رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 32 - 2 الأحد 4/2/2024
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني والثلاثون
2
تم النشر يوم الأحد
4/2/2024
❈-❈-❈
تابع حديثه موضحا:
-چنى وابنها ودول أول الضحايا اللي حتى لو انكرتي مشاعرك فهم اتحكم عليهم بالانفصال، والضحية التالته وهو يزن اللي حبك بالرغم من تحذيرات مازن ليه.
هنا لم تستطع ياسمين الصمت أكثر من هذا وصاحت معترضة على حديثه:
-ﻷ يا فارس لحد كده وكفايه، أنت بتتكلم وكأن نرمين هي السبب في كل اللي بتحكيه.
حاول توضيح وجهة نظره، ولكن لم تمهله زوجته الفرصة بدفاعها المستميت:
-أنت بتقولها لو هتنكري مشاعرك كده كده چنى هتنفصل عنه، هتنكري مشاعرك!
صرت على أسنانها وهي تتابع حديثها بلا توقف:
-كأن فعلا في مشاعر بينها وبينه وهي بتخبيها وتنكرها، أنت سامع كلامك؟
رد وهو يرمقها بنظراته الحادة من طريقتها الفجة بالحديث معه:
-أنتي عارفه إن كلامي مش معناه اتهام لها، كل الحكاية عايز أعرف لو المعادلة دي فيها 4 عايشين متألمين وفي فرصة لـ 2 منهم يتبسطوا سوا يبقى ليه ﻷ.
تجهم وجه نرمين ووقفت تحدق أمامها غاضبة:
-أول مرة كلامك ميعجبنيش، بس الظاهر إنك لحد مازن وبتنسى الدنيا وما فيها، بس أنا لا جوايا بواقي لمازن ولا مشاعر مدفونه ليزن وابعدوا عني وسيبوني في حالي بقى كفايه عليا كده.
تركتهما ودلفت غرفتها فالتفتت ياسمين ناظرة له بمعاتبة:
-كده يا فارس؟ أنا لو أعرف أنك هتيجي تتكلم معاها الكلام ده مكنتش جيت.
قوست فمها وهي تضيف:
-أنا عارفه إن مازن خط أحمر عندك وچنى طبعا الدلوعه بتاعتك واللي مهما عملت ولا غلطت بتعديلها، بس زي ما أنت أهلك نمره واحد عندك ومش بتسمح لحد أنه ييجي عليهم فأنا مش هسمح لك لا أنت ولا أي حد أنه يجرح نرمين وكفايه بجد كده.
رفع حاجبه بغضب وقد تملك منه ذلك الشعور بالعجز ﻷول مرة وربما سوء التصرف، ولكنه حقا عاجزا تلك المرة عن حل تلك المعضلة واستمع لها تكمل:
-ويزن ده مين ده كمان اللي نرمين تفكر فيه؟ خلاص مش ناقص إلا ولاد مروان الفهد كمان اللي هنقرب منهم ولا ايه؟ نرمين أبعد ما يكون عن أنها تفكر في ابن مروان يا فارس، ياريت تحط الكلام ده حلقه في ودنك.
تركته دالفة غرفة ابنة عمها فوجدتها تجلس باكية بانهيار وفور أن لمحت ياسمين ارتمت بحضنها تتمتم:
-ليه الكل بييجي عليا وظالمني كده؟ انا قدمت استقالتي عشان محدش يفكر فيا تفكير وحش وبرده مش هسلم من الناس واتهامهم لمجرد اني مطلقه.
رفعت وجهها ترمقها بحزن وتابعت:
-مازن بيه بيقولي بتنطي من راجل للتاني بسهوله وكأني بنت مش كويسه، ومرضتش أعمل مشكله عشان الكلام ميوصلش لمراته، وجوزك جاي دلوقتي يقولي مازن لسه بيحبك!
تفاجئت ياسمين بذلك الحوار الذي دار بينها وبين مازن فهي تستمع له ﻷول مرة؛ فانعقد جبينها بشدة والأخرى تكمل بكائها:
-انا مبقاش ليا لا تجمع مع عيلة الفهد ولا شغل حتى، ابعديني عنهم يا ياسمين عشان بجد تعبت ومش هقدر كده أكمل.
ربتت عليها موافقة واحتضنتها وظلت تهدأها حتى استكانت وسكتت والآخر لا زال يجلس بالخارج منتظرا خروج زوجته حتى فُتح باب المنزل وتفاجئ عم زوجته وجدها بجلوسه بمفرده هكذا بالصالة؛ فهلل السيد مرحبا:
-فارس يا بني أهلا بيك.
مد راحته يسلم عليه وصافح عمها بفتور واضح والاول يسأله:
-الله! أومال فين الناس اللي هنا أنت قاعد لوحدك كده؟
خرجت كل من هدى وشيرين من الغرفة وهتفت الاولى:
-اصل الباشا كان جاي عايز نرمين لوحدها فسبناهم ودخلنا جوه.
