-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 16 - 1 - الأربعاء 20/3/2024

  

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل السادس عشر

1

تم النشر الأربعاء

20/3/2024



بخطوات أشبه للهرولة، خطي سريعًا إلي ممرات المشفي التي أخبروه أن والداتهُ تم نقلها إليها، ومن خلفهِ" غالية"التي أصرت علي الذهاب معهُ ورفضت تركهِ واحيدًا، كانت يسير بعُجالة وخطوات سريعة سبقت خطواتها الصغيرة، أخذت هي تُهرول خلفهِ، لكنه لم تستطع اللحاق بهِ، أخيرًا توقف عن الهرولة ووقف مُتصنمًا ينظر إلي شئ أمامه لم تستطع هي معرفته، نظرًا لأنها مازالت بعيدة عنهُ، تقدمت سريعًا حتى وقفت بجانبهِ، نظرت إلي ما يصوب نظراتهِ عليهِ...... 


وجدت تجمع من الأناس أمام أحدي الغُرف، كانوا جالسون في وادي آخر، وجوههم أغرورقت بالدموع، وذاد نحيبهم، ظلت تُلقي نظرة عليهم، ثم نظرة علي زوجها، أمسكت بكفهِ قائلة تهمس لهُ: 


_عُمر..


لم يُحيد نظره عنهم، بل ولاحظت أيضًا لمعان عينيهِ بطبقة شفافة من الدموع، أقترب منهم رجلاً قد رأته سابقًا في يوم عقد قرانها، نعم هي تتذكره، فقد قال لها "عُمر" أنه زوج شقيقتهِ، أقترب منهم يقول: 


_عُمر الحمدلله أنك جيت بسرعة.... 


وكأنهم أنتبهو للتو لحضوره، حيث كانوا غير مُنتبهين، أنتفض كلتا الفتاتاين يهرولون إليهِ، أقتربوا منه بلهفة كبيرة وقالت أحداهم: 


_عُمر أخيرًا جيت... أخيرًا رجعت يا عُمر!. 


ختمت كلماتها ترتمي بأحضانهِ، وشدد هو من أختضانها، وأخذ يبكي بهسترية، أقتربت منه شقيقته الثانية تبكي وأنضمت لهذا الحُضن الجماعي، وأرتفعت أصوات بُكائهم ثلاثتهم، حتي خرجت "سيرين" من أحضانهِ قائلة ببكاء ينفطر له القلب: 


_ماما يا عُمر..... ماما تعبانة أوي، كانت هتموت وتشوفك!. 


بنبرة ضعيفة مهزوزة أجابها: 


_أنا آسف حقكم عليا كلكم، سامحوني...


_مش وقته الكلام ده يا عُمر، خلينا نطمن علي طنط الأول وبعدين نبقا نشوف الكلام ده.....


لأول مرة تراه يبكي بهذهِ الحُرقة، لأول مرة ترآه ضعيف إلي هذا الحد، جلست هي علي بُعد مسافة قصيرة منهم، الأجواء هادئة عدا من صوت بُكاء "عُمر" الذي لم يتوقف حتي الآن، وشقيتيهِ يجلسان بجانبهِ، وقد جفت الدموع علي وجوههم، مر ما يُقارب الساعة وهم علي نفس الوضعية لم يتحركوا قيد أنملة.....


وجدت من يتقدم ناحيتهم، وعلي وجههِ أرتسمت معالم الخوف، ما أن رآهُ "عُمر" حتي رفع رأسهِ ناحيتهُ، ونظر لهو بنظرات مُتضايقة غاضبة، لاحظت هي ذالك، من ثم أشاح ببصرهِ عنه، لم تكن تعرف هويته..... 


هتف "يوسُف" قائلاً يسأل إبنتهُ: 


_أي إللي حصل يا سلوي؟. 


_والله يا بابا معرف، أنا أديتها الدواء وكلت وسبتها ترتاح شوية، فجأة لقيت الدادة بتصرخ ولقينها واقعة في الأرض!. 


الآن علمت هويته، أنه والد زوجها، لكن لماذا لم يتحدث إليه "عُمر" أو حتي يُسلم عليه كما فعل مع شقيقاتهِ مُنذ قليل، ولماذا طالعهُ بنظرات غاضبة، هي باتت لا تفهم شئ في تلك العائلة الغريبة، إلي الآن لم يُلاحظ وجودها أحد، أو بمعني أصح أنهم كانوا مُنشغلين بالبكاء علي والداتهم، فقط قال لها "حُسام"  والذي كان يعرفها مُسبقًا، أن هؤلاء شقيقات زوجها..... 


وجدت من يُطالعها بنظرات غريبة من رأسها إلي أخمص قدميها،من ثم هتف يوجه حديثهُ إلي زوجها: 


_هي دي مراتك؟ 


سمعت شهقات الفتاتان، وقد وضعت أحدهم يدها أعلي فمها بصدمة والآخر هتفت بعدم تصديق: 


_مراته؟!، أنتَ أتجوزت يا عُمر، أمتا؟ وأزاي!. 


