-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 6 - 1 - الإثنين 19/2/2024

  

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل السادس

1

تم النشر الإثنين

19/2/2024


إنتهت السيدة"سُعاد"من تنظيف السُفرة، ونقلت جميع الأطباق إلي المطبخ، من ثُم شَرعت في غسلهِم، بعد أن رحل "عُمر" والذي أعدت له وليمة بها أشهي أنواع الطعام، أصناف عديدة من أنواع الطعام قامت هي بإعدادهم بنفسها وبداخلها تغمرها السعادة، وقفت تجلي الصحون بحماس ونشاط....... 


بينما وقفت بجانبها"غالية" والتي إستندت بجزعها العُلوي إلي رُخامة المطبخ شاردة، الإبتسامة البلهاء مُرافقة لها من حينٍ إلي آخر، عينيها تلمعُ ببريق غريب عليها، شُعور بالإنتشاء والسعادة يغمرانها، أفتعلت والداتها عدة أصوات أثر جليها للصحون، لم تعي لها هي، وكأنها في عالم آخر غير الذي نعيش بهِ، الحوار الذي دار بينها وبين"عُمر"من نصف ساعة تقريبًا، يتراقص أمامها، تُفكر في كل كلمة قالها........ 


❈-❈-❈


وقفت علي باب المطبخ تنتظرُ والداتها التي تقوم بإعداد العصير للضيوف والذي ستُقدمه هي، كانت قد إنتهت من إرتداء ملابسها التي تمثلت في فُستان هادي من اللون الوردي وحجاب أبيض ناصع زين وجهها، لم تضع علي وجهها أيّ من مُستحضرات التجميل، أكتفت بوضع كُحل أسود يرسم عينيها السوداء الواسعة، عندما أخبرها والدها بهذهِ الزيارة لم تكن علي إستعداد نهائيًا من حيث الملابس أو أي شئ آخر لأنه أخبرها قبل الموعد بعدة سويعات قليلة، لم يكن هُناك وقت  كافي للذهاب للتسوق وشراء فُستان جديد يلقُ بالمُناسبة، لذا قررت إرتداء هذا الثوب الهادئ، فهو يليقُ بها بشدة، فهذا اللون خصيصًا يتناسب مع جمال وجهها، فكانت "غالية" تُشبهُ والداتها بدرجة كبيرة، بياض بشرتها يتطابق مع والداتها، وأيضًا عينيها السوداء الناعسة تُشبه عيون والداتها مع أختلاف أن عيناي "غالية" واسعة، شعرها الأسود الفحمي والذي يصل إلي نهاية خصرها يُشبه أيضًا والداتها....... 


أختلفت في شئ واحد فقط، وهو طولها، فكانت طويلة القامة، طولها يتناسبُ مع وزنها، علي عكس والداتها قصيرة القامة، وبجسد مُمتلئ قليلاً، فكان طولها هذا يُشبه طول والدها، إنتهت والداتها من إعداد العصير ثم وضعتهُ في أكواب، من ثم جلبت صنية دائرية رصّت عليها أكواب العصر، أخذتهُ هي منها، مُتقدمة بخطوات هادئة متوترة إلي غُرفة الأستقبال حيثُ يجلسُ والدها مع "عُمر"....... 


رائحة عِطر قوية تغلغلت إلي أنفها ما إن أقتربت من باب الغُرفة، ألتقطت أُذنيها عدة كلمات من حديث والدها معه، حمحمت بخجل مُتقدمة إلي الداخل، إبتسم لها والدها، اومأ لها برأسهِ يُشجعها علي التقدم، ألقت السلام بصوت خرج متوتر وخفيض رُغمًا عنها، وضعت العصير أعلي الطاولة المُستطيلة، من ثم جلست بجانب والدها، تفركُ يديها بتوتر ظاهر، ربت والداها علي قدمها بحب يُطمائنها،من ثم  نهض  مُستأذنًا كي يتركهم يجلسون سويًا كما الرؤية الشرعية، خرج من الغرفة وترك الباب مفتوح، وجلس هو في الصالون قريب منهم ويراهم لكن لا يستمع إلي حديثهم.......... 


_عاملة أي؟. 


نطق بها" عُمر" في محاولة منه بأن يُلطف الجو المشحون بالتوتر من قِبَلهَ هي، لكن  ظهر عكس ما كان يُريد، حيث ذاد توترها أكثر لا تعلم لماذا، وهتفت بلسان ثقيل وكلمات مُتقطعة:


_ال.... الحمدلله. 


ساد الصمتُ بينهم مرة آخري، هي علي جلستها تفرك يديها بتوتر ووجهها أشتعل تلقائيًا، بينما هو كان جالسًا هادئًا، لم يكن متوتر بالمرة بل بالعكس قد بدا واثقًا من نفسهِ خاصةً بتلك الحِلة رمادية اللون التي إرتدها ومن تحتها قميص من اللون الاسود ألتصق بجسدهِ العضلي، ظهر مظهرهِ رائعًا وكأنه أحدي نجوم هوليود، لاحظت هي ذالك في عدة ثواني نظرت فيهم إليه، قطع الصمت للمرة الثانية هاتفًا هو بإبتسامة واثقة زينت شفتيهِ: 


_حلو الفُستان ده لايق عليكِ.... 


