-->

رواية جديدة سراج الثريا لسعاد محمد سلامة - الفصل 4 - 1 - السبت 17/2/2024

 قراءة رواية سراج الثريا كاملة

"ملحمة غرام بين السرج والثرى"

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية سراج الثريا

"ملحمة غرام بين السرج والثرى"

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سعاد محمد سلامة


الفصل الرابع

1

تم النشر يوم السبت

17/2/2024

«لقاء عاصف» 


دائمًا ما يُحب أن يسمع لحكاوي البسطاء أيًا كانوا

أثناء سيره بتلك الفرسه بين الأراضي الزراعية لفت إنتباهه ذاك التجمُع الخاص

بأحد جلسات الصفا لمجموعة من الفلاحين يجلسون أسفل ظلال فروع أشجار الصفصاف المُلتفه كانوا يمرحون يتذكرون بعض الذكريات التى مرت عليهم ،ذهب نحوهم بتلقائيه هبط من فوق الفرسه وتبسم وهو يقترب منهم يُلقي عليهم السلام،الجميع يعلم من هو "آدم العوامري"لكن لا يخشون منه يعلمون أنه ذو قلب ودود،كثيرًا ما جلس بينهم يسمع حكاويهم يتناول معهم ابسط الطعام وكوب شاي يستمع لحكاياتهم وذكرياتهم وحياتهم بين الأمس والحاضر، حكايات يُعيد صياغتها يغزلها فيما بعد بحكاوي كتابية.... 

إنتهت تلك الجلسة حين نهضوا واقفين تبجيلًا لـ عمران العوامري الذى كان يمُر أمامهم بتلك العَربة الذى يسحبها حصان"كارته"

لم يهتم آدم لذلك وظل جالسًا،لكن لمح  عُمران جلوس آدم، وسأل ذاك الشخص المرافق له:

مش آدم اللى جاعد مع الفلاحين ده.


أجابه:

إيوه هو چنابك.


زفر عمران نفسه بضجر،آدم كثيرًا ما ينسي ما هي قيمت عائلة العوامري ويجلس بين الفلاحين اللذين يعملون باليومية، لا يهتم أنهم دون مستواه العائلي المرموق... تفوه للعامل الذى معه بآمر: 

إنزل نادي عليه. 


لحظات وكان آدم واقفًا أمام عمران الذى ينظر له بإستهجان قائلًا بذم: 

إيه اللى مجعدك مع الفلاحين الأُجريه دول مش من محامك مش هتبطل العادة دي، إكده بتمرعهم وبتديهم جيمة (قيمة) أكتر من حجمهم، لازمن تتعامل معاهم على إنك آدم بيه العوامري، اللى يحكم  ويأمر فيهم، وهما عليهم السمع والطاعة، لازمن يهابوك. 


يعلم أن مجادلته مع والدته لكن تُفيد بشئ، أومأ برأسه قائلًا  بمهاودة: 

تمام يا أبوي بعد إكده هتعامل معاهم بالكرباج. 


نظر له عمران بسخط قائلًا بغضب: 

إنت بتهاودني، بتاخدني على قد عقلي... 


قاطعه آدم يُزفر نفسه قائلًا: 

لاه يا أبوي بعد إكده هحط حد للتعامل بيني وبين الفلاحين اللى المفروض إحنا بناكل من كدهم وتعبهم، وبقينا آسياد عليهم. 


زفر عمران نفسه بخشونه قائلًا: 

وصلنا للحديت الماسخ،لازمن تعرف وتعترف إن ربنا له فى خلقه شئون،خلق الاسياد...


قاطعه آدم:

ربنا خلقنا سواسيه،لا أسياد ولا عبيد،ودول مش عبيد دول بشر فلاحين قعدتى معاهم مش شُبه ليا ولا تقليل من شآنى،هما دول الفلاحين اللى بينججوا عمي "عبد المقصود العوامري فى الإنتخابات بتاع المجلس،وعالعموم،هما خلاص إنفضوا كل واحد فيهم راح يرتاح له ساعتين الآيالة عشان يرجعوا العصر يشتغلوا،أنا كمان راجع للإستطبل،أشوفك المسا يا أبوي.


غادر آدم نحو ذاك الفرس الخاص به وإمتطاه وسار به سريعًا،بينما ضجر عمران يُزفر نفسه هامسًا يقول:

وارث مش بس شكل أمك،لاء كمان صفاتها،مكنش لازمن أسيب رحيمة وسطيكم كان لازمن تعيش منفية بعيد عن إهنه من الأول...بس خلاص سراج عاود وهو اللى هيرجع الهيبه من تاني.  


