-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 10 - 1 - الأحد 3/3/2024


قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل العاشر

3

تم النشر الأحد

3/3/2024



وضعت آخر طبق أعلي السُفرة، من ثُم أخذت تُرتبها بعناية، مُرتدية بجامة قُطنية من اللون الزيتونـي، شعرها تركتهُ في شكل جديلة طويلة خَلفَ ظهرها، نظرت برضا إلي السُفرة المُرتبة وأبتسامة هادئة تُزين شفتيها الورديتين والتي لونتهما بطلاء الشفاه أحمر اللون، أنها أولي خطواتها ناحية أكتساب قلبهِ، هذا ما قررتهُ في نفسها ليلة البارحة بعد إنتهاء حديثهم، رأت أنهُ بالفعل معهُ كُل الحق، وأنهُ ليس من حقها السؤال عن شئ لم يتحدث هو عنه، وأعتبرت أن أي شيء حدث قبل أن تتعرف عليهِ ماضي وليس من شئنها السؤال عنهُ..... 


هي مُتاكدة مئة بالمئة أن "أمل" تلك كانت حبيبتهُ، وأنها وصلت إلي مكانة كبيرة بقلبهِ لدرجة أنهُ يُناديها بأسمها، وبالطبع أيضًا أنهُ كان يراها هي، الأمر مُألم لا شك، لكنها أتخذت قرارها بأن لا تتركُ حياتها هكذا مع وقف التنفيذ، أختبائها بغُرفتها والحُزن لن يُغيرو شيئًا، عليها التفكير في الأمور بجدية أكبر، هو كان يُحب فتاة آخري قبل أن يعرفها هذا شئ لا يُمكن تغييره، لكن ما يُمكن تغييرهُ هو أن تجعلهُ يتناسها وتشغلُ هي مكانه بداخلهِ، نعم المعركة صعبة لكنها ستقدرُ عليها ولن تستسلم وكأنها ورقة جافة تُحركها الرياحُ كما تشاء....... 


لن تقت تُشاهد حياتها تتلاشي من بين أيديها، لن تنتظر أن تطرقُ السعادة بابها، لا بل هي من ستصنع السعادة لنفسها وبنفسها، وتكون سيدة مُدبرة تُدير حياتها الزوجية بطريقة جيدة، هذا ما قررتهُ هي في جلستها الطويلة مع نفسها... 


وبدأت في تنفيذ قرارها إبتدًا من اليوم، لذا أستيقظت مُبكرًا اليوم بعد أن ذهب "عُمر" إلي العمل مرة آخري قبل أنتهاء المُدة التي خصصها لهُ والدها كـ أجازة، ونظرًا لأن والدها يَرمي علي عاتقيه أعمال كثيرة، قطع الأجازة وعاد للعمل، بدأت بأول شيء نظفت الشقة جيدًا، و أول شيء أبتدت بهِ هي غُرفتهُ هو، أي غُرفة الأطفال، ثم بدأت بتجهيز الطعام لأستقباله بعد أنتهاء موعد عملهِ، وآخر شيء أخذت حمام دافئ تُزيل بهِ الاتربة ورائحة الطعام العالقة بها... وها هي تقفُ تنتظر عودتهُ بعد أن اعدت السُفرة...... 


دقيقتين وكان "عُمر" قد عاد، دلف هو بوجه مُنهمك ويظهرُ عليهِ بعض التعب والإرهاق، أستقبلتهُ بأبتسامة واسعة قائلة بهدوء: 


_حمدالله علي السلامة.... أنا حضرت لك الغدا!. 


لم تُعطي لهُ فُرصة للإعتراض أو التعليق، فتابعت بسرعة: 


_متقولش مش جعان زي كُل مرة... أنا مش بحط سم في الأكل علي فكرة،وكمان أكلي مش وحِش ، وبعدين أنا تعبت من الوقفة في المطبخ بجهز فيه من الصُبح!. 


