-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 7 - 1 - الأربعاء 21/2/2024

  

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل السابع

1

تم النشر الأربعاء

21/2/2024



إنتـهت "نادية "من تأدية صلاتها ،فجلست بمكانها أعلي سجادة الصلاة،تدعي الله أن يكون إبـنها سالمًـا ،دمعت عينيها بإشتـياق ،فقد مر أكثر من شهر ونصف و"عُمر"لم يظهر بعد ،ولاحتي أتصل بها أو أي شيء،مرت تلك المدة عليها وكأنهـا مئه عام،كل يوم تنتظر عودته ولكنه لا يأتي،لا تعلم كيف له أن يبتعد كل هذه المدة،دون السؤال عنها ،أو الاشتياق لرؤيتها....


إنتـفضت فـي جلستها سُرعان ما إنفـتح باب غُرفتها بشده مرتطمًـا بالحائط كاد ينكسر،دلـف "يوسُف" وجهه لا يُبشر بخير أبداً،هبت واقفه بفـزع صارخة به بسخط: 


_  إزاي تدخل عليا كده من غير ما تستـأذن !؟


لَـوىٰ ثغره بتهكـم ،متحدثـًا بِحـدة وغضب :


_ ده بيتي يا هانم ولا نـسيتي ،إبنـك فين يا نادية إنـطقي عُمر فين!. 


صرخت به بفتور ،وقلب مُمزق علي فراق ولدها :


_ أنـتَ بتسألنـي أنا؟ المفروض أنا الا أسألك نفس السؤال عُمر راح فين؟ أنـتَ السبب فـي إنه ساب البيت! 


وبحركة سريعة منه أمسك بشعرها من أسفل حجابها،يصرخ فيها بغضب ،وكأن شياطين العالم تُلاحقه :


_ إنـتِ هتـستعبطي ،أنا متأكد أنك عارفه الكلب ده راح فين !! ده أنا هطـربق الدنيا فوق دماغك لو مقولتـيش إبنك فين ؟!.


حاولت التملص من قبضتهِ أعلي شعرها،أمتعض وجهها بألم تتلوي أسفل قبضة يدهِ،لكنه كان ضاغطًـا بقوة علي شعرها:


_ أنا إبني مش كلب يا يوسُف،وقولت لك مئه مره أنا معرفش هو راح فين ،لأنـي لو أعرف مكنتش سبته يبعد عني لحظه وحده .


_ المفروض إنـي أصدق ،لا يا ماما فوقـي ،إبنك هلاقـيه وهشـرب من دمه الحرامي الكلب .


ضربت بيديها أعلي قبضته لعله يُفلت شعرها الذي كاد أن ينقلـع بين يديه ،لكنه أحكم قبضته أكثر يردف من بين أسنانه :


_ إبنك الحرامي سرق  مليون جنيه من حساب الشركه.


جحـظت عيناها بصدمة ،لا تُصدق ما يقوله بالتأكيد يقول عنه هكذا بهدف التقليل من شأنه وإهانـتهُ كما إعتاد،فـ إبنها ليس بحرامي،ولِمَ يسرق من الأساس وهذا ماله:


_ إنـتَ بتقول أي عُمر لا يُمكن يعمل كده ،أكيد دي لعبه من ألعابـك 


ضحك بتـهكم ،وإستهزاء:


_لا مش لعبه من ألعابـي، إبنك فعلاً سرق  مليون جنيه من حساب الشركه،ومن ورايا.....ولو مش مصدقانـي إتـصلي بالمحامي وهو يقولك بنفسه.


_ إبـني مش حرامي ،دي فلوسه يأخذها براحتـه ،أنـتَ الا حرامي و واطـي يا يوسف وهتفصل طول عمرك كده أنانـي ومش بتحب غير نف.....


