رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 20 - 2 - الإثنين 25/3/2024
قراءة رواية خبايا الهوى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية خبايا الهوى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل العشرون
2
تم النشر الإثنين
25/3/2024
_غالية بكلمك....
انتفضت من مكانها بذعر،ذاد من دهشة "عُمر" الذي دلف عليها للتو في شُرفة شقتهم حيثُ كانت جالسة شاردة الذهن تنظر إلي نقطةٍ ما في الفراغ أمامها، فزعها هذا أثارَ ريبة "عُمر" والذي أخذ يفترسها بنظراتهِ، يُدقق النظر بها يحاول فهم ما الذي يحدث لها، أجابته هي بصوت واهن يطغي عليه الهدوء الشديد:
_أيو يا عُمر! في حاجة؟
عقد حاجبيةِ معًا في حيرة من أمرها، هدوئها الغير طبيعي هذا يُثير الخوف عليها بداخلهِ، يُقسم أنه هناك شئ تُخفيه عنهُ، تحدث بقلق يسألها:
_أنتِ كويسة ياغالية! مالك اليومين دول فيكِ أي، مش علي طبعتك خالص، هو حصل حاجه زعلتك!؟
توترت فورًا من كم الأسئلة التي يطرحها عليها، ومن المُفترض عليها أن تُجيب علي جميعهم، أو بمعني أصح تحاول إختلاق أي حجةٍ ما.... أو كذبة أيهما أقرب، أجابته بنبرة خافتة تتحاشي النظر إلي عينيهِ التي تتفحصها،خشيةٍ أن تفضحها عينيها وتقول ما عجز لسانها عن قوله:
_لا أنا..... أنا كويسة مفيش حاجة، أنا كنت سرحانة شواية بس....
نهضت من مكانها سريعًا قاصدة مغادرة الشُرفة بأكملها، وتبتعد عن عينيه، تحدثت بتعلثم وهي في طريقها إلي المطبخ، تحتمي به، مُتحججة بالطعام:
_عشر دقايق والاكل يكون جاهز مش هتأخر.....
تركته واقفًا بمكانه، يُطالع طيفها بإستغراب شديد، قلبه يُخبره أنه هناك أمر ما يحدث وهي لا تُريد إخباره به، زفر ببطء، ثم أتجه ناحية غرفة نومهم يُبدل ثيابه بإخري مُريحة بيتيّة، بينما الآخري كانت واقفة أمام البُوتجاز تنتظر أن يسخن الطعام الذي وضعته عليهِ، لم تكن مُنتبهة إلي أي شئ حولها، عادت إلي شرودها للمرة التي لا تعلم عددها منذ أن علمت بالخبر، شعور التشتت قد طغي عليها كُليًا لا تدري أتتدحث إليه وتُخبره بخبر حملها لعله عند سماع الخبر يُغير رأيه خصوصًا عندما يكون الأمر واقعًا وإنها بالفعل تحمل بأحشائها قطعة منه، وأنه سيصبح أبً......
_غالية حاسبي..
إنتفضت من مكانها بحركة مُبتاغة ما أن سمعت صوت صُراخهِ بإسمها، لم تمرُ ثانية وصرخت هي بصوت عالي بعد أن لامس الحساء الذي كان موضوع أعلي البوتجاز يسخن، جلد بشرتها الناعمة، أقترب هو منها سريعًا، ونظرة الهلع والخوف الشديد عليها تطغيان علي عينيهِ، أمسك بيديها المُصابة ووضعها بسرعة أسفل الحوض وفتح صنبور المياه عليها، بينما هي كانت تبكي بصمت غريب، ظل واضعًا يديها أسفل المياه، ثم إلتفت يُطفئ نار البوتجاز، بعد أن أوشك الطعام الذي عليهِ بالإحتراق.......
