-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 36 - 4 الأحد 25/2/2024

  

قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل السادس والثلاثون

4

تم النشر يوم الأحد

25/2/2024

انهارت باكية وهي تضيف:

-انا عملت المستحيل الكام شهر اللي فاتو من ساعة ما عرفت عشان اخليه مبسوط بس العكس تماما اللي حصل، فضل سرحان ومتضايق وقاعد لوحدة وبيهرب مني و.


صمتت وزاد بكائها فهتفت ياسمين تسألها:

-يعني انتي متاكده إن مازن لو الفرصة قدامه انه يرجع نرمين هيعمل كده؟


أومأت فأكدت ياسمين عليها:

-تمام، ولو اثبتلك العكس؟


لم تفهم مقصدها فنظرت لها بتركيز:

-لو اثبتلك إن الكلام ده مش صحيح، هترجعيله؟


وافقتها دون تفكير فربتت ياسمين عليها تؤكد:

-تمام يبقى خليكي على موقفك معاه وأنك مصره على الطلاق لحد ما اثبتلك انه مش عايز غيرك.


سألتها متوترة:

-هتعملي ايه؟


غمزت لها مبتسمة:

-Sit & watch baby, sit & watch.


❈-❈-❈

استيقظ ممسكا رأسه من الألم الذي احتلها وانحنى يستند على طرف الفراش وهو يحاول الوصول لمؤقته حتى يغلقه، فبعد انقاطعه عن العمل كل هذا الوقت قرر اليوم بالتحديد الذهاب للشركة لسببين، أحدهما هو ضرورة إتمامه تلك الصفقة العالقة، والسبب الأخر هو التحدث بل ومواجهة فارس بقراره الذي اتخذه.


ارتدي بدلته ونزل الدرج فوجد والديه يستعدان لتناول الإفطار فهتفت دينا تستدعيه:

-تعالى يا حبيبي أفطر معانا، انا مرضتش اصحيك عشان...


قاطعها مراد:

-لحظة يا دينا.


صمتت فنظر لابنه وسأله بحدة:

-أنت ناوي تفضل على حالك ده لحد أمتى؟ ناوي تراضي مراتك وترجعها هي وابنك امتى؟


صمت مطرقا رأسه فذلك الألم الذي ظن أنه اعتاده قد زاد بالأيام المنصرمة لدرجة أصبح من الصعب عليه تحمله، ولكن ذلك لم يعلمه أحد مما جعل والده يحتد عليه:

-أنت عرفت إن يزن رايح انهارده يطلب ايد نرمين بعد ما اتخانق مع مامته عشانها مش كده؟


أومأ ولم يعقب فعاد مراد لحديثه:

-يعني عارف انها مش ليك وعمرها ما كانت ولا هتكون.


صر على أسنانه ليمنع نفسه من الرد فصرخ به والده محتدا ودافعا المقعد للخلف وهو يقف بعصبية:

-ايه يا بني عامل كده ليه؟ خلاص حياتك هتقف عشانها؟ انساها يا مازن وبص لمراتك وابنك.


رد بصوت مبحوح ومختنق:

-يا بابا صدقني انا مش بفكر في الموضوع ده.


سأله والغضب قد تجلي بحدقتيه وﻷول مرة يتخذ موقفا من بكريه:

-أومال ايه فهمني؟


أجابه مغلقا عينيه فنزلت عبراته على وجنته فتفاجئ والديه بحالته ورد وهو يستنشق ماء أنفه:

-أنا روحت الاسبوع اللي فات عملت المسح الدوري بتاعي وظهرلي benign tumor.


انتبه والديه فنهضت دينا بلهفة:

-أنت متاكد انه benign tumor ؟


أومأ وهو يخرج هاتفه يريه لها فابتسمت تربت عليه:

-طيب الحمد لله يعني حميد زي اللي فات.


هز رأسه وهو يضيف:

-بس الدكاترة لقوا جنبه كتله صغيرة شاكين فيها وانا...


قاطعته وهي تنظر للتحليل مؤكدة:

 -يا حبيبي دي قطرها 0.01 ملم يعني اد حبة الملح وإن شاء الله تكون حميد هي كمان.


سأله والده بغصة تعلقت بحلقة:

-ده سبب انعزالك الكام يوم اللي فاتوا وبعدك عننا وعن مراتك؟


أومأ وهو يؤكد:

جنى لسه صغيره وأنا عارف آخرة المرض ده ولو مكانش المره دي فالمرة الجايه ولا اللي بعدها وكل ما سني يكبر كل ما الإحتمالات بتزيد وأنا مش عايز اظلمها معايا، فضلت معاند واتمسكت بيها حتى لما هي طلبت الطلاق بس بعدها بيوم استملت النتيجة واتحطيت في حيرة، هل انتهز الفرصه واطلقها على الأقل تشوف نفسها ومحدش يحس ولا يعرف وزي ربنا ما يريد بعد كده؟ ولا اتمسك بيها وترجعلي شفقه زي نرمين ما عملت.


