-->

رواية جديدة تعويذة العشق الأبدي لسمر إبراهيم - الفصل 19 - 1 - الأربعاء 14/2/2024

  

قراءة رواية تعويذة العشق الأبدي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تعويذة العشق الأبدي

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سمر إبراهيم 



الفصل التاسع عشر

1

تم النشر يوم الأربعاء 

14/2/2024



حرية الإختيار تلك الكلمة التي البسيطة التي نسعى جميعًا إليها ولكن هل نستطيع تحقيقها؟ هل نملك جميعًا خيارات حياتنا وأن نسيرها كيفما نريد أم أننا نفتقر لذلك ونتجه إلى حيث تسيرنا أقدارنا؟


كل ما كانت تريده في هذه الحياة هو حياة مستقرة مع من اختاره قلبها ويتربى أطفالها بين أبويهما بصورة سوية، سعت بكل ما أوتيت من بقوة لإنجاح تلك العلاقة التي كانت من اختيارها بل هي الشيء الوحيد الذي اختارته طوال عمرها لم تملك رفاهية اختيار شيء آخر، كانت والدتها صاحبة جميع القرارات التي تخصها ماذا ترتدي، ومن تصادق، الجامعة التي يجب عليها ارتيادها كل شيء ربما كان ذلك هو سبب تمسكها به، علها أرادت التمرد وخلع عباءة والدتها التي ظلت ترتديها منذ ولادتها فبالرغم من رفض الجميع له وقفت هي أمامهم جميعا معلنة تحديها لهم الذي كان صدمة للجميع الفتاة المطيعة التي لا يخرج صوتها تقف أمامهم تصيح وتقول لا بل وتجبرهم أيضًا على الرضوخ أمام رغبتها.


كم شعرت بسعادة غامرة عندما وافقوا عليه على مضض لقد راهنت عليه وها هي تخسر رهانها بعد أن جعلها مادة للسخرية من الجميع.


 تفكر بينها وبين نفسها هل والدتها كانت على حق عندما سلبتها حق الاختيار؟ هل هي بالفعل غير مؤهلة لذلك؟ لماذا خذلها هي وأولادها أمام نفسها وأمام الجميع؟ مئات الأسئلة التي تدور بخلدها يوميًا منذ طلاقهما ولكنها تضاعفت منذ الأمس عندما فاتحها مراد برغبته بالزواج منها نعم هي لا تنكر انجذابها نحوه ولكن أن تقدم على هذه الخطوة مرة أخرى بعد ما عانته هذا درب من دروب الخيال كيف لها أن تعيد الكارة مرة أخرى وتسلم زمام حياتها هي وأطفالها لرجل ربما كان مثله وربما كان أسوأ منه بل والأدهى من ذلك تغامر بفقد أطفالها من أجل رجل، لا وألف لا فهي أبدًا لن تفعل بهم ذلك فمن المؤكد أن أحمد لن يتركها لتتزوج بآخر وسيبذل قصارى جهده لمنعها من ذلك، هي لا تريد الدخول في صراعات مع أحد كل ما تريده هو أن تحيا بسلام مع صغارها وتقوم بتربيتهم تربية سوية ماحية من أذهانهم كل ما عايشوه في السنوات الماضية.


تنبهت على صوت هاتفها معلنًا عن وصول رسالة من إحدى تطبيقات التواصل الإجتماعي من رقم غير مسجل عندها في قائمة الأصدقاء للتتفاجأ بفحواها عندما قامت بفحتحها:


- ما انتي حلوة وبتعرفي تقعدي في كازينوهات أهه أومال عملالي فيها خضرة الشريفة ليه ولا انتي عندك ناس ناس.


ضيقت ما بين حاجبيها بغضب جم فور قراءتها لتلك الكلمات السامة وكادت أن تدخل الرقم قائمة الأرقام المحظورة ولكنها عدلت عن ذلك لتعرف من هو أولًا قبل ذلك فعقبت بغضب:


- نعم؟ مين حضرتك؟ وإزاي تسمح لنفسك تكلمني بالطريقة دي؟


- أنا واحد معجب بيكي من زمان بقالي سنين مستني تديني فرصة ولما اتطلقتي وقولت خلاص الفرصة جت لقيتك مش مدياني ريق حلو ورايحة تقابلي غيري في الكافيهات طب ما أنا أولى وأهو اللي تعرفيه.


ازداد غضبها عندما قرأت كلماته فمن هذا الرجل؟ وكيف تسول له نفسه أن يحدثها هكذا من الواضح أنه يعرفها ورآها وهي تجلس مع مراد بالأمس، هزت رأسها بأسى واضعة يدها عليها فهذا ما كانت تخشاه.