بعد عدة دقائق، كانت جالسة أعلي الاريكة في الصالة، بينما جلس "عمر" بجانبها يضع كفها بين يديه يُضمد جرحها، أنتهي من لف الشاش حول كف يديها المُصاب، لم تكن الاصابة كبيرة، لكن خوفه عليها ولهفته جعلته يُصّر أن يُضمد يديها بنفسه، ويفعل اللازم حتي وأن كان الأمر ليس بالضروري، نظرًا لأنه لم يُصب يديها ضرر كبير بل كان فقط بعض الإحمرار ويديها أصبحت ساخنة قليلاً، أغلق علبة الاسعافات الاولية، واضعًا إياها بجانبه، ثم مال بلُطف يُقبل كفها المُصاب، قائلاً بنبرة حنونة:
_ألف سلامة عليكي ....خلاص متعيطيش علشان خاطري؟
لم يغضب، لم يثور عليها بالمرة بل عاملها بلطف كبير وحنية راقت لها كثيراً، ضمد جرحها بكل هدوء، أنه بالفعل كان خائفًا عليها وبشدةٍ، لا ينكر أنه حقًا مُستعحب للغاية من أمرها تلك، أصبحت غريبة فعلاً، نهاية بما حدث منذ قليل، كانت شاردة لدرجة أنها لم تنتبه للقِدر الذي وضعته علي النار وأنه كاد يحترق، ولم تنتبه ايضاً إلا أنه كاد ينسكب عليها، وها هو قد انسكب متسببًا في حرق يديها، مازالت تذرف الدموع بصمت دون خروج أنينه واحدة، لم تكن تبكي من الوجع كما يظن هو، أنما تبكي علي حالها الآن، أنه يُعاملها بكل لطف وحب يظهران في عينيه قبل افعاله ويستكثر عليها أن تكون أم لابنائة......
ذالك الهاجس الذي يراوضها منذ عدة أيام كاد يُصيبها بالجنون لا شك، هل من المومكن أن يكون أنه لا يُريد الانجاب منها هي تحديدًا، لا يراها مناسبة أن تكون أم لأبنائه، لا تليق به كأم لابنائة أمازال يرفض فكرة أن زوجته من حارة شعبية، ولم تُكمل تعليمها في الجامعة، إلآ يُريد أن تكون أم أبنائه ليست تمتلكُ شهادة جامعية ، أنه حقه،فهو منهدس كبير درس في الخارج،يحق له أن يرفض أن أبنائهُ تُربيهم أم مثلها...... خرجت منها شهقه قوية ما أن وصل تفكيرها إلي هذه النقطة، إنخلع قلبه عليها قائلاً بلهفة:
_غالية مالك في أي..... إهدي، إهدي، إيدك بتوجعك طيب، أنزل أجيب دكتور.......
نظرت له نظرة مُطولة نظرة مُعاتبة، لم يفهمها هو، مسحت دموعها، ثم نظرت إلي عينيه مباشرةً، وبداخل عينيها غضب وتحدي كبير، قائلة له بصلابة مُزيفة:
_طلقني يا عُمر....؟
أنتفض من مكانه واقفًا لا يُصدق أُذنيه، لا يُصدق أنه سمع صحيحًا ما قالته للتو، اخذ ينظر إليها، وتحديدًا إلي عينيها يحاول أن يستشف من عينيها أنها لا تقصد ماقالته، بالطبع لا تقصد، بالتأكيد لا تقصد، هذا ما جال بخاطرهِ ما أن رأي لمعة التحدي والجدية ظاهرة في عينيها، هز رأسهِ نافيًا، مُتحدثًا بعصبية طفيفة وعينيه أصبحت حمراء لفرط غضبه :
_أنتِ قولتي أي؟ سمعينـي كده تاني....
