-->

رواية جديدة ليتها تعلم لمريم جمعة - الفصل - 4 - 1 - الأربعاء 21/2/2024

  

  قراءة رواية ليتها تعلم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ليتها تعلم

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مريم جمعة


الفصل الرابع

1

تم النشر يوم الأربعاء

21/2/2024   



حُزن، قهر، مرارة، وخُذلان عصفوا بدَخلها بعد أن كانت السعادة تكادُ تقفِزُ من عينيها قبل ثوانٍ، ولكنها تبدَّلت بكُل تلك المشاعِر بعد أن لمحت ذلك الخاتم الأسود يلتفُّ حول إصبعهُ الأوسط في كفه الأيمن، ولم يأخُذ عقلها ثانية في السؤال، لأن الإجابة واضِحة، هذا خاتمُ خطبة،

الِهذهِ الدَّرجةِ نسيها ومحاها، وهي الَّتي لم يغب عن عقلها وقلبها ولو لثانِية!،  


رغبة مُلِّحة في البكاء أصابتها، ولكنَّها تماسكت حتى لا تنفضِح أمام الجميع، ستتظاهر بالهدوء المُمتزِج بالسعادة من أجل عودةِ عمِّها، وعندما تختلي بنفسها سيسقُط القناع، وستنهارُ وتشُارِك وجعها داخل غُرفتِها فقط كما إعتادت، 

وبهذهِ الكلِمات أقنعت بها نفسها قبل أن تُغيِّر مسارِها الَّذي كان مُصوَّبًا نحو الحبيب الخائِن، إلىٰ عمِّها العائِد..


وبعد عدة أمتار بينها وبين عمِّها، كان الأخير يقفُ في منتصفِ الصالة يضُم شقيقتهِ الصُغرى الَّتي كانت تبكي بشدة داخِل أحضانه، فتحدَّث مُمازحًا يُحاول يخفي تأثرُّه..: 


_إيه يازينب العياط دا كُله يابنتي؟، انتِ محسساني إني ماكُنتش على تواصل خالص معاكي وأنا كنت بكلمك تقريبًا كُل يوم..! 


ردت الآخيرة عليهِ بنبرة مُتذمرة ومبحوحة من البُكاء..: 


_لا بس في فرق مابين إني بكلمك وانت على مسافة بعيدة عني، وإنك قُدامي وبحضنك.


ضحك محمود على حديثها، وبعد أن إبتعد عن أحضانِها نظرت لذلك الشاب اليافِع الواقف خلف والدِه الَّذي إقترب  منها مُتحدِّثًا ببسمة واسِعة..: 


_إيه ياعمِّتوا انتِ هتفضلي كده ماسكة في بابا ومش ناوية تسلِّمي عليا. 


إبتسمت زينب له بحنانٍ وهي تُمسد على وجنتيه قائِلة قبل أن تُعانِقُه..: 


_ودي تيجي برضوا يا يوسف باشا!.. نوَّرت بيتكُم ياحبيبي.


_حمد الله على سلامة حضرتك ياعمي. 


نظر محمود للقائِلة ببسمة دافِئة، وكانت الحيرة في عدم معرفتهِ لها ظاهرة على وجهه، فسارعت تعُرِّفه عن هويتها قبل أن يسألها..:


_أنا ذِكرىٰ بنت جلال.


إتسعت إبتسامةُ محمود جاذبًا إياها لأحضانِهِ قائِلًا..:


_ماشاءالله ياذِكرىٰ، كبرتي وزدتي جمال على جمالك واللهِ. 


أعطهُ ذِكرىٰ إبتسامة مجامِلة دون أن تعقب على حديثهُ قبل أن تبعتد عنهُ تارِكة المجال لفتياتِ عمَّتِها يتعرفن على خالهِن، وقد إستغلت إنشغال الجميع وانسلت من بينهم صاعِدة لغُرفتها تارِكة أعينٍ تُراقبها بلهفة وحُزانٍ على حالِها، وبينما كانت تصعدُ لشقتِها،إستوقفتها تسنيم من خلفها مُتسائلة بغرابة..: 


_اي ياذِكرىٰ، انتِ راحة فين..؟ 


إستدارت لها ذِكرىٰ تُجيبها بهدوءٍ تام رغم دموعها الَّتي تنسابُ على وجنتيها..: 


_طلع خاطب ياتسنيم.


_هو مين دا اللي خاطِب..؟ 


سألتها الآخيرة بغباء وهي تعقد حاجبيها بعدم فهم، لكَّنها  شهقت بقُوَّة بعد ثوانٍ مكملة حديثها بصدمة..: 


_يـنــهــار أبيض، وعرفتي إزاي.؟ 


أطلقت ذِكرىٰ تنهيدة قوية من داخِل أعماق روحها الَّتي تحترق، وأتبعت بقولِها الحاسم..: 


_عرفت زي ماعِرفت بقى، أنا طالعة الشقة عشان مش هقدر أقعد هنا، وأرجوكي ماتجيش ورايا.. أنا عاوزة أبقى لوحدي شوية.


❈-❈-❈


جلس محمود في المُنتصف بين ولديهِ في الصالون الَّذي تجمَّعت فيه العائلة بأكملها عدا إثنان، الجد يعقُوب الماكِثُ  في غُرفته، وذِكرىٰ، وقد لاحظ جلال إختفاء إبنتهِ من الوسط، فسأل تسنيم قائِلًا..: 


_هي ذِكرىٰ مش كانت معاكي من شوية ياتسنيم؟، هي فين دلوقتي؟ 


إبتلعت تسنيم ريقها تُجيبه كاذِبة بتوتر..: 


_دماغها كانت مصدعة شوية فطلعت ترتاح شوية. 


أومأ جلال برأسِه، ثُم نظر لمحمود الَّذي نهض من مجلسهِ قائِلًا..: 


_أنا هستأذِنكم بقى ياجماعة، وهطلع فوق الشقة أريَّح شوية بقالي يومين مانمتش. 


نهض مُصطفى هو الأخر، وإقترب من محمود سائِلًا إياهُ بنبرة خفيضة..: 


_مش ناوي تدخُل لأبوك يامحمود..؟ 


_مُصطفى أرجوك ماتضغطش عليا، كفاية إن أنا قبلت إني أرجع تاني البيت وأدخل الشقة دي اللي أنا حالف

ما هدخلها بعد الذنب اللي أنا شيلتُه واللي أنا أصلًا معملتهوش، فسيبني براحتي معلش.


أجابهُ محمود بتلك الكلِمات الحازِمة، ورغم أن قلبهُ يحترِقُ شوقًا لرؤيةِ أبيه، إلا أنَّ الماضي يمنعه ويقِفُ حاجزًا بينهم، فهز الأخيرُ برأسهِ يتركهُ على راحتهِ، ثُم تحدَّث بنبرة حازمة..: 


_اللي انت عاوزه إعمله، بس بكرا العيلة كلها هتتجمع وبما فيهم أبونا وهتحضر غصب عنك. 


الصفحة التالية