أجابها وهو مازال يتبادل النظرات مع والدهِ، كانت نظرات مُتحدية: 


_أيوه، غالية مراتي، ومحدش يسأل في حاجة تاني ده مش وقته، أنتو شافين أحنا في أي ولا في أي؟ 


كانت نبرتهِ عالية، غاضبة، جعلتهم يلتزمون الصمت ويُطلعونها بنظرات مُتفحصة وآخري مُستغربة، وبعد عدة دقائق وجدت والدايها يهرولون إليهم فقد هاتفتهم  هي لتُخبرهم بما حدث........ 


❈-❈-❈


أمتلئت غُرفة" نادية" بالإناس، الجميع من حولها قد أجتمعوا للإطمئنان عليها، بعد حالة الهلع والرُعب التي تملكتهم مُنذ ما حدث،بينما"نادية" مُنذ أن فتحت عينيها ووجدت إبنها أمام عينيها، وأنها لا تحلم وهو بالفعل أمامها الآن، وهي لم تتركهُ يخرج من أحضانها، وكان هو مثلها، تشبث بها بقوة، وأخذو يبكون، بكت هي من شدة أشتياقها له،بينما بكي هو تأنيبًا لنفسهِ علي تركها، ووصولها إلي هذهِ الحالة بسببهِ هو....... 


مشاعر قوية ملئت الغُرفة بروح الحُب الخالص، فـ كم ظهر لها حبه لعائلتهُ، فما حدث أمامها الآن وسابقًا لا يدل سوى علي أنهُ بار جدًا بتلك العائلة، وقد ظهر ذالك في أعين شقيقاتهِ ووالداتهُ، إنهم يكنون لهُ حب كبير، وهذا واضحًا، أذًا لماذا تركهم؟؟.... 


سؤال يلوح برأسها الآن، وتبحث عن أجابة بداخلها، تحاول أستنباط السبب وراء مُغادرتهُ، لكن كل الأسباب التي أتت برأسها والتي أسنبطتها مما حدث أمامها، غير مُقنعين بالمرة، كانت تنتظر أن تُعاتبهُ والداتهُ علي غيابهِ كم فعلوا شقيقاتهِ فالخارج، لكنها لم تفعل، فقط أكتفت بأخذهِ في أحضانها والبُكاء، وكأن أي شيء آخر قد تبخر فور أن رأتهُ، ولم يختلف حال والداتها عن حالها، فهي الآخري كانت مُندهشة مما يجرى أمامها، علي عكس والداها تمامًا، والذي كان واقفًا بثبات، يُتابع كل شيء بصمت، دون التعقيب حتي ولو بنظرات، وكأنه كان قد رآي سابقًا ما يحدث الآن، أستغربت هي ذالك كثيرًا....... 


❈-❈-❈

. "بعد مرور يومين". 


إنتهي" عُمر"من أرتداء ملابسهِ، أستعدادًا للذهاب إلي منزل والدهِ، فبعد أن اطمأن علي والداتهِ، وتحسنت حالتها، وسمح لها الطبيب بالخروج، عاد هو إلي شقتهِ بعد يومين قضاهم كاملين بجوار ولداتهِ بالمشفي، لم يتركها لحظة واحدة، يومين كاملين قضاهم يسرد عليها كل ما حدث لهُ مُنذ أن خرج من منزلهم إلي لحظتهم هذهِ، وذالك بأمر منها بعد أن أصّرت عليهِ أن يحكي لها كُل شيء دون نسيان تفصيلة صغيرة، كانت تستمع إليه بكل تركيز، وعندما وصل سردهِ إلي تلك الحادثة التي ضُربَ بها بالسكين، أنتفض قلبها بهلع، وبدأت في البُكاء، حتي أنها أخذتت تتفقدهُ بلهفة، وأصرت عليهِ أن ينزع ملابسهِ كي ترى مكان الطعنة وتطمئن أنهُ بخير وقد شُفي..... 


وأيضًا أخذ يحكي لها عن زواجهِ من "غالية" وكيف تم زواجهم وما مرو بهِ في الفترة الماضية، تفهمت بصدر رحب كل أسبابهُ ودوافعهِ في كل خطوة خطي بها، وأنتهي حديثهم بالمُشاجرة التي حدثت بينهم آخر مرة بسبب زيارة "أمل"، وافقتهُ في كل ما قال ولكن عدا تلك النُقطة تحديدًا، فقد عارضتهُ وبشدة، وجائت في صف" غالية" مُدافعة عنها، قائلة أنها معها كامل الحق في كُل ما قالتهُ بالرغم من أنه حديث جارح ولم تُفكر بهِ قبل قولهِ إلا أنها مُحقة، وقد فعلت ما قد تفعله أي أمرأة مكانها وحدث معها نفس ما حدث،وبدأت توبخه هو قائلة أنهُ خاطئ في تصرفهِ التي أستنكرتهُ بشدة، فكيف له أن يضربها أنهُ فعل شنيع بالنسبة لها...............


وأنتهي حديثهم بوعد منها أن تجعلها تُسامحه وترضي عنهِ، وطلبت منهُ أن يجلبها ويأتي لزيارتهم وتناول العشاء معهم، رحب بإقتراح والداتهِ ووافق عليهِ، لأنه بداخلهِ يُريد أن تُسامحه وتعفو عنهِ.....خرج من الغُرفة بعد أن أرتدى حذائهِ، ثم تقدم إلي الخارج في أنتظار "غالية".


الصفحة التالية