-->

رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى 5 لنورا محمد علي - الفصل 38 - 1 - الخميس 15/2/2024

  

قراءة رواية جديدة للذئاب وجوه أخرى5 كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية للذئاب وجوه أخرى5 رواية جديدة قيد النشر

من قصص وروايات 

الكاتبة نورا محمد علي


الفصل الثامن والثلاثون

1

تم النشر يوم الخميس

15/2/2024

 ❈-❈-❈


في اليوم التالي أستيقظ  في ميعاده المعتاد، رغم الأرق الذي ينتابه طول الليل، كان يفتح عينه ليجلس على فراشه وهو لا يصدق أن كل ما حدث  في يوم واحد، لا يصدق أن كل الأحداث التي تزاحمت في رأسه حدثت بالأمس فقط ، من أول مناوشته مع أمه ووالده، ذهابه لعمله، لقائه مع خالته واسرتها والأهم لقائه معها، نظرات داليدا المحملة بالعشق  الممزوج بالخجل، شعوره بالغيرة، اعترافه لنفسه قبل أن يعترف لها بأنه تورط في العشق..


لكن ما حدث بعد ذلك كان الأسوء، ها هو يحاول أن يخرج من تلك الدوامة من الأفكار وهو يرتدي ملابسه، وينظر إلى نفسه في المرآة، لكنه ام يرى نفسه بل كانت تقابله عينيها، لا يصدق نظرة الألم التي رآها في عين داليدا وكان هو السبب فيها، شعوره بأنه لم يستطيع التفسير جعله يتألم عليها، ولكن ماذا بيده ليفعل؟ تلك العنيده أثرت البعد والهرب! 


بينما هو يفكر في الهرب من كل شيء بالذهاب الى العمل، أخذ ينثر عطره المميز بسخاء، لعله يبدد تلك الهالة من الحزن التي تحيط روحه، ولا يعرف كيف يخرج منها؟ فهو لن يرتاح حتى يفسر إلى داليدا سوء التفاهم الذي حدث، والذي كان سبب في شعورها بالألم..

 كان ينزل درجات السلم بهدوء خادع وهو يقول:

_ صباح الخير

 ابتسامة كاذبة ترسم على وجهه لم يستطيع أن يخدع بها والده..


  يتناول افطاره بآلية نظرات والده له كانت تحمل الاستفسار، ولكنه لم ينتبه ليفسر ولم يجد الكلام ليقوله من الاساس، كان يكتفي بأن يستمع إلى الأحاديث الدائرة حول السفرة بصمت،  بعد وقت كان يتحرك مع أمه إلى الشركة لكنها ما إن خرجوا من الباب وقفت أمامه وعلى وجهها أستفسار وما أن طال الصمت تسألت  


سهام: مالك


رحيم بدهشة مصطنعة: مالي 


_ حاسة انك متغير 


التفت ينظر لها، من خلف نظاراته الشمسية التي تواري عينه بكل تفاصيلها، وكل الارهاق الذي بها فهو لم ينام إلا في ساعات الصباح الأولى، ومع ذلك ابتسم إبتسامة شاحبة لم تصل إلى عينيه، وهو يقول:


_ مفيش حاجه يا ماما، يمكن ما نمتش كويس 


_ وما نمتش كويس ليه؟


_ مش عارف!


_ ومين يعرف؟! 


حاول  تغير ادفت الكلام إلى شيء آخر حتى لا يتعب من أسئلتها التي لن تأتي على قلبه إلا بالألم والعذاب 


_انت جاية معايا! مش  هتروحي مع احمد بيه؟ انا رايح الشركة.


_ أحمد بيه لو سمعك هيروقك، بس انا كمان رايحة الشركة، عندنا قرارات مهمة وفي اجتماع مع رؤساء الأقسام، وبعدها ممكن اتكلم مع رنا اشوف الدنيا ماشية إزاي في المصنع بتاعي، وهطمن على الارض من عم صلاح، وبعدها ممكن اروح القطاع


 هز رأسه بموافقة وهو يقول: 


_ تمام يا قمر، يبقى هنروح سوا 


أشار إلى سيارته ورغم انها تريد أن تكون معه فترة أطول، لتعرف ما الذي يحدث له إلا أنها هزت رأسها بالنفي، وهي تقول:


_ لا يا قلبي علشان تبقى براحتك لو قررت تفضل فترة اطول في الشركة، او تروح القطع بس في كلام كثير حاسة انه في عينيكم، وعلى لسانك مش عارف تقوله، بس هتروح مني فين؟


_ انا!


 ابتسامته التي شقت شفتيه بصدق هذه المرة فهو يدرك أنها ترآه ككتاب مفتوح، رغم أنه لا يحب ذلك إلا أنه لا يستطيع ان يتخفى امامها..

 بعد وقت كان في الشركة يتعامل بحدة ينظر إلى بعض الأوراق بتمعن يبحث بين سطورها عن خطأ لا وجود له، كأنه يريد من يثور في وجهه، يخرج ذلك الغضب بداخله، خاصة ما ان تلوح في رأسه نظرة عينيها الأخيرة وذلك الكلام الذي لم يتوقعه منها.. 


مر الوقت في عمل مستمر دون توقف حتى شعر بعض الموظفين بالتعب والإرهاق، بينما سهام كانت تتابعه من وقت لآخر خلف كاميرات المراقبة الخاصة بالمكاتب، او ربما الخاصة بـ المقربين منها فقط، وإذا كان العمل هو المهيمن في شركة الديب جروب وما يتبعها من أفرع.. 