لم يعترض، هو بالفعل يموت جوعًا الآن، ورائحة الطعام الذكية تغلغلت إلي أنفهِ تُأكد صحة كلمها بأن طعامها مذاقه جيدًا، أذا كانت هذهِ هي رئحتهُ فكيف سيكون طعمه، بادلها الإبتسامة، ثم وضع المفاتيح علي علاقة المفاتيح، ثم قال بحماس، مُتحمسًا لتذوق طعامها: 


_هغسل إيدي وجاي، الأكل ريحته تجوع وأنا أصلاً ميت جوع... 


سريعًا كان قد دخل إلي المرحاض يغسلُ يديهِ، غمرتها هي السعادة داخليًا، ها هي أول خطوة في أكتساب قلبهِ قد تمت بنجاح، الم يقولون أن أقرب طريق إلي قلبِ الرجل معدتهُ، هي الآن تُنفذ هذا، ولحُسنِ الحظ أنها طباخة ماهرة، عاد في أقل من ثانيتين كان قد أحتل مقعدهُ علي السُفرة ينظرُ إلي أصناف الطعام بشهية مفتوحة......تبعتهُ هي تجلس علي كُرسيها، من ثم أخذت تضع لهُ الطعام في طبقهِ.......... 


_هو أي ده؟ 


قالها "عُمر"  مُتسائلاً، بينما كان يُشير إلي طبق كبير في نهاية السُفرة لمحهُ هو قبل أن يجلسْ وعلي ما يبدو أنه طبق شُوربة، وهي من مُحبي جميع أنواع الشُوربة، نظرت هي إلي ما يقصدهُ، فأجباتهُ ببساطة وهي تغرفُ منها في طبق صغير وتُقدمها لهُ: 


_دي كوارع.... ماما كانت عملاها وبعتتلي منها!. 


ضيق عينهِ بأستغراب، يحاول أن يتذكر أين سمع هذا الإسم، لكنهُ لم يتذكر، لذا سأل بغباء: 


_أي الكوارع دي..... نوع حلويات جديد ده ولا أي؟. 


ثواني من السكون، ثم أرتفعت ضحكات "غالية" والتي ضحكت بصخب حتي دمعت عينها، وأمسكت بمعدتها من شدة الضحك، كان ينظرُ لها وعلي وجههِ علامات الإستفهام مُرتسمة، لم يفهم لماذا تضحك، أخيرًا أستطاعت السيطرة علي نوبة الضحك التي أنتباتها ثم هتفت بعيون دامعة أثر الضحك: 


_حلويات أي بس.... أنتَ بجد مش عارف يعني أي كوارع؟. 


_هو المفروض أكون عارفها، هي للدرجة دي أكلة مشهورة. 


بتلقائية هتفت: 


_مشهورة جدًا كمان، ده مفيش حد ميعرفش الكوارع ولا بيحبها.


_طيب ما تعرفينـي عليها، يمكن تعجبني بما أنها أكلة مُحببة كده!. 


أخذ منها الطبق الذي مدتهُ لهُ، ثم قربَ أنفهِ منهُ لأنه شعر بأنهُ يشتمُ رائحة غريبة: 


_هي ريحتها مالها كده؟ 


_مالها؟ لا هي ريحتها كده.... دوق دوق هتعجبك جدًا؟. 


قرب المِلعقة من فمهِ، مُتغاضيًا عن رائحتها التي بدت غريبة بالنسبة لهُ، ملعقة ملعقتان شعر بأنه أستحسن طعمها، أعجبهُ مذاقها، وجد نفسهِ يأكل بنفس راضية، وبشهية مفتوحة، تابعتهُ هي مُصوبة نظراتها عليهِ وهو يأكل كم بدئ شكلهِ جذاب، بهيئتهِ التي تمتزجُ بين الرجولة والرُقي، رفع أنظراهُ عن الطبق قائلاً بأبتسامة واسعة: 


_عندك حق طعمها حلو جدًا.... قولتيلي أسمها أي الأكلة دي؟. 


_كوارع... أسمها كوارع!. 


