-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 32 - 1 الأحد 4/2/2024

 

قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل الثاني والثلاثون

1

تم النشر يوم الأحد

4/2/2024

❈-❈-❈

كلما تهادت بتفكيرها حتى تبتعد عن الضفوط أو التفكير في قراراتها تجد من يشككها بصحتها وربما يعاتبها أيضا على تصرفاتها، ولكنها عازمة تلك المرة على التخلص من أي تأثير لعائلتها المحيطة بها ولن ترضخ لتحكماتهم وإصرارهم مهما حدث.


خرجت عندما استدعتها والدتها للتحدث مع توأمتها التي جلست رافضة قرارها بالاستقالة وما زاد الأمر هو إخبار والدتها بحقيقة مشاعر يزن تجاهها فلمعت عين الأخيرة مجدداً وهي تمني حالها منذ الأزل بارتباط ابنتها بتلك العائلة فاحشة الثراء.


جلست نرمين تقوس فمها من تصرفات شيرين وإفشائها لتلك الأسرار وهي أعلم الناس بشخصية والدتها الطامعة والمتسلطة والتي قد تحشرها بزاوية خانقة قد تجعلها تتمرد تماماً عن العيش معها وتتخذ قرار ربما يكون الأصعب بترك منزل جدها والعيش بمفردها مهما كانت ردة فعلهم على هذا القرار.


انحنت شيرين تهمس لها:

-زعلانه مني عشان قولت لماما مش كده؟ بس أنا عايزه مصلحتك...


قاطعتها بحدة طفيفة:

-خليكي في حالك يا شيرين وبعد كده مش هحفظ أسرارك وهقول لماما على كل مشاكلك مع ساجد طالما انتي شايفه إن ماما بتعرف مصلحتنا أكتر مننا.


امتعض وجه شيرين وغيرت الحديث عندما دلفت والدتهما:

-طيب مش هتروحي تباركي لياسمين على الڤيلا الجديدة؟ ده فارس كتبها باسمها.


سعلت هدى مختنقة بلعابها من المفاجأة وسألتها:

-كل دي كتبهالها؟


أومأت الأولى لها وهي لا تزال تتسائل:

-أنتي بتقولي انها أكبر من بتاعتهم؟


أكدت مبتسمة:

-ايوه يا ماما، دي قصر مش ڤيلا.


لمعت عين الطمع وشردت قليلاً وهي تمني حالها بقضاء بعض الوقت الممتع بداخل القصر المملوك لتلك التي ربتها حتى وإن أذاقتها المر طوال فترة تربيتها لها:

-طيب واجب برده نروح نبارك، مش كده يا نرمو؟


رفضت وهي تهم بالوقوف:

-مش وقته، هو فارس فايق ولا فاضي يستضيف حد وهو في الظروف دي!


وقفت هدى هي الأخرى رافضة حديث ابنتها:

-وهو فارس ماله يا بومة، مكانش عاشق أمه في الضلمة يعني عشان يزعل عليها دلوقتي.


حركت رأسها باستسلام:

-لازم يكون عندنا دم ومش معني انه مش مبين اللي جواه فنروح احنا ونحتفل ونضايقه.


كلمتها أثارت حنق والدتها فهدرت بها:

-هو احنا معندناش دم، انتي يا بت اتهبلتي في عقلك ولا ايه؟ أنا أمك ولا نسيتي؟


اعتذرت وهي زامة شفتيها بفروغ صبر:

-اسفه يا ماما مقدش والله، بس اقصد اننا نخلينا خفاف كده عشان محدش يتضايق مننا.


تركتهما ودلفت غرفتها جالسة على فراشها فتبعتها توأمتها وجلست بجوارها تنظر لها بتفحص:

-هتفضلي كده ﻷمتى؟


التفتت لها تجيب تساؤلها بتساؤل مماثل:

-كده اللي هو ايه؟ مالي يعني مش فاهمه؟


رمقتها شيرين بنظراتها التي تعري حقيقة ألمها الذي تحاول إخفاؤه:

-لا عايزه تحكيلي ايه اللي  حصال بينك وبين مازن خلاكي تضربيه، ولا عايزه ترجعي الشغل ولا قابله كلام يزن وطلبه الارتباط بيكي، فأنتي عايزه ايه من حياتك يا نرمين؟


وقفت معترضة وصرخت بها:

-عيزاكم تسيبوني في حالي، أنا مش عارفه انتوا عايزين مني ايه؟ مش كفايه اللي مريت بيه وأنا أصلا مش مستعده ﻷي حاجه دلوقتي، بس أزاي لازم تفضلوا تتضغطوا عليا بس المرة دي مش هرضخ وأوافق عشان اترحم من زنكم ﻷن انا اللي اتأذيت لما عملت كده المرة اللي فاتت.


دمعت عينيها فاحتضنتها توأمتها تربت على ظهرها معتذرة:

-خلاص متعيطيش، حقك عليا والله مكنتش أقصد أضايقك.


ابعدتها بقوة واستدارت توليها ظهرها:

-روحي لابنك يا شيري وسبيني لو سمحتي.


خرجت شيرين مستسلمة وتقابلت مع والدتها التي همست تسألها:

-قالت لك ايه؟


هزت رأسها معترضة:

-مقالتش حاجه، سبيها يا ماما متتغطيش عليها لو سمحتي.


تحركت صوب الباب وفتحته فتافجئت بابنة عمها وزوجها أمام الدرج فصرخت بتفاجئ:

-ياسمين! 


صافحتها واحتضنتها بعد أن تركت الصغيرة بيد زوجها:

-شوشو، انتي هنا انتي كمان؟


أومأت تخبرها:

-ده أنا كنت لسه هروح.


