-->

رواية جديدة جوازة ابريل 2 لنورهان محسن - الفصل 7 - 1 - الخميس 1/2/2024


قراءة رواية جوازة ابريل الجزء الثاني  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية جوازة ابريل

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر 

من روايات وقصص 

الكاتبة نورهان محسن

الفصل السابع

1

تم النشر يوم الخميس

1/2/2024

 (نبأ مفجع) 


لدي قلب من ثلج ، وبداخلى الكثير من الحماقات التي أتحكم فيها بحكمة ونضج ، مثل إسكات صوت عاطفتى ، وصفع قلبي ، ورسم الضحكات الساخرة على مشاعري ورميها في حاوية ، هكذا أكون عندما تنكسر الثقة بالآخرين بداخلي ، أصبح صلبة وليست فتاة لها أحلاما وردية ، تعلمت الصمت وقت الكلام ، والهروب وقت الحضور ، تعلمت أن الزمن لا يرحم ولن يشفق على أحد ، وأن العمل هو تحقيق الذات والاستقلال والأمان ، تعلمت أن أحب نفسي فقط أكثر من الباقي ، لقد تعلمت من دروس الماضي الأنانية ، ومن الطيبة القسوة ، أن أكون استفزازية إن تحتم ذلك وألا أسكت عن حقي ، ولا آخذ حق ليس لي ، تعلمت أن من لا يشتري قلبي سأبيعه بالمجان .. أنا أبريل.


❈-❈-❈


في المستشفي داخل العناية المشددة


أغمضت أبريل عينيها بضيق شديد ، وهي تدير رأسها إلى الجانب الآخر ، فرؤيته شيء لم تستطع تحمله في الوقت الحاضر 


نظرت إلى الممرضة بتشوش وعدم تركيز ، قبل أن تسأل بنبرة ضعيفة مشوبة بسعال خفيف : انا حصلي ايه؟


الممرضة بنبرة لطيفة : جاتلك ازمة ربو شديدة والحمدلله جابوكي في الوقت المناسب وحاليا انتي بخير بس 


أشارت بطرف عينيها نحو النافذة الزجاجية للغرفة ، وسألت بجفاء : دول بيعملو ايه هنا؟


التفتت الممرضة نصف استداره للخلف ، مقطبة حاجبيها ، قبل أن تبتسم وهي تروي بثرثرة : ايوه اهل حضرتك يا انسة كانو مستنين يطمنهم عليكي .. ربنا يخليهم ليكي .. الحقيقة كانوا عاملين قلق كبير قدام العناية من شوية من خوفهم عليكي


لم تبد أبريل أدنى اهتمام بما قالتها ، وهي تنظر إلى سقف الغرفة في صمت ، وظنت الممرضة أنها متعبة ، فتحدثت بهدوء : هسيبك تستريحي شوية .. وانا هخرجلهم اطمنهم ليكي .. لحد ننزلك اوضة عادية بعد شوية


❈-❈-❈


عند صلاح


دعاء غلبها فضولها ، فرفعت بصرها نحوه ، لترى عينيه الحادتين تلتهمان تفاصيلها الساحرة ، وصولاً إلى عينيها التي عاتبته بصمت.


أجاب صلاح على سؤالها بكل صراحة ، وهو يشرف عليها بجسده مقبلاً قمة رأسها : شوقى اللي جابني ليكي


أنهى صلاح جملته بصوت ذكوري مثير ، وهو يجلس بجانبها على السرير ، مما جعل قلبها يخفق بقوة داخل ضلوعها بسبب تلهفها له ، لكنها قاومت بعناد مشاعرها المتيمة به ، لتتسلح بدرع السخرية الذي مزجته بسؤالها المشوب بالغيرة : وايه الاختراع اللي اخترعته عليها المرة دي عشان تقدر تسيب حضنها وتجيني متسحب زي الحرامية؟!