حاولت تمالك نفسها لتعرف من هو هذا الرجل خاصة بعد وصول رسالة أخرى منه:


- مرديتيش يعني ولا أنا مشبهش لازم أكون حليوة بعيون ملونة علشان تردي عليا.


وصل غضبها لأوجه تكاد تجزم بأنه لو كان أمامها الآن لكانت ارتكبت جريمة قتل لتجيبه وقد تحكم غضبها بكل ذرة بها:


- انت مين انت علشان تسمح لنفسك تكلمني بالطريقة دي؟ إنت واحد جبان خايف تقول إنت مين علشان عارف ردي عليك هيكون عامل إزاي بس أنا غلطانة اني رديت على أمثالك من الأول انت متستاهلش إلا البلوك.


أنهت كتابة الرسالة وقامت بوضع رقمه بقائمة الحظر وهي تشعر بغليان الدماء بداخل عروقها ووصولها إلى رأسها فكونها مطلقة جعلها مطمع للجميع في مجتمع ينظر للمرأة المطلقة كصيد يسهل عليهم اقتناصه ليجبرونها على سرعة اختيار زوج آخر لتهرب من تلك الذئاب البشرية التي لن تتوانى عن تمزيقها إن واتتهم الفرصة لذلك وفي النهاية تجد نفسها مع اختيار خاطئ جديد إن لم يكن أسوأ ولكن هذه المرة لن تستطيع الفرار فإن كانت لم تسلم وهي مطلقة لمرة واحدة فماذا سيحدث لها إن فعلتها مرة أخرى متاهة تلقى إليها النساء ولا يقوى على الخروج منها إلا قلة قليلة ممن يلقون بتلك الأعراف البالية عرض الحائط وهنا يكمن السؤال الأهم هل هي من القلة القليلة أم الغالبية العظمة؟


❈-❈-❈


تقف بذهول وسط زحام المصورين ومراسلي الأخبار لا تستطيع الإجابة على أي من أسئلتهم كل ما يشغل تفكيرها هو ما حدث منذ قليل بداخل المقبرة وكيف حدث ذلك نعم هذه ليست المرة الأولى التي ترى بها هذه الفتاة التي تشبهها ولكنها كانت دائما ما تراها بالحلم وليس في الحقيقة ليدور بذهنها العديد من الأسئلة التي لا تجد لا إجابة من هذه الفتاة؟ وما هي الصلة التي تربطني بها؟ وكيف تخبرني بأنني حفيدتها وهي لم تتجاوز العقد الثاني من عمرها؟


شعرت بالاختناق ودون إرادة منها وجدت نفسها تزيح كل من يقف بطريقها وتبتعد عن الجميع علها تستطيع أن تستنشق بعض الهواء الذي يجعلها تصل لحقيقة ما يحدث معها.


لم تجد ملاذً يساعدها على تصفية ذهنها سوى أمام النيل ف فيه تجد الراحة والسكينة تقف أمامه شاردة فيما حدث منذ دخولها المقبرة للمرة الأولى فمنذ تلك اللحظة وحياتها انقلبت رأسًا على عقب وبدأت تشاهد الرؤى الغريبة ترا هل دخولها الى هناك السبب في ذلك؟ وهنا تذكرت ما قالته لها في النهاية وسماحها للغرباء بدخول المقبرة هلى هي السبب في الحوادث التي كانت تحدث لكل من يدخل عداها؟ من تكون؟ فلا يوجد في المقبرة أي مومياوات لإناث لا توجد سوى مومياء الكاهن فقط.


كاد عقلها أن يجن من كثرة التفكير لتنتبة على اهتزاز هاتفها من داخل جيب سترتها فأخرجته بذهن شارد وزفرت براحة عندما وجدته ينير بإسمه فهي في أمس الحاجة إليه الآن دون غيره تريد التحدث لأحد ولا يوجد سواه من تستأمنه على ما يدور بخلدها.


أتاها صوته المازح فور إجابتها على المكالمة:


- أيوة يا عم الناس اللي بقت مشهورة ومبتردش على التليفون من أولها كدا أومال لو صورتك اتحطت على ال time magazine هتعملي فينا إيه؟


صمتها أدهشه ليعتقد بأن المكالمة انتهت فنظر إلى هاتفه ووجد بأنها مازالت على الخط ليتساءل بقلق:


- عهد انتي كويسة؟ مبترديش ليه؟ مالك؟


- يونس ينفع تجيلي عايزة أتكلم معاك شوية.


