رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 16 - 2 - الأربعاء 20/3/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل السادس عشر
2
تم النشر الأربعاء
20/3/2024
خرجت من غُرفتها مُغلقة الباب من خلفها تسيرُ بهدوء، وجدتهُ في إنتظارها بالخارج، ما أن رآها حتي وقف لعدة ثواني يُدقق النظر إليها، وكأنه قد قام أحدهم بتنويمه مغنطيسيًا، ظل يُحدق بها بتأمل وبلاهة، كم بدت مُثيرة للدَهشة ومُغرقة في العَادية في آنٍ واحِد، طلتها كانت ساحرة، ومُهلكة، إنها جميلة حتى دونَ أن تقصد، وكأنهُ لأول مرة يرآها هو الآن، تابع ببصرهِ النظر إلي كُل شبرٍ في وجهها، بداية من عينيهَا النَّوَاعسِ التي تَقْتلُ بسحرها، وكأنهما نجمتان تسبحان في خواء أفلاكٍ تتدلّى فوق شواطِئِنا، حيثُ يغرق المروء فيها بدون وعي.....
ورموش عينيها التى بدت كأجنحة فراشات، هبوطًا إلي أنفها الحاد الصغير المُنمق بعناية وكأنها هي من أختارت حُسنهِ ليتناسب مع وجهها المُستدير.......هبوطًا إلي خديه، يُقسم أنها تمتلك قطعتين مارشميلو وليس خدّين، وآخر ما توقف بصرهِ عندهُ، شفتيها الرفيعة والناعمة، والتي طُليت بطلاء شفاه وردي اللون، لم يختلف شيئًا عن تورد شفتيها طبيعيًا، توقف هُنا قليلاً، يلتقطُ أنفاسهِ، مُندهش لا يعلم ما الذي آصابه، للمرة المئة يشعر وكأنهُ يرآها للمرة الأولي، وليست كانت تقطنُ معهُ لشهور، أيمكن أن يكون قد أستفاق من غيبوبتهِ وللتو أبصر أنهُ يمتلك أُنثي فاتنة مِن طَرفِها الناعِس إلى خَصرها، وكل ذالكَ له لوحدهِ وملكية خاصة
زيارة "أمل" المُفاجئة جات في صالحها ليس كما تظنُ هي، حيثُ أنهُ عندما رآها بالفعل تغير وجههِ مئة وثمانون درجة كما قالت، لكن ليس كما ظنت، فقد تغير إلي الصدمة، ثم إلي النفور، هو نفسهِ قد صُدمَ من ردة فعلهِ المُفجائة، أليست هذهِ هي "أمل" التي خاض كل هذا بسببها وبسبب بُعادها عنهِ، بعيدًا عن المشاكل الكثيرة التي بينهُ وبين والدهِ، لكن جائت تلك الواقعة كالقشة التي قسمت ظهر البعير، ولم يكن هُناك خيارًا سوى أن يرحل عن أي مُحيط يُحتمل أن تتواجد بهِ.....
كان يظنُ أنه ما أن يرآها سيأخدها إلي أحضانهِ يُخفيها بداخل أضلعهِ، خاصةً بعد أن قالت له أنها مازالت تكنُ لهُ الحب، وأنها ستتطلق قريبًا، لكنه وجد نفسهِ ينفور منها، وشعر أنهُ لا يُطيق رؤيتها ويود لو تختفي عن ناظريهِ الآن، مشاعرهُ قد تبدلت من الحُب والهيام إلي النفور والكُره، وأي ذرة حُب قد حملها لها بقلبهِ قد تبخرت وحلت محلها مشاعر بَغضْ وضيق،وبنفس القدر........
_هو في حاجة؟
كانت تلك كلمات "غالية" التي أستغربت حملقتهُ بها، وقد أحمرت وجنتيها رُغمًا عنها،لكن خرجت كلماتها بنبرة باردة جادة، فهي مازالت علي موقفها، أستفاق علي صوتها، فحمحم بإحراج قائلاً:
_لا مفيش.... يلا بينا اتأخرنا!.
بخطوات هادئة تبعتهُ إلي الخارج، ترفع طرف فُستانها أزرق اللون، والذي ينعكس علي بياض بشرتها، كانت قاصدة أن تظهر بمظهر فاتن ورائع أمام عائلتهُ، فأختارت هذا الفُستان تحديدًا لأنه يجعل من مظهرها فاتن، حيث كان فُستان طويل يصل إلي كاحليها،وبأكمام طويلة مُنقطة بنقاط بيضاء صغيرة، يتدلي علي جسدها بإنسيابية، ضيق من عندَ منطقة الخصر، وينزلق بإتساع إلي الأسفل، أرتدت أيضًا حجاب من اللون الأبيض يليقُ بالفُستان، وحذاء ذو كعب ليس طويلاً بل كان متوسطًا، وأخيرًا وجهها التي زينت عينيها بالكُحل العربي أسود اللون، فرسم عينيها الواسعة، ووضعت أحمر شفاه وردي خفيف، وأكتفت بذالكَ.....فبدت كالورَد مُفعمَة مُنعِشَة مُلفِتَة وبالغـَة الرِقة.