رفع يديه صافعًـا إياهـا بغضب شديد،صرخت هي بألـم ،واضعه يديها أعلي خـدها تتحـسس بألم موضع الصفعه ،تنـظر له بكره :


_ مش قولت لك هتفضل طول عمرك واطـي ،عمرك ما هتتـغير ،ديل الكلب عمره ما ينعـدل .


كاد يضربها مره أخري ،لكن أوقفه قدوم إبنتـه "سيرين "التي ما أن سمعت صوت صراخ والدتها هرولـت إليها مسرعه ،بقلق وخوف .


_ فـي إي يا بابا....؟!


زمجـر بغضب ،متحدثًـا بـحدة وغيـظ:


_ إبـقي أسالـي أُمك ....


ثم تركهم ورحل بغضب ،أقتربت "سيرين" من والدتها،التي فور أن غادر والدها أرتـمت تجلس أعلي الفراش بوهـن ،بينما تنظـر أمامها بـشرود.


_ ماما هو فـيه إي حضرتك كُنـتي بتصـوتـي ليه ،إي الا حصل ،وبابا كان بيعمل إي هنا !؟


_ سبـيني لوحدي دلوقتي يا سيرين علشان خاطري،مش قادرة أتكلم،سبيـني لوحدي.


_ يا ماما بس.....


قاطعتـها بـحدة ،رافعة يديها أمامها بمعني توقفي عن الحديث:


_ بقولك سبينـي لوحدي يا سيرين علشان خاطري.


أومـات لها بهدوء،بينما إستدارت مواليه لها ظهرها تهم بالرحيل :


_حاضر زي ما تحـبي،بعد أذنـك.


❈-❈-❈


ما أن دلفوا إلي مكتب الضابط ،نهض الضابط من مكانهِ ،مُقتربًا منهم ببطء، أرتعدت الفتاتان منهُ ،لمْ يكن شكله مُرعب كباقي الضُباط والعساكر اللذين راؤهم في الخارج  الذي أعمارهم تتجاوز الاربعون أو أكثر ،و وجوههم متجمدة صارمة ومخيفة للغاية،بل أنه كان شاب لم يتخطي الثلاثون من عمرهِ ،مهندم ،ملامحه عاديه ،ذو بشرة سمراء ،لكن عادا عينيهِ ،عينيه الذي كان ينظر لهم بها بنظرات قاتلة بثت الرعب بقلوبهم  ،ما هذا اليوم المليئ بالرعب ،يبدو أنهم قد سقطوا في احدي افلام الرعب....... 


وقف أمامهم لعدة ثواني ينظر لهم بنظرات حارقة ،وكأنهم قد قتلوا له قتيل،ومع كل نظرة يوجهها لهم يقع قلبهم بين أقدامهم من الرعب ،أستغرب هو بعض الشيء في البداية عندما رائهم كان يظنهم فتاتان يندلع الاجرام من أعينهم،حيث كما علم أنهم قد ضربوا رجلاً علي راسه وأخذ بها ثلاثة عشر غرزة بسبب ضربتهم، لكنه وجد فتاتان جميلاتان ،يظهر عليهم أنهم أبناء ناس ،بداية من مظهرهم المهندم ،و نظراتهم الخائفة، وارتعاش اجسادهم ، التي تُأكد أنهم ولأول مرة يدخلون إلي قسم الشرطة من الأساس، و هو كضابط يعرفُ المُجرم من نظرة عينيهِ.. 


صرخ بهم قائلاً بصوت جوهري،بعدصمت دام لعدة دقائق يتأملهم فيهم  :


_بقا تضربوا الراجل تفتحولوا دماغة ....أنتوا فاكرين نفسكم أي!؟


رفع صوتهِ أكثر يضربُ المكتب بقبضة يدهِ: 


_ بلطجية في حواري..... 