استمع لها صلاح بشرود ذهن ، وعيناه تدحرج بإفتتان على الفتحة الواسعة جدًا لقميص النوم الحريري ، الذى كاشف عن جزء كبير من مقدمة صدرها ، قبل أن يحمحم بخشونة ، محاولًا التركيز بعد أن نظر إليها مرة أخرى وهو يقول كلماته التبريرية : دعاء .. حبيبتي ليه بتعامليني كدا وايه لازمة الكلام دا؟


وجد منها نظرات عدم رضا ، لكنه قابلها بنظرات لينة قبل أن يقبل وجنتيها بلطف اعتذاراً ، مواصلاً سلسلة اعتذاراته التي لا تنتهي ، وكانت هذه طريقته في إرضائها بسبب إهماله الدائم لحقوقها عليه : انا عارف انك زعلانة مني .. بس انا مقدرتش اعدي الليلة .. واحنا متخانقين جيتلك مخصوص عشان اصالحك خلاص سامحيني


قرأت دعاء الإستعطاف على ملامحه ، فلم تستطع إخفاء مشاعرها تجاهه ، إذ تنفلت رغماً عنها أمامه ، ويرق قلبها إليه سريعاً ، فقالت بتنهيدة عميقة تدل على يأسها ، وضعفها أمام نفسها : عايزني اقولك ايه ها .. مشكلتي معاك هي هي مابتتغيرش .. فات اكتر من تلاتين سنة دلوقتي وانا مبعملش حاجة غير اني بسامحك وعايشة احبك يا صلاح وعاجزة ابعد عنك


سحبها صلاح من ذراعها نحوه ، وأحاط خصرها بذراعيه القويتين ، وضمها بينهما ، وقبل رأسها كاعتذار ثان ، وهمس بملكية بالقرب من أذنها : و مش هسمحلك مهما يحصل بينا تبعدي عني


ضمها إليه بحنان أكثر ، فتمسكت به بشدة كما لو أنها تخشى أن يتبخر من بين يديها ، وأخذت تشبع روحها برائحة من أحبته وعشقته حد الجنون والمجون ، بينما عيناها تقطران بالدموع لا إرادياً من شدة الألم الذي يمزق صدرها من فكرة خسارة وجوده فى يوم ، لذا كانت متفاعلة مع قبلاته المٌلحة ، وهمساته المعسولة بطريقة ملتهبة مليئة بالشغف واللهفة ، وكأن حياتها تعتمد على هذا.


ولعل السبب في ذلك هو طبيعة علاقتهما التي يغلفها العشق الممنوع والسرية التامة ، مما يجعلهما يندفعان تجاه بعضهما البعض رغما عنهما فى شوق عارم كلما أختلوا ببعضهما. 


❈-❈-❈


فى ممر المستشفى 

خرجت الممرضة من إحدى الغرف ، تحديداً التي كان الجميع يقف أمامها ، وقالت بنبرة عملية : تقدروا تدخلو .. بس لو سمحتو ماتجهدوش المريضة .. عن اذنكم


دخل كل من ريهام ويوسف على الفور ، وعندما تحرك باسم للانضمام إليهم ، أوقفه خالد وخاطبه بخفوت : أجلها شوية يا باسم


رفع باسم حاجبه إلى الأعلى بدهشة جالت على ملامحه ، متحدثاً بأسلوبه الساخر ، الذى يختبئ وراءه رغبة قلقة لا تزال كامنة في روحه المهشمة حتى يطمئن أنها بخير. : هبص عليها بس مش هاكلها يعني


خالد بتحذير : الاحسن ليك ماتدخلش .. ولا ماشوفتش اول مافتحت عيناها بصتلك ازاي .. ولا نظراتها ليك من دقيقة .. شكلك مهبب معاها مصيبة .. ماتعقدش الموضوع اكتر من كدا


لوح باسم بيده نافخاً الهواء بسأم : يووووه


_معلش اسمع مني خليها مع اخواتها دلوقتي .. وتعالي نقعد في الكافيتريا لحد ما اعصابها تهدي


وضع باسم إحدى يديه على خصره ، وهو يفرك ذقنه بيده الأخرى بطريقة عصبية قبل أن يعترض بنبرة ساخطة غلفت صوته الرجولى الجذاب : مش رايح كافيتريات .. خلاص هروح اعمل كام مشوار لحد ما سموها تهدي


