-->

رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 13 - 1 - الخميس 22/2/2024

 

قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى







رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثالث عشر

1

تم النشر يوم الخميس

22/2/2024



كالعادة وفي كل يوم خميس، تجهزت على الميعاد، لترتدي عباءتها السوداء ثم تناولت سلة المخبوزات التي اعدتها منذ الأمس لتهبط الدرج من الطابق الثاني إلى الأول، 


ولكن وقبل ان تحط قدميها على الأرض جبدًا وصلها الصوت المتحشرج عن قرب، لتفاجأ به بجوار والدته في الصالة الداخلية، جالسًا بجذعه على الأريكة الخشبية، يحيط رأسه بكفيه، ويغطي نصف جسده بغطاء ثقيل وكأنه.......


- انت نمت هنا يا فايز؟

صدر منها السؤال بما تفكر به ، لينتبه لها مع سكينة التي تكفلت هي بالرد:

- ايوة يا بنتي، امبارح كان راسه تعباه جوي وانا اللي دجيت عليه يبيت هنا، خوفت ليمجدرش يكمل للبيت هناك ولا يوقع في الطريق. 


كانت الكلمات تخرج منها بنبرة اسفة وكأنها تخشى غضبها، حتى شعرت سليمة بالحرج لتعقب ملطفة لها:

- انا مجولتش حاجة يا مرة عمي، انا بس اتفاجات انه....

يبيت هنا ويسيب اهل بيته هناك لحالهم....


- مش جاعدين لحالهم يا سليمة 

قالها فايز لترتفع رأسه اليها مستطردًا :

- خوات شربات لسة بيبتوا معاها ومش سبينها، على ما تهدى شوية وترد لعجلها، يمكن تبطل عمايلها، اطمني يا بت عمي انا مش جاي ارمي بلايا عليكي زي كل مرة، 


برغم كل ما حدث وما لاقت منه، الا ان رؤيته بهذا الانكسار بالفعل يؤلمها، ولكنها ايضًا لن يفوتها السؤال الملح:

- طب وبناتك يا فايز، هتسيبهم ومرتك بالحالة دي اللي بتجول عليها؟


ردد خلفها بما يشبه العتاب:

- دول عرضي يا سليمة اسيبهم كيف؟ اسيبهم كيف وهما الحبل اللي ربطني بامهم دلوك، يعني مهما شوفت منيها مجدرش افوتها عشانهم، دول هما اللي باجينلي في الدنيا.


تأثرت سليمة بالمرارة التي تنبع مع حرف يخرج منه، حتى عبرت له عن تضامنها بالدعاء:

- ربنا يخليهمولك، وتلاجي العوض فيهم. 


اومأ يطرق رأسه ويعود لحالته الأولى، لتمسك سكينة دفة الحديث معها، بسجيتها المعهودة:

- انا كنت جايمة اعمله كوباية شاي عشان رأسه المصدعة، تجعدي تشربي معانا؟ ولا نعمل فطار ونفطر مع بعضينا احسن .


تبسمت سليمة لعفوية المرأة، لتتحلى بالزوق ف الرد لها، حتى تتحاشى ان تخذلها:

- افطروا انتوا بالهنا يا مرة عمي، انا ماشية اصلا للمدافن، دا ميعادي في زيارة المرحوم، عن اذنكم. 


قالتها لتتحرك على الفور ذاهبة، وتتمم سكينة من خلفها بأسى

- اذنك معاكي يا بنتي، تعيشي وتفتكري يا حبة جلبي.

قالتها ثم انتبهت على ابنها الذي تجمد في متابعتها وهي تذهب، وحسرة ارتسمت على ملامحه الجامدة،  تشطر قلبها المعذب بالحزن عليه وما جناه بفعله

.

❈-❈-❈


هل طالت الايام ولم يشعر هو بها لقربها منه؟ تبا، انه لم يمر سوى اسبوعين منذ زواجه الصوري منها، ولكن قلبه المعذب يتألم لألمها، جزعها على شقيقها الذي طالت غيبوبته لتقارب الشهر ، تجعلها زهرة ذابلة امامه، لولا انه يجبرها بإلحاحه على مشاركته الطعام لما وضعته بفمها ابدا، كيف السبيل ليجعلها تفرح؟

زفر قانطًا في محاولة منه لمخاطبتها:


- عاملة ايه في كليتك الجديدة؟ قدرتي تندمجي ولا لسة برضوا مش قادرة تسايري الجو الجديد؟

سألها ليفك جمودها قليلًا، حتى يسمع صوتها الذي يفتقده برغم وجودها معه في منزل واحد فكانت اجابتها كالعادة باقتضاب، تومئ بهز خفيفية من رأسها:


- حمد لله، تمام ، الزملا هناك محترمين، واكيد مع الوجت ان شاء الله هصاحب واندمج. 


