-->

رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل الأخير - 1 - الجمعة 2/2/2024

 قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية كما لو تمنيت 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


 الفصل الأخير

1

تم النشر يوم الجمعة

2/2/2024

(النهاية)



في أحد المطاعم الراقية تجلس قبالته تتلاعب بطعامها وهو يتابعها بتفحص شديد فقرر أن يكسر ذلك الصمت الذي خيم عليهما إذ هتفا بهدوء: لارا؟


تنحنحت بحرج ثم رفعت عينيها لتواجه خاصته مجيبة إياه بهدوء: مش جعانة.


كست الحيرة ملامح وجهه وكاد أن يسألها عن أشياء كثيرة إلا أنها سبقته بحديث جعل الآخر يكاد أن يحلق في السماء من فرط سعادته إذ قالت: أنا بصراحة قلت لك تعزمني على الغدا عشان أتحجج وأتكلم معاك.


قطب حاجبيه بدهشة متسائلا: هو أنتي محتاجة حجج عشان تتكلمي معايا يا لارا من أمتى الكلام ده؟


تنهدت بقوة ثم استطردت حديثها وكأنها لم تستمع إليه: أنا الفترة اللي فاتت افتقدتك جدا على الرغم أن أحنا لما كنا في تركيا ما كناش بنتواصل كتير بس لما اقتحمت حياتي في الفترة الأخيرة حسيت أنك شخص مهم جدا في حياتي عشان كده لما بعدت فترة وما سألتش عليا حسيت بالوحدة وبرغم أني كنت محتارة ومترددة والتفكير كان هيموتني إلا أني بجد كنت مفتقداك جدا

بس قررت اوقف تفكير وامشي وراك وانا مغمضة زي ما كنت بعمل وانا صغيرة انا حبيت ادي لك وأدي لنفسي فرصة يا آدم.


اتسعت ابتسامته وهتف بسعادة: اخيرا جالها ده انا بقى لي اسبوع مش عارف انام ولا اشتغل يا شيخة منك لله كان كل تفكيري ان لارا هترفضني بقى في حوار احنا اخوات احنا اخوات واحنا أصلا مش اخوات ولا نيلة يلا قومي معايا.


رمقته بدهشة متسائلة: هنروح فين؟


هتف بمرح: هطلبك من اخوكي حالا.


❈-❈-❈


تطلعت إليها في دهشة ثم تساءلت: حضرتك عايزانا نرجع البيت طب ليه؟


أخذت نفس على مهل وزفرته بهدوء ثم أجابتها: أنا ما بقاليش غير أدهم دلوقتي يا فريدة حبيت أن ابني يكون معايا في نفس المكان وأنت أم وعارفة أن ما ينفعش الأم تتحرم من ابنها وكمان مرام محتاجة أدهم يكون جنبها الفترة اللي جايه.


ابتسمت فريدة بسخرية فتلك المرأة تفكر في نفسها كعادتها فهتفت ببرود سقيعي: وانا ايه اللي يجبرني أنا عايشة هنا مع جوزي وبنتي حياة هادية وجميلة من غير مؤامرات ولا مشاكل إيه اللي يجبرني أرجع للنار برجلي يا فيروز هانم؟


أجابتها ببساطة وكأنها أعدت حديثها مسبقا قبل أن تأتي إلى هنا: ما فيش حاجة تجبرك يا فريدة بس أنا أوعدك أن من النهاردة ما فيش لا مؤامرات ولا مشاكل ولا أي حاجة مش هكدب عليك وأقول لك إني بحبك وندمانة ومش زعلانة والكلام ده كله لا خالص أنا ما بحبكيش وطول عمري هابقا شايفاك إن أنت السبب في موت ابني بس قررت استسلم للأمر الواقع أدهم بيحبك وسعادته معاكي وأنا اقتنعت عشان كده أوعدك أني مش هعمل مشاكل معاكي مرة تانية وهسيبك في حالك وكمان...


قاطعتها فريدة: بجدية: وانا ايه اللي يضمن لي كلامك ده؟


أجابتها بثقة: ما فيش ضمانات أظن أنت عارفة جوزك متعلق بيكي قد إيه ومن أول مشكلة خدك ومشى يعني لو أي حاجة حصلت ما بينا هيختارك أنتي فاعتبري كلمتي هي الضمان.


صمتت فريدة تفكر وتقلب الحديث في رأسها.

وفيروز تتطلع إليها بفضول ممزوج باللهفة

ظلا هكذا لبعض الوقت حتى تحدثت فريدة أخيرا: أنا موافقة يا فيروز هانم هتكلم مع أدهم وبكرة بإذن الله نرجع القصر.


ابتسمت فيروز براحة ثم هبت واقفة ومدت يدها لفريدة هاتفة بامتنان: شكرا يا فريدة.


صافحتها فريدة هي الأخرى ومنحتها ابتسامة بسيطة مغمغمة بخفوت وصل إلى مسامعها: العفو اقعدي بقا اعمل عصير نشربه سوى وأجيب لك تالين تسلم عليكي.


أومأت لها فيروز بالموافقة وجلست وهي تشعر براحة لا مثيل لها

بينما فريدة ذهبت لتنفذ ما قالته وهي تحمد الله للمرة التي لا تعرف عددها فكل شيء يسير معها على ما يرام.


