رواية جديدة نسائم الروح الجزء الثاني من ميراث الندم لأمل نصر الفصل 9 - 2 - الخميس 8/2/2024
قراءة رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نسائم الروح الجزء الثاني من رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل التاسع
2
تم النشر يوم الخميس
8/2/2024
جالسًا بجواره وعينيه لم يرفعها بعد عنها، في متابعة لكل همسة منها، ونظرات غاضبة توجهها نحو هذا الرجل المدعو اباها،
- ابوها ازاي يعني؟ ولما هو ابوها، ازاي هما ساكنين لوحدهم؟ ايه حكاية الراجل ده مع ورود وبسيوني؟
توجه بالاسئلة نحو غازي المجاور له، والذي اجاب ليرضي فضوله:
- ابوها اللي مخلفها يا يوسف، بس الحكاية انه طلق والدتها من زمان ، من ساعة ما جابلها ضرة والمرة مردتش، ولدها الله يقومه بالسلامة وجف جصاده وهو شاب معداش السبع تاشر سنة ، خد امه واخته يشتغل ويصرف عليهم، الست كان حظها جليل، ماتت بلدغة عقرب، فضلت البت الصغيرة مع اخوها اللي مجبلش يرجع لابوه بيها ، ورباها هو لوحده، والراجل فضل على حاله بعيد عنهم.
- اااه
تمتم بها يوميء بهز رأسه ليردف باستدراك:
- عشان كدة هي كانت بتقول على نفسها يتيمة من غير اخوها، ربنا يقومه بالسلامة يارب، الاب اللي ما يربيش ولا يعطي حنانه ورعايته لولاده، ميبقاش اب ولا يستاهل اللقب من اساسه.
وافقه غازي الرأي ، مكتفيًا بالصمت ، لتظل جلستهما على هذا المنوال حتى انتبها، لدلوف عارف عائدًا من الخارج، متجهًا صوب زوجته.
❈-❈-❈
في المنزل الذي اكتسى بالسواد، كان الصراخ من المرأة المكلومة يشق الضباب بقوته، لا أحد قادر على ايقافها، او اسكاتها، رغم مرور ايام على الحادثة ، حرقة قلب ام فقدت عزيزها، فلا يعرف بحرقة النيران سوى من اكتوى بها .
ومن مثلها زاق الوجع؟ تقدمت سليمة بداخل المنزل، تغلب قهرها وتغلب كل ما يعتمل داخلها الاَن، من أجل تأدية الواجب، حتى وجرح الإصابة بصدرها، ما زال ظارجًا ولم يكتمل شفاءه،
اخترقت جمع النساء الاَتي انتبهن لقدومها، يراقبن خطواتها، يتمتمن بالهمسات واللمزات عليها، فسرت معظمها وتجاهلت عن عمد ان تلتفت اليهم، حتى اذا وصلت الى والدة الفقيد امتدت كفها بمواساه:
- البجية في حياتك يا شربات .
تطلعت لها الأخيرة بانتباه، لتبرق عينيها وكأن شيطان تلبسها، تنقل بالصراخ عليها:
- جاية تشتمتي في موت ولدي يا سليمة، جايا تفرحي فيا، عشان ولدي مات يا سليمة؟ مش كنتي عايزة فايز ، خديه واشبعي بيه، بس هاتي ولدي، هاتيلي الغالي، انا عايزة ولدي، هتولي ولدي
عادت سليمة بكفها لترتد تبتعد عنها ، لم تكلف نفسها ف الرد على صفاقتها وتبجحها، تعلم ان نيران قلبها الان اقوي من اي تحمل.
انتبهت على سكينة منزوية في احد الاركان تشير اليها بكفها، ف اقترب تجثو نحوها، ف اختطغتها المرأة لتحتضنها وتفرغ طاقة من البكاء بحرقة لها:
- اه يا سكينة انكتب عليكي الحزن ، الشباب بيموتوا، وانا جاعدة اتكوي بنارهم يا سليمة، ياريته ربنا يفتكرني ويرحمني ادعيلي يا بنتي تعبت.
ظلت سليمة تربت على ظهرها بحنان، حتى هدأت ، لتسالها بانتباه:
- امال ولدك فين؟ محدش شايف فايز يعني،
اجابتها سكينة بأسى:
- حابس نفس يا بتي ف الأوضة، مش بيسمح لحد يخش له غير البنتة الصغيرين ، الله يكون في عونه
التفت سليمة نحو الغرفة المقصودة لتغمغم بصدق حقيقي:
- الله يكون في عونه فعلا.
❈-❈-❈
عبر الهاتف وحينما انفرد بنفسه قليلًا، كان الحديث بينهما ، بعدما استجاب للرد بعد محاولات عدة اضطر ان يتجاهلها مضطرًا، في غمرة انشغاله مع احدى الطبيبات المكلفين برعاية بسيوني.
- الووو يا نادية عاملة ايه؟
- ايوة يا غازي، انا زينة والحمد لله، اخبار بسيوني ايه، طمني عليه؟
خرجت اجابته بتنهيدة مثقلة محملة بما يعتمل داخله:
- لسة مفيش اي حاجة تطمن، الحالة مستقرة بس الغيبوبة لسة، الدكاترة بيقولوا مفيش وجت محدد لفوقة المريض، مش عارف انا اعمل ايه لو طالت اكتر من كدة .
- لا حول ولا قوة الا بالله، طب ورد دلوك عاملة إيه؟ روح بتبلغني ان حالتها تصعب ع الكافر.
- دي بجى ربنا معاها، واجفة على حيلها ملامة، البت في حالة ما يعلم بيها غير ربنا، دا مش اخوها وبس، دا كل عيلتها، ما انا حكيلك جبل كدة على ظروفهم.
