-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 35 - 1 الخميس 22/2/2024

 

قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل الخامس والثلاثون

1

تم النشر يوم الخميس

22/2/2024

❈-❈-❈

إن جائتك الفرصة للمرة الثانية فلا تضيعها وأستغل كل لحظة فيها حتى تصل لهدفك مهما كان فإنها لو ضاعت لن تأت مرة أخرى، فالفرصة كما هي وقت إضافي أعطاه لك الطرف الآخر كي تحاول من جديد لكسب ثقته فهي بالنسبة له كالرصاصة التي يعطيها لك لتقتله بها إن استغليتها بشكل خاطئ لذا فأحرص عليها واستغلها بشكل صحيح.


استقبلها بابتسامة نضرة وعينين لامعتين واقفا يحاول إخفاء ثوران مشاعرة بداخل قلبه، أما هي فارتدت تلك النظارات المعتمة ليس لإخفاء حدقتيها من أشعة الشمس، ولكن حتى تخفي حماسها الظاهر على حركات جسدها.


ابتسمت له عندما اقتربت منه ووجدته يفتح لها باب السيارة كما اتعتادت منه بلباقته التي اعتادت عليها ولكنها وقفت أمامه تسأله بخجل:

-مش كنا فطرنا الأول قبل ما نمشي.


وحتى تزيل إحساسها بالحرج أضافت:

-محدش عارف هنلاقي أكل بره يتاكل ولا لأ.


ابتسم بسمة واسعة موضحا:

-متقلقيش أنا مجهز برنامج تحفه منه نتفسح ونشوف البلد ومنه نجرب أكلات حلال لكذا بلد، منهم اوذباكستان وغيرهم فاتحين مطاعم هنا.


دلفت بالمقعد المجاور له بارتباك فأدار محرك السيارة والتفت يبتسم لها:

-ممكن تسيبي نفسك انهارده وتحاولي تتبسطي من غير تفكير.


تفاجئت لعلمه ما يدور بخلدها عندما أكمل:

-بلاش تفكير وكلام جواكي عن ياترى هنتعامل مع بعض ازاي بعد السفرية والكلام اللي يقتل الفرحة ده، ممكن؟


أومأت له فقاد سيارته حتى وصلا لوجتهما لسور الصين العظيم وصعدت معه ﻷعلى منطقة بالسور ووقفت تنظر للمدينة من أعلى بشرود فوقف خلفها وانحنى هامسا بأذنها:

-جميلة أوي.


التفتت فجأة بعد أن انتبهت لصوته وابتلعت ريقها بخجل وهو يبتسم ويكمل:

-جميلة الصين.


ضحكت رغما عنها عندما قلد ذلك المقطع من الفيلم المصري فول الصين العظيم وهتفت معقبة:

-أنت اتعديت من فارس ولا ايه؟


غمز لها بطرف عينه وهو يصحح لها:

-بصراحه كنت بقول جميلة عنك بس خوفت تتضايقي فغيرت كلامي.


أطرقت رأسها وسحبت نفسا عميقا وحاولت تغيير مجرى الحديث فتسائلت:

-هنروح فين تاني؟


أجابها وهو يمسك راحتها ويسحبها خلفه:

-حديقة الحيوانات.


سحبت راحتها فورا منه وتنحنحت بحرج:

-مازن من فضلك بلاش...


قاطعها معتذرا:

-آسف مكنتش أقصد والله.


أومأت عدة مرات مصدقة حديثه وتحركت خلفه ودلفت السيارة حتى وصلا لوجتهما وهناك تحولت نرمين من تلك الحزينة والمقتضبة إلى طفلة تضحك وتبتسم وهي تشاهد الحيوانات المختلفة وتطعهما وتجري هنا وهناك بسعادة.


نهجت بعد أن شعرت بالتعب من كثرة اللعب والجري فجلست على أحد المقاعد بجوار بائع للفاكهة وجلس يزن بجوارها ساخرا:

-لاااا، أنا مش أدك وصحتي على أدي.


رمقته بنظرة حادة وغاضبة وقد فهمت أنه يمزح معها بوقاحة وفهم هو على الفور من نظراتها فاتسعت حدقتيه صارخا:

-اقسم بالله ما قصدي اللي انتي فهمتيه، أنا بس تعبت من اللف، راعي فرق السن بينا.


تجهم وجهها وسألته بحدة:

-ليه انت عندك كام سنه؟


أجابها مبتسما:

-عندي 31 سنه.


هزت كتفيها:

-أكبر من ساجد بسنتين يعني.


نفى موضحا:

-ﻷ 3 سنين.


هزت رأسها ساخرة:

-مش كبير أوي يعني عشان تتعب، ثم إن الفرق بينا مش كبير أوي يعني انا تميت 24 سنه يعني كلها 7 سنين.


أومأ مبتسما وشرد بها وهي تعدل حجاب رأسها فلمحته وزاغت حدقتيها بخجل فابتسم على الفور وهمس يسألها:

-نكمل الtour.