حرك خالد رأسه بإشارة تشير دعمه بهذه الكلمات ، قائلا بإرهاق : يكون احسن و انا خليني اروح انام عشان خلاص بسقط مش شايف قدامي


أماء باسم له بعينه ، ثم تحرك يمشي معه محاولا تجاهل نبض قلبه المضطرب ، إذ يشعر بالخوف من رد فعلها ورفضها لمقابلته بعد ما فعله ، ورغم نفاد صبره الدائم ، إلا أنه أقنع نفسه أنه لن يخسر شيئا بانتظارها حتى تصبح مستعدة للحديث معه بهدوء ، والأهم أنه مطمئن على أن حالتها استقرت.


لكن كان داخله شعور بالغضب تجاهها ، لأنها جعلته يعاني من آلام نفسية قديمة تجددت في هذه الليلة الرهيبة ، وهكذا أخذ يبرر لنفسه معنى المشاعر المتضاربة بداخله.


❈-❈-❈


في غرفة ابريل


داخل المستشفي


_خليني اعدلهالك


نطق بها يوسف ، وهو يعدل بسرعة الوسادة خلف ظهر إبريل حتى تتمكن من الجلوس بشكل مريح : مرتاحة كدا يا ابريل .. تحبيني اساعدك في حاجة اعملك حاجة


هزت ابريل رأسها بالرفض قائلة بنبرة مقتضبة ومنخفضة وهي تتجنب النظر إليه : انا كويسة .. شكرا .. تقدروا تروحوا مفيش داعي تقعدو انا بقيت كويسة


إعترض يوسف ، قائلاً لها بإصرار حنون ، وهو يربت على كفها : لا هفضل معاكي و مش هتحرك لحد ما نخرج من هنا مع بعض يا حبيبتي


سحبت كفها البارد من تحت يده الدافئة دليلاً على رفضها لأي لمسة منه ، مما جعله يشعر بالحزن والذنب أكثر حيث رفعت رأسها ، ورمقته بنظرة حادة مرددة بإصرار : وانا قولت مفيش داعي


ضيقت ريهام عينيها بعدم رضا على طريقة أبريل الجافة ، وسألت بدهشة مختلطة بالقهر منها على ما حدث الليلة : مالك يا ابريل .. حساكي قافشة علينا وشكلك واخدة موقف مننا .. علي فكرة انا ويوسف مالناش اي دخل في حاجة


أنهى يوسف النقاش قبل أن يحتدم حينما قال بصوت هادئ : ريهام خلاص روحي انتي .. انا هستني معاها


استمعت إبريل إلى كلامه الذي أساءت فهمه ، مما أثار حالة من الغضب سيطرت عليها ، وسخرت تسأل بصوت محتدم : ايه!! خايفين عليا و خايفين اهرب؟


رفعت ريهام حاجبيها بإستنكار مع ردها ، ولمع الذهول في عيون يوسف ، وهو ينظر إلي ريهام محذرا إياها من الرد ، ولأن دورها فى حياة أختها سلبى ، فهى لا تهتم مطلقاً بما يتعلق بأمورها ، تمالكت أعصابها بصعوبة بسبب استفزاز ابريل لهم ، لتقول بانزعاج مشوب بالبرود : لا انتي باين اعصابك تعبانة اوي ومحتاجة وقت تهدي وتستريحي .. عموما انا هروح و هجيلك بكرا اطمن عليكي تكوني روقتي .. يلا سلام


_ابريل اا...


قطعت ابريل بقية عبارته ، وهي تدير رأسها إلى الجانب الآخر قائلة في بهمس مرتجف : ياريت تسيبني انام لأني فعلا مرهقة اوي .. ولا حتي دي مش من حقي كمان


سارع يوسف بالقول : مقصدش.. 


صمت يوسف فجأة عندما رأى التعب واضحا على وجهها ، فأردف مع تنهد : طيب علي راحتك .. انا جنبك هنا لو احتاجتي حاجة


أغمضت ابريل عينيها بضعف بعد زوال القوة الواهية التي كانت تتسلح بها لأنها خائفة ولا تشعر بأي أمان ، مثل قطة مذعورة تاهت من أمها

الصفحة التالية