-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 8 - 1 - الثلاثاء 6/2/2024

 

 قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثامن

1

تم النشر يوم الثلاثاء

6/2/2024



في ركن مظلم داخل إحدى البنايات الغير مكتملة البناء، كان قابعًا يتابع بتركيز شديد؛ لكل شاردة او واردة في هذا المنزل وهذه الساعة المتأخرة من الليل والهاتف على اذنه يبلغ محدثه من الجهة الأخرى اخر المستجدات لحظة بلحظة:


- ايوة يا غازي بيه زي ما بجولك كدة، الحركة النهاردة غير طبيعية، الراجل اللي جايبنه كذا مرة اشوف خلجته وهو طالع يتجنص ع الشارع، ودي اول مرة تحصل منه، 


جاءه الرد من الطرف الآخر:

- يعني ايه؟ انت شاكك تكون اللقية هتطلع النهاردة؟

- مش عارف الصراحة بس حاسس زي ما يكون في حاجة هتحصل؟


- تمام يا بسيوني انا معاك ومستني ساعة الصفر، اما نشوف ايه أخرتها.


❈-❈-❈


طال انتظارها له، منذ ان دلف لداخل الشرفة، واغلق شراعاها عليه وهو لم يخرج الى الاَن، تصلها بعض الهمسات الخفيفة بكلمات ليست مفهومة اليها ، 

في هذا الوقت المتأخر من الليل ، الوضع يدعو للإرتياب،


حتى استبد بها الفضول، لتنهض عن التخت ترتدي مئزرها، وتتبع هذه المرة غريزتها، متخلية عن تحفظها الدائم، وتذهب اليه كي تسأله او تستكشف الأمر بنفسها، لربما.....


نفضت رأسها فجأة عن هذه الفكرة الغبية، فهذا غريب عن طبعه و..... ولكنه رجل!


همت أن تطرق على خشب النافذة في البداية، وتتصرف بطبيعتها كالعادة، لكن مع سماعها لنفس الهمهمة التي لم تفسرها بعد ، تقدمت لتفعل ما لم مالم يخطر على بالها ان تفعله قبل ذلك، لتدفع شراعي النافذة بعنف وتقتحم عليه خلوته 


حتى اجفل ليلتف اليها ، وهو يتحدث عبر الهاتف مع أحدهم، ويقطب حاجبيه بدهشة لفعلها، متمتمًا لمحدثه من الجهة الأخرى:


- ثواني دجيجة طيب، هجفل وراجعلك تاني 


اغلق الهاتف ليرمقها بتساؤل، وقد تفاجا بهذا التجهم الذي ارتسم جليا على ملامحها :

- ايه يا نادية؟ في حاجة؟


- والله السؤال ده تسأله لنفسك، بجالك ساعتين جافل على نفسك وشغال ود ود في التلفون، كل دا بتكلم مين يا غازي؟


كانت منفعلة تسترسل في توجيه الأسئلة له بحدة وكأنها ظبطته بجرم ما، حتى صدر منه الرد بدفاعية وعدم تركيز:


- وه يا نادية، يعني هكون بكلم مين كمان؟ دا بسيوني كان عايزني في أمر هام 


جاء ردها بتشكك مرددة بما يشبه السخرية:

- بسيوني برضوا؟ تلت ساعات وانا جاعدة ملطوعة على فرشتي مستنياك تطلع من البلكونة اللي حابس نفسك فيها بعيد عني، عشان تيجي في الاخر تجولي بكلم بسيوني، بالذمة دا كلام يخش عقل عيل صغير يا غازي. 


- تلت ساعات كمان؟ ما هو من شوية كانوا ساعتين يا بوي، خبر ايه يا نادية. مالك كدة بتزودي على كيفك مع كل جملة........


قطع فجأة صيحته ليستدرك بأعين برقت في النظر إليها، يتمعن بهذه الملامح المحتقنة، واهتزاز جسدها 

امامه من فرط غضبها وتحفزها في تكذيبه، وكأنها.....


ابتلع يتمالك بصعوبة الصخب الدائر داخله، ليسأل على تردد منتقيًا كلماته:

- جصدك ايه يا نادية بكلامك ده؟ هو انتي شاكة اني بكدب عليني لما بجولك اني كنت بكلم بسيوني. 


- انت نفسك مصدج كلامك دا يا غازي؟ هو بسيوني دا كان حبيبتك يعني عشان ترغي معاه بالودودة والهمهمة؟ ولا هو بيسيبك اصلا طول اليوم عشان ياجي يكمل معاك السهرة ع التلفون  


خرج ردها بعفوية، وعدم انتباه، غافلة عن قلب محب كان يتراقص بالفرح لغضبها هذا ، حتى لم يقوى على كبت ابتسامة لاحت على محياه، ليعلق مواجهًا لها:


- نادية هو انتي بتغيري؟

صعقها بسؤاله حتى ارتدت بفزع للخلف، تبتلع وقع الجملة عليها، أتكون بالفعل غاضبة من أجل ذلك؟ ولكن كيف لها ان تغير عليه وهي في الأصل لم تفتح قلبها لأحد اخر بعد الراحل زوجها؟ 

ف الغيرة هي النتاج الطبيعي للعشق وهي لم تعشق سوى الراحل. 


- سكتي ليه ما تجاوبي؟

سألها بمكر وما تقرأه من عينيه زاد من سخطها نحوه

لتنفي وكأنها تنفي عنها تهمة:

- لا طبعا، إيه اللي انت بتجولوا ده؟ انا كنت بتكلم من الخوف لتكون قي حاجة حصلت دا غير جعدتك في البرد لوحدك وفي البلكونة المتلجة، يعني مش اللي في بالك.


