائت "سمر" إلي مُخيلته الآن، أيمكن أن يكون لأنها تتمتع بكثيرًا من تلك الصفات التي يُريدها، نعم فـ "سمر" الوحيدة التي أُعجبَ بشخصيتها القوية والمرحة أيضًا مُنذ من جاء اللي هُنا وطوال تلك المُدة الفائتة لم يُصادف وإن قابل فتاة تحمل ربع الصفات التي يُريدها حتي"غالية" فشخصيتها الهادئة المُستسلمة للغاية لا تعجبه، نظرة الانكسار الدائمة في عينيها لا يُريدها، هو يُريد نظرة قوة وثقة....... لكن علي كُل حال فـ ما باليد حيلة، هو مُرغم علي الموافقة لأجل والدها الذي له أفضال كثيرة عليه، فـ الحاج "حلمي" هو صاحب الفضل بعد الله، فيما وصل إليه الآن، فهو وقف بجانبه وهو لا يعرف من الأساس، ووجد له سكن وعمل، وأعتبره ذراعه الأيمن في فترة وجيزة جدًا، وكون أنه أراد أن يُزوجهُ إبنته الوحيدة فهذا يدل علي أنه وصل إلي مكانة عالية من الثقة......
فَـ حَسمَ قراره أخيرًا، مُنتظرًا طلوع النهارِ كي يُخبر الحاج "حلمي"، بقراره، لم تمر سوى ساعات قليلة قضاهم نائمًا، أستيقط صباحًا وقد عزم علي قرارهِ المصيري، فـ بسرعة أنتهي من تناول فطوره وأرتدي ملابسه، وهبط إلي العمل، دلف إلي المحل يبحث بعينهِ اولآ عن الحاج" حلمي "، فوجده جالسًا علي مكتبه وعلي ما يبدو أنه شاردًا مهمومًا، فتقدم منه يُلقي عليهِ تحية الصباح أولاً قبل أن يتحدث في المهم، رد عليهِ التحية بوجه خالي من أي تعبير، ولكن بداخله كان قلقًا من أن يرفض، لكن سُرعان ما تحول عبوس وجههِ إلي إشراق كبير، ما أن هتف" عُمر"بشفاة إنفرجت في إبتسامة هادئة:
_ شرف كبير ليا أني أناسب حضرتك يا حاج...... النهاردة الساعة تسعة أنا هاجي أطلب إيد الأنسة غالية منك.
نهض من مجلسهِ سريعًا وقام بأحتضانه بسعادة بالغة، طبقة شفافة من الدموع تألقت في عينهِ التي ينبعثو منها السعادة، ثم هتف بفرحة:
_ألف مبروك.... ألف ألف مبروك.