تعجب محمود واسند والده الكهل ليجلس بجوار فارس وسأل:
-موضوع ايه ده؟ وهي فين نرمين؟
خرجت الأخرى بعد أن مسحت عبراتها وهندمت نفسها حتى لا تظهر أمامهم ضعيفة هكذا وردت كذبا:
-فارس كان جاي يرجعني الشغل بس اقتنع بوجهة نظري أخيرا.
لفت رأسها ناحيته وسألته بتوجس:
-مش كده؟
أومأ لها مبتسما وظل صامتا حتى هتفت هدى بصوتها المستفز:
-طيب أقوم أكمل عمايل القهوة بقى ولا نخليها نغدا؟
وبخها محمود وقد نظر لها ممتعضا:
-هي محتاجه سؤال يا هدى؟ وقت الغدا جه يلا روحي انتي والبنات خلصوا الأكل خلونا ناكل.
تحركن ثلاثتهن برفقة هدى صوب المطبخ وظل فارس جالسا مع السيد وابنه، وبدأ الأخير حديثه متسائلا:
-هي قضية أنس كده خلصت يا فارس ولا لسه ليها ديل؟
رد وهو يرمقه بنظرات مغتاظة مما أعتبره تحدي له لمساعدته أخيه:
-مفيش قضية من أساسه ﻷن النيابة أقرت بعدم أهلية أنس وما أخدتش بأقواله خصوصا إن أقوال أهله والشهود كلها عكس كلامه فخلاص الموضوع اتقفل على كده.
اعتدل محمود بجسده بعد أن شعر بالهدوء النسبي لقلقه على فلذة كبده، ولكن فارس لم يمهله الفرصة لاعتياد ذلك الشعور بعد أن هتف:
-أما بقى بالنسبة لقضية شادي اللي أنت واقف فيها مع الأستاذ أحمد فأحب أعرفك إن أقل حكم هياخده هو المؤبد ده طبعا كمجموع احكام للقضايا اللي اتعملت له هو وشريكته.
ابتلع الأخير ريقه بتباطئ ونظر لانعقاد جبين فارس والغضب الظاهر عليه واستمع له يضيف:
-وبعد ما اخلص من القضايا دي أكيد هفضى لكل واحد اتحداني ووقف ضدي.
تكلم السيد على الفور بعد أن فهم نبرة التهديد البادية بصوته:
-محدش اتحداك يا بني، كل الحكاية إن الواحد بيحاول يعمل اللي عليه ناحية عيلته حتى لو فاقد الأمل في صلاح حالهم زي ما عملت مع عاليا كده ومجابش نتيجة.
هو لديه من الذكاء والفطنة لفهم الأسلوب المتوارٍ بالحديث الذي اتبعه ذلك الكهل لحل أزمة الخلاف بينه وين ابنه؛ فرفع حاجبه الأيسر وهو مضطرا لبلع حديثه الذي لم يعجبه احتراماً لسنه ولصلة القرابة فهو بالنهاية جد زوجته والذي يعلم تمام العلم مكانته بقلبها.
قضم شفته السفلى وهو يحاول أن لا يظهر غضبه ويظل بنفس الهدوء الذي رسمه على ملامحه منذ لحظة دخولهما من باب المنزل:
-يمكن تكون شايف تشابه بين تصرفات عاليا وبين شادي، بس عايزك تفهم يا حاج إن عاليا بالنهاية بنت وغصب عني كان لازم أفضل معاها عشان سمعة العيلة وعشان مرضها النفسي اللي أثر على قراراتها، لكن شادي ماشاء الله الندالة فيه ملهاش علاقة لا بمرض نفسي ولا بقلة عقل ﻷن عقله يوزن بلد لدرجة أنه قدر يخدعني انا كل الفترة دي ويدخل على بيتي ومراتي وولادي جاسوسه تعرفه كل كبيره وصغيرة بتحصل، ده المافيا معرفوش يعملوها معايا يا أخي.
تجهم وجههما وانتظرا أن يكمل حديثه الذي أخافهم:
-أبوه وكده كده مجبر يقف معاه ﻷنه ابنه بالنهاية، لكن حضرتك يا أستاذ محمود فضلت تقف فـ الصف بتاعه عن صف بنتك اللي ربيتها وعني أنا اللي اديته فرصه واتنين وتلاته عشان ينهي العداوة دي إكراما ليكم، واللي مش هسامح فيه إنك فضلته عن ولادي اللي في مقام أحفادك باعتبار ياسمين تبقى بنتك.
رفع حاجبه وهو يكمل ترهيبه:
-بس تمام أخلص اللي ورايا والحساب يجمع.
نهض بعصبية واستدعى زوجته بصوته المرتفع فهرعت صوبه:
-يلا عشان منتأخرش على الولاد أكتر من كده؟
حاولت أن تتحدث فسبقتها هدى:
-يوه، ده أنا حطيت الأكل على النار خلاص وكلها نص ساعه ويستوى.
سحب ياسمين من راحتها وتحرك صوب الباب وهو يرد عليها:
-ألف هنا على أصحاب البيت