❈-❈-❈

بمنزل مجدي السعداوي

تفاجئت" سناء " زوجته

بعودته الى المنزل فى هذا الوقت ليس من عادته،تفاجئت أكثر  حين خرجت من المطبخ بجلوسه فوق مقعد بالرُدهه وجهه عابس وحزين...، إنخضت من جلسته هكذا، إقتربت منه بتوجس وقلق قائله: 

وجدي في إيه مالك جاعد إكده ليه، مش عادتك ترجع للدار دلوك. 


شعر بغضب ورفع نظره لها قائلًا بعصبية: 

لازمن أعاود داري بمواعيد إياك. 


إرتبكت وتلجلجت بالقول: 

لاه مش جصدي، بس خير جاعد ورا الباب إكده ليه؟. 


بنفس الوقت خرجت حنان من غرفتها لاحظت وقوف والدتها أمام والدها الجالس، إستغربت عودته للمنزل بهذا الوقت إقتربت منهما بخطوات مترددة خشية عصبية والدها المُعتادة، لكن أخفض وجدي وجهه، سألت بتردد: 

ابوي إنت مش كنت رايح لـ عمي المستشفى، هو مش كان هيخرج النهاردة. 


أخفض وجهه وظهر الحزن على وجهه وتنهد بآسى يشعر بآلم قائلًا: 

لاه أخوي مش هيطلع من المستشفى النهارده الدكتور مد فترة وجوده فى المستشفى. 


إستغربن سناء وحنان التي سألت: 

ليه، وبعدين ده كسر رجل مكنش محتاج يفصل فى المستشفى  الفترة اللى فاتت دي كلها، بس الغريب لما زورنا عمي إمبارح كان بيتآلم كمان خاسس اوي بفترة قصيره. 


زفر نفسه بآسي قائلًا: 

للآسف سبب حجزه فى المستشفى  مش كسر رِجله، كسر رِجله هو اللى كشف حقيقة المرض اللى عِنديه. 


إستغربن وسائلت سناء: 

مرض إيه؟!. 


أجابها بآسف: 

للآسف أخوي عنده المرض الخبيث فى العضم، ومكنش يعرف، كسر رِجله هو اللى ظهر المرض. 


إستغربن الآثنتين من ذلك، بذهول، 

فإصابة بسيطة اظهرت ان هنالك داء خبيث يسري بين عظامه. 


لكن عاود وجدي القول:

أنا بس يشد حيله شويه هتحدت وياه فى موضوع خطوبة حنان وحفظي، وبدل ما يبقى خطوبه يبجي چواز، عشان يفرح جلبه ونفسيته تتحسن يمكن ده يساعده وربنا يكتب له الشفا، أو يفرح بولده قبل ما يجابل وجه كريم. 


إنصعقت حنان بذلك ورجف قلبها هى ظنت أن هذا سيساعد بتأجيل تلك الخطوبه، لكن لابد أن تُخبر آدم بذلك بأسرع وقت. 

❈-❈-❈

بمنزل قديم بطرف بلدة قريبة من كفر العوامري

وقف يطرق بقوة وتتابع  دون توقف على ذاك الباب القديم لكنه متين ومُتماسك، وقف لدقيقة يسمع سؤال من بالداخل تسأل: 

مين اللى بيخبط؟ آه أنا وصلت بطل خبط  جاك خابط. 


ضحك مازال لسانها زالف كما عاهدها دومًا... فتحت الباب، نظرت الى ذاك الواقف أمامها للحظه ظنت أن بصرها من اسفل تلك النظارة أخطأ، خلعت النظارة وقامت بالتمعن بعينيها، نفس الوجه عاودت وضع النظارة تنظر له ثم قالت: 

ياااه أكتر من عشر سنين مروا، ولساك كيف ما إنت ملامحك متغيرتش يا "سراج" يا واد أختي التوأم "رحمه" الله يرحمها. 


لمعت عينيه ببسمه وهو يراها تفتح له ذراعيها  سريعًا ضمها يشعر بإشتياق لذاك الحضن الذى إفتقده لسنوات. 


ضمته بقوة قائله: 

الغالي على جلبي، إتوحشتك كتير كتير يا ولد أختى الغاليه، تعالى إدخل الدار. 