❈-❈-❈


وقفت أمام الحوض، تقوم بغسل الأطباق، بعد أن أنتهو من تناول الغداء، كانت تُنظفُ المطبخ بحماس كبير، شعرت أن الأمل قد عاد مرة آخري، وأن حياتها شيئًا فشيئًا ستكون طبيعية وهادئة، وضعت بعض بواقي الطعام في الثلاجة، إبتسمت حينما نظرت إلي الطبق الكبير والذي كان يمتلئ بالكوارع، والذي ألتهمها "عُمر" بمفردهِ، أعجبهُ مذاقها شاكرًا في نفسها في طهي الطعام، مادحًا إياها قائلاً، أنه ولأول مرة يأكل طعام بكل تلك الكمية........


صدح رنين حرس الشقة، جففت يديها ثم خرجت، تفتحُ الباب بعد أن أرتدت وشاح علي رأسها، ظهرت أمامها "سمر"، فأبتسمت لها تستقبلها قائلة: 


_سمر تعالي أدخلي يا حبيبتي!. 


سارت خلفها إلي غُرفة الأستقبال، فقالت" غالية" بتساؤل: 


_ها تشربي أي؟. 


_لا متتعبيش نفسك... أنا عايزاكِ في كلمتين وماشية علي طول!. 


جلست بجانبها، وقد شعرت بالقلق فسألتها مُستفسرة: 


_في حاجة ولا أي؟. 


أخذت"سمر"تنظرُ إلي المكان من حولها وكأنها تبحثُ عن شيء ما، ثم قالت: 


_أُومال عُمر فين؟ 


عقدت حاجبيها بأستغراب أكبير، وذاد القلق بداخلها: 


_عُمر في الحمام.... بتسألي لي؟!. 


_كُنت عايزة أوريكِ حاجة كده، ومش عايزة عُمر يعرف حاجة 


_أنتِ قلقتيني يا سمر، ما تنطقي في أي؟ 


لم تتحدث، لكنها أخرجت الهاتف، ثم أخذت تعبث بهِ قليلاً، حتي وجدت الصورة التي تبحثُ عنها، بعد أن قامت بحفظها علي الهاتف سابقًا، ثم أعطتها الهاتف، أخذتهُ منها ثم دققت النظر به، تبدلت ملامحها إلي الدهشة، لكن سُرعان ما لانت ملامها قائلة: 


_ماله ده؟ 


_ماله أي أنتِ مش شايفة الخبر وصورة جوزك اللي بالبنط العريض دي؟ 


أغلقت الهاتف ثم أعطتهُ لها قائلة بهدوء: 


_شايفة... بس مش فاهمة فين المُشكلة في كده؟ 


_أنتِ بتهزري صح، يا بنتي متركزي كويس في إلا مكتوب فوق الصورة. 


زفرت قائلة: 


_مركزة يا سمر، وعارفة أنتِ تقصدي أي، وأنا بقولك عادي أنا مش شايفة أي مُشكلة... 


رفعت الاخري حاجبيها بدهشة قائلة بعدم تصديق: 


_أنتِ عايزة تقنعيني أنك علي علم بحاجة زي كده، طيب وساكتة لي؟. 


_ساكتة علشان دي حاجة متخصنيش.... وبعدين خالك عارف كل حاجة عنه، وأنا كمان عارفة، وإلا أنتِ بتورهولي ده أنا فعلاً علي علم بيه ومعنديش أي مُشكلة.... 


هي تكذب بالتأكيد، فهي صُدمت مثلها أيضًا لكن تداركت الأمر سريعًا وعلمت أن من قام بنشر هذا الخبر ليس سوى عائلة "عُمر" الذين يبحثون عنهِ، هي تعلم بعدة تفاصيل صغيرة قالها والدها لها، ومن ضمن تلك التفاصيل الصغيرة أن"عُمر"تركَ عائلتهُ صاحبة الطبقة المخملية والرفيعة، وجاء للعيش هُنا لأسباب لم يوضحها لها والداها وأكتفي بقولهِ، أنه بسبب مشاكل بينهُ وبين عائلته قرر تركهم والأعتماد علي نفسهِ والعيش بعيدًا عنهم.......


الصفحة التالية