كان المرح هو السائد في ذلك الفندق حينما اقتربت باولا  من ليزا التي تمشط شعرها بطريقة عابثة، تضع مستحضرات التجميل بصورة مبالغ فيها ربما تواري ذلك الشحوب الذي يزحف على بشرتها، يجعلها باهتة أكثر مما هي في الطبيعة، ولكن باولا تعرف انها تعاني منذ فترة، تعاني منذ أن هجرها ذلك الحبيب الذي لم تعرف عنه شيئا 


تلك الرحلة من البحث التي أسفرت عن صفر، علاقتها التي كانت في أوجه بدايتها والتي خرجت منها خاسرة، بقلب ممزق دون ان يفعل شيء، أو يحاول تمزيقه فقط اختفى وكانه من عالم مجهول، بعيد عن ذلك المكان ليتركها تائه بعد أخر مرة كان معها فيها..


  التفتت ليزا لتنظر لها وهي تقول: 


_ حبيبتي ألا أبدو جيدة


_ تبدين رائعة ولكن لمَ لا تجربين هذا اللون على شفتيك؟ سيكون أكثر بريقا ورونقا سيعطيك شكل عابث أكثر..


 ضحكت ليزا بصوت مرتفع وهي تفعل مثل ما قالت لها صديقتها، بعد وقت كانوا ينزلون الى حيث الفوج تناولوا الإفطار الجماعي في المطعم الخاص بالفندق


وبعد حوارات جانبية بين المجموعة التي خرجت إلى الرحلة، والكلام مع المشرف الذي اتى معهم من دولتهم، حتى يسهل لهم الامور، كان الكلام عن تحركهم إلى إحدى المعالم السياحية في القاهرة، كانت الاقتراحات تتوالى بينما ليزا تبتسم على كل شيء تسمعه وهي تهز راسها بحماس..


 بينما تتكلم مع باولا توقف الأمر على رحلة الى الاهرامات كبداية لهم، نظرت لها باولا وهي تقول: 

_ سيكون اليوم ممتلئ سنبدأ بزيارة الهرم قد نركب الخيل ايضا.

 نظرت لها ليزا وهي تقول: 

_ لا أظن أني أستطيع أن أركب الخيل ربما ألتقت بعض الصور بجوارها، ربما التقط بعض الصور ايضا بجوار الهرم الأكبر، وتلك المعالم  الأثرية القديمة، لكن أنت تعلمين جيدا انني لا أستطيع أن أصعد لمسافة كبيرة فوقه، وايضا لا استطيع ان اركب الخيل في هذه الفترة، لا اعرف كيف استطعت أن أستجيب لطلبك؟ وآتي إلى هنا! ربما تؤثر الطائرة على.. 


قاطعتها باولا وهي تقول: 


_ لا تشعرين بالخوف كل شيء سيكون جيدا لن يحدث لك شيئا، ولن تؤثر الطائرة على شيء، نحن هنا لنستمتع ونعوض تلك الأيام الماضية التي قضيناها في تعب وارهاق وعمل، نحتاج الى بعض المتعة لننسى أثرها علينا 


_ كلامك صحيح ولكن من في مثل حالتي.. 


_لا تتكلمي عن حالتك وكأنه وباء عظيم لم يحدث شيئا إنها تجربة فشلت قبل أن تبدأ وانت الان تحاولين ان تستعيدي نفسك، تعاملي على انك شخص آخر وكأنك تتعرف على ذاتك من جديد..


 كانت تتكلم معها تدعمها بينما بدا الجميع بالاستعداد للذهاب إلا أن باولا قربت منها الطعام وهي تقول:

_ كما سمعتي سيكون اليوم طويلا لذا تناولي بعض الأطعمة لأن كوب القهوة الذي ارتشفتي ليس جيد من اجل صحتك، ولن يكفي للأفطار.


هزت ليزا رأسها وتناولت احد الشطائر بابتسامة وهي تقول لصديقتها: 


_ لا ادري ماذا كنت سأفعل من دونك؟ انت بالتحديد تستطيعين تغيير تفكيري بطريقة جيدة، تساعديني لأخرج من تلك الهوة التي تساقطت فيها دون أن أدرك


_ لم تكن هوة ولكن الحب عادة يكون فخ لذيذ مطعم بالعذاب، ولكنه لا يليق بنا انه رفاهية اكبر من ان نعيشها، لا تنسي اننا نعمل ونكد من اجل ان نحصل على قوتنا اليومي، أنا منذ أن شاركتك في السكن ادركت جيدا العذاب الذي تعيشين فيه، ومع ذلك لا تخافي سأكون بجوارك الى الأبد


 نظرت لها ليزا بابتسامة وكلامها ياخذها الى ذكريات ماضية وهي تقول:


_ الأبد كلمة كبيرة لا اظن انني ساصل إليها


_ كفي عن التفكير في كل شيء، استمتعي بوجودك في هذه البلد، الم تقولي انك من اصول عربية، او ربما جدك كان من أصل عربي.

_ شيء من هذا القبيل.


_ هيا قد نرى وسيم عربي يجعلك تغيرين رأيك، تقعين في الحب مرة أخرى

الصفحة التالية