سحبتها ياسمين للداخل بعد أن صافحت زوجة عمها:

-تعالي تعالي نقعد سوا بقالنا كتير متجمعناش احنا التلاته.


دلفوا جميعا للداخل فسألها فارس:

-أومال ساجد فين؟


أجابته مبتسمة:

-وراه كذا مشوار.


جعد فارس جبينه وسألها:

-أومال كنتي هتروحي ازاي لوحدك وأنا مش شايف عربية تحت؟


ابتسمت ساخرة:

-عادي يا فارس بطلب أوبر ولا تاكسي، أحنا متولدناش عندنا عربيات سواقين.


رفع حاجبه الأيسر ونظر لزوجته:

-طبعا الكلام ده ممنوع تماما ليكي.


ضحكت تومئ برأسها:

-طبعا يا فارس باشا.


ضحك الجميع ودلفت هدى للمطبخ لصنع القهوة فنظر فارس لشيرين وأمرها بغلظة:

-روحي ساعدي مامتك ومتجيش لا انتي ولا هي إلا لما انادي عليكم.


ابتلعت لعابها بحرج وخرجت مستسلمة فتحفز جسد نرمين لما هو قادم وتعجبت ياسمين من طريقته فهي حتى تلك اللحظة لا تعلم سبب الأزمة التي حدثت بين نرمين ومازن:

-جدك فين يا نرمين؟


أجابته وهي تطلب الدعم من ابنة عمها بنظراتها الممتعضة:

-مع بابا عند الدكتور.


أومأ مستحسنا:

-كويس يعني مفيش غيرنا، واتمني مامتك متحاولش تسمع الحوار اللي هيحصل دلوقتي بينا.


ضحكتا سويا وهما تعلمان أنها لن تتوان عن التنصت على حديثهم؛ ففهم سخريتهما ووقف على الفور وخرج لمدخل الصالة فوجدها تقف بالفعل خلف الحائط الفاصل تحاول الإستماع لحديثهم فتجهم وجهه ورمقها بنظرات حارقة أرهبتها وحدثها بصوت غليظ:

-اطفي على القهوة مش عايز حاجه، وخدي شيرين وادخلي اوضتك واقفلي الباب عليكم.


ابتسمت وأومأت سريعا وهرعت من أمامه بخوف أضحكه وعاد هو للجلوس وانتظر حتى استمع لصوت إغلاق الباب وعاد للتحدث لنرمين:

-موقفك من الشغل مفهوم ومش عايزك تتوتري وتفتكري اني جاي اضغط عليكي ترجعي طالما مش مرتاحه.


شعرت بالراحة من بداية حديثه واستمعت له يكمل:

-وموقفك من كلام مازن معاكي بالرغم إن ردة فعلك كان مبالغ فيها بس بردة مقدرش أحاسبك عليها.


ظلت صامتة تنظر له وهو يتابع حديثه:

-بس في حاجه مهمة عايز أعرفها، ولو سمحتي يا نرمين خليكي صريحة معايا ومتقلقيش من أي حاجه.


انتظرت سؤاله بترقب وياسمين جالسة لا تفهم مغذى حديثه ولا تعلم عن أي شيئ يتحدث:

-انتي لسه بتحبي مازن؟


تفاجئت ولمعت عينيها تصر على أسنانها وبداخلها يزداد حزنها، فلماذا يظن الجميع أنها بهذا السوء وقد تكن مشاعر لشخص ليس من حقها أن تفكر به من الأساس، وكم وبخت نفسها على تذكرها بعض اللحظات التي مرت بها معه وهو الآن ملك ﻷمرأة أخرى:

-أنت سامع بتقول ايه يا فارس؟ ايه الفرق بينك وبينهم دلوقتي؟ ايه الفرق في كلامك عن كلام اختك واتهام الكل حواليا، وحتى كلام مازن اللي جرحني بيه؟ أنا غلطت في ايه بعلاقتي بمازن زمان ولا حتى دلوقتي عشان الكل يفكر كده؟


ترك مقعده وأبعد زوجته ليجلس مكانها بجوار نرمين وأكد عليها بنظراته وصوته:

-أنا أكتر واحد عارفك وعارف تفكيرك يا نرمين، ويمكن أكون فاهمك أكتر من ياسمين، وعارف انك لما سبتي مازن كان عشان مشوفتيش مستقبل ليكم مع بعض بس ده مش معناه انك بطلتي تحبيه ولو فاكره انا قولتلك الكلام ده وقت ما مالك اتقدملك وكنت عايزك تأجلي موافقتك، بس كل ده مش مهم دلوقتي وسؤالي مش اتهام ليكي بالعكس.


صمت ثانيتين وعاد يكمل:

-مازن لسه بيحبك واعترفلي بده.


شهقة خرجت من كل من نرمين وياسمين على حد سواء ولكن ذلك لم يمنعه من استكمال حديثه:

-وبالرغم انه متجوز اختى فمازن عندي حاجه مهمه أوي، من ناحية ده أخويا اللي مستعد افديه بروحي زيك انتي وياسمين كده، ومن ناحية تانيه مش هقبل ابدا أنه يكمل جوازه من چنى اللي اتبني على كدبه كبيره فعايزك تعرفي إن بيكي ومن غيرك جواز مازن وچنى مش هيكمل.


ارتفع صدرها وتنفسها المتوتر وهي تستمع له:

-بس عايز أعرف حقيقة مشاعرك عشان القصة دي فيها كذا ضحية للأسف وعايز أعرف هتصرف ازاي معاهم.

الصفحة التالية