امتعض وجه دينا من سيرتها فصرخت به:

-متجبش سيرة البنت دي بقى قدامي عشان بقت بستفزني سيرتها، ومتقارنش بين چنى وبينها ﻷن چنى بتحبك يا مازن وبتموت فيك لكن نرمين محبتكش.


أطرق رأسه متنهدا فتابعت هي:

-وأهي مرتاحتش إلا لما خربت الدنيا على سحر وولادها، آسر كان مأجل جوازه من لاميتا زي فارس ما قال لحد ما توصل 21 سنه بس لما يزن بيه اتخانق مع أمه بسبب نرمين هانم وصمم يتجوزها راح التاني كمان عمل زيه وقالوا فرحي وفرحك في يوم واحد والغلبانه اللي ضيعت شبابها عليهم هتتنقط منهم.


لم يهتم بحديثها كثيرا ولكنها ظلت تثرثر:

-أنت عرفت إن سحر حلفت أنه لو راح انهارده يتقدم لها هتسافر وتسيبهم؟


نفى بعدم اكتراث فتابعت:

-وطبعا أكيد التانية عارفه  راي سحر إن مكانش من شيرين يبقى من ياسمين بس ولا هاممها.


وقف بفروغ صبر وهو يستأذن:

-معلش يا ماما انا مضطر اسيبك عشان عندي اجتماع مهم ومش عايز اتأخر عليه.


❈-❈-❈

جلس بمكتبه عاقدا لساعديه وهو متأكد تمام التأكد انه سيأت اليوم لا محالة؛ فتلك الصفقة التي عمل عليها ﻷشهر طوال لا يمكنه التخلي عنها هكذا ﻷي سبب.


اتسعت عينيه عندما استمع لطرقه ودلوفه ينظر له بخزي وتكلم بصوت مختنق وضعيف:

-انا في مكتبي لحد ميعاد الميتنج.


أومأ دون إبداء أي مظاهر على وجهه وانتظر بضع دقائق حتى بدأ الإجتماع وجلس ينظر لإسمرار ما تحت عينيه وهو يتحدث مع الوفد الجالس معهما بالرغم من الإرهاق البادي عليه إلا أنه أدار الإجتماع بنفس الحرفية التي أعتادها به رفيق دربه.


انتهى الإجتماع فوقف مازن مودعا الوفد وعاد ينظر لفارس الذي ظل واقفا أمامه ويديه بجيب بنطاله ينتظره أن يتحدث فهمس الآخر:

-انا هخلص باقي الورق واسيبهولك ع التوقيع وهروح.


تحرك من أمامه فصاح به فارس بحدة اجفلته:

-استنى عندك.


وقف يوليه ظهره فلم يتمهل فارس وصرخ به:

-ده أنت حتى مسألتش عن ابنك! هو ده النموذج اللي بتصدره لحياتكم بعد الإنفصال.


تنهد وزفر بقوة والتفت يؤكد بحدة:

-أنا قولت مفيش انفصال لحد ما أموت، ومتقلقش هيحصل قريب وأقرب مما تتوقع كمان يا فارس.


انغرز نصل حاد بقلب فارس بالتو بعد استماعه لتلك الكلمات فهرع ناحيته يمسكه من ذراعه:

-قصدك إيه بالكلام ده؟


سحب ذراعه منه بقوة ورد:

-عادي بهلفط بالكلام.


تحرك للخارج فتبعه الأخير ووقف أمامه رافعا رأسه لمستوى طول مازن وهدر به:

-اقف يا بني وكلمني زي ما بكلمك، أنت المتابعة الدورية بتاعتك ميعادها الأيام دي صح؟


أومأ فلمعت عين فارس وسأله بصوت مرتعش:

-رجع تاني؟


أومأ فارتعشت شفتي فارس يشعر أن أنفاسه قد انقطعت فجأة؛ فسحبه بقوة يحتضنه ويربت على ظهره:

-هنتخطاه سوا زي اللي قبله.


ابعده عن حضنه ونظر له بتدقيق مؤكدا:

-مش هسيبك لوحدك وهنتخطاه سوا.


ابتسم مازن وقد شعر أخيرا أنهما عادا كما كانا فهتف والبسمة تتسع على وجهه:

-متخافش، حميد برده.

الصفحة التالية