لم تقوي ولا واحدة منهم علي الحديث،بل ظلوا واقفين منكمشين علي أنفسهم ،جف حلقهم من شدة فزعهم من صراخه عليهم للتو ،عاد إلي مكتبه ثم جلس علي طرف المكتب الخشبي ،يضع قدم فوق الأخري :


_ ها تحبوا تنزلوا الحبس يا حلوة منك ليها ....ده أنتو هتشوفوا أيام سودة 


لم يتلقي رد منهم ،فصرخ بهم للمرة الثانية ولكن بصوت اقوي:


_ متنطقوا....


عند ذكر السجن ،إنتفضت " سمر "باكية بهسترية، بينما ظلت يديها ترتعش ،بعد أن أصبحت متجمدة ،كادت تسقط علي الأرض قدميها لا تحملها ،لكن ما أن وجدها "علاء " هكذا إنتفض بخوف ناحيتها ينتشلها في أحضانه قبل أن تسقط،وأخذها علي أقرب مقعد قابله وجعلها تجلس عليه ثم صرخ مُناديًا العسكري الذي يقف أمام الباب يطلب منه أن يجلب له عصير ،فهرول العسكري مسرعًا وهو لا يفهم شيء...أقتربت "غالية "منها تُمسد لها يديها المتجمدة ،وهبطت دموعها هي الأخري خوفًـا عليها .


_ هي مالها؟ هي تعبانة ولا أي 


كانت هذه كلمات "علاء "الذي بدى أنه خائفا قلقًا،بينما أجبتهُ " غالية "بنبرة باكية وهي مازلت تُمسد لها يديها : 


_ مش عارفة ....سمر يا سمر أنتِ كويسة ،سمر ردي عليا !!


ظلوا هكذا لعدة دقائق يساعدونها كي تستعيد وعيها، تحسنت " سمر " قليلاً بعد أن تناولت العصير ،الذي ارغمها " علاء "علي إرتشافه كاملاً ،وما ان رأت " علاء" حتي بدأت في البكاء مرة أخري، نظر هو إلي " غالية " بتوتر ،تبادلوا النظرات قليلاً ،أمال عليها قائلاً بنفاذ صبر: 


_ أي في أي تاني!؟ بتعيطي لي طيب ....


أخذت تفرك عينيها وكأنها طفلة صغيرة ،ثم أجابته بنبرة مُتقطعة أثر البكاء : 


_ بعيط علشان أنتَ زعقتلي وصرخت في وشي!؟ 


وجهت لها " غالية" نظراتها بفهِ مفتوح ،ناظرة إليها بسخط ،بينما الآخر أعتلت الصدمة وجهه ،ماذا تقول تلك هل كانت تبكي كل هذا فقط لانه صرخ بها ،إذا ماذا كانت فعلت لو رماها في إحدي الزنزانات مع المساجين بتأكـيد لكانت ماتت بمكانها، نفذ صبرهِ منها، حمحم باحراج مُقتربًا من أُذنيهَ قائلا بصوت هامس لا يكاد يكون مسموع: 


_ طيب أنا أسف ،مكنتش أقصد أصرخ في وشك......خلصينا بقا


مطت شفتيها بعبوس وتذمر ،تُقلب عينيها بعناد قائلة بدلال : 


_ أسفك مش مقبول ،صالحني !! 


أخذ يفرك مؤخرة رأسه بخجـل من تلك الواقفة تتابع بصمت ،بينما ينظر بغيظ إلي تلك المصيبة التي أنحدفت عليه لا يعلم من أين!؟ : 


_ أصالحك أزاي مش فاهم؟ 


_ ما أنتَ لو كنت مُهتم كنت عرفت لوحدك .....


أخذ يردد جملتها بإستـغراب شديد، أنه يتذكر أنه قد سمع تلك الجملة في إحدى الأفلام،ضيق عبنيهِ بسأم وأستياء،ثم قال بسخط: 


_ لا ماهو أنا مش خطيبك ،واضح أن في لخبطة في الأدوار.....


أمتعض وجهها ،ثم صرخت باكية مرة ثالثة : 


_ أي أيوا قول بقي أنك بتتلكك علشان متصالحنيش وتجبلي شوكولاتة ،بس بردو مخصماك ،وأبعد عني أنا مش طيقاك ....


