رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 33 - 1 الأحد 11/2/2024
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثالث والثلاثون
1
تم النشر يوم الأحد
11/2/2024
❈-❈-❈
بحياته لم يكن ليصدق أن يتلهف ويذهب مهرولا بذلك الشكل من أجل أداء فرائضه والتي كان هو بيوما من الأيام أبعد ما يكون عن أدائها، ليس ذلك فحسب بل كان مغطا بالمعاصي والذنوب التي جعلته بيوم ما غير قادر عن الإنحراف عن ذلك الطريق العوج الذي سلكه.
بدأ إحرامه وهو رافعا يده للسماء:
-لبيك اللهم حجا.
وقف أمام مدخل الحرم المكي ينظر أمامه للكعبة المشرفة والسعادة تغمر كل خلية بخلاياه فنسي نفسه ونسي من حوله وهرول ليبدأ الطواف وهو يصيح عاليا وبلهفة حقيقة:
-لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.
انتهى اليوم الأول من تأدية مناسك الحج وعاد للفندق الذي يقيم به هو ومن معه من أفراد حراسة وبالطبع زوجته وصديقه؛ فجلس ببهو الفندق يقرأ بمصحفه ينتظر تناول الطعام وكل من خديجة وياسمين تتسامران بهمس والأولى تقول:
-حاسه اني طايره من الفرح يا ياسمين بجد شكرا عشان كنتوا سبب اني أحقق حلمي.
ابتسمت لها ونظرت لزوجها المشغول بقراءة أيات من الذكر الحكيم وعقبت:
-أنا مش مصدقه إن اللي قدامي ده فارس، شوفتيه كان عامل ازاي وهو رايح يطوف؟
عقب عمر على حديثها مبتسما:
-محدش كان لاحق يحصله، مركب عجل في رجليه.
ضحكوا فرفع وجهه عن المصحف وصدق:
-صدق الله العظيم، انتوا بتتكلموا عليا؟
أومأ عمر مبتسما:
-مكنتش حاسس بنفسك؟ لا أنا ولا الحراسه ولا حد كان محصلك.
اتسعت بسمة فارس واستند بظهرة على المقعد:
-حاسس اني مش معاكم، أنا في الجنه بجد وربنا يتقبل ويغفر لنا ذنوبنا.
بدأوا تناول الطعام وفارس يؤكد لزوجته:
-كلى كويس عشان بكره اليوم طويل ومتعب.
أومأت متسائلة:
-وقفة عرفات؟
أكد لها بحركة طفيفة من رأسه فسألته مجددا:
-أنت هتفضل في الجناح التاني مع عمر مش كده؟
أومأ موضحا:
-الأفضل تفضلي أنتي وخديجة مع بعض لحد يوم طواف الوداع.
اتسعت عين عمر وهو يعقب عليه:
-ايه السبب مش فاهم؟ مظنش انه حرام يعني.
نفى فارس ووضح:
-مش حرام بس الأفضل نبعد عشان ياخدوا راحتهم هم الاتنين.
❈-❈-❈
###
دلفت بعد طول انتظار لتلك المقابلة وصافحت مسؤول الموارد البشرية وجلست أمامه تبتسم وتعطيه السيرة الذاتية الخاصة بها؛ فنظر هو بتدقيق ورفع وجهه عن الملف وسألها بعملية:
-آخر مكان اشتغلتي فيه كان الشركة العالمية؟
أومأت توضح:
-ايوه كنت مساعد رئيس مجلس الإدارة المنتدب لمدة 8 شهور.
تعجب قليلا وسألها والدهشة بادية على نبرته:
-وليه سبتيها؟ دي شركة من أكبر الشركات ومركزك مكانش قليل كمان؟
سحبت نفسا عميقا وأجابته:
-الراحة في الشغل بتخلي الموظف يدي طاقته القصوى، لكن لو في توتر طول الوقت ممكن متقدرش تكبر في مكانك.
استنتج من حديثها أنها ربما عانت من الأسلوب الحاد الذي يعلمه الجميع تحت إمرة فارس الفهد الصارم، ولكن ألم تقل أن رئيس المجلس هو منتدب بمعنى أن أحدا آخر يتولى مهامه:
-مين اللي ماسك الشركه في العالمية وكنتي المساعدة بتاعته؟
أجابته وهي تعلم أن تلك المقابلة هي الأخيرة بعد أن بحثت بأكثر من شركة لتجد فرصة عمل، ولكنها عانت من الجميع ممن علموا بقرابتها لعائلة الفهد حتى وإن كانت قرابة من الدرجة الثالثة أو حتى الرابعة:
-يزن الفهد واحد من أصحاب الأسهم في الشركة.
حرك رأسه عدة مرات متتالية وقلب بسيرتها الذاتية وعاد يكمل أسئلته العملية:
-متوقعة الراتب يكون في حدود كام؟
اجابته إجابة قد تبدو نموذجية:
-أظن الراتب ممكن يتحدد حسب الPosition اللي هشتغل فيه، بالنسبة لي اللي ممكن يحدد إذا كان الراتب مناسب أو ﻷ هو طبيعة العمل عشان كده محتاجه أعرف من حضرتك طبيعة العمل بالظبط وهل في أوقات ثابتة لمواعيد العمل ولا ممكن تمتد حسب حاجة العمل؟
أثناء تحدثها دلف أحدهم واستمع لجوابها فابتسم وتحدث مع موظف الموارد البشرية:
-هاتلي ملف الآنسه على مكتبي.
التفتت بسرعة لتنظر فتفاجئت بذلك الرجل الذي تعلمه جيدا فنهضت بسرعة تصافحه:
-دكتور أيمن أزي حضرتك؟
صافحها مبتسما:
-اهلا بيكي ياااا.
