رواية جديدة مشاعر مهشمة 2 لشيماء مجدي - الفصل 65 - 1 والأخير الجمعة 9/2/2024
قراءة رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
الفصل الخامس والستون
والأخير
1
تم النشر يوم الجمعة
9/2/2024
❈-❈-❈
بعد رحيل الضيوف، صعد كل من أفراد عائلة "عاصم" إلى غرفهم، للخلود إلى النوم، بعد قضاء ليلة حافلة بالضحكات الخفيفة، المناوشات اللطيفة والمشاكسات الظريفة. في الرواق المؤدي إلى غرفة الولدين، المجاور لها غرفة الوالدين، كادت "داليا" أن تدلف إلى غرفة التوأم، حتى تطمئن عليهما قبل أن تتوجه إلى غرفتها، إلا أن "عاصم" حال دون ذلك، مجتذبًا إياها من ذراعها بحركة سريعة إلى غرفتهما. شهقت هي حينئذٍ بتفاجؤ، ولكن تعجله لم يترك لها مجالًا لتدارك ما يحدث، أو ما يريد، وما إن دلفا من باب الغرفة، حتى سألته بحيرة:
-في إيه يا عاصم؟
دنا منها في لمح البصر مكبلًا خصرها بيديه، وبالقرب من وجهها قال لها بشوق:
-في إن انا طلع عيني بما فيه الكفاية الفترة اللي فاتت..
ازدادت نبرته حرارةً وهو يضيف بتوله:
-حبة دلع بقى لعاصم الغلبان لاحسن استوى.
انفرجت شفتاها ببسمة شقية، وقد تفقهت ما يوده، عادت بوجهه للخلف وسألته بعبث أنثوي:
-مزهقتش من الدلع؟
ضاعفت حركتها المتدللة من رغبته في التهام ثغرها، وعلق بنبرة متهكمة، ولكنها حاملة لأنفاسه الساخنة:
-في حد بيزهق منه برضه؟
لم يدع لها فرصة للابتعاد عنه قيد أنملة، ودمغ على فوره ثغرها المكتنز بقبلة طويلة، تجدد عن طريقها الشغف، وتجمد جسديهما من لذة الشعور، الذي دوى بجسديهما وعصف. مضت لحظات كان لها مفعول السحر على كليهما، فصل بعدها "عاصم" القبلة وأنفاسهما تمتزج معًا بوتيرة سريعة، بعد ما تحفز في خلايهما، وتنشط في أوردتهما، وباشتياق محموم همس "عاصم" بالقرب من شفتيها المحمرتين إثرًا لهجومه القوي:
-وحشتيني بشكل ميتوصفش، وحشتني اوي اوي يا داليا.
اهتزت شفتيها ببسمة راضية، ومستمتعة بتلك اللهفة البادية، وشاكسته بقولها الرقيق:
-وحشتك ازاي ماحنا مع بعض؟
مسح فوق كتفها بنعومة مذيبة، وغمغم بشوق صادق:
-حاسس إن بقالنا كتير أوي بعاد، لدرجة إنك وحشاني وانتي معايا وقدام عيني.
عزز ذلك من ثقتها بنفسها، وبحبه لها، حاوطت عنقه بذراعيها، وعلقت بغنج مغوي:
-كان لازم تطلع عيني عشان تقولي الكلام الحلو ده؟
رفع أحد حاجبيه لها وهو يرد بنبرة تمتزج بغيظ مصطنع:
-مانتي طلعتي عيني انتي كمان، بقالي شهور بصالحك فيكي يا مفترية، واخرتها كنت هروح فيها.
على فورها مع ترديده لعبارته الأخير، هتفت بوجل:
-بعد الشر عليك..
ثم ما لبثت أن أطنبت بشجن وقد لاح البؤس على قسماتها:
-لو كان جرالك حاجة انا اللي كنت هروح فيها يا عاصم.
لم يرِد أن تسيطر عليها مشاعر الحزن المرتبطة بتلك الذكرى المأساوية، لذلك لطف الأجواء بسؤاله العابث:
-وأي كمان؟
عادت لوجهها إشراقته، وزينت ثغرها بسمته، وردت عليه بشقاوة مستستاغة:
-الكلام كده هيطول مننا ومانيسا مش هتسيبنا.
أشارت إلى ابنتها في قولها، لكونها قد بدأت في البكاء، معلنة عن استيقاظها، حينئذٍ تركها لتذهب إليها، وبينما تحملها لتهدهدها، ، وتطمئها بوجودها بقربها، قالت لـ"عاصم":
-شكلها جعانة، أوديها للناني؟
لم يحبذ فكرة انتقالها لغرفة أخويها للنوم هناك، وتوجه نحو زجاجة الرضاعة خاصتها، قائلًا لها برفض لين بعدما أمسك بها:
-لأ خليها، الرضعة أهي، لو رضعت هتنام.
عاد أدراجه نحوها ليعطي لها الزجاجة، حينها أخبرته "داليا" بتنبيه:
-ماهي هتصحى تاني ومش هتخليك تعرف تنام وانت عندك شغل الصبح.
تمسك برفضه على عدم نومها في غرفة أخرى، مرددًا باستنكار مرح:
-وانا كنت اشتكيتلك؟
تصميمه ذلك جعل التعجب يعتلي وجهها، خاصة أنه لم يعلق على نوم التوأم في غرفة منفصلة عنهما، وبينما ترضعها وهي جالسة على طرف الفراش، عقبت باستغراب بصوت خفيض حتى لا تزعج الرضيعة:
-هو في ايه بقى؟ اشمعنا مانيسا يعني اللي بتصمم تنام معانا، وساعات بتخليني انيمها بينا.