هل لاحظ أحد تقلص معدتها، وسخونة وجهها وتحوله إلي اللون الأحمر، رُغمًا عنها دنت منها إبتسامة صغيرة خرحت علي إستحياء فقالت: 


_شُكرًا 


_طيب أي هنفضل ساكتين كده كتير؟..... الحاج بيبص لنا وقلقان يقول علي أي دلوقتي كلت لسانك!. 


خرجت كلماته بنبرة مازحة، لتلطيف الأجواء، فخرجت منها ضحكة صغيرة، من ثم رفعت وجهها اليه، وبلحظة شردت في ملامح وجههِ، ولأول مرة تنظر إليه عن قُرب هكذا وتُدقق النظر، ملامحهُ هادئة، بوجه أبيض وعينين خضراء ولحية مُشذبه بعناية، ملامحه تضجُ بالرجولة، نجح أخيرًا في جعلها تتناسي خجلها قليلاً، فأكمل حديثهُ بإبتسامة جذابة، كم بدت ساحرة: 


_هي مش المفروض دي رُؤية شرعية وكده يعني! أتفضلي اسأليني، عايزة تعرفي أي عني؟. 


_ مش عارفة.... 


أرتفعت ضحكاته، فظهرت أسنانه البيضاء، من ثم قال: 


_طيب تحبي أسال أنا نفسي بعدين تُردي علي نفس السؤال..... 


لم تُمانع، أستحسنت الفكرة، هي بالإساس لا تعلم لماذا أنعقد لسانها، فـ هزت رأسها دون حديث، فتابع هو حديثه مُعرفًا عن نفسهِ: 


_أنا عندي 29سنة، خريج كلية التجارة......عندي أختين وانا ولد وحيد. 


_بعد شهرين هتم الـ 26 سنة، كُنت في كلية فنون جميلة ومكملتش. 


عقد حاجبيه بأستغراب، فقال مُتسائلاً: 


_لي؟. 


توترت ولم تجد ما تقوله، فقالت بعد صمت دام لعدة ثواني: 


_حصلت ظروف وأضطريت أني مكملش.... 


_كنتِ في سنة كام!. 


_سنة رابعة... 


أستغرب كثيرًا وظهر هذا علي ملامح وجههِ، ولكنه سُرعان ما أخفاه، وعاود الحديث: 


_سنة رابعة، ده أنتِ كُنتِ آخر سنة، لي مفكرتيش تكملي بعدين.....طيب كُنتي قسم أي 


ظهر الضيق علي وجهها، ولاحظ هو هذا، أمتعضت ملامحها، وهتفت بنبرة حازمة: 


_محبتش أكمل....كُنت قسم تصميم ودزاينر  


_ أختي الصغيرة خريجة فنون جميلة برضو، وشغّالة في شركة مُصممة، بتحب التصميم من وهي صُغيرة...... 


أومأ برأسها، وبداخلها قد تفاقم حُزنها فـ ها هو يذكرها بحلمها الذي ضاع من بين يديها وتحول إلي سراب، وأنتهي بها الحال هكذا، لاحظ "عُمر" أنها شردت، فحمحم يلفت إنتباهها له قائلاً: 


_وياتري أنتِ بقا كُنت بتحبي التصميم برضو ولا دخلتيها لي!. 


أجباتهُ بمرارة: 


_كُنت بحبه جدًا، أنا أصلا من صُغري وأنا بحب التصميم والرسم.... بس يلا الحمدلله كده أحسن كده كده مكنتش هعرف أشتغل؟ 


_لي مش هتعرفي تشتغلي! أي اللي يمنع ده؟ أنتِ بتقولي أنك شغوفة بالرسم والتصميم من وأنتِ صغيرة، يعني بتحبي الحاجة إللي بتعمليها، وأكيد كنتِ هتطلعي حاجة مُبهرة، وهيكون ليكِ مُستقبل حلو جدا.... 


لاح علي ثُغرها أبتسامة ساخرة قائلة بدهشة: 


_غريبة!. 


ضيق عينيهِ بعدم فهم: 


_أي دي اللي غريبة!. 


_أنك بتشجع شُغل المرأة..... على عكس أغلبية الرجالة بترفض تمامًا شُغل الست، وبتقول أن الست مكانها المطبخ وتربية الاولاد!. 


_لا طبعاً الست دي مش بني آدمة وليها الحق في أنها تشتغل وتعمل لنفسها كيان، وبعدين اللي بيفكر بالطريقة دي راجل مُتخلف، فاكر أن ربنا خلق الست بس علشان تكون أم عياله، أو بالأصح خدامته هو وعياله..... وكل ده طبعاً بييجي علي حق الست. 