لا تنكر أن جسدها قد أرتجف خوفًا منه، خصوصًا من إحمرار عينيه وبروز عروق يديه، مما يدل علي غضبه، بلعت ما بجوفها بتوتر وخوف، تحاول أن تضغط علي نفسها بأن تصمد امامه، بقوة مزيفة أكثر من التي قبلها، أجابته بنبرة مهزوهة قليلاً، بعد أن فشلت في تقمص القوة والصلابة:
_بقولك طلّقني يا عُمر...... أنا عايزة أطلّق؟
_أنتِ واعية أنتِ بتقولي أي..... أنتِ أتجننتي صح، طلّاق أي إلا عايزة تطلّقيه؟؟
أرتجف جسدها للمرة الثانية، ولكن تلك المرة كان سبب إرتجافهًا، أنها بكت وبحُرقه، مازلت تلك الهواجس تلوح برأسها، وكُلما فكرت أكثر كُلما ذاد سخطها عليهِ وغضبها منهُ، بُكائها بهذهِ الطريقة أوجعَ قلبهِ، أقترب يمسح دموعها بكف يديه،و بنبرة ليِّنة هادئة تحدث بندم ظنًا منهُ أنها تبكي بسبب عصبيته عليها:
_غالية انا أسف حقك عليا مكنتش، اقصد إني اتعصب عليكِ، بس أنتِ سامعة أنتِ بتقولي أي، غالية أنا متأكد أن فيه حاجه حصلت معاكِ وأنتِ مش عايزة تقولي،طيب قوليلي أنا زعلتك في حاجة من غير ما أقصد تخليكي تطلبي حاجة زي كده......
لم يجد منها رد مازلت تبكي بصمت، قوتها المُزيفة أختفت، ظهرت مكانها ضعفها، ضعف غالية أمام عُمر زوجها وحبيبها، أرتمت بأحضانه ومازلت تبكي، شدد هو من أحتضانها يحتويها بداخله، يُربت علي ظهرها بحنان، أنه كان يعلم أنها لاتقصد بالمرة ما تقول، وأنه حدث شيء ما لا يعلمه هو
أخذ يُوزع قُبلاته الحنونة علي رأسها، يضمها بشدة أكبر لأحضانهِ، كاد يكسر ضلوعها، كعقابًا لها علي ما تفوهت به من قليل، حتي وأن كانت لم تقصد وتُبين العكس...... خرجت من أحضانهِ تنظر إلي عينيه بخجل، خاجلة منه بشدة بسبب ما تفوهت به، كان من المُفترض أن تصمت ولا تنطق بمثل هذه الكلمات، لكن هواجسها اللعينة تلك والتي مازلت تراوضها......
_أنا أسفة يا عُمر.....
_أنا إلا أسف لو كنت زعلتك في حاجه ولا ضايقتك، حقك عليا!.
مال يُقبل كلتا يديها بحب، ثم وجه بصره إلي وجهها الذي أصبح أحمر اللون، من كثرة بُكائها، تنهد بحزن قائلاً بهدوء وعقلانية:
_حبيبتي ممكن تفهميني مالك، متسبنيش قلقان عليكِ كده، حالك مش عاجبني من كام يوم، لو بس أفهم أي إلا غيرك فجأة كده ولا أي إلا حصل!؟
لم تنتبه لكلمة "حبيبتي" التي خرجت من فمهِ للتو، ولا لنبرتهِ الخائفة الصادقة، فقالت بهدوء:
_مفيش حاجة حصلت والله، أنا.... أنا بس إلا حاسة الفترة دي إني مضغوطة شواية، حاسة بملل شواية، الأيام بقيت أحس إنها شبه بعضها......؟
بالطبع كاذبة، ظلت تلك الكلمة تتردد بداخل رأسها كطنين ذُبابة مُزعجة، "كاذبة" نعم هي كاذبة، لكن لا تمتلك ما تقوله، أنه ليس الوقت المُناسب للحديث، يجب أن تهدأ وتُفكير اولاً ثم تتحدث إليه، برغم أنه لم يُصدق ما قالته، لكنه هز رأسه بهدوء قائلاً بأعتزار:
_حقـك عليا أنا عارف إنـي مِقصر معاك الفترة دي، طول النهار في الشغل وسايبك لوحدك، بس أنتِ عارفة أنه مش بأيدي، أنا لو عليا عايز أقعد معاك طول الوقت، بس غصبن عني، اوعدك إني اخد أجازة من الحاج ونروح أي مكان تحبيه نقضي فيه كام يوم........؟
هزت الاخري رأسها بهدوء، وقد هدئت نسبيًا، بينما أبتسم هو الآخر، يُربت علي يديها بحنان....