- ايوة فاكرة طبعًا، ربنا يوجف معاها يارب.
- اللهم امين يارب.
قالتها ثم مرت لحظة من الصمت بينهم، قبل ان تقطعها هي بعتابها:
- طب لما هو كدة، ليه ما تردش عليا وتطمني ولا تبلغني باللي حاصل، انا كمان كان نفسي اكون معاكم، بس انت عارف الحمل جديد، دا غير مسؤلية جدك والبنات ومعتز.
- عارف يا نادية، ربنا يكون في عونك ما انا سايبك تسدي عني برضوا، انتي كديها وانا واثق فيها
اعجبتها نبرة التأكيد منه، انه يثق بها بالفعل، تمالكت لتتابع حديثها:
- ماشي يا غازي، بس انت كمان بتفجع لي مرارتي لما بتردش ع التلفون، انا ببجى نفسي اطمن با غازي وانت ولا معبر .
- والله كنت مشغول،
قالها بدفاعية يتابع:
- ساعة ما كنتي بتتصلي من شوية، مكنش ينفع ارد عليكي وانا مع الدكتورة، البنية بت حلال وتتحط ع الجرح يطيب.....
- عندها كام سنة الدكتورة دي يا غازي؟
قاطعته بسؤالها السريع، ليقطب عاقدا حاجبيه في الرد لها:
- بتسالي ليه على سنها؟
وصله ردها بحدة:
- يا سيدي عايزة اعرف بت الحلال اللي تتحط ع الجرح يطيب عندها كام سنة فيها ايه دي؟ حتى عشان اعرف درجة حنانها دي موصلة لفين؟
تندفع بالقول دون ترتيب حتى جعلته يستدرك ويزداد تأكيدا داخله من صحة ما يشعر به، حتى غزت ابتسامة ملامحه في الرد بادعاء عدم الفهم:
- حاسك بتتريجي يا نادية، بس هي ست محترمة وشاطرة، ماسكة منصب مهم في المستشفى على الرغم ان سنها صغير ، ما يجيبش التلاتين أصلا، ممتازة زي ما بجولك.
- امممم واضح انها زينة بدليل انها عجبتك
كاد ان يضحك لولا الهموم التي تثقل كاهله، ولكنه لم يقوى على احجام تسليته:
- لا وبت ناس يا نادية، مفيش مرة اطلبها في توضيح، الا ما كنت الاقيها ترد على طول من غير تأخير، تاخد وتدي كدة، مش مستعجلة زي المعظم.
- وحلوة
- وحلوة..... وه ايه بتجوليه دا يا نادية؟ خلتيني خربطت معاكي في الكلام
هتفت مرددة خلفه بانفعال:
- خربطت برضوا؟! اسمع يا غازي، بناتك مطلعين عيني ، كل شوية يسألوا عليك، وانت عارفهم بجى اشقيا، وجدتك اساسًا تعبانة ومحتاجاك، دا غير الناس اللي بتسأل عليك كل شوية، وانا بصراحة تعبانة والحمل مدوخني، امتى هتيجي يا غازي؟
- وه وه، مش كنتي بتجولي من شوية ان الحال تمام.
- كنت بتجمل، لكن انا تعبانة يا غازي، وانت حر بجى لو مش هامك تعبي، ومع السلامة بقى عشان مزودتش عليك، لتكون مش حامل كلامي كمان.
- وه .
تفوه بالأخيرة مزبهلًا ، يطالع انتهاء المكالمة ع الشاشة، منذ متى كانت بهذا الجنون؟ نفض رأسه يحاول الاستيعاب، ليغمغم محدثًا نفسه بصدمة:
- دي هرمونات الحمل دي اللي هبت فجأة ولا انا اللي لسة بستكشف شخصيتها من جديد..... بتجفلي التلفون في وشي يا نادية!
ومن جهتها سقطت جالسة على طرف التخت باضطراب يعصف بها، كالطفل الذي لم يعلم بالخطأ سوى بعد فعله
لا تدري كيف فعلتها؟ انها ابدا لم تكن بهذه الفظاظة، دائما ما يضرب بها المثل في الحلم، لكن هذا الرجل بالفعل يخرجها عن شعورها، ولكنها الاَن اخطأت في حقه، ترى ماذا سيكون رد فعله؟
.ابتلعت ريقها وهي تضع نفسها محله الان لو حدث معها هذا الفعل،
- ان شاء الله ينسى على ما يرجع او حتى لما يتصل مرة تانية، يمكن نتصالح.
اقنعت بها نفسها حتى تطمئن
❈-❈-❈
خرجت فتنة من غرفتها بملابس الخروج، ف استعداد الذهاب بحجة جديدة، في روتين أصبحت تجيده هذه الأيام، لفعل ما تود فعله دون حساب او مراقبة
توسعت عينيها بإجفال، فور ان وقعت ابصارها على هذه الملعونة جوليا بملابسها المكشوفة، تظهر ساقيها وذراعيها ببزخ،
فارت الدماء برأسها لتهتف غاضبة بها:
- انتي يا زفته انتي، طالعة بالشورت كدة ف الطرقة، فاكرة نفسك في مارينا؟
تبسمت لها جوليا تميل بدلال كي تغيظها بلكنتها العربية الغير متقنة:
- لا يا هبيبتي مش ف مارينا، بس في بيتي، مع جوزي حبيب قلبي .
- حبك برص يا بعيدة، انتي اتجنتي يا بت، بتمشي بالعريان في قلب البيت، جوزك سمحلك كيف تطلعي كدة من جمبه؟