-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 15 - 1 - السبت 16/3/2024

  

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل الخامس عشر

1

تم النشر السبت

16/3/2024



إستند بجزعه العلوي علي مُقدمة سيارته، عاقدًا ساعديه أسفل صدره، مُرتديًا نظارته الشمسيه، نظر إلي ساعة يده ببعض الضيق، فـ مرت أكثر من نصف ساعة قضاها هنا تحت أشعه الشمس الحارقة في إنتظارها، ولكنها  لم تخرج بعد، تنهد بعدم صبر، تبًا لهؤلاء النساء يضيعون نصف وقت عمرهم في التزين وصالونات التجميل،بين الثانية والاخري ينظر تجاه بوابة صالون التجميل النسائي، ينظر بترقب إلي النساء التي كانت في طريقها للخروج، لعله يجدها بينهم، بحث بعينيه عنها، زفر بإحبط ما أن لم يجدها بينهم. 


تأفأف بعدم صبر، ثم نظر الي ساعة يده مرة اخري، كاد أن يُخرج هاتفه كي يتصل بها، لكنه أغلقه فور أن رأها تخرج من البوابه، والابتسامة مُزينة لثغرها، تلوح له بيديها في الهواء، إرتسمت إبتسامة كبيرة علي وجه لا أراديًا ما أن شاهد إبتسامتها العذباء، ورحل عنه كل الضيق الذي كان يحتله منذ قليل بسبب تأخرها.......... 


تقدمت منه، ومازلت الابتسامة لا تُفارق وجهها، تُعدل من الجاكت الخاص بها، قائلة له بأسف: 


_معلش اتأخرت عليك أنا عارفة...... بس زي ما أنتَ شايف كان زحمة النهاردة إزاي؟ 


إستقام واقفًا، بينما نزع نظراته الشمسية، وظهرت امامها عينيه البُنية للغاية كحبات القهوة الحلوة، قائلاً بهدوء: 


_ولا يهمك...... بعدين هي كل دي ستات جاية تتسنفر، ده أنا بقالي نصف ساعة بس وشوفت ييجي أربعين ست داخلة وخارجة..... 


فلتت منها ضحكة صاخبة، بلع ما بجوفه بتوتر، من ضحكتها الانوثية التي تلعب علي اوتار رجولته دون علم منها، اجابته من بين ضحكاتها: 


_ده كده النهاردة مش زحمة أوي زي العادة...... 


علق بسخرية: 


_كمان..... ده طلع الشعب المصري كله مغشوش والله، كله بقا صيني، الست من دول تدخل جعفر تطلع هيفاء وهبي.


أرتفعت ضحكاتها مرة اخري، غير دارية بهذا العاشق الماثل امامها يتذبذب كيانه بأكمله بسبب ضحكة عفوية منها، شاركها الضحك بروح مرحة، من ثم توقفت هي عن الضحك ما أن تذكرت شئ ما، من ثم رفعت يديها امامه والسعادة تتطاير من عينيها: 


_بُص كده، عملت ايدي منكير أي رأيك شكله حلو مش كده...... والحِنة كمان البنت الا شغالة جوه قالتلي أن الرسمة دي هتليق علي إيدي أوي. 


نظر بحب إلي كفيها بعد أن مدتهم صوبه تحثه علي تمعن النظر اليهم وإبداء رأيه، فكانت تضع طلاء أظافر أحمر اللون، ينعكس علي بشرتها السمراء، مانحًا لكلتا يديها تألق خاص، وأيضًا تلك الرسمة التي رُسمت ببراعة في نهايه كفها من الأعلي: 


_حلو أوي، والرسمة كمان شكلها هادئ وجميل ولون المانكير لايق علي إيدك....... بس عارفة إيدك ناقصها أي وتبقي أحلي؟ 


عقدت حاجبيها بتفكير، من ثم تحدثت قائلة: 


_أي... أستني اقولك أنا، ناقص إني أحط لون تاني شفاف بيلمع علي ضوافري، أنا قولت للبنت تحطلي قالتلي انهم كده احلي...... و.. 


قطع حديثها الحماسي هذا قائلاً بنبرة عميقة رجولية، بينما كان يتمعن النظر إلي داخل عينيها، وعينيه هو الآخر أصبحت تلمع ببريق غريب: 


_دبلتي....


رفعت حاجبيها قائلة: 


_نعم؟ 


_ إيدك ناقصها دبلتي يا سمر....


لكزتهُ بمرفقها قائلة بضحك: 


_ده أنتَ مُصّر بقا؟.... أسكت يا علاء، ويلا خلينا نمشي أنا صدعت من الشمس؟ 


تركته واقفًا بمكانهِ يضحك بصخب عليها، وأتجهت ناحية السيارة تفتحها وتجلس في المقعد الأمامي، نادت عليهِ من الداخل قائلة بمرح: 


_يلا أركب بقا...علي فكرة أنتَ لو وقفت مكانك دقيقة كمان هتسيح  يخربيتك...يلا يا علاء 


❈-❈-❈


أستندت "سُعاد" بجزعها علي مُقدمة الطاولة الخشبية القابعة في مطبخها، تُتابع بنظراتها "غالية" الواقفة علي بُعد مسافة قصيرة منها، حيث كانت تقف أمام الحوض تجلي بعض الصحون، دام الصمتُ بينهم إلا من حرب النظرات الغير راضية التي تُلقيها عليها والداتها، حاولت أن تتحاشي نظراتها المُتسائلة، وتقمصت الإنشغال، وأنها لا تنتبه لنظراتها الصريحة المومجهة إليها..... 