أطرقت هي السمع جيدًا إلي حديثه المُنمق، وأعتدلت في جلستها وأصبحت تجلسُ بأرياحية علي عكس جلستها من عدة دقايق فكانت جالسة مُتخفزة متوترة، ولكن سُرعان ما زال هذا التوتر، وأندمجت معهُ في الحديث، أكمل قائلاً: 


_أنا ضد تمامًا فكرة أن الست مكانها المطبخ،ده راجعية، الست دلوقتي بقت سيدة مجتمع و بتمسك مناصب عالية في البلد وليها دور مهم في جميع المجالات، مش من حق الراجل أنه يقيد حرية مراته ويهدم أحلامها وطموحتها لمجرد وجود ورقة مكتوب عليها أنها مراته، ربنا خلق الست نُص المُجتمع.... 


عينيها مُتسعة علي آخرها من الدهشة لا تُصدق أنّ تلك الكلمات تخرج من راجل، أُعجبت بأفكاره جداً، تذكرت للحظة "خالد" عندما رفض رفضًا قاطعًا أن تعمل عندما كانت بالجامعة وجاء لها عرض تدريب في إحدي شركات الأزياء نظرًا لتفوقها الدراسي وأيضًا لرُسماتها وتصميمتها التي كانت غاية في الإبداع، كانت تمتلكُ روحًا شغوفة بما تعمل، كانت حينها في سنتها الثالثة في الجامعة وقد تمت خُطبتها علي"خالد"، تذكرت كلماته الحادة التي ألقاها علي مسامعها في ذالك اليوم...... 


حيث جاء "خالد" إلي منزلهم لزيارتها،فعرضت عليهِ أمر العمل،فهب صارخًا بها: 


_أنتِ أتجننتي يا غالية شُغل أي اللي عايزة تشتغليه، لا طبعاً أنا مش موافق، أنا مرضاش مراتي تشتغل وتروح وتجي، لا وكمان الشركة فيها رجالة وده يعطف وده يلطف


قاطعته قائلاً : 


_بس.... 


لم يُعطي لها الفُرصة للتفوه بكلمة واحدة، فقاطعها قائلاً بصوت غاضب يؤكد رفضهِ: 


_ لا مش موافق، وعمي لو وافق علي، المهزلة دي تبقي مصيبة، أنتِ عايزاني أجي من شُغلي أقعد أستني مراتي لحد ما تجي من شُغلها.......أنتِ شغلك هو جوزك وبيتك وعيالك 


ثم تابع بأستهزاء، ونبرة سُخرية: 


_وبعدين عايزة تشتغلي مُصممة، الله يرحم، يا شيخة أتقي الله عايزة ترسمي فساتين عريانة علشان يلبسوها ناس معندهمش دين..... أنا قولت اللي عندي شُغل مفيش شُغل، وأنتِ حُرة يا بنت الحلال يا أنا يا الشُغل؟ 


ترقرقت الدموع بعينيها، لم تقوي علي المُعارضة، فصمتت ورضخت لقراره، وأعطت له الفُرصة للتحكم بحياتها ومصيرها، رضخت له بأستسلام مُتخلية عن فرصة، تُعتبر فُرصة العمر ولن تأتي لها مرة ثانية، فقط لأنها تُحبه.... 


_غالية أنتِ روحتي فين؟. 


أستفاقت من زكرها المُئلمة، أجابته قائلة: 


_لا أنا أهو...... سرحت بس في حاجة كده، أنا بجد مستغربة أن لسة في رجالة كده 


فك أزار بدلته، و أعتدل يجلس بأرياحية أكبر، قائلاً: 


_بُصي يا غالية، الراجل بيرفض شُغل الست وأنها تبقي امرأة عاملة لأن في ستات كتيرة جدا بتعمل رأسها برأس جوزها وتقوله أنا زيي زيك لمجرد أنها بتشتغل وبتقدر تجيب فلوس، الست ست والراجل راجل وده اللي المفروض الستات تعرفه، أنها مينفعش تقول لجوزها أنا زيي زيك، مهما أشتغلت ومهما عليت، هيفضل برضو الراجل راجل والست ست...... 


_عندك حق، بس برضو في رجالة بترفض تمامًا شُغل مراتاتها بدون سبب حتى. 


_ وفي ستات برضو بتأهمل بيتها وجوزها في سبيل حياتها العملية، المفروض كل ست بتشتغل، تشتغل براحتها بس شغلها ده ميجيش علي أهمية جوزها وبيتها، أنها تهمل اولادها وتربيتهم في سبيل الشغل، يبقا الراجل من حقه يمنعها من الشُغل وتتفرغ لبيتها ولادها وتربيتهم تربية سليمة. 


ظل النقاش بينهم قائمًا لعدة دقائق أخري، تحدتث فيهم "غالية" معه بكل إرياحية وسلاسة، وقد أرتاحت معه في الحديث كثيرًا، فشرحت لهُ وجهة نظرها ومُعتقداتها، والتي غيرت وجهة نظر"عُمر" من ناحيتها، فأفكارها أعجبته، وقد بدت لهُ شخصية قوية ولكن هُناك ظُروف لا يعلمها هو أجبرتها علي أن تكون بكل هذا الاستسلام، دامت جلستهم لنصف ساعة يتناقشون وجهات النظر، تركهم والدها علي راحتهم عندما وجدهم يسترسلون في الحديث........



الصفحة التالية