ازداد قلقه فاجابها دون تردد:


- انتي فين؟


- عالكورنيش هعملك شير لوكيشن.


- تمام


أنهى حديثه وهو يأخذ سلسلة مفاتيحه وتوجه مسرعًا إلى  حيث أخبرته ليجدها تجلس شاردة على أحد المقاعد المواجهة لنهر النيل لم تنتبه إلا عندما وجدته يقف أمامها ناطقًا اسمها بقلق فنظرت إليه بعيون زائغة ليجلس بجوارها ممسكًا بإحدى يديها وهو يتحدث باهتمام:


- انتي كويسة؟ مالك فيكي ايه؟


أجابته باقتضاب:


- مفيش.


حدثها بنفاذ صبر:


- مفيش! مفيش إزاي انتي مش شايفة شكلك عامل إزاي حصل إيه طيب؟ إحكيلي.


زفرت بعمق وحدثته بهدوء غير معتاد عليه معها:


- حسيت إني مشتتة، حاجات كتير حصلت مش لاقيالها تفسير، مالقيتش غيرك أقدر أتكلم معاه.


عقد حاجبيه وحدثها بعدم فهم:


- حاجات زي ايه؟ إحكيلي طيب يمكن نوصل لحل مع بعض.


أخذت نفس عميق وأخرجته بقوة مقررة أن تقص عليه ما حدث من البداية عله يستطيع مساعدتها في فهم ما يحدث لها:


- بص أنا عارفة إن اللي هقوله ده غريب وإنك مش هتصدقني ومش بعيد تقول عليا مجنونة بس أنا معنديش حد تاني غيرك أقدر أحكيله اللي حصل.


اندهش من حديثها شاعرًا بضربات قلبه تزداد قلقًا عليها وقبل أن يتحدث وجدها تستأنف حديثها دون أن تنظر نحوه مسلطة عينيها نحو مياه النهر الخالد:


- الحكاية بدأت من يوم ما فتحنا المقبرة أول مرة، من ساعة ما دخلت وأنا حاسة بحاجة مش مظبوطة جوايا سميها تهيؤات سميها وسوسة سميها لعنة فراعنة بس أنا حقيقي بحس بحاجات غريبة بدايةً بحادثة العربية لما خبطتني والأحلام الغريبة اللي بحلمها من ساعتها حتى وأنا في الغيبوبة كنت حاسة زي ما أكون في عالم تاني وبعد ما فوفت الموضوع مخلصش.


أخذت نفس عميق قبل أن تستأنف حديثها وهي تشعر بالتشتت:


- أنا، أنا مش كويسة ديمًا حاسة إن فيه حد معايا مراقبني، بحلم أحلام غريبة بواحدة شبهي بتكلمني بلغة غريبة والأغرب إني بفهمها واللي زاد وغطى اللي حصل من شوية في المقبرة الموضوع اتطور وبقيت أشوفها وأنا صاحية كمان أنا قربت أتجنن خلاص.


كانت تتحدث وهي تلهث كأنها تريد أن تقول كل ما لديها مرة واحدة حتى لا تتراجع عن ذلك تذرف عيناها الدمع دون توقف، لكنه لم يكن منتبه لكل ذلك فلقد انفصل عن العالم تمامًا فور إخبارها إياه بتلك الرؤى التي تراها والتي يرى مثلها هو الآخر متسائلًا بينه وبين نفسه عن معنى ذلك وكيف تراودهما نفس الرؤى في الوقت ذاته فهو أيضًا قد بدأ الأمر معه منذ أن صدمها بسيارته معتقدًا أن سببها شعوره بالذنب جراء ما أصابها بسببه ولكن الآن اختلف كل شيء فمن الواضح أن هناك شيء خفي يجهلاه هو السبب في ذلك.


تنبه على صوتها مدركًا بأنه قد شرد لمدة كبيرة ليراها تبكي للمرة الأولى واستمع لصوتها الباكي وهي تقول بصوت منخفض:


- إنت ساكت ليه؟ مش مصدقني؟ ولا فاكرني اتجننت؟


نفى برأسه زافرًا بعنف وهو يجيبها:


- لا ده، ولا ده، بالعكس أنا مصدقك جدا.