بصعوبه تركت إحتضانه حتى دخل الى داخل الدار، عاودت حضنه مره أخري قائله: 

السنين مرت كتير يا ولدي.


تبسم وهو يضمها بحنين قائلًا:

كذا مره بعت لك آدم يجيبك معاه لمصر نتقابل.


تنهدت بآسف:

أنا يا ولدي بجيت ست كبيرة خلاص،رِجليا مبجوش بتحملوا زي الاول،هبقى عاله على آدم وهعجز حركته...ربنا رايد لينا نعاود نتقابل،الحمد لله كنت بدعي اشوفك قبل...


قاطع حديثها وهو يضع يده فوق فمها،كذالك يضمها قائلًا:

بلاه الحديت الماسخ،إنتِ لساكِ صغيرة يا خالتي،فاكره لما كنت تقوليلى أنا أصغر من أمك بسنتين.


تدمعت عيناها وهي تضمه لها وأباحت بأسى:

سنتين،وهي سكنت التراب من سنين،نسيت عددها كنتم صغار ملحجتش تربيكم،كان قلبها كان حاسس،كانت تجولي ولادي أمانتك يا 

"رحيمة"،ها بس القدر نجول إيه، أنا وعُمران عمرنا ما كان بينا وفاج(وفاق)

بس أنا كنت أجوي(أقوى) منيه وإتمسكت بولاد أختي أنا اللى ربيته بعيد عن جسوة  وخباثة ولاء،بس لما حسيت إن خلاص كل واحد منيكم شق طريجه جولت يا بت بلاها تتحملي حديت ولاء الماسخ، وجساوة عمران عُدت لدار المرحوم چوزي من تاني

بس آدم،وإسماعيل من فترة للتانيه حسب مشاغلهم بيشقوا عليا،إنت اللى كنت غايب وبعيد،اشتجتلك(إشتقت) كتير يا ولدي...جولي چاي فى أچازه جد إيه؟.


ضمها مُبتسمًا يحاول كبت تلك الدمعه بين عينيه،ثم قال:

أنا مش فى أجازة يا خالتي،خلاص أنا قدمت إستقالتي للجيش وقررت أرجع أعيش هنا،يعني هرجع من تاني ولدك الشجي(الشقي) 

أبو دماغ يابسة.


ضحكت وضمته قائله بفرحه:

أحسن ما فعلت يا ولدي،خليك إهنه قريب مني... عارف أنا زي اللى ما يكون كان جلبي حاسس لاه مش جلبي،ده"رحمه"جاتلى فى المنام وجالتلى'الطير المهاجر" معاود لأرضه يا رحيمة. 


تبسم وهو ينحني يُقبل يدها قائلًا:

الطير إشتاق ينام على رجلين خالته تحكي له من حكاويها لحد ما ينام. 


تبسمت وهى تجلس على آريكه بدون دعوة، ذهب وتمدد على تلك الآريكه وضع رأسه على فخذها عبثت بخصلات شعره بحنان، أغمض عيناه يستمتع بحنانها، لكن سئمت ملامحه حين وضعت يدها على موضع قلبه سائله: 

مفيش بِت حلال شغلت الجلب ده، ولا لساه قاسي. 


أغمض عينيه يشعر بضيق وأجابها: 

لساه قاسي... طبيعتة  كده اكيد مش هيتغير يا خالتي. 


مازالت يدها على قلبه وقالت بحكمة: 

مفيش طبيعة مش بتتغير يا ولدي،بكره تظهر اللى تفتت جسوة جلبك،ومش بعيد تكون ظهرت وإنت مش دريان.


تهكم مُبتسمًا يقول:

مفكراني آدم أبو قلب رقيق،فاكره كنتِ بتقولى لكل إنسان صفة من إسمه،وأنا سراج شق السما.


ضحكت رحيمة قائله:

مهما كان غضب السرج الأرض أجوي (أقوي)

قادرة تبلع غضبه بلحظة.


تهكم سراج غير مُباليًا،وأغمض عيناه مُستمتعًا بصوت رحيمه الحاني الذى يُذكره بصوت والدته الذي إفتقدها وهو بالحاديه عشر... لكن فجأة بغفلة عقلة ظهر شبح وجه ثريا أمامه، فتح عيناه سريعًا  زفر نفسه بخشونه يشعر بغضب... كلما تذكر لقائتهم كانت ثيابها دائمًا مُلتصقة بجسدها، كآنها تتباهى بذلك... كي تلفت النظر لها. 


الصفحة التالية