عقبت عليه:
-نرمين يا دكتور، نرمين غزال كنت في دفعة السنه اللي قبل اللي فاتت.
أوما وكأنه تذكر وسحب سيرتها الذاتية وأشار لها لتتبعه:
-أنا فاكرك كويس، تعالي المكتب نتكلم شويه.
تبعته وجلست أمامه فنظر بسيرتها وتسائل بدهشة:
-متخرجه من سنتين بس وقدرتي تشتغلي مساعد رئيس مجلس إدارة مره واحده!
ابتسمت من إطراءه وردت:
-الحمد لله ده بفضل ربنا.
عقب عليها:
-ونعم بالله، بس ايه اللي خلاكي تسيبي العالمية؟
مجددا نفس السؤال الذي تكرر بكل مقابلة عمل وكانت الإجابة عليه غير مجدية للغالبية:
-أنا بصراحة اعتبرت الوقت اللي اشتغلته في العالمية هو تدريب ليا عشان لما اشتغل في مكان كبير زي الشركة هنا أكون قدها.
ابتسم لجوابها ونظر لصورتها المطبوعة بسيرتها الذاتية وأسمها المرافق له وعاد للنظر لها:
-أظنك تقربي لمرات فارس الفهد، اسم عيلتكم مميز جدا وسمعته كتير في كذا مناسبه؟
بللت شفتيها بتوتر وأومأت تؤكد:
-أنا بنت عمها.
مد راحته ناحيتها وصافحها وهو يبتسم:
-عموما أهلا بيكي معانا في آل هارون للإستيراد.
اتسعت بسمتها وهي تصافحه:
-بجد يا دكتور؟ بجد متشكره جدا.
ناولها سيرتها الذاتية وتكلم وهو يرفع سماعة الهاتف الداخلي للشركة:
-هتروحي تاني لمكتب ال HR عشان تمضي أوراق التعيين وإن شاء الله تكوني إضافه لينا.
خرجت من مكتبه تشعر بالسعادة تغمر خلاياها فأخيرا وجدت وظيفة بعيدة عن تلك الضغوطات التي تعرضت لها من قِبل الجميع وتحركت لمكتب مسؤول الموارد البشرية لتوقع أوراق توظيفها وغادرت سعيدة ففتحت هاتفها النقال واتصلت بتوأمتها فورا:
-باركيلي يا شيري.
استمعت لردها المقتضب:
-مبروك، لقيتي شغل صح؟
أكدت بنفس السعادة التي تحملها بداخلها:
-ايوه الحمد لله، والمرتب مش أقل أوي من العالمية الحمد لله.
هزت شيرين رأسها ممتعضة:
-برده نفذتي اللي في دماغك يا نرمين.
زفرت بضيق:
-بجد مش ممكن رد فعلك، وبتزعلي بعدين لما أكلم ياسمين ومكلمكيش.
زمت شيرين شفتيها للأمام متذمرة:
-قال يعني بتكلميني دلوقتي عشان سواد عيوني! كل الحكاية إن ياسمين مسافرة، المهم بس قوليلي هتبدأي شغل امتى؟
أجابتها وهي تشير براحتها لسيارة أجرة تمر من أمامها:
-اكيد بعد العيد، أنتي جايه بكره ولا هتقضي الوقفه فين؟
أجابتها الأخرى:
-هاجي طبعا أكيد أنتي وماما تعبتوا من جاسر وچاسمين، أهو على الأقل المربية بتاعة فارس تشيل عنكم شوية.
وافقتها موضحة:
-والله يبقى كتر خيرك أنا بقالي كذا يوم بنزل انتيرڤيوهات وبسيب الولاد مع ماما طول اليوم ولما بروح بتعاقبني وتخليني أسهر بيهم طول الليل عشان تنام هي.
ضحكا بنهاية حديثها فبادلتها توأمتها الضحك وتمتمت:
-انتي وماما بقى يتفاتلكم بلاد بصراحه، المهم قوليلي مكلمتيش ياسمين وعرفتي راجعين امتى؟
أجابتها ضاحكة بسخرية:
-يعني موسم الحج كده كده بيخلص مع آخر يوم للعيد فأكيد هيرجعوا بعد العيد على طول.
استمعت لشيرين وهي تتذمر:
-آه يبقى ساجد هو اللي هيدبس في الدبح لوحده.
تعجبت الأخرى ولكنها لم تجرؤ على سؤالها شيئا يخص تلك العائلة التي أرادت الابتعاد عنهم تماما، ولكن توأمتها لم تنتظر أكثر لتكمل تذمرها:
-البيه مازن قال ايه مسافر انهارده يتفسح مع مراته عشان نفسيتها تعبانه بسبب مامتها.
لم تعقب على حديثها ولكن شيرين أكملت:
-بيقول لساجد أنه كل يوم يصحى على صوتها وهي بتنازع من الكوابيس وخايف عليها أوي فأخد قراره أنه يسفرها زي ما عمل وقت باباها لما اتسجن.
تنفست نرمين عميقا فاستمعت لصوت توأمتها:
-يا بنتي أنا بكلم نفسي؟
ردت بفروغ صبر:
-شيرين من فضلك أنا لا عايزه أعرف أخبار العيلة دي ولا يهمني حد فيهم غيرك أنتي وياسمين، فلو سمحتي بلاش تكلميني عنهم ولا حتى عن اللي يخص جوزك، ممكن؟
زفرت يأنفاسها وهي ترد:
-خلاص يا نرمين روحي أنتي بقيتي رخمه.