تسللت بسمة يشوبها حبه البالغ لرضيعته، ورد عليها بخفوت وعيناه معلقة على "مانيسا":
-عشان دي حبيبة ابوها وروحه وحياته كلها، مقدرش تسيبني ولا تنام في مكان بعيد عني.
سعدت لإبدائه ذلك الحب الصادق لابنته، ولكنها خشيت للحظة أن يكون حب الولدين أقل في قلبه، حينها ضيقت عينيها عليه، وسألته باهتمام:
-ونائل ورائف بقى مش حبايبك زيها؟
تبدلت ملامحه للجدية من سؤالها المباغت، ورد عليها بلهجة صادقة غير قابلة للتشكيك:
-ده سؤال مش محتاج جواب يا داليا، التلاتة بحبهم زي بعض.
رده طمأن قلبها، ولكنها في نفس الآن لم تفهم سبب تصميمه الدائم على عدم نوم الرضيعة بعيدًا عنه، لذلك وضحت ما يحيرها بقولها الهادئ:
-مش قصدي يعني، بس انت مش بتنيمهم جنبنا زي مانيسا.
قابل كلماتها ببسمة متسلية ورد مرح:
-والله لولا اني مش هلاقي مكان انام انا فيه وقتها كنت جيبتهم هما كمان.
صدحت ضحكة خافتة من بين شفتيها، وقد قررت أن تتوقف في تلك اللحظة عن الاستفسار المتزايد حول ذلك الأمر، حتى لا يسيء فهمها، ولكنه فاجأها بإطنابه باستيضاح جاد:
-مانيسا انتي عارفة ظروف حملك فيها وولادتها، وانا تقريبا كنت فاقد الأمل إنها..
لم يطاوعه لسانه أن يلفظ تتمة جملته، ولم يكن يريد من البداية أن يستعيد ذلك الشعور اليائس في حياة ابنته مذ كانت جنينًا برحم أمها، ولكن "داليا" توقعت ما بُتر من عبارته، ولاحت تعبيرات شاجنة لتذكرها لما عانته من هواجس مخيفة تلك الفترة، كان من بينهما خوفها على فقد الرضيعة قبل حتى أن تبصرها، وكذلك بعد ولادتها، فلم يتسنَ لها حينها رؤيتها قبل أن تُرسل للحضانة في حالة طارئة، حياتها على المحك. ضم شفتيه وهو يحرر نفسًا مطولًا، ثم تابع:
-عشان كده تلاقيني متعلق بيها شوية.
رسم بسمة بسيطة على وجهه، وهو ينظر إلى محيا الرضيعة الملائكي بعدما أغمضت عينيها وهي تسحب حليبها من فوهة الزجاجة، دلالة على نعاسها الوشيك، وأضاف بحب أبوي:
-ويمكن برضه عشان بنت والبنات بيحبوا الدلع وانا عايزه ادلعها بصراحة.
ابتسمت باتساع لقوله، واستبقت نظرها عليه وهو يكمل بلهجة مطمئنة:
-لكن انا ولادي كلهم عندي زي بعض، واستحالة افرق بينهم في المعاملة، متخافيش من حاجة زي دي.
مدت يدها نحو كفه الدافئ، الذي احتوى يدها في راحته بحب مميز يخصها به وحدها، وقالت له بثقة:
-انا متأكدة يا حبيبي إنك هتكون ليهم أحسن أب في الدنيا.
ملأت أمارات السعادة قسماته من نبرتها الواثقة به، ورفع يدها نحو فمه، لاثمًا ظهر كفها بامتنان لذلك الدعم، فهو بحاجة لطاقة إيجابية دائمة، خلال فترة علاجة، لتدفعه قدمًا نحو التعافي بشكل تام. التزم بعد ذلك الصمت وهو يرها تنهض عن الفراش بتؤدة، بعد أن غفت الصغيرة بين ذراعيها، وبتمهل وضعتها في فراشها، وتأكدت من إراحة جسدها بطريقة صحيحة، ثم عادت بعد ذلك لتنضم لزوجها في الفراش، الذي تلقاها بين ذراعيه، وفي لمح البصر قلب الوضع لتصبح أسفل منه، وهو يشرف عليه بهيمنة محببة، وليست منفرة كالسابق، مرددًا بعبث موحٍ:
-نرجع لكلامنا احنا بقى.
ثم ما لبث أن اقترب من وجنتها مقبلًا إياها بنعومة مذيبة، وهو يتسائل بجوار إذنها بهمس حار:
-احنا كنا بنقول إيه كده فكريني.
لفحت أنفاسه الساخنة جانب وجهها وبشرة جيدها، مخلفة تأثيرًا موقدًا، ومؤججًا لخلاياها النائمة، محثًا إياها على الانتفاض، والاشتعال، حتى اندمجت مع لمساته، وهمساته، وغمغمت بنبرة لعوب، وهي تتلمس عنقه بنعومة ملهبة:
-كنا بنقول.. إني وحشتك أوي.
اعتلى شفتاه مكر مغرٍ، ودنا من شفتيها وهو يهسهس:
-ده كان شفوي، نطبق بقى عملي.
صدحت منها ضحكة أنثوية مجلجلة، ذات تأثير محمس، ومحفز للمشاعر الكامنة، انتهى صداها في جوفه بعدما التقم شفتيها بلهفة شديدة، ورغبة عتيدة، جارته في شغفه بنفس الشغف، وبادلته حبه بولعِ وكَلَف، حتى انغمسا، وانخرطا بداخل موجات العشق الجارف، فهاما بعنفوان في هواهما، وتام الحب واللهفة بعقليهما، فغابا عما حولهما إلى حد قاصف، ومع مرور الوقت بينهما، أصبحت للآهات، والتأويهات ترنيمة مميزة تطرب الآذان، وتنعش الأبدان.