كل هذا تحت أنظار "غالية" التي أمسكت بنفسها للمرة المئة كي لا تنفجر ضاحكة، وتُخرب المسرحية التي تفتعلها إبنه عمتها، فـ "سمر" ما أن سمعت أنه من الممكن أن يُلقي بهم في الحجز أرتعدت، ثم بثواني فكرت في تلك الفكرة والتي شهادتها في إحدي الأفلام الأجنبيه سابقًا، وقررت تنفيذها وتُنقذ أنفسهم من نزول الحجز مع المجرمين..... 


ظل هو صامتًا بمكانه لم يتحدث، بماذا يستحدث من الأساس، ود لو يضربها بأي شيء، فـ وجه نظره إلي "غالية" قائلاً: 


_هي مجنونة ولا أي... 


رفعت الاخري كتفيها بمعني لا أعلم، من ثم هب واقفًا بعد أن كان جالسًا علي رُكبتبه أمامها كي يُهدئها، هَندم من ملابسه، ثم عادت تكشيرة وجهِ وعاد لصرامته الأولي، فصرخ بغيظ وغضب: 


_أنتو هتعملولي فيها مجانين، مبيدخلش عليا شُغل العبط ده.... أنطقي منك ليها ضربتوا الراجل لي؟. 


_حضرتك ده واحد مش مُحترم.... 


عقد يديها بحركة مُضحة، ثم صاح ساخرًا:


_لا والله....


نهضت "سمر" من مكانها، مُقتربة من مكتب الضابط، ثم هتفت بدلال أنثوي، بينما كانت تُسبلُ له بأهدابها بطريقة مُضحكة للغاية،: 


_كان بيتحرش بيا.... يرضيك يتحرش بيا 


توتر هو من نظراتها، ركز بصرهِ علي عينيها التي تُحركها بطريقة مُغرية طفولية، أعتدل في جلستهِ يُحمحم: 


_لا طبعاً ميرضنيش...


إبتسمت ببرءة ودلال: 


_شوفت بقا..... يعني أحنا معانا حق أننا نضربه؟. 


وكأنه كـ المسحور، صَلَبَ نظره عليها بتوهان، هتف بدون وعي، وكأنهُ مُنوم مغنطيسيًا من قِبَلِ عينيها البُنية الفاتنة: 


_حقك. 


❈-❈-❈


إرتفعت أصوات ضحكاتهم العالية ما أن خرجوا من قسم الشرطة، بعد نجاح خطة "سمر" العجيبة، والتي ظلت تتمايع علي الضابط المسكين الذي لا يرى سوى عساكر أمامه كل يوم، فكان من السهلِ التلاعب به، فكرتها كانت جيدة ونجحت وها هُم خرجوا بسلامة بعد أن أفرجوا عنهم 


_بجد مش مصدقة أننا طلعنا بالسهولة دي... 


صاحت بها "غالية" بسعادة، فأخذت الاخري تتمايل بغرور مُصتنع قائلة تتباهي بنجاح خطتها: 


_الفضل كله يرجع ليا ولأفكاري.... 


_والله العظيم أنتِ دماغ.... جاتلك الفكرة دي أزاي؟ ده أنا كنت ماسكة قلبي لو الظابط مدخلش عليه عبطك ده وبدل ما كان يرمينا في السجن كان رحلنا علي النيابة...


كادت تتحدث، ولكن أوقفها رنين هاتفها، أخرجت الهاتف سريعًا، فشهقت بصدمة ما أن وجدت ما يتعدي المئة مُكالمة فائتة من والداتها وزوجة خالها،هتفت قائلة بخوف: 


_يا نهار أبيض..ماما أتصلت بيا أربعين مرة ده غير مرات خالي وخالي، يلا بينا بسرعة اتأخرنا أوي.


الصفحة التالية