أومأت ووقفت تتجه معه لسيارته وقاد بها حتى وصلا لمعبد السماء وترجلا، فوقفت نرمين مشدوهة بذلك التصميم المعماري الخاطف للأنظار ولكنها وجدت نفسها تلقائيا تلتفت له مازحة:

-سنك هيسمح لك تطلع كل السلالم دي ولا تستناني هنا؟


لمعت عينيه وضحك عاليا وهو يغمز لها بطرف عينه:

-لااا أنتي كده بتحطي جوايا روح التحدي، تحبي نعمل سباق؟


حركت رأسها بالموافقة معقبة:

-والخسران؟


أجابها والسعادة تكاد تخرج من محجريه:

-هو اللي يدفع تمن العشا انهاردة.


وافقته ووقفت على أعتاب أول درجة من السلم وهتفت رافعه أصابعها:

-مستعد، 1، 2، 3.


هرعا بسرعة يصعدان الدرج، ولكنها ربما كانت الأسرع أو تركها هو لتحظ بتلك اللحظة السعيدة عندما وصلت ووقفت على أعتاب السلم الرخامي تقفز بسعادة:

-أنا اللي كسبت.


تجولا بالمعبد وانتهت جولتهما ونزلا ليركبا السيارة فالتفتت له مبتسمة:

-مع انك اللي دفعت كل تكاليف الtour دي بس للأسف هتدفع كمان تمن العشا ﻷنك الخسران.


رمقها بنظرة متفحصة وشاردة وهو يجيب بصوت حاني:

-أنا كسبان وجودك معايا.


ارتبكت على الفور وأشاحت بوجهها تضع حزام الامان وتكلمت وهي تتحاشى النظر له:

-مش زودتها شويه؟


نفى بحركة من رأسه:

-بالعكس أنا بحاول أحجم مشاعري عشان مضايقكيش.


سحبت نفسا عميقا وهتفت:

-طيب انا جعانه هتعشيني ولا ايه؟


أشعلت الحماس به بعد كلمتها فضغط براحتيه على مقود السيارة وبدأ القيادة وهو يرد:

-بس كده، تحت أمرك.


وصلا للمطعم المصري فضحكت فور أن لمحت اللافتات المكتوبة باللغة العربية والتفتت له تسأله:

-أنت جيت الصين قبل كده ولا ايه؟ 


نفى برأسه فتابعت متعجبة:

-حساك عارف كل حاجه هنا وكمان مش سهل تقدر تعمل tour زي دي من غير تجهيز.


اصطحبهما النادل للطاولة فجلسا وهو يجيب تساؤلها:

-أنا قعدت امبارح طول الليل أعمل سيرش عشان اعرف اظبط الtour دي وتكون بيرفكت كده.


عادت لارتباكها فأطرقت رأسها والنادل يعطيهما قائمة الطعام فسحبها منه وسألها:

-تحبي تاكلي ايه؟ أنا بصراحة محروم من الأكل المصري وبحبه عشان كده اختارت المكان هنا.


نجح بإخراجها من حالة السكون اللحظي الذي دخلت به فأجابته:

-أي حاجه انا كمان بحب الأكل المصري.


أشار للنادل بالقائمة:

-طبق محاشي محترم كده ومعاه حمام وملوخية طبعا.


تركهما النادل فالتفت ينظر لها وهي تسأله:

-هي مامتك مش بتطبخ أكل مصري في البيت؟


نفى مبتسما بسخرية:

-بصراحه ماما أكلها يعني مش اوي، هي في الحقيقة مكانتش فاضية للمطبخ بسبب شغلها ولما سابت الشغل كانت كبرت بقى على شغل المطبخ، بس أنا بعرف أعمل كام صنف كده لو دقتيهم هتاكلي صوابعك وراهم.


قادها فضولها لسؤاله:

-أنا عارفه انكم عيشتوا بره بس معنديش تفاصيل يعني كنتوا في اي بلد وايه سبب سفركم و...


قاطعها والبسمة تتسع حتى أذنيه:

-انا مبسوط انك عايزه تسمعيني بتكلم عن نفسي.


خجلت من جديد فتوسلها بلهفة:

-ﻷ ابوس ايدك مش كل ما اتكلم معاكي بعفوية تتكسفي انا مقصدش حاجه.


سحب نفسا عميقا وتنهد بحزن وهو يتابع مطبنا:

-ماما عرفت بشغل بابا وأكيد انتي عارفه حكايته مع المافيا والسلاح، لما عرفت خيرته ما بينها هي وولاده وما بين الشغل بس هو ضحك عليها ونيمها كام سنه كده مفهمها انه بطل الشغل ده لحد فارس ما بلغ عنه ووقتها فهمت انه لسه شغال في الممنوعات، وطبعا أنا كنت وقتها عندي 9 سنين ومتعلق ببابا أوي وهو استغل ده عشان يضغط عليها وتفضل معاه.


ابتلع ريقه وابتعد عن الطاولة حتى يضع النادل الطعام فأشار لها لتبدأ بتناول الطعام وهم هو الآخر بالأكل وهو يكمل:

-فضلت تحاول معاه 5 سنين انه يطلقها أو حتى يسيب الشغل ده بس موافقش، وفي الخمس سنين دول كنت أنا كبرت وبدأت أفهم كل حاجه بتحصل حواليا وقولتها يلا نسيبه ونبعد بس هو مسبناش في حالنا وفضل يطاردها في كل مكان بتروحه ومحدش من عيلة الفهد قدر يقف معاها.


تعجبت مما يقصه عليها وسألت سؤالا بدا ساذجا:

-وفارس كان فين من كل ده؟

الصفحة التالية