-->

رواية جديدة ليتها تعلم لمريم جمعة - الفصل - 5 - 2 - الأحد 25/2/2024

  

  قراءة رواية ليتها تعلم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ليتها تعلم

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مريم جمعة


الفصل الخامس

2

تم النشر يوم الأحد

25/2/2024


جلست ذِكرىٰ على أحد المقاعد المُتواجدة في صالة الإستقبال بإرهاقٍ تام بعد أن أخذت جولة في أنحاء المشفى الكبيرة بأكملها، وجلست بجوارِها أحد المُمرضات الَّتي وكَّلها الطبيبُ إسلام بمُرافقتها كي تُرشدها على الأماكِن، وقد كانت ذِكرىٰ خائِفة ومُتوترة منها في البداية، لكنَّها وجدتها لطيفة وودودة للغاية فبدأت تتفاعلُ معها، وأفادتها الجولة كثيرًا وأنساها أمر الرسالة الَّتي نهشت رأسها من كُثرة التفكير بها، ولكنَّها في الأصل قد حسمت الأمر وستستعينُ بـ نُوح وتُخبره عنها، من يدري؟ لعلَّهُ هو من وضعها.!


_انتِ بقى في سنة كام يادكتورة.؟ 


سألتها المُمرضة الشابة ببشاشة في مُحاولة لكسر الصمت بينهُما، فتنهدت ذِكرىٰ تُجيبها بود..: 


_داخلة 6 طب بإذن الله.. وبعدين لسا شوية على دكتورة دي، قوليلي ذِكرىٰ عادي زي مابقولك هِند. 


هزَّت هِند رأسها موافقة ببسمة واسعة لتواضُعها، وقد وقعت عينا الإثنين على رجُلٍ يحمِلُ طفلًا بين يديهِ والدماءُ تتقطَّرُ من وجهه ويهرولُ داخِل المشفى وخلفهُ امرأة تركضُ خلفهُ وتبكي بقُوَّة، فهبَّت هِند واقِفة بسُرعة وهي تقول..: 


_تعالي معايا ياذِكرىٰ نشُوف الولد اللي متعور دا.


وبعد أن إتجهوا صوب الثلاثة أرشدتهم هِند على التوجه لصالة الطوارئ، وجعلت الرجُل يضع الطفل على أقرب سرير طبي، ثُم أحضرت بعض المُعدات الطبية ومدت علبة القطن لِذكرىٰ تدعوها لتولي أمر الطفل، فترددت ذِكرىٰ لثوانٍ قبل أن تأخُذ العُلبة منها، واقتربت من الطفل الَّذي يبكي بقُوة وحدَّثتهُ بلُطفٍ مُمتزج ببعض الحزم الزائف رغم توترها الشديد..: 


_إيه دا..هو مش الرجالة معروف عنها إنها مابتعيطش؟، إيه بقى اللي أنا شايفاه قُدامي دا؟ 


_الـ الـخبطة بتوجعني أوي أوي. 


هتف بها الطفل بتقطُّع من البُكاء والألم، فردت عليهِ ذِكرىٰ بحنان وهي تمسحُ على خصلاتِه..: 


_بص ماتخافش.. أنا هديك دلوقتي حُقنة مش هتخليك تحس بأي حاجة خالص. 


توقعت ذِكرىٰ أنه سيهدأ بعد أن يستمع حديثها، ولكن حدث العكس تمامًا، وأخذ الطفل يهتز باكيًا بقوة أكثر من ذي قبل قائِلًا بنبرة تملئُها الخوف الشديد..: 


_حقنة لا بالله عليكي.. أ أنا مش عاوز اخد حُقن. 


_ماتسكت ياض وخليها تخلص تتزفت تخيطلك الجرح عشان نغور. 


نهر الوالد طفلهُ بتلك الكلمات الحادة الَّتي أرعبتهُ أكثر وأغضبت ذِكرىٰ، فاعتدلت واقفة واستدارت لهُ ترُد عليهِ بحدة مُتناسية خوفها تمامًا..: 


_دا مش إسلوب على فكرة تهدي بيه الولد حضرتك.. وبعدين ينفع تسيبني أشوف شُغلي، أنا عارفة كويس هتعامل معاه إزاي. 


كاد الرجلُ أن يتحدث ويفتعل شجارًا معها بعد أن إستفزتهُ بكلماتِها، فتدخلت المرأة تُمسك ذراعِ زوجها الأيسر تتوسلهُ باكية بقولِها..: 


_أرجوك يافؤاد سيبها تشوف شُغلها بدل ما إحنا بنضيع وقت على الفاضي. 


زفُر الأخيرُ بقوة جاذبًا ذراعيهِ الذي تحاوطهُ زوجته، بينما شتمتهُ ذِكرىٰ بداخلها ثُم تنهَّدت واقتربت من الطفل مرة أُخرى تُربت على خصلاتهِ برفقٍ قائِلة..:


_بص أنا لو ما إدتكش حُقنة وخيطتلك الحُقنة من غير بينج هتوجعك أكتر.. وأوعدك إن الحُقنة هتبقى زي شكة الدبوس بالظبط ومش هتحس بيها خالص ياعم.. متفقين كده؟


هز الصغيرُ رأسهُ موفقًا بوهن، ورغم إقتناعهِ بعض الشيئ، إلا أنه لازال مُرتعِبًا، وبعد أن إرتدت ذِكرىٰ القُفَّازات الطبية أخذت حُقنة المُخدر الَّتي جهزتها هِند لها وجذبت مِقعد تجلِسُ عليهِ بجوار الطفل قبل أن تُحادثه مُمازِحة..: 


_أنا على فكرة لحد دلوقتي معرفش إسمك ياعم.. ينفع كده؟ 


_إسمي فريد. 


إرتسمت إبتسامة على وجه ذِكرىٰ بعد أن سمِعت إسمه، وقد لمعت عينها بحنينٍ لم تستطِع إخفائِه في نبرتها وهي تقول..:


_تعرف يافريد.. إن أنا كان ليا أخ عنده نفس إسمك وكُنت بحبه أوي.. بس راح عند ربنا وهو عنده 11 سنة. 


ونهضت واقفة بعد أن أنهت حديثها رافعة الحُقنة الَّتي فرغت من سائل المُخدر أمام عينيه قائِلة ببسمة واسعة..: 


_ها إيه رأيك.. حسيت بحاجة؟ 


إبتسامة طفولية سعيدة إرتسمت على وجه الطفل فريد وهو يفتح عينيه مذهولًا من عدم شعورهِ بوخزتها، وقد نظر لذِكرىٰ وكأنَّها بطلة خارِقة شعرت الأخيرة من خلالها بأنها فعلت شيئًا كبيرًا، وأخذت تتبادلُ معهُ عدَّة أحاديث وهي تخيطُ الجرح المتواجد أعلى جبهته كي لا يخاف رغم أنها أعطتهُ مُخدر موضعي جعله مُستيقِظ ولا يشعر بأي ألم، ولحُسن الحظ أنَّ الجرح لم يأخُذ وقتٍ كثير في تخيطه لأنَّهُ ليس كبير، وبعد أن إنتهت من مُهمتها نظَّفت وجههِ الَّذي كانت الدماء تُلطِّخهُ وهي تتنهد بإرتياحٍ وسعادة لأنَّها أنجزت مُهمتها بنجاح. 


الصفحة التالية