تعجبت من قوله فضيقت عينيها وهي تنظر إليه بشك خوفًا من أن يكون يجاريها في الحديث فقط، فقد بدا شارد الذهن تكاد تجزم بأنه لما يستمع لحرف مما قالته فكيف له أن يصدق شيء لم يسمعه:


- مصدقني بجد؟ ولا بتاخدني على قد عقلي؟


افتر فاه عن ابتسامة بسيطة وهو يراها تسأل ببراءة كطفل كذبه العالم ووجد أخيرًا من يصدقه فنفى برأسه وحدثها بصدق:


- لا بجد طبعًا، أنا بس مستغرب.


- مستغرب من إيه؟


صمت قليلًا فما سيقوله الآن سيكون بمثابة صدمة لها ولكنه مرغم على مصارحتها حتى يتسنى لهما البحث سويًا وفهم ما حدث.


- مستغرب لأني أنا كمان بشوف أحلام غريبة من يوم الحادثة تقريبًا، أحلام شبه اللي قولتي عليه ناس غريبة بتتكلم لغة معرفهاش وفيهم واحد شبهي وواحدة شبهك.


نظرت إليه ببلاهة غير مدركة ما أخبرها إياه للتو فكيف يكون ذلك وأنّ لهما أن يريان نفس الرؤى سويًا فاعتدلت بجلستها أمامه وحدثته باستفهام بغية أن تفهم ما يحدث له:


- إيه اللي انت بتقوله ده؟ يعني احنا الاتنين بنشوف نفس الاحلام؟ 


أماء لها برأسه موافقًا لتعقب بتعجب:


- طب إزاي؟! طيب احكيلي كدا بتشوف إيه بالتفصيل.


ملأ رئتيه بالهواء وأخرجه دفعة واحدة قبل أن يخبرها بما لديه:


- بشوف نفسي زي ما أكون بشوف فيلم فرعوني بيدور في مصر القديمة البطل شبهي واسمه حابي والبطلة شبهك بس ملامحها أصغر في السن واسمها..


وقبل أن يكمل سبقته بالحديث:


- ايزادورا.


جحظت عيناه فور سماعه لكلمتها ولكنه أماء بموافقة وهو يعقب بهدوء فهذا ليس الوقت المناسب لتعجبه فما يحدث لهما هو الخيال بعينه:


- مظبوط اسمها ايزادورا بيتكلموا بلغة معرفهاش بس في الحلم فاهم هما بيقولوا إيه كويس أنا في الأول كنت فاكر إن السبب في الأحلام دي هو إحساسي بالذنب ناحيتك بس شكيت إن فيه حاجة تانية لما فوقتي من الغيبوبة ولقيتك بتناديني حابي وبتتكلمي بنفس اللغة.


مالت برأسها نحو اليمين وهي تستمع إليه بتركيز مضيقة عينيها وتحدثت وهي تشير لنفسها بذهول:


- أنا قولت كدا؟


حرك رأسه لأعلى ولأسفل معقبًا:


- أيوة مش فاكرة.


نفت برأسها فأردف مفسرًا لها:


- ممكن علشان كنتي لسة فايقة من الغيبوبة مخدتيش بالك أو كنتي مركزة بس إنك تتخانقي معايا.


قال ذلك وهو يغمز لها بإحدى عينيه بمشاكسة محاولًا التقليل من توترهما لتبتسم بخجل:


- طب بذمتك دا وقته.


صمتت قليلًا تحاول فهم ما يحدث ولكنها عجزت عن ذلك فأردفت بحيرة:


- طب ده معناه ايه؟


حرك كتفيه بعدم علم لتلمع برأسه فكرة من الممكن أن توضح لهما ما يحدث:


- طب أنا عندي فكرة، إيه رأيك نبحث في الموضوع إحنا معانا اسمين حابي وإيزادورا نبحث عنهم ولو الأسماء دي حقيقية ممكن نوصل لحاجة هي المقبرة دي من أي عصر.


- العصر البطلمي.


- طب كويس جدا احنا كدا ضيقنا إطار البحث لأن أكيد المقبرة دي مرتبطة بطريقة ما بالإسمين دول.


ابتسمت باتساع فور سماعها لفكرته فنهضت وقامت بالامساك بيده تحثه على المضي معها:


- طب يلا مستني ايه تعالى معايا.


- استني يا مجنونة هنروح فين بس محنا ممكن نبحث عالنت واحنا قاعدين مكانا.


وقفت وهي تحك أسفل رأسها من الخلف بحرج:


- اه صحيح معلش أخدني الحماس طب يلا طلع موبايلك ودور.


- ماشي.


قال كلمته وهو يخرج هاتفه مبتسمًا على تصرفاتها الطفولية وأخذ يبحث عن أي شيء يخبرهما بما يحدث معهما.

الصفحة التالية