-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 33 - 2 الأحد 11/2/2024

  

قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل الثالث والثلاثون

2

تم النشر يوم الأحد

11/2/2024

❈-❈-❈

جمعت ملابسها بحقيبة السفر وفعلت المثل بملابسه ولا تزال عينيها تترقرق بالعبرات ومهما جاهدت لإخفاء ما يعتمر بصدرها تفشل بالنهاية فشلا ذريعا.


دلفت دينا تحمل الصفير مدحت تهدهده:

-خلصتي يا چوچو؟


التفتت بعد أن مسحت عبراتها بظهر يديها فرأت دينا بكائها الذي لم يتوقف منذ أن علمت بحقيقة مشاعر زوجها ولكن الجميع ظنوا أنه بسبب قضية والدتها:

-خلاص يا طنط خلصت.


تركت الصغير بفراشه واقتربت من تلك الصغيرة واحتضنتها بأمومه:

-حبيبتي يا بنتي، كفايه عياط يا چوچو ده أمر ربنا وأكيد إن شاء الله هتخرج زي المحامي ما طمنك.


ردت وصوتها المرتعش يظهر مدى تأثرها:

-فارس مش هيسمح لها تخرج من السجن يا طنط، هو قال كده أكتر من مره.


جلست على طرف الفراش تبكي وهي تخبرها:

-بابي ومامي عمرهم ما حبوا فارس وده انا عرفاه ومتأكده منه وفاهمه سبب كرهه ليهم، بس كنت مفكره إن حبه لينا ممكن يخليه يتغاضى عن تصرفاتهم، بس الظاهر اني كنت غلطانه.


حاولت دينا أن توضح لها الأمر:

-يا چنى اللي ماتت دي كانت...


قاطعتها تهدر بحدة:

-كانت مربية، كانت حد بيشتغل عندنا وزي ما سامح قريبة ياسمين اللي أخوها بهدلنا بالشكل ده وكانت هي بتساعده لمجرد أنها اتبرعت لزين بجزء من الكبد بتاعها وبارك لهم على جوازهم وعمل كل اللي عمله ده قبل ما يسافر، كان المفروض يسامح مامي عشان خاطرنا على الأقل.


بكت بانهيار وهي تضيف:

-حضرتك شايفه حالة ميار وساهر عامله ازاي؟ متخيله إن ساهر يشيل 6 مواد في ترم واحد وهو اللي كان بيطلع من الأوائل، وميار اللي كانت أقرب حد لمامي وضعها عامل إيه بعد ما خسرت بابي وخسرت جوزها وكمان خسرت مامي؟ هو ازاي مفكرش فينا عشان ينتقم للمربية اللي عاشت معاه سنتين ولا تلاته.


مسحت دينا على ظهرها وعقبت:

-فارس مفيش أطيب منه والله لو بس تفهموه زي ما أنا فهماه، فارس قبل ما بيفكر في نفسه بيفكر في كل اللي حواليه، واللي متأكده منه إنه زي ما سكت لما مازن وكل لها محامي هيسكت برده لما المحامي يخرجها بالتقرير الطبي اللي قالنا عليه.


ربتت على ظهرها مبتسمة:

-يلا قومي خلصي اللي وراكي قبل ما مازن يرجع عشان متتزنقوش والطيارة تفوتكم، ومتقلقيش على مدحت الصغير، أنا هشيله في عنيا.


هزت رأسها عدة مرات فحملت دينا الصغير مجددا وغادرت وعادت هي للبكاء والتفكير بحياتها المشتتة ومعاناتها التي لا تعرف لها حل.


❈-❈-❈

نزل بخطواته على درج الطائرة فلفحه على الفور الطقس المعتدل فسحب نفسا عميقا وأرجع يده للوراء حتى يمسك راحتها لتنزل معه ويتبعهما فريق الحرس الخاص ومعهما كل من عمر وخديجة التي تتمسك بزوجها بسعادة لا توصف.


جلس أربعتهم بصالة كبار الزوار بانتظار الانتهاء من الأوراق الخاصة بهم، وأثناء جلوسهم تذكرت ياسمين تلك اللحظات التي جمعتها بزوجها أثناء السعي بين الصفا والمروة والمبيت بمنى ووقت التحلل عندما قام بمساعدها بقص أطراف شعرها وحاولت فعل المثل معه ففاجئها بحلقه لشعره تماما فصرخت به متفاجئة:

-ليه كده يا فارس كنت قصه بس؟


داعب أسفل ذقنها مبتسما:

-الجو هنا حر أوي بصراحه كده احسن.