❈-❈-❈


أنت بتقولي إيه يا شمس عايزاني أسيب لك يونس أزاي وهو وصية أختك الله يرحمها ليا؟


أجابتها على الطرف الآخر بنفاذ صبر: يا بنتي افهمي يونس مستقبله هنا هيكون أفضل هيتربى في بيئة نضيف ويدخل مدارس لغات وأنتي جوزك لسه في بداية حياته لسه بيشق طريقه ومراد وافق إن هو يتكفل بيه وبتربيته يبقى فين المشكلة بس؟


أجابتها بحدة: بقول لك ده وصية أختك عايزاني أفرط فيها أزاي؟


قاطعتها بصرامة: تفرطي فيه إيه هو عند حد غريب خلية هنا يا فرحة صدقيني لمصلحته وبعدين انتي عارفة أني بحبه جدا وهخلي بالي منه واهو كل ما تعوزي تاخديه عندك خديه يقعد كم يوم هناك وكم يوم عند ماما واهو تغيير عشان ما يزهقش بس خلية معايا أحسن له والله العظيم.


صمتت فرحة قليلا تفكر فهي تعلم أن شقيقتها على حق فوجود يونس وسط تلك الطبقة المخملية سيؤوله بأن يكون شخصا ناجحا وسينتظره مستقبل باهر

فخرجت عن صمتها أخيرا هاتفة باستسلام: خلاص ماشي يا شمس خلية عندكم بس زي ما اتفقنا كل أسبوع ييجي يقعد عندي يومين.


وافقت شمس على حديث شقيقتها ثم غيرت دفة الحديث وراحت تسألها عن أحوالها ومدى علاقتها بزوجها

وفرحة تجيب على الأسئلة ولكن حين تطرقت شمس للسؤال عن مشاعرها فكسى الحزن صوت فرحة وهتفت بشجن: ادعي لي يا شمس ربنا يشيله من قلبي بسرعة عشان اعرف ابدأ حياة جديدة نضيفه من غير وجع ولا خيانة.


❈-❈-❈


ضحكات مرتفعة صدرت من مراد الذي كان يضرب كفا بالآخر وهو يستمع إلى حديث ابن عمه ومن ثم هتف بعدم تصديق: بتقول ايه يا مجنون انت جواز ايه مش خطوبة وكده وتدوا لنفسكم فرصة انكم تعرفوا بعض!


قاطعته لارا بهدوء: هو انا وآدم لسه هنعرف بعض يا مراد ده احنا تقريبا متربيين مع بعض ما بعدناش عن بعض غير الفترة اللي سافرنا فيها تركيا وكان الاتصال بينا على طول.


أكد آدم على حديثها واستطرد: وبعدين كفاية ان انا وهي متفاهمين ده أهم حاجة بعد كده كل حاجة تيجي على مهلها.


صمت مراد يفكر قليلا ثم هتف باستسلام: خلاص اللي تشوفوه لا انت صغير ولا هي صغيرة شوفوا انتم عايزين تعملوا ايه وانا معاكم بس انا عندي اقتراح صغير ايه رأيكم لو تيجوا تعيشوا معانا هنا واهو نبقى كلنا مع بعض؟


رد آدم برفض قاطع: لأ طبعا لاراه من حقها يكون لها بيت خاص بيها ممكن نبقى نيجي نقعد معاكم كم يوم كل فترة لكن هجيب لها احسن شقة وتفرشها على ذوقها كمان

ودلوقتي بعد إذنك بقى عشان ناويين نروح نفرح بابا انا قدرتك وكده واديتك بريستيجك ندو بقى للحاج برستيجه بدل ما يقف ويقول قسما عظما ما يحصل.


ابتسم مراد ثم اومأ له بالموافقة وربط على منكب آدم هاتفا بجدية مبطنة بالتحذير: لارا شلها في عينك يا آدم دي اختي واوعى تزعلها في يوم من الأيام مفهوم؟


مفهوم يا صاحبي.


ابعد يد مراد برفق ثم فتح الباب وأشار إلى لارا لتتقدمه للخارج: اتفضلي يا لارا هانم خلينا نخلص من الموضوع ده بقى.


تابعهما مراد بعينيه حتى اختفيا ثم هتف بارتياح: الحمد لله أديني اطمنت على لارا كمان ربنا يسعدك ويفرحك يا حبيبتي ايوة كده خلي الفرحة تدخل بيتنا بعد ما غابت فترة طويلة.


❈-❈-❈


بعد أن انتهى العمل عاد إلى المنزل وهو مهموم بسبب انتشار خبر خطبت لارا على ابن عمها في القريب العاجل مما جعله يشعر بالاختناق والغيرة والآن فهو خسرها للأبد

حاول أن يعتذر لها بشتى الطرق كي تعود إليه لكنه لم يفلح فماذا عساه أن يفعل وهي أغلقت جميع الأبواب أمامه لذا فعليه أن يتقبل خسارتها بصـ در رحب ولا يكون أنانيا ويتركها تعيش سعيدة بعد أن تركها هو.


ولج المنزل وبالتحديد إلى غرفته بعد أن ألقى تحية المساء باقتضاب ومن ثم اغلق بابه عليه وألقى بجـ سده فوق الفـ راش فقلبه ما زال يتألم.


بينما في الخارج تساءل الحاج رشيدي باهتمام: ما له يوسف وشه مقلوب ليه كده؟


برمت الحاجة زينب شفـ تيها بعدم رضا وأجابت: تلاقيها خطيبته منكدة عليه بس نعمل إيه بقا ما هو اختياره.


رمقها الحاج رشيدي بتحذير ثم أردف بحكمة: بلاش تتدخلي في الحاجات اللي زي دي يا زينب ابنك مش صغير ويعرف يدير حياته من غير أي تدخلات احنا بس ما عليناش غير أننا نقدم النصيحة وإذا أخد بيها أخد وكان بها ما أخدش بيها يبقى احنا عملنا اللي علينا.


وعلى الرغم من اقتناع الزوجة بحديث زوجها إلا أنها لم ترتاح لتلك الأروى أبدا لكن كما قال زوجها فالموضوع يخص ابنها وحده وليس أحدا سواه.

الصفحة التالية