❈-❈-❈
وقفت سيارة" عُمر"، أمام منزلهم، ترجلت هي بهدوء، أخذت تنظرُ إلي الڤلة الكبيرة القابعة أمامها، تُطالعه بإنبهار، فحقًا كانت خُرافية، بداية من الحديقة الشاسعة التي تحتضنُ المنزل من جميع النواحي، بطريقة تَبعث الراحة في النفوس، المنزل كان ذو تصميم عصري حديث، أُعجبت بتصميمه الرائع، خرج الآخر من السيارة،مُلقًا إياها، ما أن رآهم العامل هرول إليهم يُرحب بهم بحفاوة كبيرة قائلاً:
_ألف حمدالله على السلامة يا عُمر بيه!.
أبتسم له بتواضع وبشاشة، وأقبل عليهِ يُسلم عليه قائلاً:
_الله يسلمك يا عم عادل، عامل أي؟.
_الحمدلله في نعمة يا بيه، عنك أنتَ!.
نطق بأخر كلماتهِ، وهو يلتقطُ منه مُفتاح السيارة كي يركنها لهُ في جراش الڤلة، فأعطاه المفتاح، من ثم أشار بيده إلي "غالية" يدعوها للتقدم، أخذت تسيرُ بجانبهِ بهدوء حتي وصلوا إلي باب المنزل، وكانت والداتهُ تقف في أستقباله ببشاشة وفرحة، مُرحبه بهم:
_بيتك نور يا نور عيني...كان مضلم من غيرك!.
وقفوا أمامها علي بُعد مسافة قصيرة، بينما قطع "عُمر" تلك المسافة، مُتقدمًا يُقبل يد والداتهِ قائلاً:
_البيت منور بوجودك يا ست الكُل...
ربتت أعلي كتفهِ بحنان، من ثم دنت برأسها إلي الخلف، تنظر بإبتسامة مُتسعة إلي "غالية" التي ظلت بمكانها، تنظر إليهم علي بأستحياء، فهتفت تُرحب بها علي وجه الخصوص:
_واقفة بعيد لي يا حبيبتي؟... تعالِ قربي ده أنتِ مرات الغالي، نورتي بيتكِ يا غالية.
أفتربت منهم، فشدتها "نادية" إلي أحضانها، بحنان بالغ، بادلتها الآخري الحُصن، وكم أحبت تلك السيدة الطيبة والبشوشة، وشعرت وكأنها والداتها الثانية لمُعمالتها الحسنة لها مُنذ أن رأتها.....
_يلا أدخلوا، الأكل جاهز يا حبايبي، وأخواتك كمان مستنيينك جوه....
تقدموا يدلفون إلي الداخل....
❈-❈-❈
سُفرة طويلة، وُضعَ عليها كل ما لذ وطاب من أشهي أنواع الطعام، مُلئت السُفرة إلي نهايتها، وكأنها وليمة، قد أشرفت "نادية" بنفسها علي هذهِ الوليمة، لتكون بهذه الصورة، جلسوا جميعًا علي مقاعدهم، وجلست "غالية" بجانب زوجها من ناحية اليمين ومن بجانب والدة زوجها من ناحية اليسار، فأصبحت في المُنتصفِ بينهم، بينما قد جلست شقيقاتهِ في الناحية المُقابلة لهم، تجمع عائلي وأجواء عائلة دافئة، خَلت من"يوسُف"الذي رفض الحضور......
كان الجميع يأكل بصمت، فقطعت ذالك الصمت "نادية"قائلة، موجهة حديثها إلي زوجة أبنها:
_مالك يا غالية مش بتأكلي لي؟ أنتِ مكسوفة ولا أي؟ لا ده بيتك يا حبيبتي متتكسفيش خالص.... ولا يمكن الأكل مش عاجبك ده أنا إللي عملاه بأيدي؟.
نفت سريعًا قائلة:
_لا والله الأكل طعمه حلو جدًا، تسلم إيدك يا طنط
رفعت حاجبيها بإستنكار قائلة:
_طنط؟ لا طنط أي، أنتِ تقوليلي يا ماما زي عُمر ما بيقولي..
_ده شرف ليا يا ماما!.
أندمجوا مرة آخري في تناول الطعام، الذي كان شهيًا بحق، قطعت الصمت تلك المرة شقيقتهِ" سلوي":
_بقالنا كتير متلمناش علي سُفرة واحدة كده!.
طالعت "نادية"إبنها بحُب قائلة:
_وأن شاءلله هنتلم كده علي طول ولا أي يا عُمر..
_طبعًا يا ست الكُل....
أرتفعت ضحكات" سيرين"، قائلة بمُشاكسة:
_أيوه كُل بعقلها حلاوة... ونصحي الصبح نلاقيك أختفيت تاني.
قاطعتها والداتها:
_لا طبعًا هو يقدر يعملها، خلاص هو مش هيروح في حتة تاني؟.
بعد عدة دقائق، أنتهت "نادية" من تناول طعامها، فنهضت من مكانها قائلة:
_الحمدلله..... غالية حبيبتي عايزاكِ، كُلي برأحتك و أنا هستناكِ، عندنا كلام كتير لازم نقوله...
اومأت لها بإبتسامة، وجهت نظرها إلي "عُمر" الذي يُتابعها بنظراتهِ، ألقت عليهِ نظرة غاضبة، ثم أشاحت ببصرها عنهِ تُكمل تناول طعامها.....