- مش اللي في بالي، اه .

قالها بمشاكسة واضحة، مظهرا عدم تصديقه، ف استشاطت من الغضب، لتضرب الأرض بقدمها، قائلة بغيظ وهي تلتف عنه:


- براحتك يا غازي، انا راحة انام وسيبهالك خالص، اعمل اللي يلد عليك.

قالتها وتحركت بغضبها للداخل ولكنه كان الأسرع ليوقفها في وسط العرفة، جاذبًا لها من ذراعها ليباغتها بضمها اليه، وبدون استئذان حطت شفتيه تعانق خاصتيها بقبلة انقطعت بها انفاسهما، حتى اذا تركها اخيرًا، تمتم لاهثًا لها بتوعد:


- والله لو ما كنتش النهاردة ورايا اللي يجبرني اسيبك،  ما كنت اخليكي ابدا تفلتي من تحت يدي دلوك، بعد ما بردتي جلبي بكلمتينك دول، حتى لو مكنتيش جصداهم ولا معترفة بيهم.


❈-❈-❈



وفي الجهة الأخرى اعتدل ليسلط ابصاره على السيارة التي توقفت قرب البناية القابع هو داخلها، ليقترب بخطواته على أطراف اصابعه، في الظلام الدامس، حتى وصل لمدخل البناية التي لا يوجد بها باب بعد، ليراقب بحرص شديد ذاك الذي كان يترجل منها، حذاء شديد السواد حط ع الارض، وجلباب فاخر، يرتديه رجل ضخم الجسد، يغطي على كتفيه العريضين بعباءة سوداء، ليتيبن وجهه امامه الاَن بوضوح، صاحب البشرة شديدة البياض والمعروف لدى الجميع،  بشاربه الكبير، ينثر بأصابعه الغليظة رماد السيجارة المحترقة،  قبل ان يصفق باب السيارة ويذهب نحو وجهته داخل المنزل المقصود، 


- صدقي ابو سليم،  وه يا ولاد .

تمتم بها بسيوني باستدراك اثار ابتسامة على شفتيه تخلو من المرح، وقد تأكد ظنه اخيرًا بهذا الرجل ، والذي تروج عنه الاشاعات ، كضلع اساسي في تصريف ما تحمله المقابر الفرعونية، التي يستخرجها الأهالي في الخفاء ، بما يملكه من علاقات قوية مع مسؤلين في الداخل والخارج، تمكنه من فعل الكثير دون محاسبة من أحد، وفي الظاهر تجارة مشروعة في بيع الأجهزة الكهربائية، وبعض الأشياء الأخرى.


انتفض من شروده على هزة الهاتف بورود اتصال اعتقد في البداية أنه من غازي، ولكنه كان من شقيقته ليرد يجيبها على الفور وهو يتحرك ليصعد الدرج الاسمتني  الى السطح الخرساني، حتى يرى الصورة أوضح:


- ايوة يا ورد ، عايزة ايه يا خيتي؟

- عايزة سلامتك يا شجيجي، الساعة داخلة على اتنين دلوك وانت لسة مجيتش؟ ناوي تبيت برا اياك؟

قالتها بتلهف اجبره على طمأنتها :

- لا يا غالية مش هبيت ولا هعوج اكتر من كدة، هي نص ساعة بإذن الله اكون مخلص اللي في يدي، نامي انتي ولا تكونيش خايفة؟


- مين دي اللي تخاف يا باشا؟ دا انا تربيتك عاد، جلجانة عليك بس يا واد ابوي .


- لا يا حبيبتي متجلجيش، واجفلي دلوك عاد عشان اللحج اخلص اللي في يدي واجيلك، ماشي يا بت بسيوني. 


وصله صوت ضحكتها فور اخبارها باللقب المحبب ،  لتجيبه بلقبها له هي الأخرى:

- ماشي يا جلب ورد، ربنا يجف معاك يا حبيبي .


انهي معها ليتلقى الأتصال الاخر،  فبجيب منشغلًا في المراقبة من خلف العمود الخرساني:

- ايوة يا غازي ييه، صدقي ابو سليم حضر، كدة وضحت الرؤية ، والاكيد انه جاي عشان يخلص، يبجى احنا لازم نلحج 


رد غازي بموافقة:

- تمام يا بسيوني، اثبت انت مكانك على ما اخلص انا واجيلك مع القوة الأمنية. 


- ماشي يا بيه انا جاعد ع السطح دلوك شايف يدوب حركة خفيفة، مش عارف منها حاجة ، انا بجول اجرب او ادخل من الضهر اشوف اكتر .


رد غازي برفض قاطع:

- لاه يا بسيوني، ما تسيبش مكانك،  راجب من محلك وبس عشان امانك، احنا هنشوف ونعرف كل حاجة مع الحكومة، متخليش الحماسة تاخدك، صدقي دا مش هين، ومحدش يضمن رد فعله.


- ماشي يا غازي بيه اللي تؤمر بيه.

انهى بها ليغلق الهاتف ، مزعنًا بطاعة لأمر رئيسه،  في المراقبة من محله في هذا الوقت، يمشط المنزل من كل النواحي، حتى اصطدمت عينيه بهذا الجسد الضئيل الملتصق في نصف الحائط الصغير، ليفتر فاهه على اخره بدهشة، وقد علم بهوية الشخص:


- وه، يخرب مطنك ، جاعد بتراجب مكانك انت كمان، طب انا ليا هدفي، وانت هدفك ايه يا جزين؟



الصفحة التالية