- ان شاء الله أكيد، انتي بس اضغطي على نفسك

شوية في مرافقة نانسي، على ما تاخدي ع الدنيا هنا وتتعودي، وبعدها اقلبيها براحتك ولا تعبريها حتى.


تبسمت بخفة لدعابته المقصودة عن ابنة خالته، لتهديه نظرة ممتنة قبل ان تعود لطعامها، الذي تتناوله بدون شهية كالعادة.


وتطلع هو اليها بنظرة حانية، على قدر ما تحمل داخلها من عشق مدفون، لم يتمكن حتى الاَن من البوح به، على قدر ما تحمل من شفقة تؤلمه لهذه الحالة التي هي مازالت بها، ولا تمكنها من التعايش او المضي قدمًا في 

طريقها، أو العودة لشخصيتها الأولى التي عرفها بها، المشاكسة المرحة، يشتاق بشدة لهذه الايام، وهذه المواقف التي جمعهتما قبل ذلك، في احب الأماكن على قلبه، ولكن ما عليه الاَن سوى الصبر


امتدت كفه فجأة لتعانق كف يدها الصغيرة، ليخطف انتباهها نحوه، مخاطبًا لها:


- انا عايزك تتأكدى اننا مش ساكتين، غازي كل يوم معايا ، لحظة بلحظة يتابع الجديد، عمرنا ما هنسكت عن حق اخوكي..


رمقته بنظرة لن ينساها ابدا، وكأنها تعبت ولم تعد بها طاقة للتحمل:

- انا مش عايزة حق، انا عايزاه هو نفسه ، هو يجوم ويجيب كل حاجة، حتى لو مجابش ، كفاية يجوم وياخذني فى حضنه .


هتفت بالاخيرة، تبغي نزع يدها من قبضته كي تهرب بدموعها بعيدا عنه، ولكنه كان الأسرع ليجذبها فجأة بقوة، فيضمها اليه مشددًا بذراعيه عليها، يتلقى نشيج بكائها على صدره، وسيل الدموع اغرق قميص حلته، ظلت على هذه الحالة لمدة من الزمن، 


يربت على ظهرها بحنو، وكفه الأخرى تمسح على حجاب رأسها الذي لم تخلعه ابدا في حضرته، وهو لم ينبهها او ينهرها على ذلك، رغم عذابه لكل شيء يشتاق اليه منها، ولكنه لن يضعط او يذكرها بصفته كزوج، يكفيها ما تعانيه، وهي صغيرة وبريئة لا تعي لأي شيء مما يدور برأسه المنحرف. 


حينما هدأت اخيرًا رفعت وجهها اليه، فتقابلت عسليتها بخاصتيه، تحدث يمسح بإبهامه اثر الدموع على وجنتيها؛

- الجميل هدي خلاص ولا لسة بقى هتشغلي حنفية الدموع من تاني، بالمرة ياللا قبل ما اغير القميص اللي غرفتيه. 


قال الأخيرة يجذبها بلطف اليه مرة أخرى حتى ضحكت لطرافته تلهب قلبه بروعة الملامح الباكية حينما تحولت للضحك فجأة، حتى لم يقوى على كبت شعوره ليقربها إليه دون سابق إنذار، طابعًا قبلة متطلبة على جبهتها، جعلتها تطالعه مبهوته، لتركض بعد ذلك من امامه دون استئذان 


ليغمغم ناظرا في أثرها محدثًا نفسه بلوم وبؤس:

- دي بوسة بريئة ع القورة! امال لو نزلت ودوقت العسل من الشفايف كنتي عملتي إيه؟...... طب يمكن طولت شوية؟!


❈-❈-❈


وصلت بما تحمله على الصنية الفضية الكبيرة، لتهتف بالاطفال بمرح:

- الحلو وصل يا ولاد 

- والله دا انتي اللي ما في احلى منك.


تمتم بها غازي قبل ان يعود لمتابعة مكالمته الهاتفية، من داخل الشرفة الواقف بها، وعيناه تتابعها بعشق وهي توزع الحلوى على اطفاله بحنانها ورقتها ف التعامل معهن، تسر القلب والعين بحق.


- الووو يا غازي بيه، انت سامعني ولا لأ؟

انتفض من شروده على صوت من يحدثه عبر الاثير في الناحية الأخرى، ليتحمحم مجليًا حلقه، يستعيد اتزانه في الرد عليه:


- ايوة سامعك متجلجش، كمل...


صمت غازي يسمع لبقية الحديث من الرجل ، حتى اذا انتهى اصدر امره:

- برافو عليك، كمل واياك عنيك تغفل..... وبلغني كل

لحظة بالجديد، 


- امرك يا غازي بيه 

ختم بها الرجل قبل ان ينهي معه المكالمة، ليعود الى الداخل ويتخذ مقعده وسط الأطفال، يخاطبهم وابصاره اتجهت نحوها وقد جلست أمامه تشاهد التلفاز ، بعدما انتهت من توزيع الأطباق عليهم

الصفحة التالية