زفرت "سُعاد" بنفاذ صبر قائلة: 


_يعني مش عايزة تقولي في أي؟ 


مازالت مُمسكة بالطبق بين يدها تقوم بتنظيفه، ردت عليها دون الإلتفات، قائلة بجهل تقمصتهُ: 


_في أي هو يا ماما؟ 


_مالك حساكِ مش كويسة، روحي بُصي لنفسك في المرايا كده وأنتِ تعرفي أنا قصدي أي؟ 


تنهدت تنهيدة طويلة، من ثم زفرت الهواء دُفعة واحدة، يكفي ضغط عليها، لم تعد تحتمل، تود الإنخراط في البُكاء، لكن ليست قادرة علي فعل ذالك فماذا ستقول: 


_يا حبيبتي والله أنا كويسة، أنا مش عارفة أنتِ قلقانة لي؟، ولو علي وشي، شوية أرهاق مش أكتر، ويمكن كمان لأني منمتش كويس، هخلص إللي في إيدي وأدخل أنام والصبح هتلاقني وردة مفتحة قدامك..... 


رفعت حاجبيها بشك، وقد ذاد قلقها، قائلة: 


_أنتِ هتباتي هنا... 


_أيوه يا جميل قاعدة علي قلبكم يومين بحالهم أشبع منكم وتشبعوا مني، مفجأة حلوه صح


كانت تحاول جاهدة رسم الإبتسامة الواسعة وهي تتحدث، وأيضًا لا بأس من القليل من الضحكات المُصتنعة لكي تسير الأمور، بينما والداتها شعرت بنغزة بقلبها نغزة قلق وعدم أطمئنان، نبست قائلة بنصف عين: 


_من إمتا يعني؟ مش عوايدك تباتي..... أنتِ متخانقة أنتِ وجوزك صح؟ 


نفت سريعًا: 


_لا مش متخانقة ولا حاجة، ربنا ميجيب خناق، وبعدين يا سوسو هو كده مش عاجب وكده مش عاجب، أعملكم أي علشان ترتاحوا؟ 


_ قولي بس  أن عُمر مزعلك وأنا أخلي أبوكِ يطين عيشته علشان يحرم يزعلك تاني ولو بكلمة واحدة... 


غسلت يديها، من ثم جففتها بالمنشفة، وأقتربت من موقع والداتها، ثم قالت تُطمئنها: 


_يا حبيبة قلبي، أنا زي الفُل وعُمر كمان، والله مش بيزعلني في حاجة، وأنا مبسوطه معاه، وهو مش مخليني عايزة أي حاجة.... 


ربعت يديها أسفل صدرها قائلة: 


_مش باين يعني؟ 


_لي بس يا ماما؟ 


_يا بنتي أنا أمك أتكلمي وفضفضي معايا متكتميش جواكِ، وأنا والله العظيم ما هقول لـ حلمي حاجة.... بس طمني قلبي المشغول عليكِ ده!!. 


رسمت إبتسامة صغيرة أعلي ثُغرها، قائلة: 


_طمني قلبك يا ست الكُل.... ولو بياتي هنا إللي هيقلق قلبك عليا، يبقا بلاها وأطلع شقتي دلوقتي حالاً! 


أجابتها بأصرار: 


_برضو مش مرتحالك يا بنت بطني، مجيتك دي قلقاني وكمان جوزك مجاش حتى يوصلك...


_يوصلها لي يا سُعاد هما جايبن من الخليح ده بينا وبينهم يادوب سقف الشقة....... 


كانت تلك كلمات والدها، والذي جاء في وقتهِ لينجدها من كُرسي الإعتراف التي وضعتها بهِ والداتها، فتقدمت تتعلق في يد والدها مُحتضنة كتفهِ بحنان، قائلة: 


_قولها يا بابا، لـحسن دي من الصبح نازلة فيا اسألة، يعني أنا الغلطانة إللي قولت أجي أقضي معاكم يومين علشان وحشتوني... 


_ده أنتِ تنوري يا قلب أبوكِ وتيجي في أي وقت!، تعالي نطلع أحنا نقعد بره نلعب شطرنچ زي زمان عقبال ما سُعاد تعمل الشاي!. 


لوت ثُغرها بتبرم وغيظ، من ثم قالت: 


_أيوه يا خويا عرفت تضحك عليك بالكلمتين بتوعها، وتأكل بعقلك حلاوة.... 


_دي حتة من قلب أبوها دي!. 


قال كلماتهِ وقد التف يخرجون من المطبخ، مُتجهين إلي صالة المنزل، جلست هي علي أحدي كراسي السُفرة، بينما أقترب والدها من النِيش ثم فتح إحدي أدراجهِ، وأخرج عُلبة مُستطيلة خاصة بالُعبة الشطرنچ... 


_من يوم ما أنتِ أتجوزتي وأنا مش لاقي حد يغلبني، الواد التافه وليد كل مرة بيخسر.... 


أرتفعت ضحكاتها قائلة: 


_ولا يهمك يا كبير، أنا جيت أهو وهغلبك.... علشان متقولش بس حرماك من حاجة.


الصفحة التالية