تذكرت أيضا اليوم الأخير بعد أن انتهوا من طواف الوداع وعادت لجناحها الذي تمكث به برفقة خديجة تلك التي تحدثت معها بالكثير من الأمور الدينية التي كانت تجهلها وكم راق لها صداقتها وأصبحتا لا تفترقان، حتى أنها قصت لها معاناتها من أجل أن تحمل صغيرتها بأحشائها مما دفع ياسمين للتفكير جديا بتلك النعمة التي لا يشعر بها سوى من افتقدها:

-عارفه أنا كان نفسي يبقى عندي ولاد كتير عشان أنا اتربيت وحيدة بس فارس اكتفى بجاسر وچاسمين، بس حقيقي عايزه أحاول اقنعه نجيب أخ أو أخت كمان للولاد على الأقل حد منهم يبقى مش طفل وحيد.


انتبهت من شرودها على صوت زوجها الذي همس بأذنها:

-الجميل سرحان في ايه؟


ابتسمت له وهي تداعب وجهه:

-الولاد وحشوني أوي.


قبل راحتها وهو يؤكد:

-فعلا وحشوني جدا، بس أنتي وحشتيني اكتر.


غمز لها فابتسمت وأطرقت رأسها تنظر للأرض فضحك وهو يعلم أنها بعيدة كل البعد عن الخجل الذي ترسمه على وجهها فعاد يهمس:

-لم نروح وتشبعي من الولاد ياريت تطلعي الجناح بتاعتنا وتجهزيلي ليله من ألف ليله وليله.


حركت رأسها موافقة على حديثه وبدأوا بالتحرك للسيارات فالتفتت تحدثه:

-فارس، معلش ممكن أركب مع خديجة وتخليك انت مع عمر عشان عيزاها في موضوع.


جعد عمر جبينه معقبا:

-مشبعتوش من بعض وانتو بقالكم أكتر من اسبوع مع بعض ليل ونهار؟


شعرت ياسمين بالحرج من حديثه فلاطفت خديجة الوضع برقتها المعهودة:

-كلها مسافة الطريق يا عمر.


دلفتا للسيارة والتفتت خديجة تبتسم لياسمين متسائلة:

-قوليلي بقى فيه ايه؟


أجابتها بتوتر:

-بصراحه عيزاكي تعلميني الرقص وﻷن انهارده مفيش مجال ولا وقت عشان نعمل ده فقولت نتفق سوا ونبدأ من بكره.


ضحكت خديجة ونظرت للسائق خجلا حتى تتأكد أنه لم يستمع لحوارها، وعادت تعقب عليها عندما وجدته يركز بالقيادة:

-بكره على طول؟ مستعجله ليه كده؟


أجابتها فورا:

-فارس بيحب الرقص أوي وأنا حاولت كذا مره وفشلت وبصراحه كده محبش أنه يفضل يحفل عليا في الموضوع ده.


زادت ضحكات خديجة الساخرة، ولكنها تحدثت ولا تزال آثار الضحك عالقة بحلقها:

-بس مش ضروري الرقص يعني، أنا تقريبا معلمتهاش إلا مرة ولا اتنين من ساعة ما اتجوزت.


تعجبت الأخرى رافعة حاجبها وسألتها:

-في واحده بتعرف ترقص بالشكل ده ومترقصش لجوزها على الأقل مرة في الاسبوع؟


أومأت مؤكدة:

-أنا بصراحه بتكسف جدا.


ضحكت ياسمين وهمست لها:

-بتتكسفي من جوزك؟


أومأت فتفاجئت ياسمين بردها:

-إزاي يعني بتتكسفي، أظن بعد الجواز الكسوف بين الزوجين بينتهي خالص خصوصا لو بيحبوا بعض.


رفعت خديجة كتفيها دلالة على عدم تحملها لخجلها:

-مبقدرش بصراحه، أنا بتكسف منه حتى في أمور الجواز ومش بعرف أعمل حاجه وبسيبه هو يقود العلاقة بينا دايما ويمكن بسبب ده بحسه مش مبسوط أوي معايا بس حقيقي مش عارفه اخفف كسوفي ولا عندي خبره أعرف أتعامل.


نبهتها ياسمين:

-خدي بالك معظم الرجالة بتحب الست تجدد دايما عشان الملل والمفروض الراجل عارف إن مراته معندهاش خبره وهو يعلمها، يعني مين فينا كانت خبيرة؟ وكلنا اتجوزنا ومنعرفش حاجه بس الموضوع كله في ايد الراجل.


أيدتها خديجة ونظرت لها بلمعة عينيها وهي تقضم أظافرها توترا وخجلا بعد أن قفزت تلك الفكرة المجنونة برأسها وقررت المضي قدما بها:

-بصي يا ياسمين، عمر حاول معايا كتير بس بصراحه بتكسف جدا اسمع منه كلام من النوع ده وبحاول على أد ما أقدر اهرب من الموقف، عشان كده أنا جاتلي فكره حلوة أوي.


انتظرت الأخيرة تستمع لها بانتباه:

-أنا اعلمك الرقص وانتي تعلميني الأمور اياها لأني بجد خايفه أوي إن عمر يحس بالنقص معايا ويرجع للوضع اللي كان فيه قبل الجواز، ﻷني مش هستحمل اعيش معاه في الوضع ده تاني.

الصفحة التالية